Deprecated: Function ereg_replace() is deprecated in /home/alsultanah/public_html/story/init.inc.php on line 55

Deprecated: Function ereg_replace() is deprecated in /home/alsultanah/public_html/story/init.inc.php on line 56

Deprecated: Function split() is deprecated in /home/alsultanah/public_html/story/functions.inc.php on line 268

Deprecated: Function split() is deprecated in /home/alsultanah/public_html/story/functions.inc.php on line 271

Deprecated: Function split() is deprecated in /home/alsultanah/public_html/story/functions.inc.php on line 271

Deprecated: Function ereg_replace() is deprecated in /home/alsultanah/public_html/story/members.php on line 227

Deprecated: Function ereg_replace() is deprecated in /home/alsultanah/public_html/story/functions.inc.php on line 29

Deprecated: Function ereg_replace() is deprecated in /home/alsultanah/public_html/story/functions.inc.php on line 29

Deprecated: Function ereg_replace() is deprecated in /home/alsultanah/public_html/story/functions.inc.php on line 29

Deprecated: Function ereg_replace() is deprecated in /home/alsultanah/public_html/story/functions.inc.php on line 29

Deprecated: Function ereg_replace() is deprecated in /home/alsultanah/public_html/story/functions.inc.php on line 29
المجموعات القصصية للسلطنة الأدبية
  
 

قسم الحصن الاسود
يوميات لا تهم احدا
تاريخ الإضافة: 28/09/2009 رشح | إهداء

 يوميات لا تهم احدا                                                           
 
(بناتي اظافر أخدش بها وجه العالم ) محمد الماغوط
 
في الغرفة رقم (5) قسم الاطفال الجناح الازرق على مااذكر بالمستشفى الجامعي  تلك الغرفة التي تذكرني بالحنين والطفولة والموت رقدت طفلتي الصغيرة فلسطين ، هذا الاسم بالذات كأنه ساطور يشق الافق مضرجا بالصراخ والدم ، لم ابالي بالاخرين ولا حتى بالعجائز التي احتجت على الاسم المدفون بذاكرة من الخراب والدمار على اهلها ، كنت مصمما على التسمية هكذا دون حجاب دون مبرر يقنعني على العودة بأسم تقليدي يتيح للعائلة ان تفخر به هذه العائلة بأحجارها الكبيره حسب امجد ناصر لا يثير مخيالها الجمعي لدي الا الشؤم عن سابق اصرار و ترصد لنباحات كلاب في آخر الدرب  تتحدر اسفارها الى المجهول تغرق في النباح الكبير الغير المحدود والذي لا يفسر عن شيء أي شيء الا اللهاث على الحطام الذي يعتبر شرف  البرجوازين الصغار هذه الايام   ، اطلقت عليها هذا في شهادة الميلاد كان اسم له مغزى في دنياي انا الكئيب المهزوم المحطم  في الداخل المسافر عبرخيالات وجموح لا يستقر ، لكن فلسطين جاءت على غير ماارغب او احب طفلة معاقة في الجسد تكيس الكلى وتليف الكبد  ، قلت ذات ليل دافق بضياء ازرق  حين كنت وحيدا ارعى النجوم في السواد مرغما على التنهد كمن يزفر على كير ملتهب آخر الانفاس ، كم انا فقير وحزين حتى في الولد ، الولد الذي نحترق لاجله ونضيء له  آلاف الشموع  ونسرح حوله باحلام مطرزة بالظلال ليأتي في آخر العمر بخنجر او مقصله لنتذوق منه طعم الحصاد ، او اذا كان طيب كما يسمونه الضعفاء امثالنا الذين لا حيلة لهم الا البسمله في الصباحات يعقبها حوقلة المساء الدامي بالعتمات - ان يتركنا وحيدون حتى الثماله على رأي درويش نتباكى والزوجه على الطريق التي قطعناها في الظلمة متعمدين ان نذوق طعم الانتحار الذي كنا نسميه جنونا للذين يرتادون به افق النهاية في ذلك الشباب الذي فرت اسرابه في الضباب ، لكن ذلك الشيء في الصدر حسب احسان عبد القدوس يظل يؤرق الكائن ، هذا الكائن الذي لا يذوق طعم الحياة الا بالم وعذاب ، مخلوق غريب على رأي ديستوفسكي  يأتي الى هذه الدنيا ليرتكب الحماقات ثم يذهب ليموت ، يزغلل في عينية ارث الخلود الغارب بعد حين في التراب كأن  لم يكن وبرغم هذا تظل فحولته حسبما يعتقد في تفكيره الساذج حد الغباء بأنه القادر على الثابت وان ماياتي من الايام مجرد حوادث للتحول ، هل قلت ان ابن عمي محمد  هو الذي حملني من مستشفى عبري الى مسقط حاملين فلسطين على نقالة اسعاف ، اتذكر في الطريق فلسطين الوطن صراخات وزعيق وشعارات لعرب لم يقدموا الا الفراغ كظاهرة صوتيه حسب  القصيمي  لقد مضى شوط طويل من نهر دماء  وشهداء شاسع بعظم هذه السماء الزرقاء الباكية القا وسيول غزيرة في كل الفصول ، الثورات التي طارت محلقة باجنحة متكسرة  لم ترتفع  الا  على الحيطان  المرتطمة بالاسفلت  والنار ،  هؤلاء الثوريون الذين عبدوا ماو ولينين في بهجتهم الحمراء و غامروا بأنبل المباديء وحطموا في سبيل هذه البركات كل القيم معتبرين ان الاخلاقيات التي قامت عليها امم وارتقت حضارات مخلفات عتيقة و قذارة يجب التخلص منها في اقرب سلة للمهملات ، والذين فصلوا الاسلام حسب رغبتهم وحسب مشيئتهم وانتهوا فوق قمة بركان ، الكل لم يصل  الى شيء الا  الدمار الوحيد الذي نتقنه تركة الامويون التي ورثها الاحفاد المغتبطين بها في الدهور السحيقه ،  كانت تلك الهواجس المؤرقة تسافر بي بعيدا حيث لا مكان ولا زمان يمكن التشبث به في هذه الهالة من الخراب التي تمتد من الاعماق حتى تعانق الافق ، في مشهدا جارح وحزين باذخ بالانهيار حتى لو سطع في العيون بريق  امل في  نهاية النفق مايلبث ان ينكسر ضؤه وسط هذه الحشود المتراكم عليها غبار كثيف من الغربة و الضجيج ، لم انتبه من  هذه الانكسارات الموغلة في الدم كأسنان وحش ضاري توغر في جسد الضحية الا على ارتطام سيارة بيكاب بيضاء انحرفت عن الطريق واتجهت صوب عمود الكهرباء وارتطمت به محدثة زعيق  كصرير حديد يخترق الجمجمه ، لم ينكسر العمود وخرجا    باكستانيان دون ضرر من  احشائها ، لقد لاحت لي اغماءة في الافق وطيف حزين  يسرى بأتجاه القلب  ترنحت شظاياه وبزغ  جرحه اشرعة ممزقة في ريح عاتيه لسفين  حطمه اليم ، كان ابن عمي محمد صامتا لا ينطق بشيء كأنه احس بهذا الحزن الزاعق   يفلق  الصدر 0
***

مسكينة هذه الزوجه ربما تورطت برجل مثلي جل حياته قراءة ، حتى وانا ازور طفلتي  في مستشفى الجامعة  احمل معى اكثر من   رواية  لنجيب محفوظ ، اذكر اني ذات مساء جلست على كرسي خشبي في بهو المستشفى الذي كان يغط بالزائرين كان معى ورقة وقلم وادرت رأسي في كل الجهات كي استطيع ربما ان اكتب عن هذا الموقف وارسم معابر المستشفى بشيء كريشة فنان ، كتبت في الورقة بقلم لا اذكر لونه اسم المستشفى بلون الذهب  يحضنه باب من زجاج اذا اقتربت منه فتح لك الطريق الى الداخل ، ليقابلك باب آخر يتفرق على جوانبه بعض نوافير  من ماء تترقرق قطراته الفضية لتسيل على سواقي سيراميك زرقاء اللون ،وكانت مشاتل الزهور على الجانبين مشرقة بألوان الطيف السبعة   تمشي على  طريق مبلط عريض حيث ينهض باب آخر من زجاج عليه لوحة كبيرة لطبيب ربما يلقي محاضرة في فن التشريح حوله طلبة وطالبات متوشحين زيهم الابيض ،     الباب الثاني وانت تدلف خارجا من المستشفى يتبدى فيه مجسم لطاووس فاردا اجنحته على المشهد يخترقه  ضياء الشمس الصباحى  وتقطر   في الممر بقع ذهبيه تغسل العابرين بضيائها الشفيف 0
****

في الغرفة التي يقطنها ابن عمى خليفه في المعبيله الجنوبيه كان كل شيء فيها يشي بالفوضى ، اوراق جرائد تحت اسرة الحديد وملابس متسخة ونافذة موصدة بخشب رث  وعلب البيبسي والكولا مبعثرة فيها على طول الخط لا تكاد تلقى زبالتها الا وتعود  كماكانت شبيهة بالرثاء ، ربما هذه الفوضى والاضطراب والتعلق باللاشيء  وترك الدنيا هكذا بلا نظام يقلص الاقدام الى الارض هي اللامبالاه  التي روضتنا نحن العرب حتى نصل الى هذا السفح  البهيج بالانهيار ، هنا لا اعني الاصدقاء  الذين  التقيت بهم في غرفة ابن عمي انما هى حياتي التي اثمرت كل هذا الغياب المؤرق المتفصد كثبان رمال اذا قبعت فوق جبل او سرحت على بحر تلطمنى امواجة الزرق  او انثنت  ركبتاي  على زرابي مبثوثة في منزل كالقصر متخمة مسافته بالرخام او التقيت بالجميلات  ، هذه الصحاري التي نحملها في الحل  والترحال  لا نكاد نلقيها وراء ظهورنا مبتعدين في شعاب  المدن الصارخة بالموسيقى والابتذال  او مقاهي الاسفار الا وتبزغ معالمها حيث ينطلق  التصور والسلوك من عقالها المدفونة وراء الحجب ، اذكر في بعض الليالي افلام الرعب التي  كانت  تستيقظ في تلك الحجرة كأشباح تتسلق الحائط وتهرب مع النور  في الوقت المتأخر من الليل حيث الشلة متجمعة تراقب تلك المشاهد الساطع منها سطوة البطش والقسوة والخوف كهذه الصحاري في القها الاصفر ضحايا وجلاوذة  ربما كانوا اكثر تيها وغرقا وحقدا يحطمون جسد الضحية اكثر ممايترائ احيانا في عالم الخيال ، كان الفيلم لشباب عبروا  الغابة متسلقين جبل يلامس اعرافه السماء ، منقطعين عن صخب المدينه واضوائها الباهره المندلقة في احشائها بغير حساب ، ربما لفظهم يبابهم القهري والنفس التواقة ابدا لاستكشاف المجهول ثمة مايربض لها بزعيقه الحاد المنحرف بها بعيدا صوب اللاعودة ، تتعثر  الفتاة وتسقط في ايدي آكلى لحوم البشر لقد مزقتها مناجلهم كماعز ذبيح سلخت قوائمه للنهش ، في مشهد آخر الفتاه والرجل اللذان  هربا من آكلى لحوم البشر يقفزان من برج الغابة اللذان لاذا به في لحظة النجاه التي ربما تشبه سواد شاسع في العتمة دون بريق ، في الشجرة كان احدهم ينتظر تقدم الفتاة في بطأ وحين صفنت على الغصن  الصقها بالساطور  على جذع الشجرة  برضة  على  الفك  خضبت  شفتاها القرمزيتان بالدم  ، وشخصت عيناها في فضاء الرعب كمن يشهد سقوط نيزك حارق على الوجه في  منظر  يستعصى على الوصف ، ربما  كنت بحاجة الى كل هذا الرعب كي ينطفأ قليلا واقعه الباذخ بكل تجلياته الحميمة الصلبة كالحيطان الراسفة بالاحجار   0
***

في احدى الليالي التي قضيتها في المعبيله الجنوبيه بغرفة ابن عمي ، كانوا الاصدقاء يرحلون كلا الى وجهته حاملين في صدورهم احلام بعيدة كسماء مطرزة بنجوم زاهية تومض في البعيد ، ضياء ينسكب في الطرقات ولا يلمس  انواره  الا الذين نحتوا اسماؤهم في التراب   وكلام غريب وخطير لا ينطقون به الا في الداخل خوف الرقيب ، سمتهم  النسيان الدائم كى لا تنزلق خطواتهم الى الفولاذ ، اتخطى الشارع  في ذلك الليل الضاج بمخلوقاته الى مطعم شركة اللك الدوليه   ، انا القادم من جبال  القرى  ادهشتني هذه المدينة التي لا تنام ، اقعد على طاولة بيضاء والقى برواية نجيب محفوظ  على صدرها الابيض  ( اللص والكلاب) واطلب من الجرسون كوب من الشاي الاحمر ، واغرق في الرواية اسمع فقط ضجيج الناس والمركبات وهسيس الكائنات في الرواية واطلب من الجرسون كوب  من شاي بالحليب واواصل اللص والكلاب  ثم كوب من الشاي بالنسكافيه ، وبعدها ارفع رأسي احس بدبيب صداع في الرأس وتقلص  عضلة العنق فأغلق الرواية وارعى  ببصري زوايا المكان ، كانت الساعة الواحدة ليلا لم يبق على الفجر الا القليل ، دفعت النقود ورحلت من المكان ثقيلا بتلك الكائنات التي اعطبتها الثورة بذلك القائد الذي رفع شعارات لم تجن  هذه الامة منها سوى النزيف والفراغ ، هل كان محفوظ يتوق كي يصف امته بالكلاب وقائدهم المفدى عبدالناصر  باللص ، اوافقه على هذا التأويل لكن من يوافقه على وصف امته بالكلاب ، وهو وصف اكثر حميمية وتألقا ووفاء ، كم من كلب انقذ صاحبة من لحظة فاضحة بالنهاية ومات دونه ، هل يستحق المصريون وصف بهذا المثال ربما محفوظ رفعهم الى منزلة لا يستحقونها بحال  0
***

ذات صباح قدمت وحيدا كعادتي دائما،  احمل بعض فاكهة ، في الطريق الى الداخل كانت تقبع على الكونتر فتاة  تجلس على كرسي دائري  لا اراه انما خمنت بتلك الاستدارة التي تثير شيء ما في صدري  قالت لي    كالجنرال  : ممنوع الفاكهة بالمستشفى لا تستطيع الدخول وانت تحمل الفواكه ضعها   في الخارج وادخل دونها،  ونقرت بقلم كانت تحمله بيدها اليمني على اللوح الخشبي  هكذا بكل صلف وعنجهية ،  حاولت ان ادخل عليها بطرق شتى ان اشرح لها الموقف لكنها صمتت كالبكم وردت من طرف انفها الافطس : اوامر000 مرحبا اوامر  نحن جديرين حقا بهذه المعامله الفضة  المضمخة برائحة الغضب السافر في كل ارض  مجبولون على الرض حتى من النساء 0 
***

ظلت فلسطين في الغرفة رقم (5) ثلاثة ايام دون كشف ، ربما رأوا ان حالتها كانت ميؤس  منها(hoplesscase) ،  وطافت في الذاكرة طرق ملتوية بالشتات ، اوغاد وخنازير وليل كثيف  العتمة  ابكي فيه وحيدا من غير  كأس او صديق  ، تذكرت في بهجة لها رونق يشع جلالا كصقيل المرايا المتكسرة الزجاج طبيب الاطفال بمستشفى عبري  الطويل ليس في المهنة طبعا قال لي مارايك ان نريح هذه الطفلة بالموت الرحيم من هذا العذاب ، نظرت في عينيه بعمق ربما رأيت ضحايا كثر ملقاة الجثث  ، من لا شفاء له معكم  تذيقوه  بهذه الرحمة ،  يالي من رجل محظوظ وانا طريح الفراش لا اقوى على الشتم  امام  هؤلاء العمالقة مستعذبا طعم الموت الجميل على يديهم ، دحرجت قدماى الى الممرضات وسألت  عن الدكتورة ابتسام  قالوا ان لها مواعيد كثر وغدا صباحا موعد الكشف على الطفله، هناك في داخل حجرة الطبيب التقيت بالدكتور عباد اخصائي اطفال ايضا كان جزائري الجنسية تحدثت معه قليلا وكان بودي ان اساله عن نزيف الجزائر عن دم المراق على عتبات البيوت وفي النوادي والحانات بمختلف الطرق ، لكني صمت وبدا اكثر اشراقا ، وتمتم   قائلا :  لا  تفقد  الثقة بالله ، من عادتي دائما الا افقد ثقة بالله  اما  في امثالكم والذين  قدموا بك  في هذا المستشفى فثقتي بهم معدومة ومطروحة في برميل  النفايات  ، نهضت  حتى لا يزعق شيء بدأ يتخلق في الداخل وعدت الى الغرفة  ، والشمس تصرخ بالوهج في الخارج 0
***

وجدتني ادلف مطعم مستشفى  الجامعة كانوا اكثرهم متحلق حول شلته  يغرقون في النميمة الباهية في كل وجه ،  فتاة تمسك بنقالها وتخاطب احدا رافعة بصرها الى السقف تحاول ان تحلق بعيدا من نشوة الحديث، ستحلقين اعدك   ستحلقين في الزرقة ذات اصيل احمر بلون شفتيك  ، اخريات يتحلقن حول  طاولة عليها كوؤس الشاي الطافحة بالحليب ، ظلمتهم ربما يحلمون بأختراق الافق نحو المريخ ، او على الاقل ملامسة الحداثة في زيها الغربي ، سلمت ، السلام عليكم ورحمة الله ، هذا السلام الذي ادلقه اينما رحلت هل تظن نفسك في القرية 00  مقنيات بعيدة عنك مئات الكيلو مترات  ، ايها الريفي الفلاح الذي تفوح منه رائحة القمح والسدر ، ارتكن على احد الطاولات انت لا تعرف احدا ، هؤلاء المدنيون اهل المدينه لا يخاطبون الا من كان ذا شأن ويقفون له في تبجيل حقير لا ترتضية عاهرة ،  على  اليمين مباشرة من الباب نظروا الي بأستخفاف طلبة الطب اعرفهم  جيدا من زيهم الابيض ،  لم يردوا السلام لم المح سوى تلويحة تشي بالدونية  ، تحت قدمي العرجاء بهجتكم  انكم لا تساوون شيئا اذا وضعتم  جميعا في الميزان  كفته الاخرى الراجحة بكم لا تعادل رجل كمحمد شكري تعلم الابجدية في سن العشرين  0
***

في صباح الغد اشرقت الشمس رأيت  الاشعة تخترق زجاج  النوافذ وترتطم بالعمارات والاسفلت ،  رأيت الضوء يتزحلق على الجدران ثملت بالضياء الجديد وحلمت ببحر ازرق اغرق فيه واغسل درن هذا الحزن الضاج في الاعماق بألم ، هذا المنظر المأخوذ بهذه السطوة في  الحنين ، كأني ارى الشمس تشرق لاول مرة ،كأني اطلب الفضاء ان يشاركني في هذه المأساة ، قلبي يتعذب لمرأى طفل يبكي ، فكيف بطفلتي التي تشرق بالبكاء في الصدر ، وبقيت وحدى الغرفة خالية الا من بقايا روائح الليل اللزجة ابن عمي الى دوامه والاخرون تفرقت بهم السبل  ، نزلت الى  مقهى  مجاور تناولت فطيرة بالبيض والجبن ودلقت في جوفي كأس شاي الحليب اخرجت من جيبي نقود الصقتها على طاولة المقهى ، ومضيت بالسياره  اعبر الطريق  حتى وصلت المستشفى ، منزلقا  في ممراته ، كان ذلك المنحدر المبلط  الذي يقودك الى الداخل امشي فيه على مهل خشية  التدحرج  وعلى اليمين كانت  مصابيح  بيضاء مضيئة يحملها معدن فضي حتى آخر  الطريق  ،  حيث اقسام الاطفال موزعة اللون حسب الحالات  الموشى حيطانها   بالتلاوين والصور والارقام 0
انتظرت قليلا في الغرفة رقم (5) وطلت علينا الدكتورة ابتسام برفقتها عباد واخرى طبيبة عمانية لم اعد اتذكر الاسم انما  كانت تبدو اجمل من الاخرى حلاوة العينين وقسمات الوجه  الوردي  والجسد  الذي يشبه غصن  ريان   ، جلست الدكتورة  على الكرسي قبالتي تسألني  والزوجة عن ارث العائلة لهذا المرض ، لو تعلمين ارث هذه العائلة كم يكتم على صدري واود  لو  القى به في شعاب الوديان لتجرفه السيول الى البحر ، امسكت الدكتورة بالقلم والورقة وظلت ترسم فيها مخطوط مندل الذي يعيدك  انت  ونباحك  الى اصلك الاول 0
***

في المساء الساجي  بالغروب الساطع بأسفار بعيدة ، هذا  الغروب اللاسع  الذي يضح منذ زمن بعيد بلون الذهب المشرب بحمره ، على  الازرق الذي يقوض كل زمن على ركبتيه ويطويه تحت موجه القاصم قارضا جبروت الضياء من شمس بدا عليها الرحيل في لون  الخريف   وتخضب  الشفق وردا يقطر  في خجل ، جلست على كرسي  في الرمل قبالة البحر ، على الطاولة كوب نسكافيه بالحليب ، ، كانت امواجه تلطم الرمل ويتخثر زبده الابيض على الشاطيء ، بحلقت في السماء رأيت الغسق يكور ظلامه فيها  كسحب سود ، الماضي  الذي  ينهمر  في هذا المساء  الباذخ بالذكريات   كسيل دافق  يطرق الباب  بينما النوافذ مفتوحة على الوديان  ، ذلك الجبل الذي يشهق في الماضي رابضا تحت سدرة النبق ظلال رعيان  رحلوا في الاقاصي  اسمع ثغاء اغنام في الطرقات وفتاة تحمل جحلة  الماء يتدلى عقصها الحريري  كذيل الحصان ، اشعلت  سيجارة ونفثت دخانها في البحر  متذكرا صباحا موجوع  كنصل يخترق  القلب  نزيف الحنين   بلون الغياب  0
***

عدت صباحا الى المستشفى مكللا  بالسواد لكن  النهار كان يسفح ضيائه في الشوارع واشجار مسقط تنوس  بهفهفات الرياح يصعد في غصونها زقزقة الطير من غصن لغصن ، خرجنا بالطفلة من المشفى المزدحم  بالمرتزقة الباهظ كادره  بالقحط والخواء  ليس فيه غير جدر تتفجر بالضوء وصقيل  الرخام كالمرايا تلمع  في الممرات ،   عائدين بها الى موت اكيد ، انا الذي ظللت اتحامل على نفسي من الانهيار امام الزوجه لم استطع الرضوخ للرجولة الغبية التي لا تعترف بالدموع ، وتسربل شيء من الدمع تحدر  وانا انظر اليها ،  فلسطين الصرخة وفلسطين البكر و فلسطين التي تحترق ، حين عدنا في الشوارع كانت تمطر بالقطرات ، والزوجه فرحة بطفلتها،  كان الشارع خالى الوفاض من غير ازدحام ليس غير الداخل يفيض بالازدحام وليل كثيف  العتمة  سأبكي  فيه وحيدا من غير  كأس او صديق0
***

توفيت فلسطين هكذا دون سؤال، رحيل زاخر بالعذابات  ودفنت في المقاطع مقبرة السلاله على رأي   سيف الرحبي كان قبرها الصغير كدمعة  تسطع  في الافق غيمة جرح وبكاء 0




الحصن الاسود
مجموعة متنوعة
الصَـفَـاع

من يقرضني ثوبا ... يستر ...
أبجديات للحــــــــزن
صورة لسلالة جساس
لا مجد للجنـــــــــــرالات
رثـــــاء لرجـــل ...

الحصــــن الأســـــود ...
الحســـــــــن ...
سمـــاوات
نشيد الاشرعة
نهيـــــق

الشعراء الدواوين القصائد

Powered by: kahf diwan Version 2.1.0 Copyright ©1999-2025 www.alkahf.net