الغــــل المزعـــج
كان حنينها البارق أكثر قسوة
الدمعة التي انزلقت من وجه جدتي
منذ عشرين عاما
حين اقترفت أمكنة بعيدة
لم تكن ملاذاً أبدا
أتذكرها
كل شيء يذكرني بها
هذا الحلم
هذه المقاهي والوجوه
وجوه ثعالب وجبناء
هذه الشوارع والسابلة
مع نساء غرقت في عشقهن
كي أنسى أما ووطنا
ترافقني كالضجيج مع الأصدقاء
الذين رحلوا
تاركين ذكراهم
توقظ النائم كالكابوس
وفي منازل زرتها منتحبا بالذكريات
رافقني حريقها كاليتم
القيد الذي يزعجني يا جدة
***
تركت جدتي ساعة من نهار
مستلقية على ساعدها الأيمن
حالمة بفقيد لا يجيء
سابحا بالطفولة في سواقي الفلج
وحين هرعت باكيا - طفل يتيم بللته الدموع -
كان الحريق قاصما والرحيل تعويذة حزن ،
قطعت مسافات حالما بنهار أبيض
ليس فيه غير وجهك الحنون
لكن المساحة اتسعت يا جدة
فاغرة جرحاً عميق الأزل 0
***
بي رغبة لأن أنفث سيجارة مع القهوة ، أتذوق طعم المرارة مع الرماد ، بي رغبة هذا المساء كي أقفز
عن وجه ظل يؤرقني لذكراه متفقدا حنينه الذي جابني زمنا 0
أين هو الآن ؟ ذاك الوجه الذي ما أن أسمع به حتى تقفز الرعشة في جسدي ، وتهطل سيول لا أراها على حقل قاحل ، يتسع المشهد ماطرا ، حتى ينبض الأخضر في كل اتجاه ، انفث السيجارة مع القهوة واقرأ( وما حب الديار ملكن قلبي ولكن حب من سكن الديار ) .
|