• ×
السبت 27 أبريل 2024 |

بين سنة .. وضحاها

0
0
2609
 سما..و..ات

(1)
تمر السنون كظل، تتنفس أوجاعنا، تعيث فسادا في أحلامنا، ولا نكاد نستظل حتى تذهب بها شمس الحياة، بعيدا، حيث لا عودة، هكذا نأتي محملين بالأمل، محاولين أن نجد ما تبقى من أشلائنا، ننفض عنا غبار السنوات، ونبوح لأشعارنا بالكلام المخبأ بين أضلعنا، تلك الكلمات التي ما عادت سرا، تتوه من أفواهنا في الظلمات، ونسوقها حيث تنام القصيدة، ملأى بأشباح لن نراهم، وصلوات تخنق الغيم، وتراوح مكانها، هكذا هي الأيام، حين لا ندركها سوى في اللحظات الأخيرة.

(2)
تطوي الأيامُ الأيامَ، تسحبها من أمام أعيننا، وتغادرنا كقطارات محملة بالألم، والحلم، ننزل من عرباتها في المحطة التالية، والتي قد لا تكون هي ذاتها التي نريدها، ولكنها الرحلة القسرية نحو النهايات، رحلة لا تنتهي حتى الرمق الأخير من الكلام، هناك حيث تشخص أبصارنا نحو اللاشيء، ونتوق لحمامة بيضاء تهدينا البر الآخر، حيث تفترش أغصان الزيتون الذابل، وحيث تكون رحلتنا الأبدية.

(3)
كم من أحباب نودعهم، يذهبون ولا يعودون، فنبقى وحيدين في وهج الشمس التي تصهر حلمنا الصغير، وتدس أصابعها الحارقة في جيوب الرحيل، لتنزع عنا كل أقنعتنا التي لبسناها سنينا طويلة حتى كادت أن تخفي ملامح وجوهنا الحقيقية، ونصبح نحن وأقنعتنا جزءا واحدا لا ننفصل..
لعل الأقنعة أصبحت أكثر إقناعا منا!!.

(4)
رحل عام، وأتى آخر، ونحن كما نحن، شظايا مبعثرة في ريح الغياب، نحاول أن نجمع شتاتنا، فلا نملك غير الدمع الذي نغص به حتى الموت، هناك حيث ترقد الجثث الخاوية على عروشها، وتنام على أريكة التراب، تنثر عظام شهواتنا في وجه الريح، وتسكب ماء الغيم على قبورنا الغائرة في كفوف السراب، نلهث خلف أحلامنا الضائعة، وحبيباتنا الغائبات، ورغباتنا المكدسة على قارعة العشق الهزلي.

(5)
كتب لها :
(لا معنى للعتاب، ولا معنى للغياب، ولا معنى للا شيء..)
فلم ترد..
لعل الصمت أصبح أكثر بلاغة من الكلمات..
رحلا..دون وداع..وما عادا إلا حين نادى الموت على أحدهما..كان لديها كلاما كثيرا لم تقله له..مات في صمت.

(6)
الأيام تتوارى خلف الأيام، ونحن نتوارى خلفها، قبل سنوات، كنّا نمسك الأحلام بأيدينا، نمارس الحياة بعفوية، نقبض على لحظاتنا الهاربة، ونعيش كعصافير لا تملك إلا شجيراتها، وظلالها.
ما عادت الحياة كما كانت، تشظّت أرواحنا، وتعرّت قلوبنا، وبقينا نشعل أضلعنا كمواقد في فصول البرد..
لم يعد للبرد معنى هو الآخر.

(7)
أيتها السنة الجديدة..ستغيبين ذات شمس، ستسكبين دمعات على رحيلك، ستمارسين غواياتك، ولكنك ستبقين مجرد ذكرى عبرت، ولن تعود، تماما كحيوات البشر، الذين يرحلون، ولا يبقى منهم سوى حزمة ذكريات، وبقايا من حنين، ما يزال معلقا على حبال الذاكرة..
هكذا هي الحياة..حين تنسلخ من الموت..
وداعا..2011 .. أهلا بضيفنا..ـ أو ربما ـ مضيفنا الجديد.

مسعود الحمداني
Samawat2004@live.com