• ×
الأربعاء 1 مايو 2024 |

كتاب يجعلك تحب اللصوص !

0
4
1397
 
كتاب يجعلك تحب اللصوص !
للكاتب : سليمان المعمري


من الكتب المهمة والتي لا يعود المرءُ هو نفسَه بعد قراءتها كتاب \"صحبة لصوص النار\" الذي ضم باقة من حوارات عميقة في الثقافة والأدب والحياة أجرتها الشاعرة اللبنانية جمانة حداد مع نخبة من أهمّ كتاب العالم اليوم ، أمثال امبرتو ايكو وجوزيه ساراماغو وايف بونفوا وبول اوستر وباولو كويلو وبيتر هاندكه وماريو فارغاس يوسا والفريده يلينيك وريتا دوف وغيرهم ... وفي رأيي المتواضع أن سر أهمية هذا الكتاب يكمن ليس فقط في أهمية المُحاوَرين ( بفتح الواو ) بل أيضا للمحاوِرة ( بكسر الواو ) التي هي أيضا صحفية ثقافية لامعة في صحيفة النهار اللبنانية ( حيث أجرت هذه الحوارات في الملحق الثقافي للنهار ما بين عامي 2003 و 2005، ونال بصورة خاصة الحوار مع الكاتب البيروفي \"ماريو فارغاس يوسا\" جائزة الصحافة العربية لسنة 2006.. ) إذ قدمتْ بهذه الحوارات لكل المشتغلين في الصحافة الثقافية درساً بليغاً في المهنية والعمق والثقافة وعدم إهمال التفاصيل الصغيرة ، وقبل كل هذا التعامل مع المهنة بحب لا كوظيفة لكسب الرزق .. فهي لم تكتفِ بإلمامها بسبع لغات عالمية ، بل أنها أيضا درستْ كل كاتب قبل محاورته دراسة عميقة من خلال قراءة جميع مؤلفاته وحواراته ، بل وكل تفاصيل حياته .. ولا أظن أنه من قبيل الدعاية المجانية ما كتبه الناشر على الغلاف الخارجي للكتاب الذي صدر بطبعتين ( عن دار النهار اللبنانية ، وأزمنة الأردنية ) من أن الحوار تحول في \"صحبة لصوص النار\" إلى وثيقة أدبية مرجعية تضاف إلى جملة الأعمال التي أصدرها المؤلف موضوع السؤال والجواب ، لأنه كما يقول الناشر - : \" ليس حواراً صحافياً بالمعنى الترويجي الذي يبتغي الحصول على أجوبة تعليمية أو توضيحية، وليس لتسويق مادة أدبية وإغواء القارئ بمضمونها. إنه حوار معرفي ينطلق من العلاقة الثقافية الندية بين السائل والمجيب، ليطرح أفكاراً، ويكشف خيوطاً وأوراقاً خفية، ويلقي الضوء على مكوّنات أدبية وفلسفية وإنسانية ما كان ممكناً استعراضها والاستفاضة في جعلها على مائدة النقاش لولا الجدية العلمية التي تطبع الأسئلة بالطابع الثقافي والمعرفي \" .. جاءت الحوارات ثرية لأن جمانة تعي أهمية كل سؤال تطرحه ، تقول في مقدمة الكتاب : \" كل سؤال بداية لعاصفة. كل نقطة استفهام سهمٌ ، سهمٌ مسنّن وشجاع يوجّه إلى رأس \"الآخر\" / الكاتب. سهمٌ ينبغي أن يعود إلى السائل مثقلاً بخيانات البوح\".. ولأنها أيضا تعاملت مع كل حوار من هذه الحوارات على أنه \"زيارةٌ تقوم بها إلى عقل الآخر وقلمه وروحه وحياته ومزاجه، وربما مكبوتاته ولا وعيه\".. ومن خلال اللقاء بهؤلاء الكتاب قيض لجمانة حداد التعرف على تفاصيل \"جوهرية وحميمة\" كثيرة عن حياتهم ، رَوَتْ أو نشرت بعضها واحتفظت بالبعض الآخر .. وهي لا تكتفي بعرض الحوارات بحيادية وترْكنا لنتعلم منها بطريقتنا ، ولكنها من خلال مقدمتها تحرص على تبيان بعض التفاصيل المُعِينة لنا على فهم هؤلاء الكتاب .. وتقول إنها تعلمت من كل واحد منهم شيئاً واحداً جديداً على الأقل : من بول أوستر : \"كيف تكون الكتابة هوية\"، ومن أمبرتو إيكو \"النهم واتساع الأفق\"، ومن بيتر هاندكه \"فضائل الانسحاب من الحياة العامة\"، ومن باولو كويلو \"الإصرار على الحلم حتى عندما لا نصدقه\"، ومن إيف بونفوا \"التواضع والبساطة والحنان\"، ومن أنطونيو تابوكي \"الإيمان العنيد بالمصادفات\"، ومن نديم غورسيل \"دفء الحس الإنساني\"، ومن الفريدة يلينيك \"شراسة الصدق\"، ومن مانويل فاسكيث مونتالبان \"عشق الحياة الإبيقوري\"، ومن ريتا دوف \"معنى بناء الذات لبنة فوق لبنة\"، ومن الطاهر بن جلون \"الشفافية والتقشف\"..

وإذن ما أجمل معرفة ومصاحبة هكذا \"لصوص\" ! .