 |
قسم الحصن الاسود الكؤوس الفارغة |
الكؤوس الفارغة
وقفت ذات قيض في كسل بالقرب من نافذة الحجرة في استيقاظ متأخر رفرف بصري نحو السماء السافرة بالزرقة فبدت لي كما بحر شاسع يموج بأسراب مسحورة في اعاليه ويتلظى في اتونها تسبيح لافح من جفاف على وجه مقنيات يستحيل نزلا من سراب لا يعرف الرحمه ، وتخيلت نفسي سحابة بيضاء يحلم بها طفل في صحراء حارقة بالظمأ انقاد اليه في يسر فيلتهمني غيثا يستكبر مارد يحرث السحب باظافر من غضب ، ثم انزلقت عيناي نحو الارض لارى طاولة وكراسي بيض حواليها تنمو بعض نخل صغير فتذكرت لقاء العواصف في اصطدام المطر ، وتصورت هديل يمامة تختبأ في حضن نخله ثم تنفست الصعداء حين ترآت لي بروق غضبى تبصق صواعقها مثل تنين ، اغلقت ستارة النافذه وجلست على السرير فأنداحت ذكريات الطفوله في ضواحي القيظ ومرت على الصبا في مساء العمر كبرق ، يؤرقني طيف امرأة بعد كل تلك السنين من الغياب 00 نهضت كان بقربي طاولة ملصوقة اقدامها على حائط الحجرة وكرسي اسود اللون يذكرني دائما بعبد معتوه ذو لحية تبدو مثل خنافس محشورة في جحر يمسدها بظاهر يده وهو يمشي في الطرقات ولا يلقي التحية او يرد بأحسن منها وتبدو ابتسامته مثل ثور ضاحك ، يباغتني بنظرات حقد كأن ثأر جده الرمادي عندى00 تنهدت في شيء من الوجع وقلت : لماذا كلما تصدع الوقت تجبر احفاد كافور ، ايه مقنيات لا اسد مانع ولا ثعلب قانع 00 كانت ثمة كتب ملقاه على الطاولة التي كانت تشبه حمار وديع يحمل اسفارا ، امسكت بالقلم الفرنسي ذو اللون الازرق وتمعنت فيه ثم طوحت به عاليا نحو السقف فارتد واصطدم بالجدارحتى رقد على اوراق بيضاء كنت انويها قصيدة حب واهديها للريح تدحرج القلم بخفة حتى سقط على ارضية الحجره وانا ارمقه بنظرة غيظ ، الصقت نظرى في خيوط مهترئه لشباك عنكبوت مهجور ثم قطعت نواحي الحجرة بخطواتي الكسيحة مثل وعل اعرج واتجهت صوب باب الحجره وانا اتلفت كمن يراقب حزن نسر مكسور ينضح في عينيه فيض دمع صارخ ، ادلفت الى الصاله التي كانت امي قد وضعت فيها وجبة الافطار ثم مضت الى قهاوى النساء ، احسست بالمكان يعج بالسكون كانت في الصاله ثمة ارائك خضر وجلست على بساط مفروش بينها تناولت جهاز التحكم عن بعد ضغط زر التشغيل فبرق في جهاز التلفاز قناة الجزيره تعرض مناظر لمذابح شعب فلسطين 00 اطفئت التلفاز وتذكرت عبارة العبقري بوش ( شارون رجل سلام) ورحت ارددها في حنق ثم ابتسمت بحرقه ومزقت فراغ (الصمت العابر كالفضيحه) بصوت جهوري تردد في انحاء الصاله : طفل في العاشرة يرجم صهيون بحجر اشرف من جيوش العرب 00 تناولت كوب الشاي ودلقت عليه شيء من القهوه ثم رحت احتسي الشاي وانا اكيل الشتائم واللعنات حتى لكاد الكأس ان يتقيأ مافيه على البساط لولا اني ازحته بعيدا عن سبابة اليد ولم اسمي احدا لحكمة قديمة توارثناها من كابر عن كابر وظلت عليقة القطيع على رقابنا مثل وشم حتى اللحد 00 في البيت ليس الاي وامي احسست بالضيقه تخترق احشائي نهضت رفعت رأسي نحو ثريا السقف تقدمت نحو الاريكه وصعدت عليها فداعبت زجاج الثريا الناعم فبدا لي مثل جسد بض يتحرق عشقا لارتواء آخر 00 نزلت من الاريكه واتجهت صوب باب الصاله فتحته فلفح وجهي هواء الصيف اللاهب في الخارج فرمقت بساط ملقى على مدخلها تناولته في هدوء ثقيل وسحبته نحو حوش البيت مثل جثة ، وانا امعن النظر في الباب الحديد الابيض للسور ، حتى الحديد احيانا يستحيل الى بياضا في غفلة الوقت 00 فرشت البساط ذو اللون الاخضر في حوش البيت ورحت اجول ببصري في طيور مسافرة في الفراغ الازرق حتى اختفت في افق بعيد ، وقلت لأمي وهي بالكاد تدلف من باب السور والشمس تنثر حممها حوالينا كمارد يرسل لهبه من السماوات بأقساط لتصل الى الارض سعيرا يلفح الاسمنت والجسد : عمك تأخر عن اذان الظهر وربما انه الآن يلقي مواعظه على الريح ، الريح فقط هي من تناسب عمك تهزأ بمواعظه الجافه ثم ترمي بها سأما وهي تمخر عباب الضواحي صوب نواحي الوادي واضفت وانا اضع يدي على خدى كعجوز يتشظها سنها في وجع : هل تصدقين ياامي اني رأيت عمك هذا الشهم بهذه العينان اللتان سيأكلهما الدود ذات قبر واشرت الى عيناي وانا اكمل في غيظ : رأيته يختبأ عن اخاه الاعمى الذي هو اباك في حارة السرندحة على جدار طين لعائلة اولاد نصيب لئلا يحادثه او يلقي عليه السلام ومر اباك وهو يخاطب نفسه بصوت مسموع ، العلماء الاجلاء كثيرا مايفعلون هذا وسيقودهم ذلك حتما الى الجنون 00 ثم نظرت الى السماء فبدت لي كما دخان ازرق يتناثر من فوق طواحين ومسحت حبات عرق تقاطرت على جبيني وقلت لها وانا اضحك : لو كان اباك قائد جيش لأفشى سر حربه في الدروب ، اني احسدك على هذه العائلة الكريمة ياامي 00 انقشع صوت المؤذن في مسجد القرن وقلت لامي: عمك الآن يرفع صوت الآذان حسب مواقيت مقنيات وضواحيها ثم اردت ان اضيف شي ما يجلجل في صدري لكن امي قاطعتني وهي تقترب مني وقالت مبتسمه في شيء من السخط : (هتظل طول عمرك تطن على اهلي ، ياود الحلال دع حياني في حالهم وروح اذكر الله ) 00 واشاحت بوجهها عني ودخلت الى البيت وهي توصيني بأبيها خيرا ، نهضت واقفا وتحركت مثل شراع مكسور واتكأت على جدار صغير تحمله روؤس من الاسمنت تشبه المجامر حوله يتناثر زهور ورياحين جلبها ذات وقت اخ لي يغرق في الوقاحة حين يغضب ولقد تدثر بالمن والاذى عندما جمعتنا القرابة وفرقتنا النساء (لن يعلو شأن انسان ولى امره امرأه) حملقت بغل كاسح في نمل يحفر الانترلوك من خلال الفراغات التي تفرد القطعة عن الاخرى وتمنيت لو اسحق احداها حين اقترب مني لكن حذائي اخطأه وهرب نحو جحره وشاهت صورت هذا الذي جلب كل هذا ومن به امام الرجال دونما خجل وقرفص في قلبي حزن جارح غير محسوب وقلت في ضجر وانا اتخطى عتبة الباب في الطريق الى مسجد القرن : طز في اخوة كهذه لم تثمر الا الجراح والاذى 00 وكان ثمة يمام يجوب فضاء شرجة الهيام ناثرا هديل يجرح القلب . * مقنيات00 منطقة في عمان0
|
|
|
| | |