 |
قسم الحصن الاسود سواحل غادرها البحر |
سواحل غادرها البحر
كان خليل يحدق في النافذه التي كانت تطل على خرائب مهدمة لمنازل اخوة تطحنهم رحى الحرب المسكونه في افئدة الجنون كان المنظر يبدو متألقا تهرق في جوانبه احذية واكفان وبقايا جماجم منثورة عبر الدهاليز في ممر بعيد ، كان المنظر يبدو متألقا حين تمزج روعة المطر الهاطل من السماء بالدماء النازفة من اجساد ممزقة لكن السيل الجارف في النواحي وتحت الجدر كان لا يلقى بالا بتلك الجثث انما كان يحملها وترتطم ببعضها فيما كان الدم الاحمر يسيح امامه مغيرا فقط ماء لونه الفضي ليصبح احمر قان ، كان خليل يتفجر في احشائه الحزن عميق بحجم بركان ويود لو ان شيء يغسل هذا الكمد من كبده دونما فيلق من جحيم او رصاص من قريب ، كان خليل ينعق في داخله بوم الكوارث ويحمله حيث يقيم في خرائب المدن وعلى ضفاف سواحل غادرها البحر وبقيت رفيقة القحط والجفاف ونثارات للموتى الباقيه من تراب المقابر ، بود خليل لوان البوم يغرسه صليبا في احشاء الارض ولا ينتزعه منها الا الرجفة القريبة التي تمشي ربما في السماء مثل عاصفة تشتد في انوائها لفحة الغيظ وشغف الحريق ، يود خليل ان لو تأتي هذه العاصفة ولا تبقى احد على ظهر هذا المكان الذي يموج فيه روائح الموت لو تطهر هذا الارجاء من سفلة واوغاد ، نهض متثاقلا بهذا اليباب وطرق على النافذه بيده كان صراخ الرصاص في الخارج كنحيب يجرح القلب ، كان زجاج النافذه النازل عليه قطرات المطر تجرفه الريح التي ترافقه فيشتد لوعة الضباب عليه فيظلم الافق ويترنح آخر الهاربين في بركة من الوحل مجروحا في ساقة التي بدأ الثقب منها يتفجر غارقا بالنهايات ، اشاح خليل بوجهه عن هذا المنظر وعلق بصره في السقف فتهادت له بضع قطرات تترقرق فيه شاحبة على صبغه الابيض وبدأت بالتساقط حتى بللت اوراق كان يكتب فيها بعض اشعاره قبل ان ينهض ليرى حالة الرعف المنسابة في الخارج ، مضى غير بعيد وانهال على الاوراق بيده اليمنى وابعدها في منطقة السرير كانت القطرات قد بللت بعض جوانبها ، وكان البرق يلتحم بالغيوم وهزيم الرعد يقعقع في السماء فتسمع انهمار المطر على السقوف بقوة كشلالات تندلق من فم السماء و تألق وميض البرق المشع فى الافق حين استرخى على جفنيه نظرة محدقة من قلب شريد 0 استلقى على السرير فطاف في مخيلته تلك المرأة المزهره الكفين بالحناء لهارونق شجرة تكتسي بالروض الفاتن في الربيع ، كان غدير الماء المتهادي في ارضها الخضراء والزهرات العابقة في رياضها المتراقصة كروائع الطيف في بهاء الحلم ، غصت عيناه بالدمع وتدفق غزيرا على خديه و بكف يده اليمنى مسح تلك القطرات وبدأ النحيب ينهش في جسده واحتوى وجهه بيديه وزفر في نشيج مرير ، كان يستحضر في بكائه منظر سقوط تلك الزهرة البيضاء في مستنقع القتله ، تلك الارتعاشات التي ارجف جسدها من طلقة النار، وانهمر الدم مابين يديه مثل ثقب جارف يسكبه الجسد ، لقد كان نزيف حارا يرهق الدماغ ويكبل القلب بجرح لا يعرف الهدوء 0
|
|
|
| | |