 |
قسم الحصن الاسود اشجار بلا ظل |
اشجار بلا ظل شيء ما يقض لوعة الاسى والقلق في نفس العاج ، له من اطايب الطعام ما تثقل المعده في هضمه وله من العقار ما يتفصد ذهبا وفضه ، شيء ما يتعبه و يحس بفراغ غريب يأكل ويتمتع كالآخرين لكن يحس ان ثمة شيء مفقود في حياته ، واستمر سنين على هذه الحال نصحوه صحبه بالزواج فتزوج من امرأة في عمر الورود لها وجه صبيح مشرق كالفجر، وابتعد عنه هذا الاحساس وقت قصير ثم عاد اليه بقوة محتملا ان يحيله الى مهرج او معتوه ، لم يناقش امرأته ظل على سره مطويا في نفسه ولكنه احس اخيرا بالانفجار فنصحه بعضهم بالتوجه الى الطبيب النفسي ، فرفض مدعيا ان الناس لو علموا بذلك لبار اسمه في السوق وانتهت سمعته الطيبة الى فخ التشهير ، وظل على رمضائه ايام طوال لا يعود الى البيت الا في حالات لا تحتمل التأجيل ، رأته زوجته مكبا على رأسه بيديه فوق السرير الوثير ، واقتربت منه والقت عليه تحية المساء ولم يرد فربتت بيدها الزاهرة بالحناء على رأسه فأنتبه وادار وجهه يخفي بضع دمعات كانت تتألق في عينيه ، تدحرجت على الجهة الاخرى من الفراش ، كانت الحجرة الرخامية التكوين خضراء النقوش والجبس المنحوت في جوانبها كمعبد ، والنافذتان المفتوحتان امام السرير يندلق منهما رياح اشجار النخيل و الورد ، والضياء يتدفق كسيل ذهبي ينسكب على الماوية المتكأة على الحائط فيتناثر لألأة الضوء البهيج فتسطع الصور في الرخام كالسجنجل ، افزعها هذا الموقف منه واحست بشيء من الرعب وظنت ان مكروه اصاب اهلها او اهله ، لكنه نهض اليها بكل ثقله وحزنه وامسك بيديها وقال في انكسار : انا مريض والمصيبه اني لا اعرف معنى هذا المرض او سببه او أي علاج له ليس مرض اشعر به في الجسد ، ولكنه في الداخل كأني بي اتحول انقاضا وانا على قيد الحياة ، فأوشكت على الضحك من هذه التصرفات الصبيانيه وكادت ان تقهقه لولا انها اكتفت في الهنيهةالاخيرة بالابتسام وابصرت صورتها تحت قدميها تشرق جمالا ناضحا بالفتنة ورفعت عيناها اليه فأبصرت وجهه يوغل في الحزن ، كجرح مقروح من قلب كليم 0
|
|
|
| | |