شــــــروق
أستغفرك يا حب وأتوب إليك ، لا طاقة لي هذا المساء كي أعود مثخنا بحزن صريع الهواجس ، منذ البارحة غفرانك يؤوب ، أقرع جهاتك فلا تستجيب ، أفتش في ذكراك المبعثرة في كل اتجاه ، عن مأوى للبهجة والسكينة ، يفرحني قرع أبوابك كي اسـتأذن بالدخول ، راعني خذني إليك كما ضوء يحل في عتمة كما نبع تشربه أرض تصحرت من عطش ، كما غريب يحلم بوطن، كما اليمام إذ أشجاه الهديل ، كما الورد والندى والفجر بينهما يبزغ صادحا بالشروق ، كن رحيما يا حب وعطوفا فقد وقفت طويلا على بابك، شفاعتي الكبرى اليك دائما كل هذا الحنين 0
***
من يضمن لي أن الخطوة التالية التي بدأت لا تصل إلى الشغاف محرورة بجرح ، علي منذ الآن أن أفتح صدري لما تجرفه الذكريات من وجع ، في وطن شاسع بالنواهي والابتذال 0
***
عواصف وبروق وسيول غزيرة ، جرفتها السماوات في مملكة ليس فيها إلا قمر يضيء لي بين الكثبان درباً إلى الحب ، تلك العواصف والبروق أثخنـت الأرض دماراً وارتواء ، وغيرت في التقاسيم تقوضت منازل وأشجار عالية ، وما زلت أيها الحب الوحيد الذي سيدركني شغفه – برغم الغدر والجراح والمآسي الكثيرة – حتى الكفن 0
***
لم لا يتحرك جبل صافنا منذ ثلاثين عام وأنت تمرين بقربه؟ ، ويقشعر الجسد مثل عاصفة من صقيع ، كلما لمحتك تعبرين الرصيف كل صباح 0
***
لم لا تبك سماء تقطفين زرقتها في عينيك ؟ ويبتل قلب مأخوذ بعشق ، لو أقتلعك من الروح والجسد لو أستطيع أن أخمد حرائقك التي تنفث أوارها من بسمة في الشفاه ، يالهذا الوجه الجميل الصاعق بالفجيعة – مفجوع انا ببهائك العصي على الوصف - وقد لامست غيما غير بعيد، إذ تتقصف رياحك على شجر لا يدركه إلاي 0
***
كل شيء أستطيع أن أستدير به وأستدركه وأجمع حطام وصفه في لوحة إلاك ، كلما امسكت بالقلم، كي أرسم ملامحك تدفق موت غزير غطى الجهات 0
***
أراوح مكاني منذ ثلاثين عام لأكتب ملحمة عن حياتك ، ومنذ ذلك الزمن الجميل ما كتبت الا اسمك كبداية ، ماذا يلزمني سيدتي كي أنهي مأساة رجل عاشق ؟
***
ورائك ليل أسود لا يبزغ فجره ، أسمع طبولا على الباب ، زفافك هذا سيدتي ، أم صهيل آخر للرحيل ، كي تعودين دائما مجللة بالطهر والبراءة 0
***
طعنتك النجلاء في الصدر لا أشفى منها إلا في بعث آخر صاخب بالضجيج 0
***
أجلس امامك بكامل زينتي وأبهتي وغروري فلا تبصرين الا ماخبأته يداي 0
***
انتحبت بالأمس000 بكائي كان ساعة تذكرت أن لك ِ حيوات كثيرة و لي حياة واحدة أحياها فقط ، ماذا تساوي في بحرك قطرة ماء؟
***
أيتها المرأة الجميلة الروح الحسناء التي نكتبها شعرا ونقرؤها عمرا ، وأظل تلميذا تحت قدميها مهما ارتفعت ، لا نطالك أبدا يا سماء أظلت واحتوت وروت، ينابيعك دافقة وأرضك ساطعة بالربيع ، الصيف غيظك والشتاء صقيعك وما نحن الا جهاتك/ أيتها الشمس مضيئة الافلاك بنورك ، ضياؤك انتظار ، وشروقك حياة / أنتِ فقط من بين هؤلاء الذين يتبجحون باسم الآلهة من يستحق التقديس والتبجيل ، أما الآخرون فنحن لا نقدس الا تفاهتهم منتظرين سقوطهم بفارغ الصبر 0
***
تقولين – التي لقولها معنى وثمن – ألا تكف عن التدخين ساعة يشتعل في رأسك شيء للكتابة ، وأجيبها مترعا في البهجة بكل هذا العطف الحنون : كل شيء سينطفىء سيدتي إلاك والقلم ، سأنطفىء أنا وسيجارتي وأيامي وحزني وغروري وجراحي ، وهؤلاء الشعراء الإمعات المنافقون التافهون الذين يثيرون الغثيان بقصائدهم التافهة التبجيل الكاذبة المعنى ، كلنا سننطفىء وتبقين أنتِ كالبرق دائم الومض ، تبزغين بفجر وشروق جديد 0
***
دعي الأبواب مفتوحة
كل شيء سيأتي في أوانه
الطفولة والعشق والأحزان والموت
وأنتِ تصطخبين بمدك
يتجدد موجك
وبحرك غزير الزرقة وألاعماق
بينما مثلي يتلاشى
في بهائك كالسراب
***
سأفرغ لك هذا الكأس المليئة بالعواصف، فوق الطاولة التي جمعتنا ذات صدفة في مقهى قرب شاطىء بحر لا اذكر اسمه ، لم يكررها الزمن ، كبرق خاطف نضح لمعانه بعيدا في أفق آخرغزير الضباب 0
***
للنساء أزمنة لا يقرؤها الحمقى والجهلة والأغبياء ، وليس مثلي بمنأى عن هؤلاء الرفاق.
|