 |
قسم الحصن الاسود الوشــــــــــق |
الوشــــــــــق تسمر شوكر ذات وقت بخلسة الظن يخضه الشك بمقدار من لهب بجوار سور بيته الذي بدا له كما عنكبوت ينسج النار حواليه ولاذ الى رشده متنفسا الصعداء كأنه لم تطأ اقدامه هذا البيت من قبل ، كانت خطواته ثقيله جدا كما سماوات ترعد بسواد قيامه وينهار معدنها الفولاذي كالدهان مثل بركان 00 اعادته خبطة الذكريات الى ماض نام على صفيح بارد وتدثر بالسماء والارض فنساب كسراب في بيداء قاحلة بددت رسومها في الرمل ولم تترك له سوى الغضب والظلمات 00 وتمنى شوكر لو كان طيرا محلق في السماء لا يؤوب ابدا وتذكر في صباه حين كان يرتشف ماء زلال في احدى وديان قريته تناغيه ظلال النخل والعيون وامرأة جبلية اللحظ كان يرتشف معها تسنيم العشق من لجة الهوى المضمحل في سواد السنين 00 ورفع رأسه فبدت له السماء كوجه امه ترميه بورود يتفجر لونها الاحمر مثل جمر وتناديه بصوت اخضر يرتفع بعيدا حيث صهيل احصنة سود عليها مأتم لظفر 00 كان يحمل في يده اليمنى نصل يلتمع في حدوده موت لاذع اعده شوكر منذ امد بعيد ليخترق به اول قلب تلطخه الخيانه 00بسط نصله فوق السورفي هدوء باكا يشبه نواح وجه كريم في لحد وحملق في السماء بنظراته الموغلة في الفقد حد الشفقه كانت تشبه ليل حزين صوب غيم متناثر في صوت الريح خفقت حوله اجنحة طير كثر سابحات نحو الرحيل واختفت عنه في فضاء لاسع بالغياب وهويرقبها بتشظي مثل تبعثر شهاب مكسور 00 كانت ثمة نسمات عابرة تداعب الشفق في رأفه ويتهادى اليه فى حزن صدى لاصوات بوم صارخ من افق بعيد ضاج بالغربة والجراح 00 ثم اتكأ بظهره على الجدار فأستيقظت في حناياه طفولة لعهد سحيق وابتسامات زاهرة بالطهر من ام روؤم 00 اخرج علبة سجائره من جيبه والتقط سيجارته واشعلها في اسى نافثـا اللظى الحارق في الجوف مثل رماد وداعبته النسمات في لطف فتراءات له الايدي التي كانت تداعب شعر رأسه المنهدل على جبينه كالحرير ذات شوق من وجه يشبه الصبح وانسابت كالشهد على شفتاه البارده مثل ثلج وارتشف من معينها الهيام المتفجر من كوة حالكة العتمه اجتاح نواحيها هديل يمام منقرض 00 ولاح امام ناظريه ماضيه في ومضة كما كتاب يلقاه منشورا وارتسم له وجه امرأته مفقؤة العين في سادية بشعه اقترفها ذات حريق حين فقأ عينها بنصله اللامع بالقسوة مثل وحش وتركها تنزف امام عشيقها وهوينفث سيجارته في زهو بارد حد البهجة فسرت في العشيق رعدة الجنون وتلوث عقله في فجائية ذات صعق فارداه مخبولا هائما في الطرقات صارخا في وجوه الناس : الشمس مطفأة 00 الشمس مطفأة 00 فكيف تبصرون الدرب 00 وانهمرت عليه ظلال ذكرياته الكامده كما جبل يجأر بالرحيل ، وتذكر السجن وايامه ولحظة مااقتاده العسس مصفدا بالاغلال وزعيق المحقق الذي كان يبدو كما بعيرا اجرب اتلفته الصحراء والقرصارخا في وجهه : انت مجرم حرب وتظن ان الدنيا فوضى ، وعليك ان تجرب الحرق ، وتمنى له بدعاء ساخر بموت زوجه ليذيقه طعم النار ، لكن شوكر نظر الى المحقق بأستخفاف وارتسمت على شفتاه ابتسامه مكر وقال : سأخرج عند بزوغ الجرح 00 وارتد قصيا بذاكرته حين حك لحيته بيمناه في حنق متذكرا لطمة المحقق على وجهه وصراخه الحارق : فيلسوف ومجرم سأعلمك ياكلب شتات القهر حين ينضج الثمر 00 *** عندما توقف نزيف العين واختفى نورها لتهتك الشبكيه والبصير وانطفئت ابدا كما ضياء يلتهمه الغسق استدعي شوكر من السجن الى مكتب المحقق في غرفة ذات اثاث وثير وبدا المكتب مثل زجاج لامع تنعكس عليه صورة الزعيم المعلقة وراء المحقق على حائط ينهض في رعب كاسر ، كان المحقق يجلس حاسر الرأس في كرسي دائري بالغ الزهو به حد الغرور تلمع في جبينة سجدة الهيمنه والخضوع وعلى صدره اوسمة ونياشين متراكمة كرقية تنبؤك عن زمن مهزوم ، امامه هاتف بلون الورد تتناثر على مكتبه ثمة اوراق ناصعة البياض عليها تعاريج بقلم احمر 00 دخل شوكر بشيء من الرهبه وهبد الباب خلفه واقرأه السلام لكنه لم يرد ولم يرفع بصره كان منهمكا في قراءة بعض القراطيس تنسدل نظارته بلون الليل من عينيه حتى ترتطم بأرنبة انفه ، كان شوكر يقف امام مكتب المحقق مثل وتد صلف وبقربه كرسيان من جلد اسود اللون 00 لوح المحقق بقلمه الازرق بأزدراء ورماه على الطاوله حتى تدحرج وكاد يسقط على ارضية المكتب لولا اصطدامه بسلة مليئة بالورق مثل غربال وهمد ، رفع بيده اليسرى نظارته واشاح برأسه عاليا مثل قناص ثم صوب عيناه نحو شوكر وامره بالجلوس بأشاره من اصبع سبابة يده اليمنى ثم شبك اصابعه كقفاز حديد يوشك ان يفر حقدا تجاه عنق شوكر ويحطمه وهاتفه بأستهزاء مر : لم تتهم احدا بشيء ، وماصرحت لماذا فعلت ذلك طيلة فترة الحجز 00 لم تتهم حتى زوجك بمحاولة قتل او الشروع في خيانه 00 فقأت عينها ثم حملتها الى المشفى وزفر في تثاقل : براءة عاهره لا تنم الا عن نفس مريضه ثم اسفر المحقق عن تنهد كأن غصة كانت تلوع كبده فأقصاها بأنفاسه الحارقة مثل هزيمة وحش ارهقته الفريسه وفرت ، ثم اردف ومط اسم شوكر طويلا كما ريح تجلجل في وحل زافرا بها في غيظ : شووووووووكر 00 وقعت زوجتك على اعترافها الصريح عن سبق واصرار بمحاولة انتحار لم تكتمل فصولها 00 ورن جرس الهاتف فرفعه المحقق نحو اذنه مستقرة عيناه في وجه شوكرواشاربيده اليه بالخروج ، وراح ينخرط في محادثة غزل ، تنفس شوكر الصعداء في هدوء كسيح مثل غريق لفظه البحر ببريق حياه ، وعض على شفتيه عضا لينا هامس في دواخله : الاحرى ان تعيش عوراء من ان تعيش امرأة بلا شرف ، واسرها شوكر في نفسه ومضى 00 *** ولج شوكر الشارع الى بوابة المستشفى التي تقوده عبرها الى غرف المرضى واندلق في الممر الفسيح المتماوج على ضفتيه عشب اخضر كتقاسيم ملتويه لأفاعي تدلق السنتها الخضراء في فرح 00 وتهادت رياح من عل عبرته بخفة نسمه وطفقت تعانق عروش الشجر وتمايل الطيف في ازاهير الزينه مثل طاووس ثم داعبها النسناس في غنج 00 وبدا قرص الشمس الغارب بالحمرة في السماء كما وجه جمري يلقى بآخر لحاظ ظله الاصيل على الارض فيتصدع شلال الغروب مثل نثار دموع حمر خضبت الفضاء 00 اخترق شوكر الزحام الى الداخل وتقدم بخطوات مثقلة بالحزن يسحبها كما تمساح ينزلق في طين ولاحت له امرأة ذات خمار اسود تحمل طفلها الباكي وتشق صفوف السائرين نحو سراديب المستشفى التي كانت تشبه صباحات بيضاء كالكفن واختفت عن عينيه و ابرق بنظراته المتآكله على ممرضة كانت تقطع رواق المستشفى جيئة وذهابا مثل طير يتردد على سواقي الماء فتذكر وجه امعة كان يقاسمه احاديث النساء في امس بعيد و قذف المحصنات والاكاذيب كزير كاذب يتنبأ عن غواني في لباس وهم ، وتخيل جسده الرخوي كما هشيم حطمته الصواعق ، وتذكر اخاه الاحمق الناثر وقاحته مع أفعى مطحونة بود زائف مثل زئبق ، شدت الرحال معه نحو المجهول تاركا لسعة القهر في قلب امه بحجم سماوات امطرت سيول من غضب 00 وسألها عن غرفة أمرأة مطفأة العين ولم يذكر الاسم واشارت بيدها المشرقة بالحناء في ازهرار جميل نحو غرفة مقابله على مرمى البصر وتقدم شوكر اليها بأطنان من السخرية والغليان 0 فتح باب الغرفة رويدا بالغ الهدوء فأحدث الباب صريرا خفيف واعاد اغلاقه في شيء من القلق كان ثمة سرير ترقد عليه امرأة مغطي عينها اليمنى بشاش ابيض يتناثر في الغرفه ضياء باهت بلون الدمع من نور معلق على حائط الغرفه 00 كانت المرأة في حالة استرخاء ولم تحس بالداخل ، كان السرير بجانب النافذه المفتوحة على اشجار خضر تتكأ على العتمة والوقت غروب اقترب شوكر منها وارسل عيناه حيث البعيد في دنيا ضاربة الجذور في الظمأ امطرت عليه مصائبا 00 اخرج علبة الثقاب من جيبه واشعلها في برود حتى اقترب حريقها من يده فأطفأها ورمى بها من النافذه فأستقرت متفحمة الملامح تحت جدار00 ثم تناول اخرى واشعل سيجارته وتحرك نحو كرسي خشبي ملقى في الركن القصي من الغرفة وعندما حمله احدث ضجة سرت نحو سمع المرأة فأستيقظت في بغته وحين فتحت عينها الاخرى بدا لها شوكر كذئب يلعق دماؤها ويمزقها اربا فأطلقت صرخات الرعب مثل كارثه في ارجاء المستشفى هرعت عليها الممرضات من كل صوب ليشهدن رجل يحمل في يده ورقة طلاق ويرمي بها على وجه امرأة وهو يرتشف سيجارته في شغف ثم اغلق الباب ورائه الى الابد 0 *** تناول شوكر نصله من السور ودخل بيته راكضا نحو حجرته والباب مفتوح كما بحرا مسجور بالجمر والدم وافترش الارض في هدأة الليل والمصباح مطفأ ونظر حواليه فلم ير الا الظلمات ثم غرس نصله في جدار الطين صارخا في وجه العتمة وبدأ يغرق في النحيب0
|
|
|
| | |