Deprecated: Function ereg_replace() is deprecated in /home/alsultanah/public_html/story/init.inc.php on line 55

Deprecated: Function ereg_replace() is deprecated in /home/alsultanah/public_html/story/init.inc.php on line 56

Deprecated: Function split() is deprecated in /home/alsultanah/public_html/story/functions.inc.php on line 268

Deprecated: Function split() is deprecated in /home/alsultanah/public_html/story/functions.inc.php on line 271

Deprecated: Function split() is deprecated in /home/alsultanah/public_html/story/functions.inc.php on line 271

Deprecated: Function ereg_replace() is deprecated in /home/alsultanah/public_html/story/members.php on line 227

Deprecated: Function ereg_replace() is deprecated in /home/alsultanah/public_html/story/functions.inc.php on line 29

Deprecated: Function ereg_replace() is deprecated in /home/alsultanah/public_html/story/functions.inc.php on line 29

Deprecated: Function ereg_replace() is deprecated in /home/alsultanah/public_html/story/functions.inc.php on line 29

Deprecated: Function ereg_replace() is deprecated in /home/alsultanah/public_html/story/functions.inc.php on line 29

Deprecated: Function ereg_replace() is deprecated in /home/alsultanah/public_html/story/functions.inc.php on line 29
المجموعات القصصية للسلطنة الأدبية
  
 

قسم قصص متنوعة
جميلة ... وأشياء أخرى
تاريخ الإضافة: 12/09/2009 رشح | إهداء

جميلة ........... وأشياء  أخرى 
 
1- ( أرز )
 
في الصورة الثالثة التي رسمتها  "جميلة"  كانت إحدى المرأتين تحاول فصل التراب عن حبات الأرز فيما تقف الأخرى على رأسها باكية.، أشارت "جميلة"  إلى المرأة الجالسة بجانب حبات الأرز ومن ثم وجهت إصبعها إلى نقسها وقالت
- جميلة .
 ثم انتقلت إلى  المرأة الواقفة وضمت إصبعي السبابة في يديها ،عرفت النسوة أنها تتحدث عن زوجة أخيها
في البداية وعلى التراب رسمت " جميلة"   أمام جارتها وجه رجل مقطب الجبين يرمي  صحن الأزر المعد للأكل إلى التراب ومن ثم قالت بتعثر
- سعيد .
كانت في عصر ذلك اليوم انضمت إليهن في جلستهن ، كانت  مبتهجة أشارت بإيماءات جسدها وأصابعها ووضعت أصبع السبابة على جانب رأسها في إشارة منها إلى أنها تملك عقلا كبيرا، ثم عادت وأشارت إلى جهة قلبها ففهمن منها أن تملك إحساسا قويا . وأن إحساسها ذلك أبعدها  عن الجوع في يومها هذا .
عادت "جميلة"  ورسمت  وجه امرأة يطل من الباب الموارب تنظر دون اكتراث  إلى  صحن الأرز المعفر بالتراب وأشارت "جميلة" إلى المرأة في الصورة  وقالت بتمهل
- ماما .
سارت جميلة خطوتين إلى الأمام وبعدها  رجعت تضحك .كانت "فاطمة " تعرف  ما تحكيه جاراتها  بإسهاب،  تذكر كيف  رفعت "جميلة " أمامهن يدها بالشكر إلى السماء وقالت بتمهل
-         الله
كانت "جميلة في يومها قد عادت من المزرعة التي تعمل فيها  في قطف الطماطم ، في  سرها حمدت الله كثيرا بأن والدتها لم تقفل الباب ، أنزلت صندوق الطماطم التالفة من على رأسها  خلعت نعليها ووضعتهما في يدها ، سارت على أطراف أصابعها ، وبتمهل دخلت المطبخ ، بالهدوء ذاته أغلقت الباب خلفها ، من النافذة الصغيرة التفت إلى غرف الدار البعيدة نسبيا عن موقع المطبخ ،نظرت إلى النعل المخلوعة بجانب باب الليوان  عرفت أن أخيها " سعيد "  لم يحضر بعد وأن الجميع مشغول بأمر ما في وقتها  ، بحذر فتحت قدر الطعام ، كان منظر الأرز مغريا ، أحضرت طبقا وبالملعقة الموضوعة على القدر سكبت لها مقدار ملعقتين من الأرز ووضعت قطعة سمك فوق الأرز،سوت مكان الفجوة في قدر الطعام  بأصابعها، حشرت لقمة كبيرة في فمها شعرت بحرارة الأرز تلتصق بسقف حلقها ، زمت الشفتين وأخذت تنفخ ، خرجت مسرعة بطبقها ، اندست في زريبة الماعز وجلست تأكل فيما كانت الأغنام تتجاذب بينها صندوق الطماطم التالفة .
 
(في غرة محرم ومنذ عامين مضا ، كان كل ما أيقنتْ  " فاطمة " أنها تذكرته - دون لبس-  عن "جميلة"   أنها لم تعد موجودة الآن ،لم تعد تدقق أن كانت ماتت أو اختفت أو تلبست بالجن أو أخذتها الجبال إليها ، لم يعد يهمها ذلك كثيرا ، كان فكرها يقف عند نقطة أن تلك الفتاة التي كانت تعتبرها صديقتها وظلت لسنوات  تعتقد أنها تعرفها كما تعرف راحة يدها ، وجدتها ذات صباح منذر بالمطر تضعها في حيرة أمام ما قيل وشوهد منها ،تختفي إلا من بعض الكلمات التي بقيت معلقة على الألسن الناس ونظرات عيون النسوة اللائي شهدن رحيلها . .
 في تلك الأيام لم تكن "فاطمة " لتعود بذاكرتها إلى المواطن البعيدة التي تشغلها جميلة أو تستمع إلى كلام جارتها إلا عندما رأت صورة مصغرة من جميلة تدب على الأرض وتلا ذلك سماعها لصوت ينادي الطفلة
-         جميلة ، جميلة .
عرفت أن أهل جميلة عادوا من بحثهم الطويل عنها والذي أخبروا أهل القرية عنه وأنهم أصبحوا مجددا من جيرانها   ـ وأن الصورة المصغرة لجميلة أتت كوحمة في تكوين ابنة أخيها  الصغيرة ).
 
 
 
                                            2- ( جوع  )
 
كان "سويدان"  قد شد على عصاه الغليظة واتجه إلى بيت "جميلة " طرق الباب مرة وفي الثالثة ضاعف الطرق ، وعندما انفرج الباب عن وجه " أم جميلة " قال مستندا إلى الباب
-         أنا رجل ما أصبر عن حرمة في بيتي وفي فراشي .
في ذلك اليوم رفضت "جميلة " أن تغادر زريبة الغنم ، كانت صامتة وترتجف متشبثة بتراب الزريبة وتردد بين من أصواتها غير المفهومة
-         سويدان – لا .
من جهته أشار"سويدان "  – بعد أن تزوج بأخرى -في  كلامه أن جميلة امرأة لاتسمن لا تغني رجل مثله من جوع .
فيما عادت هي تصرخ هي
-         - سويدان – لا .
 
 
 
( كان سر الأسرار الذي دارت به جميلة وجهها بحياء بعد أسبوع من زواجها واكتفت بالإشارة إلى ألم يغشاها بشدة في منطقة أسفل البطن ،قالته " جميلة " بأسلوبها  رسمت خطوطا كثيرة وعميقة في التراب ، ومن الخطوط العميقة رسمت نهر دم صغير يجري ، ومن ثم أشارت  بحركات جسدها عن جروح كثيرة في تلك المنطقة والتي  أقعدتها مريضة وطريحة الفراش في بيت أهلها مدة جاوزت الشهر ،وفي الأيام التي زارتها فيها "فاطمة " كانت تردد بين حركاتها المتألمة بصعوبة
- كلب .  
وعندما قدمت لها أمها نصيحة ضرورة العودة إلى زوجها في أقرب وقت ، كانت آذان " جميلة"  قد تحولت طين أصم  ، وكمحاولة للفهم ألحت أمها بسؤالها حول ما حدث معها
-         ويش سوى سويدان معك ؟
تصمت "جميلة " تعود أمها بقولها
- سويدان يعرف في الحريم ،هذي المرة الأولى ، بتشوفي المرة الثانية راح يكون أحسن .
أغضت "جميلة " طرفها ، بقي سؤال السراب دون إجابة إلا انفجرت جميلة في وجه أمها ووجه فاطمة وأشارت بوضع يديها بمسافة عن بطنها ثم حركت  إصبع السبابة بعلامة نفي كبيرة في إشارة قاطعة كل أمل من زوجها ، فالرجل لم يكن قادرا على جعل بطن أي امرأة ينتفخ أمامها . ومن بين دموعها رسمت جميلة في الفضاء شكل مشوه المعالم ومن ثم سددت إليه إصبعها سيف حاد وقالت
-         سويدان ....موت .
 
 
 
 
3-( جن )
 
 
انتقال  " جميلة " إلى عالم الجن كانت شائعة أججتها أمها وصدقها الناس على مضض ، كانت الشائعات تفوح من ذلك البيت دون توقف ، وكانت كل الشائعات تدور حول " جميلة " ،شائعة تحول جميلة إلى جنية  ، من ثم شائعة حبلها من الشياطين وخاتمتها كانت شائعة الرحيل المزعوم للبحث عن جميلة بين الجبال التي روج أنها أخذت إليها ،  حدث ذلك في الشهور الأخير التي سبقت  موت جميلة وما بعدها ، ففي كل صباح كانت أمها تسر للنسوة للزائرات  لبيتها  أن حال"جميلة "  يتغير،فمنذ فترة أصبح بطنها ينتفخ أمامها ثم يعود للضمور ،في لحظات  كانت تصبح مرحة وفي وقت آخر تعود للهذيان ،بتوتر  أسرت أمها إلى " فاطمة " أنها لم تعد ترى دم " جميلة"  الشهري ينساب من بين ساقيها ،وقبل يوم من غياب أو موت "جميلة" ، ردت " سويدان"  من على بابها قائلة له
- البنت أخذها الجن ، طلقها .
 
و أعلنت أن هذه ليست أبنتها وأن الجن استبدلوها بواحدة منهم تشبه "جميلة"  وتحقيقا لذلك قامت بموازنتها بكمية من الملح أمام نساء القرية ، انتظرت بتوجس طلوع صباح يوم جديد، وعندما وجدتها ملتصقة بقطعة اللحم الحمراء أعلنت أن الجنية ماتت وأن "جميلة " هائمة في الجبال وبدأت رحلة البحث عنها-  حاملة قطعة اللحم الحمراء لتردها إلى أهله من الجن - والتي استمرت عمرا أنسى الناس "جميلة" وما جاء منها . "1"
 
(في تلك اللحظة كان وجه جميلة الطازج في خضم تلك الأحداث ما يزال طريا في مخيلة " فاطمة "  ورائحة جسدها العنبري المعفر بروث الغنم والمشدود بقوة إلى بكاء قطعة لحم حمراء أكثر حضورا .وفي ذلك المساء كانت " جميلة"  قد حفرت لها حفرة  في زاوية الزريبة  وتوسدت ساعدها فيما القطعة اللحم الحمراء والصغيرة تبكي باحثة عن حلمة الثديين اللذين ظهر عريهما مفعما بالحياة في وقت ذوت  فيه أعضاء جسدها الأخرى .
 
وضعت " فاطمة " يدها على خدها تفكرت ، بعد عام من ذلك ،كان الإحساس بأنها ستفقد شيئا عزيزا عليها يتضاعف مع الأيام ، في لحظتها لم تخبر الشاب الجالس أمامها عن "جميلة " .كانت نفسها مطمئنة أن الأشياء الصغيرة التي حدثتها عنها " جميلة " أرادتها أن تكون سرا وأن موتها أو اختفائها كان الدلالة الوحيدة التي قطعتها بها البوح حول حياتها .
و بانفعال غير محسوب الجانب كادت أن تجيبه عندما سألها
-         كيف صارت أمي من الجن ؟
كانت "جميلة " نفسها جنية صغيرة تنتقل من بيت إلى أخر مرتكزة على " أم مبارك " . )
 
  
 
                                      5- ( نار )
 
في هذه الليلة سحبت " جميلة"  فراشها من زاوية الغرفة التي كانت تتقاسمها مع أمها وفرشته أمام الممر لتلك الغرفة ، " جميلة"  التي أصابها الأرق في ليلتها كانت تعرف أن هذا الأمر لن ينتهي فهو يتكرر كما يتكرر حدوث الليل والنهار ، انه الزوج الرابع لأمها بعد أبيها ، كل واحد منهم يسكن معهم عاما يزيد أو يقل حسب مزاج أمها في وقتتها تترك "جميلة " الغرفة ولا تجد لها مكانا تنام فيه إلا الليوان أمام الغرفتين في البيت ، كانت "جميلة " وفي الليالي الكثيرة تشاهد أخوها يمر أمامها يقف بداية عند غرفة أمهما ، كان صوت الهمس والضحك المكتوم غير مستور واضحا يبتعد عن الباب خطوتين ثم يعود ويلتصق به ، يكور يده وفي تلك اللحظة تصدر من خلف الباب ضحكة ماجنة وأصوات متداخلة ، ترى " جميلة " أخوها يسرع الخطى إلى غرفته ، يسود المكان هدوء غريب ، تتحرك "جميلة " تلصق أذنها بباب غرفة أمها تسمع الهمس الكلمات المتكسرة  كدبيب النمل ،من الغرفة الأخرى تسمع صوت زوجة أخيها مكتوما ومتألما ، كانت تعرف أنه يضربها ، ترى أثار أصابعه على وجهها  وساعديها ، في تلك الليالي لا تنام جميلة إلا عندما يهزمها التعب ، تبقى عيناها مفتوحتان ، تتردد على زريبة الغنم تنكفئ على نفسها ، تغفو لحظات وتعود إلى سريرها  ، عند تشم رائحة الفجر تراقب البيت ، تشاهد زوجة أخيها وهي عائدة إلى غرفتها بعد استحمامها الصباحي ، تطوي " جميلة " فراشها وتدخل المطبخ قبل أن تشهد خروج أمها من الغرفة .
 
(ما عن لفاطمة في أيام "جميلة " تلك ، أن الفتاة كانت تعرفها أصبحت  تفقد السيطرة على نفسها حتى يغزوها قلق محزن ، وأنها  فقدت به قدرتها  الحقيقية على تحويل الأحداث الأشد إيلاما إلى حالة فرح غير منتهي ،   اكتشفت فاطمة في جميلة وبعد تلك السنين أن عادة البكاء دون سبب والتي رافقت " جميلة "  لفترة ليست قصيرة ،كان تنفيسا لكل ما تراكم داخلها ،  وأنها كانت تنتقم من الأشخاص في نفسها ، تتهكم وتضحك على أسرتها دون فضيلة الخجل التي كانت تتمتع بها ،  ففي ذات سورة غضب عامة نقلت جميلة إلى فاطمة  ما معناه أن أمها لا تشيع من الرجال ، لقد جربتهم كلهم ، الطويل والقصير والأسمر والأبيض ، وإنها إذا ما ماتت يجب أن يدفن في قبرها رجل ، تتذكر" فاطمة"  أنها ضحكت في يومها حتى احمرت عينها ولكن جميلة نفسها بقيت ساكنة ،عادت " جميلة " إلى التراب ورسمت وجه رجل مقطب الجبين وبجانبه صورة امرأة تنظر إليه دون مبالاة ، أشارت إليهما
-         سعيد ..............ماما .
ثم أشارت إلى نفسها  وحاذت إصبعي السبابة وقالت
-         جميلة ....ماما .
وغادرت مبقية الفهم الكامل للصورتين في ذهنها .
بعد يومين اقتربت من" فاطمة " ووضعت رأسها على فخذها ، شعرت أن "فاطمة أن جميلة في إغفاءتها   قد باتت  تحلم ، ولكنها عادت  وأمسكت يدها ووضعتها على ظهرها وقالت بصعوبة
-         نار .
عادت إلى التراب ورسمت مزرعة الطماطم التي أصبحت تعمل فيها ، في وسط المزرعة رسمت رجلا طويلا مبتسم وبجانبه رسمت صورتها ، نظرت إلى فاطمة مشيرا إلى الرجل
لم تفهم فاطمة الأمر إلى أعطتها جميلة ظهرها مررت يدها على ظهرها المنتصب أمام فاطمة بتمهل وهدوء وعندما  وصلت إلى مؤخرتها وأبقيت يدها هنالك وقرصت اللحم اللين وأعادت بارتجاف وابتسام 
- نار 
 
 

4- حلم
 
 
في الصباح الباكر كانت صورة "جميلة " حاضرة ،في أذهان النساء في القرية ، كل واحدة تسنى لها –وعلى مدار الأسبوع الفائت – أن ترى جميلة كطيف مهاجر ، وفي الأحلام كانت "جميلة " ترسم وجه صاحبة الحلم ، تضحك ومن ثم تعود إلى كل واحدة شاهدت الطيف لتسر لها شيئا غير مسموع ، وفي الفجر الذي شاهدتها " فاطمة " فيه   في نومها شككت كانت  في شك من أمرها  أن تزورها بعد كل ذلك الغياب ، ولكنها هي جميلة ، بشعرها الأسود الذي إذا لم ينسدل على جبيتها فأنه طوله يفضحه على ظهرها ، " جميلة " ظهرت في الحلم كأيام " أم مبارك " ، مبتسمة وأكثر شبابا ، كان طيفها  يتلون أحيانا مع طيف " أم مبارك " يمزجان ومن ثم يعودان للانفصال ، لم تبسم " جميلة " ، قبل انتهاء الحلم كان طيف جميلة يملأ غرفة " فاطمة " ويعطرها  بشذى غريب ، ألفت " فاطمة " نفسها  تستيقظ وهي تتكلم
- رجعي يا جميلة ، أمك وسويدان ماتوا . 
 
( قبل أن ترحل "جميلة " بعامين كانت جدتي" أم مبارك " قد ماتت ، تاركة في القرية التي سكنتها فراغا لم يسده أحد من بعدها،  إلا أن القلق الأكبر في يومها ظل موجهة إلى "جميلة " التي التصقت " بأم مبارك " كثيرا ، وغالبا  ما كانت تضع رأسها على فخذ " أم مبارك " وتبدأ بصوتها المجروح تحكي  لها  وهي تمسح على رأسها ، موت " جدتي أم مبارك أضاف إلى ، جميلة " يتما أخر ذاقته رضيعة بعد وفاة والدها ،   وضاعف على بكمها  الطبيعي صمتا جديدا لم ينفك إلا عندما بدأت " فاطمة " الاستماع إليها وفك كلمات ما تحاول قوله لها .
لاحقا وعندما ألح علي " فاطمة "  ظهور  الوجوه الجديدة من أهل  جميلة أمامها  لم تتمكن "فاطمة " من تنظيم الأحداث التي جمعتها بتلك المرأة  ،وعلى مدى تلك السنوات شعرت أن جميلة لا ترتب كحياة واحدة وإنما هي مجموعة من الحيوات الممتزجة دون فكاك يبعضها البعض الأمر الذي جعل تذكر امرأة مثلها أشبه بالغوص في لجة بحر عميق .لم تتعلم فاطمة السباحة فيه .
ولكن الموقف الذي وجدت نفسها فيه حتم عليها باعتبارها الأقرب إليها منذ ما يزيد عن العشرين عاما "أن تحكي لقطعة اللحم التي رأتها تتحرك بصعوبة في ذلك اليوم والذي جاء مقتفيا أثر امرأة اشتعلت بالغربة حية وميتة .
 
كان ابن جميلة لا يشبها إلا بالشعر الأسود الكثيف أما العينان فكانتا منكسرتين بشكل لافت ، في المرة الأولى وعندما صادفته في الطريق منعها الغبش حول عينيها من تبينه وعندما اقترب منها وقبل رأسها ويدها قال بصوت منخفض
-         خالتي أنا ولد  جميلة .
لم  تستوعب أن يكون لجميلة أبناء لا يتحدثون بأيديهم وأجسادهم ،كادت أن تنكر صلة هذا الشاب الواقف أمامها بصورة تلك المرأة المعلقة في ذاكرتها ،  تذكر أن جميلة كثيرا ما ثنت لسانها وأدخلته إلى داخل فمها حتى كانت  تظن أنها ابتلعته تماما ولم يعد لها لسان .وبحركة لسانها تلك  كان الشعور الذي نقلته إلى " فاطمة "  أنها  تحس بالوحدة ، تلك الوحدة التي تلهي العالم عنها  ، صمت الكلام في فمها كان كبيرا للدرجة أصبحت فيها تألف زريبة الأغنام وتجلس معها ،تتكور و تصمت " جميلة " في زاوية من الزريبة ، وتراقبها الأغنام بفضول ، تسمع ثغائها ومن ثم تألفها وتصمت.
السؤال الذي أبقته جميلة معلقا كناقوس يقرع كل يوم فوق رأسها هو سر الفتى الذي كان  واقفا أمامها وودعها بابتسامة ملأت وجهه . 
كانت ستسأل عبر السنوات الماضية من أي أتيته به ؟ كان ذلك هو السر الوحيد الذي حملته " جميلة "  إلى الغياب ، في زمان كانت تتقاسمها الأسرار كما تتقاسم معها  الكلام المنقوص والطعام ،
في المرة التالية تربعت " فاطمة " أمام ابن جميلة أنست شيئا من صمت أمه ، تفحصته كان وجه الشاب محايدا لا يحمل إلا علامة فارقة لأي رجل من أهل القرية  قالت بعد تفحصته .
-         يكفيك تعرف أن أمك حرمة طيبة .
نكس رأسها في لحظتها شعرت فاطمة أنه يتجسد في أمه ، كانت جميلة في مثل عمره عندما أتت ملهوفة ، رسمت صورة رجل وامرأة متعانقان وسط حديقة كبيرة ، أشارت إلى فم  الرجل وضمت-  أمام عينيها-  إصبعي السبابة والوسطى ومن ثم أشارت إلى جسدها الغض وقالت بتعثر فرح . 
-         حب  . 
هدنت كل الأصوات من حول " فاطمة " ، في المساء كانت تفترش حصيرها ، استقرار جيرانها أعادت إلى البيت العتيق شيئا من الروح التي أفقدتها منذ عشرين عاما ، في المرات القليلة التي قطعت فيها الطرق  التي سارتها مع " جميلة " أحست أنها مازلت  تحتفظ بشيء من الأسرار التي جمعتهما  ، وأن بعض وجوه البشر تتذكرهما كجسدين قريبين من بعضهما البعض  ،في أحد الصباحات تمهلت " فاطمة "  وهي تقطع أحد  دروب  القرية الموحلة في هذا الوقت من العام ، اجتازت " فاطمة " سكة ضيقة ، تلوثت قدمها بالطمي الرطب ، غاصت في نفسها  عندما رأت جسد  "جميلة " الصغير يفلت من بين يدي أمها ويجري ممسكا بعود في يدها لتخط وجه الأرض بخطوط متباينة . 1- عادة يقوم بها الناس قديما عندما يلاحظون تغيرا في أحد أبنائهم لاعتقادهم أنه تم استبداله من قبل الجن . 
 
 
 
 
 



قصص متنوعة

حب ....خرافة ....بحر
سأخون ذاكرتي
حكايتي اسمها مريم
القايمة
شيء من رمضان

بيت البرزنجي
سأخون ذاكرتي
حكايتي اسمها مريم
القايمة
الجدة فاطمة

الشعراء الدواوين القصائد

Powered by: kahf diwan Version 2.1.0 Copyright ©1999-2025 www.alkahf.net