الشجرة التي أطعمتنا الحقد والكراهية بلذة
الطفل يولد على فطرة أسلاف لم يحرثوا له سوى الذاكرة المثقوبة بالفراغ سيرة ملفقة بالزيف والأساطير.
***
لك أن تشاهد الكراهية تذوب في الشرايين ، الحقد ينبت في الصدور كالسم ، والبغضاء تمور في الداخل مفخخة بالغليان ، بطعنة خنجر أو طلقة غدر كل يشتهي أن يقتل الآخر قبل أن يسقط في غياب لا أوبة منه 0000 صورة اليتم المشحونة بالفجيعة.
***
غاب منذ الطفولة تاركا لي إرثاً لليتم والجراحات / وسلالة من الحمقى يتكاثرون كالأرانب / متردية في الغبار أوهن من بيت العنكبوت ولا يغفرون / تركت لي قبرك الملفع بالحجارة / لرجل لا أذكر من بقاياه عدا الأحزان والفقد / الناضحة قسوة وضياع0
***
جدتي التي سمرتها الأحزان ، متكأة على جدار الطين منتظرة إيابك بفارغ الصبر يحدثها عن سيل الذكريات العارم من سماء مشرعة للبكاء برغم البياض المتوج فيه مطوقا بالنحيب ...عله يعود تقول : سأترك الباب مفتوحا هذه الليله كي لا يزعجني طرقه آخر الليل 0
***
البارحة فقط عاد صوتك بين النخيل / أصخت اليه بكل الجوارح / وتلاشى في الريح التي طوحته بعيدا ، ما مر زمن يا أبي/ إلا وارتديت ذكراك / حتى عدت مشتعلا بالحنين0
***
في هذه الليلة وأنا أكتب رثائي الحزين إليك لقد تأخر كثيرا إذ تركتني وحيدا في الجبال تحت دار قوضتها الصواعق وجدر آيلة للسقوط ... لست نبيا كي يتبدى لي ظهر من المعجزات ربما تلك الشجرة الباسقة بالمرارة وحدها الصامدة التي أطعمتنا الحقد والكراهية بلذة رغم كل هذا الجفاف 0
هذه الليلة وأنا أراقب سوادها المتدفق من وراء النوافذ ، ظلك يرافقني كالتيه الذي ماعلمت له من نفاد بعد حتى عندما أعود منكسرا من غدر الرفاق 0
***
كان علي أن أقتفي أثرك في كل شيء /الذي دحرج وجهك في المغيب / لم يبزغ إلا على ذكرى أنقاض هشمها الدهر0
***
كلما ارتطمت بجرح اشتعلت سوادا وبراكينا / ضرجته في دمائي أصلك المؤثث / بالطيش والحماقات / غادرتنا الحكمة قبل أن نبتهل للرب ويستجيب 0
***
الذين يطرقون الباب سائلين عن أقرب الدروب إليك / وأنت تخفي وجهك في كل عاصفة من حنين/ يرحلون عند مطلع الفجر في سفر جديد 0
***
أيها المساء تلاطمت في سوادك وجوه أيقظتها الخيانة أضمرت الغدر قبل سطوع النهار / ذاك المساء الشاهد على تدفق الضغينة كان غسقاً يغسله ضياء قمر بازغ / عاد إلى بيته في الطريق الذي يسلكه كل يوم زاخرا بآخر فجر يقوده إلى الله / كانا يتربصان به كالفريسة خلف جدار الطين / في ضاحية مسيجة بالنخيل / كانا يرصدان لعمهما طلقتان إكراماً لأيام اليتم / وإذ ثقبا صدره بالرصاص وسقط مهشما بالعهد والذكريات / ماانهمر منه من نجيع غزير ليس سوى إباحة للكراهية / كي ترى الحقد نازفا بالدماء/ كقربان أخير في الضربة القاضية
***
الفتح المكتظ بالجبروت / تركنا نتخبط في الغياهب/ مدن مزنرة بالحرائق ينهبها الطغاة /
من مهد كل هذا الدرب الطويل الى المقصلة ؟
***
ما تبقى من ضباب يتحدر على صحراء / ليس فيها إلا وجوه مزهرة بالضغينة / كي أستطيع أن أرسم ظلك الأخضر على الأرض / تلزمني سماء أخرى غزيرة بالدموع .
|