 |
قسم الحصن الاسود نشيد الاشرعة |
نشيد الاشرعة عادت نردين مع ابويها من حفلة عرس لم تكن تسمع في السيارة الا ضجيج محركها وضحكات الاب والام يتكلمان عن اشياء لم تعرها اهتماما انما كانت تفكر في العمر الذي يتسرب من بين يديها والزمن القادم الحابل بالأعاجيب وطافت في خاطرها ابتسامات صديقتها وزهوها الصارخ امام النساء وشعرت بحقد دفين تجاهها وصرت على اسنانها وقرصت بيدها في غيظ فخذ اخيها الصغير النائم في حضنها حتى انزعج الطفل وبكى في صراخ كثيف ، فأنتبهت من شرودها وحملقت من نافذة السيارة ورأت امرأة على الرصيف ربما تنتظر احدا حدثت نفسها وأبتسمت وتذكرت لقطات التيتانيك حين كان العشيق يقبل حبيبته على سفينة تغرق في اليم ، وهدهدت اخيها برفق وماكف عن البكاء فألتفتت الام اليها طالبة منها ان تناولها الطفل ، فأحست براحة في الشعور فناولتها طفلها في لطف ، وسمعت اباها يقول : لم يبق من المسافة الا القليل ، وراحت نردين تطالع من خلف النافذة اشجار تجري وشوارع تهرب وجبال تستطيل ثم تختفي ، ورفعت رأسها الى السماء فالفتها زرقاء من غير غيم والشمس تسطع في الفضاء وتمنت لو كانت طير يحلق في الفضاء تعيش على الشجر وتسافر كلما تاقت للرحيل وتصاحب من تحب ،وتخيلت منظر طير يسقط جريحا من رصاصة صياد ،فهزت رأسها في شؤم وحلمت ان تكون شجرة يتقافز على اغصانها ضياء الشمس اللاسع و العصافير وترسل ظلالها لمن تريد وتحجبه عن آخرين وتشوهت الصورة حين ترائ لها المنشار يغوص في قلب الشجرة وفتحت زجاج النافذه فلفحها هواء رطب عليل انساها كل شيء عدا ان تكون أمرأة ، وحين وصلت الى البيت نزلت من السيارة مسرعة وفتحت باب المنزل واسرعت تغلق باب حجرتها وتصفن قرب المرآة وتتأمل الوجه الابيض البارق حسنا كورد و كشفت الحجاب عن رأسها فانهمر كشلال شعرها الفاحم السواد غير المعقوص وانسابت خصلاته على الوجه والكتفين ورأت كل شيء جميل فيها حتى صدرها الواغر بالحنين وعيناها النجلاوان كعيون الريم تبحث عن ظل ، تاقت الى من يغزو هذا الجمال قبل ان يترمد او يقبل الزمن فيحنطه بسنينه العجاف ، وودت لو ان الاشياء على غير عادتها ، لخرجت سافرة في الطرقات بهذا الجمال الطاغي بالفتنة المتدفق كالينابيع وعضت على شفتيها وتمنت لو كانت من غير هذه الارض الحرية مكفولة والحب مذاهب ، وطرقت الام الباب عليها فعادت من وهم وحلم جميل ، لكنها لم تفتح الباب انما خلعت العباءة بلباسها المتفضل وصاحت على امها : اريد ان انام ، فمالبث الطرق ان كف عن الباب وانصرفت الام ، فيما كانت تقترب من سرير النوم كان الجسد بحرا يصفق بالموج الازرق فوق شراع مكسور 0
|
|
|
| | |