الوجدانية في قصيدة الريح قنديل لـ الشاعر حمد البدواوي
10-16-2008 12:46 صباحاً
2
0
3586
الوجدانية في قصيدة الريح قنديل لـ الشاعر حمد البدواوي.... الريح قنديل بـيـتـك رمل يا مشعـل الريح .. قنديل=لا الصـمـت يشفـع لك وهالسور كذبه صــدرك مـقـابـر وهـم والشك إزميل=كــلٍ عــرف مـن وجـهتك كيف دربه كـانـت لـك العـتمـه مـن عيونك تسيل=وانا نـثـرت الطيـب في الـصـدر تربه لو كــان يـنـفـعـك العـتـب والمـواويل=ما كـنـت تـهـديـني مـن الشــوك حـربه ما كـنـت تـسـمـع فـيـني وشــاية الليل=تظـمى سـنـيـن طــوال والـصـدق شربه مـديـت لي جــــرح الخــيـانه مناديـل=أتـعـبتـني ما بـيـن ســهــله وصـعـبه أدري قـريـت الـطـيـن فـيـني أنـاجـيل=وأدري قـريـتـك / كـنـت للمــوت أشـبه وأدري تـفـوق إبـريل يـا كــذبة إبـريـل=وأدري تـعــيـش بـداخلك 1000 رغـبـه أنـك تـكـون إنـســان يـجـرح تماثـيـل=واكـون تـمـثـالـك وبـيـديـك لـعـبــه ما يـشـبعـك حـزني ولـو يـشـبه النـيـل=شــوف الحـنايا مــن مـواجـعـك رطـبه لـكـن وسـط هـذي الضـلـوع المـناحـيل=تـثعب جـراحـي صـبر والأرض خـصـبه واعـيـش راسـي فــوق كـل الأقـاويــل=وادري مـنـافـي الـشــعـر بالحيل رحـبه بـيـتـك رمــل ... لا تـشـعل الريح قنديل=والـعـمـر وأحــلامك والأصـحـاب كـذبه حمد البدواوي عندما تحاول الاقتراب من قصيدة حمد البدواوي الفائزه بالمركز الأول في الملتقى الأدبي الرابع عشر بـ صلاله .. تجد أن نصه كان مكتظ بـ أشياء جميلة ومُربكه .. تأخذ المتذوق إلى أعلى مراتب الشعر والشعور .. تجعله يتأمل تكوينات النص واحساسه المتصاعد .. يحزم على أن هذا الشاعر مبدع حقيقي وقادر على تقديم الجمال في قنديلٍ من ذهب .. وحدها القصائد التي كُتبت بـ عناية هي التي تأخذك لآفاق بعيدة تجعلك تستطيع الولوج إليها .. ومحاولة التقرب من جمالها العفوي بكل سلاسة و حس ... قافية العجز والتي أعطت النص ايقاعاً منسجما مع الجو العام للقصيده (كذبه دربه تربه حربه شربه صعبه أشبه رغبه لعبه رطبه خصبه رحبه كذبه ) .. نجد أن الباء والهاء إن اجتمعا في آخر الكلم .. فانهما يضيفان جواً من الحزن والمعاناه ..وهذا ما يؤكده علم الشفهيات .. فـ مخارج الحروف لقافية العجز لا تنطبق شفاهنا عند نطقها إلا على وجعٍ نشعر به كثيراً ... وهذا ما أتى منسجماً مع موضوع النص والمخاطبة المليئة بالألم لـ مشعل الريح وبيوت الرمل .. كما أن العمر والأحلام والأصحاب كذبه .. وأنا دوماً ما أركز على ضرورة انسجام قافية القصيدة وايقاعها بشكل عام مع الجو الحسي للقصيدة .. فمن المستحيل أن نضع قافية هذه القصيدة في نصاً حماسي أو وطني .. فحمد البدواوي كان ذكي في اختياره لهذه القافيه المناسبه لما طرحه من احساس ٍ غريب وجميل محزن ومربك في نفس الوقت ..مبتدأ ً قصيدته بـ لفظة \"بيتك \" والتي تلفت انتباه قارئها أو سامعها لأنها تخاطب المتذوق بشكل ملفت فـ يستمع.. ومنتهياً في قصيدته بـ لفظة \"كذبه\" التي تضفي الكثير من السكون والحزن بعد وقع الـ \" به \" على مسامعنا ..لتبقى ويبقى هذا النص عالقاً في الذاكرة بكل ما أتاه الله من شعر .. كما أنني لا أستطيع تجاوز قافية الصدر والتي انتهت بحرف اللام الذي يعطي \"وقفة\" وسكون يفصل بين صدر وعجز البيت .. وهذا ما نحتاجه بالفعل في مثل هذا النص .. خاصه وأنه أتى بـ ثقافه جميله وفكر واعي .. نص وجداني يجب علينا أن نتأمله كثيراً .. وحرف اللام الذي نجده في قافية الصدر يساعدنا على الوقوف والوقوف كثيراً لاستيعاب كل هذا الحزن والألم والفكر المكتظ هنا .. فـ نعطي كل ذا بيتِ حقه .. فـ نقول مثلاً وأدري تـفـوق إبـريل يـا كــذبة إبـريـل=وأدري تـعــيـش بـداخلك 1000 رغـبـه فـ بعد أبريل الثانيه .. نقف لنتأمل روعة هذا الشطر .. ولسان قصيدته يقف مائلاً مترنماً بالشعر في وسط شفاهنا .. ثم نعود ونقرأ الشطر الثاني بألم .. فمن الصعب أن تعيش بدواخلنا ألف رغبه.. علم الصوتيات قد وظفه الشاعر في قصيدته بكل عفويه ربما .. ليمسك بيد القارئ فيجعله يمر على قصيدته يتأملها ويقف عند روعتها كثيراً.. 2- أود أن أسلط الضوء على تكوينات النص عند حمد البدواوي .. خصائصها من ناحية و وحدتها الموضوعيه من ناحية آخرى .. ما نجده في قصيدة حمد من تضاريس وبيئة كـ [الريح الرمل السور مقابر شوك الليل الطين- النيل الأرض ] .. كل هذه المعطيات التي وردت قد أتت في سياق ٍ وجداني أقرب للرمزية بشكلٍ واعي .. فعندما نجد هذه الألفاظ الواقعيه الملموسه من حولنا والتي ربما تدل على تضاريس وبيئة القصيدة التي قد قدمها لنا هذا الشاعر .. لم تأتي في إطارٍ مباشر و واقعي بحت ولكنها أتت في نسج من الخيال مدعومة بمجموعة من التشبيهات التي شفعت لـ وحدتها الموضوعيه .. فـ لم تكن القصيدة مشتتة بكل ما أتى فيها .. ولكنها قد أتت كـ وحدة رمزية وعنصرية على الرغم من وجود الكثير من التفاصيل المطروحه مع كل بيت ..وهذا يُحسب لـ شاعر مثل حمد البدواوي حيث أنه استطاع توظيف كل هذه المعطيات بطريقة جميلة كما أنه قد وفق في طرحها بشكلٍ واعي ينم عن ادراكه التام بضرورة توظيف تضاريس وبيئة شعره مع كل ما يقدم من نصوص جميله تُضيف له الجمال والشعر الذي نبحث عنه .. مع عدم فقدان وحدة النص الموضوعيه .. كما أنني أود أن ألتفت لـ أمراً حيث أننا لو أمعنا النظر في هذه الألفاظ التي وضعتها مسبقاً لوجدنا أن الشاعر قد أتى بـ ألفاظ ٍ تدل على البيئة البحرية والصحراوية والجبلية في آنٍ واحد .. وهذا إن دل فأنما يدل من وجهة نظري على أن في كل قصيدة تخرج من روح شاعر لابد أن تحتوي على ما يمثل بيئته ومجتمعه إن كان قد يكتب بعفوية صادقه .. حتى وإن حاول ابن الجبل التجرد عن ألفاظ بيئته ... متجها للكتابة عن البحر الذي لا يعرف عنه شيئاً .. فالشاعر دوماً ما يكتب كل ما هو قريب له .. يمثله بصورة دقيقه .. فالخيال لا يعيننا دوماً في كتابة تفاصيل ما لم نعيشه ونشهد ثورته ..حمد البدواوي في هذا النص استطاع كتابة كل ما يثمل بيئته وطبيعتها المعروفه التي تجمع بين البحر والجبل والصحراء .. موظفاً هذه الألفاظ التي عكست ما أرد أن يبثه من تضاريس نصه وقصيدة مكانه ..هذا من وجهة نظري .. 3- الحس السائد في هذه القصيدة هو العتب أو النبش في الماضي .. فكثيراً ما نجد الأفعال الماضيه بين حين وآخر .. الصوت المتصاعد هو الحديث عن كل التفاصيل التي سبقت لحظة تصاعد الحزن في جو النص .. ومن ثم الاسهاب فيه .. فكثيراً ما نصادف [كانت- كنت- مديت- أتعبتني نثرت قريت ] فكل هذه الأفعال وغيرها قد أتت ماضيه لتساعد الشاعر في وصف حالة العتب والحزن الذي مر عليها .. ومن ثم الاسهاب في لحظة تصاعد الجرح والألم .. كما أن القصيدة قد أتت ممتلئة بأساليب الشرط مثل : لو كان ينفعك العتب والمواويل .. وجواب الشرط كـ ما كنت تهديني من الشوك حربه .. وهذا الاسلوب يجعل القارئ مستمتعا بتفاصيل هذه الحاله .. واسترسال الشاعر في تلاوتها وقراءة تفاصيلها بشعرٍ جميل ... وكأن آهٍ تظهر لك بين الحين والآخر من كل بيت قد غرسه في هذا القصيدة .. وأحسن العناية به .. ونلاحظ أن هناك الكثير من الحكم والمسلمات الجميله التي تنم عن فكر راقي كـ قول الشاعر : لا الصمت يشفع لك وهالسور كذبه ، وأيضاً :وأدري منافي الشعر بالحيل رحبه ،،، وكذلك :بيتك رمل لا تشعل الريح قنديل ** والعمر وأحلامك والأصحاب كذبه ،، فمن مجمل ذلك لا بد أن نشير أن الشاعر حمد استطاع ان يفوق في سرد موقف القصيدة أو الحاله النفسيه المصاحبه لها .. وادخال القارئ في جو النص بطريقة لذيذة .. لأنه بالفعل يجعلك تعيش الحزن والألم والواقع الذي تصاعد بالحسره .. ومما لا يمكن تجاوزه أن هناك خيط سميك يربط لك القصيدة بأكملها لتأتي وكأنها ريح قوية لا يشتتها قنديل ..هو في هذه القصيدة يشكي الجرح والضعف وحيلته في ذلك .. فأن كان بيت أحدهم رمل .. عليه أن يبتعد عن الريح ويلزم الصمت .. حتى وإن لم يشفع له .. وإن فضل السكوت ودفن الكثير من الأحزان في صدره القبر ... فالعتمة كانت موجودة على كل حاله ... ولكن هناك بصيص طيب ينتثر في أرض قلبه كالتربه ..هنا لا تنفع المواويل .. فهو بكل اختصار للموت أشبه ..فكل ذلك الكبرياء والفرح كـ كذبة أبريل .. التي تقف في دواخلنا تبتسم رغم آلاف الرغبات التي تسكن كل امرء فينا .. لست هنا بصدد تفسير نص حمد البدواوي .. فالتفسير يقتل الشعر أحياناً والمعنى في بطن القصيدة .. لكن ما يجب أن نقوله بالفعل ان هذا النص أتى نرجسي نوعاً ما .. وهذا ما جعل روحه أقرب للجمال.. فالقصائد التي تكتب ذواتنا دوماً ما تمثلنا بصدق وشفافيه لـ يرأنا الآخرين بعين القصيده .. ولا يمكنني أن أغفل كذلك الاحساس الذي تغرسه فينا بعض التراكيب الجميله في هذا النص وأنت تتأملها .. لا يمكن أن نترك [أدري قريت الطين فيني أناجيل] ، أو : [وأدري تفوق أبريل يا كذبة أبريل] و : [أتعبتني ما بين سهله وصعبه] هذه التراكيب تترك فينا انطباع جميل فهي سهله ممتنعه .. تجعلنا نقرأ شعر للأمانه ... | ||