 |
قسم الحصن الاسود للشمس ذاكرة صفراء |
للشمس ذاكرة صفراء 1) الظل الممتد في الجبل المبهور بالضياء المتخثر في الشجر كسحب تورق في السماء كان يمر به النسر المتسربل بالبياض وعلى أجنحته انكسارات مبقعة بالعتمة تذكره بالنحيب المشتعل بالدموع 0
2) استغرق طيران النحله التي حطت على زهرة بيضاء وميض من الوقت لكنها ارتدت على اثرها حين رأت الزهرة تتعفن واذرعها الخضراء توغل في المكر 0
3) كم كان يجب ان يمر من الزمن قبل ان يستحيل ذلك الطائر الابيض ذو المنقار الذي يشبه البحر الى طير جارح رغم صبغة اللون 00
4) لماذا يتسلل ابي من قبره ليسألني كل ليله وفي ملامحه غضبا كنصل سكين يجرح القلب عن الأرض التي حفر فيها البئر وحيد ا ؟
5) اقتفي ظلال النخل والليمون واقبع بين اوراقها الخضر كمن يختفى عن مخلب الذئب ، لعل جدتي تعود الى الطفل الذي كانت تهدهده من كثرة صراخه الباكي واظل اسير الطفوله حد تلمسها عذبه تحت اللسان حتى ارتد كجثة رميت من فوق شاحنة وارتطمت بالزجاج والصخر 0
6) في رواية مائة من العزله( ترجمة د محمد الحاج خليل) لروائي الكولومبي ماركيز ، ظل خوسيه اركاديو بوينديا الملحد العاشق للعزله الباحث عن الله الذي رفض وجوده مالم يره مجسدا في صورة وعن حجر الفلاسفة يسامر ملكيادس ذلك الغجري مفتونا بقراءة الغيب والطلاسم 00
خوسيه اركاديو بوينديا الذي آثر الهرب من تلك البلاد التي قتل فيها جاره الذي استفزته الهزيمه في صراع الديكه وصرخ في وجه خوسيه اركاديو بوينديا اوصيك بذكرا يحل لك وثاق امرأتك ، فقصفه بالرمح الذي كان يحمله في يده فأستقر في عنق جاره وتدفق الدم الحار كنافورة وسقط صريعا امامه مضرجا بدمائه 00 لم يعد خوسيه اركاديو بوينديا قادرا على وخز الضمير الذي يشبه طعنات ابرة حادة في عروق القلب واحيانا يتجسد له كنصل حاد يشرخ اللحم فتحده صدمة العظم اذ كانت جثة جاره تهرع دائما من مقبرة الموتى تتناول الماء من كثرة الظمأ وتأكل الفتات المتناثر في البيت من قوة الجوع ذات مرة رآه يخرج من الدار وذات غسق ربت على كتفه ورحل 00 كان دائما خوسيه اركاديو بوينديا يستيقظ في الليل بتلك الكوابيس المزعجه التي اهدته الرحيل وترك الدار بما فيها لجاره 00 ورحل الى بلاد بعيده خلف البحر اسماها ماكوندو ، ترى كم رأس سيبقى على حاله لو انتاب وخز الضمير بعض المجرمين الكبار على امتداد هذ الوطن المسمى العربي المحروق ؟
7) حاول ان يخترق المزار الذي ابكاه واوصله الى عتبة الحنين ، حاول ان يتلمس الدمع في عينيه فلم يجد شيء يذكره بالماء ، حاول ان يصرخ او ان يهرب ، تكهرب كل شيء في جسده وسقط يتلوى كأنه ملسوع مرت عليه صاعقة في سمائه فقصمته نصفين ، نصف تجمد من شدة الشتاء كجثه و نصف تفجر كالنزيف الذي يشبه الجرح 0
8) من ترك الحصان على عتبة الباب يصهل بلا زاد والعائلة في البيت تلتهم الفواكه والحصان يمرغ وجهه في السماء كمن ينتظر غيمة تفرد اجنحتها عليه كظل والعائلة في الداخل يسكرها الضحك ، اذ كانت الصحون تدور والتبغ يسلخ جلده في المنفضة ويرقد بهدوء متطايرا على الكراسي حين ترجه الأيدي التي تلتقط الكؤوس 00 والحصان يدحرج دمعه المائع المغبر في الريح 0
9) تحطمت سدرة النبق التي طالما اتكأ عليها جدي فى زمنه الذي شاهد السماء ذات ليله تقترب منه ولمس السحاب بيديه فسقط المطر وعندما اخبر زوجته بذلك ضحكت عليه وقد بدأ الفجر ينبلج عن صبح صغير تلفظه الشمس كطفل مشاكس ينتحب في البراري وقالت له هذه بدايات الجنون حتى جاره الذي يحبه كثيرا لم يصدقه ان السماء اقتربت من رأسه ولمس السحاب بيديه وظلت هذه الصورة تبزغ في ذاكرته كضياء يحطم نسيج العنكبوت ، تحطمت سدرة النبق حيث شبح جدي مازال يقيم ويشتكي ويشرب فنجان قهوته المره التي طهتها امرأته على الحطب السمر في عجل 00
تحطمت سدرة النبق التي طالما اجتمعنا تحت ظلها نخربش في جذعها العريض كأشباه فراشات تطير وتلتصق بها حتى الشماريخ التي يتدلى منها النبق بلون وعل بري يجرى في الوديان المتشحة بالصخور ويختفي عنا كغيمة رمادية تتمزق في الافق 0
10) اغلق الباب كان الظلام دامس تلك الليله والبرد يقرض العظم 00
تلك الليله الناحته حلكتها في العلق المتدفق من الوريد حتى الجدار ، الجدارالذي استحال الى مايشبه الجرح , لم يلحظ الامكنه الغارقه في السواد ولا الجدر الحمراء التي تشبه في تغضنها بموت الورود وكان الطير الباقي على غصون اليابسه في الشجر الاقرع يهاجر مع المسوخ والخزف الرجراج يتكسر من خفة الطين 0 قفز على السرير وغط في السبات فراوده حلم جميل كحسناء شعرها ثلج يتساقط من السماء حيث صهيل الخيول الظامئة00 وحين استفاق اطل برأسه من النافذه ورأى نهارات صفراء بازغة وحين صادفته المرآه ذات الزجاج المتكسر التي لم يبق منها الا مايعكس الصور شاهد وجه اشيب موغل في التجاعيد وعندما فتح الباب ليطل على الخارج كانت الجبال تتبدل والطين يسلخ جلده في تراب غامق اللون والشمس يشنقها الغسق ويندلق دمها الاحمر في الفضاء كخمر معتق يقهر الرأس وكان يتأمل الظلام الذي هرب منه كما يظن منذ قليل وانهمرت رياح خفيفه مرت على جبينه منزلقة في شعره الابيض 0
11) راقب الجثث المتدليه كخراف ذبحت في الشوارع من سطح بيته الذي اخترقه الرصاص ذات مساء موغلا في الليل والضجيج حد تفصد الدم من اجساد الجبناء وترك الرصاص النافذه مثقوبة وتشظى زجاجها الذي يشبه دمع طفل وتناثر في الخارج مسحوقا بالعتمة والبكاء00 كانت النافذة التي ثقبها الرصاص مثل كهف في جبل يخترقه الضوء والفراغ ، حدق مليا في السقف وشاهد العنكبوت مازال ينسج خيوطه البيضاء مثل كفن واندهش من قدرة بعض الكائنات ان تبني اضرحتها تحت رعب الرماد والنار وتذكر القبر والتراب وامه وابيه وصلوات المآذن التي كانت ترتفع في مسجده القصي الذي يشبه الانحناء فيه انتحار مجسد وخيل اليه ان الملائكة تخشى الرصاص والموت 00 والا فلما لا تهبط من السماء وتوقف هذا الجنون 00 هبد الباب خلفه بقوة وخرج نحو الصلاه وتناهى الى سمعه حنين حدأة تحلق في الفضاء 0
12) الطير الاخضر القادم من الافق كان يعبر السماء متألقا بمنظره البهيج حين كنا نحرق سدرة النبق في احدى الحارات كتوسعة للطريق ، عاد من سفره وحط على شجرة السمر التي كانت قريبة من الحريق وكان يمعن النظر في النار ويدور حول اللهب ويزقزق بصراخ طويل يشبه حنين حزين كمن ينادي احد فلا يجيب ، كان الدخان يصعد في الاعالي والنار تلتهم السدره في جوع من وهج وكانت الاغصان تتحطم وتنهمر اوراقها في سيل الجحيم كأنها لم تكن ملاذ تغرد فيه الطيور مع شعشعة الفجر حتى اقتراب العتيم في الزمن البعيد الذي هجرته البروق ، وعندما تهاوت السدرة في لجة النار وطحنتها كعصف مأكول 00 كان الطائر يتدلى كمشنوق على السمرة القريبة من الحريق 0
|
|
|
| | |