 |
قسم الحصن الاسود بيـــــــــوت |
بيـــــــــوت
ظل واخوه في حياتهما يتصارعان على المال الذي خلفه الاسلاف لهما من بقايا مساقط لاوراق عرتها الريح من شجرة كانت ظليله لكنها هاجرت في الخريف ، ظلت الخصومة القابعة في قلبيهما كنار موقدة تسطع في العيون حتى اكتوى به الابناء حريق رحم وبلاء لم يخمدها المطر الهاطل على مقنيات* في مواسم اشبه بقطرات ضياء تسقط من قمر معلق في السماء على المروج التي كانت حولهما مفعمة بلونها الاخضر حتى تفيض بسمات على وجوه اينعت في الخصب الجميل عصافير تغرد على السدر المنتشر في النواحي اصداء حياة وبهاء 00 مرت الايام كأنها قطرات زئبق عالقة في اليد تدحرجت في غفلة من بين الانامل وتسربت في التراب فلا الزئبق باق ولا الزمن المتسرب تعلم كيف يعود؟00 كان اخوه يخرج من المسجد الذي قدم اليه معزيا في وفاة قريب ، كان مسجد الزامل قريبا من البيت القابعة جدرانه على سدرة نبق ضخمة كأنها هوت من السماء او انبثقت من الارض منذ عهد سحيق 00 تسلك دربا ضيقه قبل ان تصل اليه و كل من يقف بقرب بيت اخيه يستطيع ان يرى مسجد الزامل في مقنيات بوضوح وقبل ان يصل البيت - الذي كان يقطنه منذ زمن مديد حين اقسم ان يقيم فيه بقية عمره ويلغي التنقل بين ضواحي القيظ متحملا جدران الاسمنت التي تشبه وهج الافران من وقدة الشمس والصر - سقط على عتبة الباب كسخرية الاقدار التي تداهم البشر على حين غرة فلا يوقظهم الا الحطام ، كان اخوه غير موجود في القريه ولا في البلاد التي آثر ان تكون الملاذ له بديلا عن مكان الطفوله ، كان النواح يخترق القريه شبيه بالخيول الراكضة من رجفة الارض يزلزلها حزن وحنين له طعم الدمع والدم0
حين وصل اخوه كان قبر شقيقه قد استوى بالارض وارتفع في هامته تل من تراب وكانت الشمس تدلق لون الغروب كدمعة غارقة في الدماء على الجبل الذي غزته اقدام اخوه قبل ان يختفي في الظلام 00 وعندما اقترب من القبر وهو ينتحب بمراره كانت الدموع تتدفق بغزاره على لحيته البيضاء كانه لم يذق طعم الدموع منذ حزن بعيد ، انهار بجسده فوق التراب ومرغ وجهه على قبر اخوه منتحبا- هل كان ينتحب حزنا على فراق اخيه قبل ان يضمه الى صدره وتنتعش في عروقهما الثلج المنهمر من السماء في ابتسام الغيوم وهما يتعانقان تحت المطر الذي بللهما بوابل من الرضا وانساب في اعماقهما ظلال وارفة من ابتهاج كبير لا يوصف 00 ام انه كان يبكي نفسه التي اغلقت ابوابها بعد موت اخوه فلم يعد فيها متسع لجرح00 بعد خمسة اشهر فقط من وفاة اخوه وحين كان يقطع الشارع صباحا متجها الى عمله في قيافة مزنرة بالبياض - ربما كان يتذكر طفولة اخوه الذي آثر الرحيل قبل ان يمحو عنه ذلك الجفاف العالق في الدم صدمه سائق متهور بمركبته في جنون واحاله الى جثه باردة في الشارع كأن ثلج الموت كان يداعبه وهو يدلق تلك الدموع الحارقه امام القبور في ذلك الغروب المنهمر من الاشهر الحرم ، ودفن حيث يقيم بعيدا عن قبر اخوه و امكنة الطفوله كأن ذلك الرضا في قلبيهما سيظل ينتظر الغمام الى طقس آخر 0
|
|
|
| | |