 |
قسم الحصن الاسود فوانيس |
فوانيس قام غوشمة مفزوعا من النوم ليلة البارحة كبس على انفاسه حلم فظيع ورأى فيما يرى النائم وجوه وحوش مستترة اجسادها بالبشر يقطعون لسانه ويلقون به احمر ناضج كالطماطم وجبة للكلاب ، وكانت الكلاب تنهش لسانه في بهجة وتلهث بينما كان الدم يتخثر من تمزيق اللحم وتفجر النجيع يشخب من فمه كنافورة وضرج ثيابه بلونه الاحمر، كان ينظر حوله ولا شيء يبدو لهم مايثير الرعب والشفقه انما كانوا يضحكون على فعلتهم وشاهد غوشمة الاشجار تنوس مع الرياح والورد يزهر في البساتين وصبايا يلبسن الحرير باسمات في طقس مثير ، والسماء في انتظار الرعد يتكور فيها الغيم كجبال بيض لم يكن في المشهد مايثير الحزن ربما الا نهيق حمار جريح على رابية امامه تمتد فيافي رمالها الصفر تعانق الافق ، وحين عاد الى يقظته نهض من السرير بتثاقل وتعوذ بالله وحوقل كانت حجرته المبنية بالاسمنت تنضح ظلاما حالك اذا رفع يده لم يكد يراها ، فأنسحب شيئا فشيئا من السرير وتلمس بيده الجدار حتى ضغط بيده اليمنى على زر النور فأشتعلت الحجرة بالضياء الاصفر فأغلق عيناه من صدمة الوهج وبعد هنيهات اعاد فتحهما فالفى النوريتلألأ يفترش الحجرة بتفاصيله وابصر وهو يغض نظره تحت قدميه صرصار ازعجه الضوء وفر من تحت الباب بعيدا الى الخارج ، جلس على الكرسي ادار رأسه في الحجرة احس بالعطش وتذكر الحلم ، لمح قنينة الماء مركونة تحت السرير نسى اغلاقها حين كان يهم بالنوم وآثر ان لايشرب حتى الصباح لكنه احس بحشرجة العطش في حلقه ، نهض وقعد على ارضية الحجرة المفروشة العاريه الا من الاسمنت الفضي اندس تحت السرير تناول القنينة ، رضته اسلاك السرير الحديدي على رأسه وهو يخرج القنينة واحس بالغيظ وآثر الصمت في هذا الليل البهيم فكيل الشتائم واللعنات في وقت متأخر كهذا غير مناسب ، فضلا عن كابوس قد غرق فيه منذ قليل ، اخرج القنينة من تحت السرير ودلقها في جوفه الا كمية منها باقية سكبها على صدره فشعر ببرودة الماء تسري في جسده القى بالقنينة على ارضية الحجرة فتدحرجت حتى اصطدمت بالجدار وتقيأت آخر القطرات عليها ، طافت ذكريات شاردة في خلده اتعبته وفجعته بالحنين حتى كادت ان تتملكه رعشة جارفة في النحيب ، فأزاح ذكرياته والقاها على الرف ونهض غير آبه بما مر، اقترب من النافذه فتح شباكها الخشبي اتكأ بساعديه على النافذة وارسل بصره في السواد كان الليل متألقا في الخارج بغسقه و بروق تومض في السماء ، مرغ عينيه فلم يلحظ الا كثافة العتمة وانقشاع البروق ، وقال لم تكن السماء غائمة قبل النوم فلوح برأسه متذكرا حلمه في اسى وقبع في مكانه حتى احس بقشعريرة البرد تسري في جسده والوسواس ينغر في داخله اغلق شباك نافذته وارتمى على سريره من غير أن يطفأ النور ، كان هزيم الرعد يصطفق كالهدير والبرق يجرح بخنجره الغيوم ويهل دمعها الابيض راشقا نافذته في سيل غزير -
|
|
|
| | |