• ×
الأربعاء 8 مايو 2024 |

قراءة في ديوان محمد الحضرمي \"في السهل يشدو اليمام\"

1
0
1635
 
إن شئتم قراءة ديوان \"في السهل يشدو اليمام\" بعين الحضرمي
قراءة في ديوان محمد الحضرمي \"في السهل يشدو اليمام\"
للكاتب : خميس العدوي
آفاق-الشبيبة :
* حضور للطبيعة بعلاقاتها المتداخلة .

- مدخل :


إن شئتم قراءة ديوان \"في السهل يشدو اليمام\" بعين الحضرمي لحظة ولادته فاذهبوا إلى (منح)، حيث بإمكانكم أن تقلّبوا أوراقه هناك ورقة ورقة، ستكونون رهيني الجمالين؛ جمال الأماكن وجمال رسمها، أما الإبداع بهذه العين فلا تلحظوه، والشعر المتجه نحو الأفق لن تروه، إلا عندما تتحررون من أسر المكان.

إبداع الحضرمي؛ كونه جرّد شعره في معظمه موضعة المكان وآنة الزمان، أطلق شعوره نحو السماء بما يبشر بميلاد شاعر كبير إن واصل دربه الشعري وصقل تجربته الشعورية، إطلاق الشعر من قيوده الزمكانية هو ما دفعني إلى أن أسقط شعره على مرحلة أزعم أننا نعبر إرهاصاتها ونجتاز استحقاقاتها، أستطيع أن أقول دون توجس إنه أحد شعراء ما بعد الحداثة المبدعين.

لطفاً؛ حتى لا ألبسكم نظاراتي، أو أسمعكم \"مزامير\" لم يلحّنها الحضرمي، عليّ أن أعترف أنني هنا لا أترنم لكم بديوانه، وإنما أقرأ في زعمي ما لم يبح به الحضرمي وظل كامناً تحت تلافيف وعيه ولاوعيه، قراءة تنم عن مقدار استفادتي منه في الفكرة، ومدى تأثيره عليّ في الشعور، لا أملك أدوات نظم الشعر حتى أستطيع أن أقرأه بنحو ما يقرأه الناقد الأدبي والأكاديمي، وهذا فيما أحسب من نعم الله عليّ، وإلا كنت أسير قوالب صنعت لي سلفاً، ولكنني قد أملك الشعور الذي يذكيه الشعر الصادق البسيط، وقد أفجر من العاطفة وأنحت من الفكرة ما لم يدر بخلد الشاعر، وقد لا أكون كذلك، وحظي من الأمرين أنني انغمست في ماء الشعر، ولا يسوءني بعد ذلك أن أطفو عليه أو أغرق فيه إن لم استطع السباحة.

وسر الإبداع في أي قراءة، هو أن يهيئ لك الأديب الفنان الجو لتعزف فيه أكثر من مقطوعة، وبأكثر من لحن.

إذا أحببتم قراءة الديوان فقلّبوا صفحاته، وإذا رغبتم في النظر فيما قرأت منه فعليكم بهذه الأوراق، وإذا أردتم الشعور فعيشوا مع شعر الحضرمي بعيداً عن سطوة نصوصه، اقتلوا نصه ولمّا تشيّعوه إلى قبره ابعثوا من رفاته نصاً في خَلْق جديد.

-الشعر عند الحضرمي:

الشعر هو امتزاج الطبيعة والإنسان والشعور والفكرة واللغة، فهل نجد ذلك عنده؟.

كان للطبيعة حضورها البارز في شدو يمام الحضرمي، بما تحويه هذه الطبيعة من علاقات متداخلة، يكفيكم إن شئتم العنوان فقط (في السهل يشدو اليمام)، ولكن أي سهل هذا وأي يمام، لا سهل إلا صدر الحضرمي، ولا يمام إلا فكرته، ولا شدو إلا لسانه، هنا تتجسد الطبيعة في الشاعر، ويشع الشاعر بالطبيعة.

وعندما تقرأ الديوان لا تقدر أن تمايز بين الشعر والطبيعة، وبينهما وبين الوسائط الأخرى؛ الشعور والفكر واللغة، دعونا مثلاً ننظر في قصيدته (قفّار الأثر)( ):

(1. بإصبعي أشيرُ نحو ظلِّ الشمْس

نحو رسْمِها في الأرض

يولد الظل طويلاً

فتولد الأيام والسنون.

ظلي معي،

يصحبني كبعض أحلامي كأشيائي كاسمي

ظلي معي،

مرتسماً في صفحة التراب.

2. بإصبعي أشيرُ للزمن

من رحم العتمة

يولد الصباح،

يا فالق النوى،

يا مشعل المصباح

يا مولد النهار،

في السهول والتلال،

يا قارئاً قصائد العشق من الكتاب.

3. بإصبعي أشير للحياة،

أنا هنا،

وربما كنت هنا،

وربما غدا يأتي ولا أكون،

وربما تشرقُ شمس الغد،

ربما رابعة النهار،

تأتي بلا رابعة ولا رباب).

الطبيعة هنا: \"الشمس، الأرض، التراب، النوى، السهول، التلال\".

وعلاقة مفردات الطبيعة تتمثل في: \"الأيام، السنون، الزمن، الظل، العتمة، الصباح، الغد، النهار\".

الإنسان؛ وأقصد به الحالة الإنسانية، يتمثل في: \"الأصبع، الأشياء، الاسم، والحياة\".

أما الشعور فنجده في: \"الإشارة، الرسم، الأحلام، الفلق، الاشتعال، الولادة، الشروق، العشق\".

الفكرة الرئيسة في القصيدة تتلخص في عنوانها \"قفّار الأثر\"، الشاعر يبحث عن نفسه في عوالم الطبيعة، في ظله، في نفسه، في الزمان والمكان. ولكل مقطع فكرته:

ففي المقطع الأول:

يبحث الشاعر بنفسه عن نفسه في الوجود، فهل وجد ما يبحث عنه؟ لا أظن، فهو لم يجد إلا ظله.

وفي المقطع الثاني:

يلتجئ إلى راسم صورة الطبيعة والوجود، (يا فالق النوى) (يا مشعل الإصباح) (يا مولّد النهار)، وهذا الالتجاء لم يستطعه الشاعر بنفسه فاتجه إلى من يقرأ له قصائده (يا قارئاً قصائد العشق من الكتاب).

وفي المقطع الثالث والأخير:

يبدو أنه لم يجد فيما سبق ما يبحث عنه، فيشير ويصرخ \"أنا هنا\" لعل النهار تأتي رابعته، فيرى نفسه أو يراه أحد.

وهكذا كل المقاطع الثلاثة تخدم فكرة العنوان (قفّار الأثر) الذي يعتمد على ظنه وحدسه، وعلى أثر من التجربة الإنسانية والتي هي الأخرى غير ناضجة ولا مكتملة.

اللغة هي الريشة التي رسم بها الشاعر لوحته المكونة من تلك المفردات التي ذكرتها، يبدو لي أنه استطاع أن يوظف اللغة بشكل حوّل المفردات إلى شعر يمتع القارئ ويثير شعوره وتتوهج به نفسه، وينقل إليه تجربة ثرية، يقرأ فيها الإنسان كثيراً من المعاني، والتي قد يجد فيها نفسه، أو شظايا منها.

خذ لازمة القصيدة مثلاً: (بإصبعي أشيرُ).

فأخص خصائص الإشارة لدى الإنسان هي الأصبع، وهي من يرسم، فالبهائم والجمادات لا تشير ولا ترسم، إنها حالة إنسانية محضة، والإنسان لا غيره هو من تعرّف على الشمس والأرض، وبينهما يتم الصعود والنزول بالإشارة والرسم، وبين الجرم المضيء والجرم المظلم يتكون الظل، ومن توهج النفس وبرودها (يولد الظل طويلاً) (فتولد الأيام والسنون).

هنا تصوير لحالة النفس وهي تغلي في داخلها بحثاً عن ذاتها، اشتعال يكاد يحرق عندما تثور شمسها، وبرودة تكاد تجمّد المشاعر والأعصاب عندما تظلم أرضها، وهل النفس إلا موجات ذات أوج وحضيض؟ وهل تعرف قوتها إلا من ضعفها؟ وهل يحرك البحر إلا موجه؟.

ثم إن الشاعر يرفع ضغط النفس شيئاً فشيئاً، وهو ضغط مع كونه متعباً حلوٌ لذيذٌ، (يولد الظل)، والظل من طبيعته أنه لا يدوم، فهو أبداً نازل مرتفع، ولكن الشاعر ببراعته اللغوية يسكّن هذا الظل (طويلاً) لكي تولد الأيام، هل الأيام وكفى؟، لا؛ وإنما يغادرها إلى (السنون)، إذن دعونا نقول إن نفس الشاعر لا تبرد أبداً، لكنه مع ذلك يصعقك بعنف، ليس كل هذا إلا ظلاً (ظلي معي)، ومرة أخرى يستفز القارئ، هذا الظل، ليس حقيقة قائمة، إنه حلم، حلم فقط، لا، بل (كبعض أحلامي)، هو ليس بحلم وإنما يشبه الحلم، إذاً انتهينا أيها الشاعر، اتركنا مع هذا الاشتعال، لا لن أترككم، (ظلي معي) (كأشيائي كاسمي)، لماذا تنزل بنا إلى المواد الملموسة، دعنا في هيام مع الأحلام أو بعض الأحلام، ولكن من قال إن الشاعر هنا حوّل الحلم إلى مادة؛ شيء واسم، ولماذا لا يكون العكس، ألم تأت (كبعض أحلامي) متقدمة على (كأشيائي كاسمي)؟ أليس في ذلك تبديد للمادة لتصبح مجرد بعض حلم، أيها الشاعر اتركنا عند هذا الحدّ، لا تصنع من لغة الارتفاع والنزول أمواجاً تتقاذف عواطفنا، لا تجمع نقيضيَّ النفس في آن واحد، حررننا من كل هذه العواصف، هيهات هيهات أيها التراب، (ظلي معي مرتسماً في صفحة التراب).

هنا نجد التجربة المختزنة من الحياة، والشعور الفائر، والرصيد اللغوي وحسن التوظيف، هنا نجد الشعر عند محمد الحضرمي.

لكن ألم تتدخل الصنعة؟ ألم تدمغ شيئاً من جمال الصورة؟ ألم تفسد قليلاً من الذوق؟.

أقول: بلى، لم تسلم هذه النقشة البديعة من شيء من التكلّف، ولحسن الحظ أنه جاء في آخر القصيدة، فلو وقف الشاعر عند سطر (ربما رابعة النهار تأتي) لكانت الصورة قد اكتملت والقصيدة خُتمت، ولكانت العاطفة في شأوها الأعلى، ولكان التناسق لا يخلخله شيء، ولكن تقفز علينا عبارة (بلا رابعة ولا رباب) بدون داع، أشبه بمن يدخل على حفل موسيقي اندمج مستمعوه في التلذذ بمقطوعة آسرة ليزعق في الحضور.

-تكثيف الشعور:

إن كنا نرى الشعر هو ذلك النسيج المتآخي من العناصر التي ذكرتها، فإن الشعور هو ما يستل منه الشعر، فرب وردة جميلة تتفتح على خيوط شمس الصباح ناثرة عطرها في أردان الطبيعة، لا تعدو في نظر فاقد الشعور أن تكون وريقات من حقها أن تقضمها شاة ثاغية.

أما الإنسان المفعم بالشعور والمترع بالعاطفة فإنه يرى فيها الندى والصفاء والتفتح والزهو، ثم يرتقي شعوره فيرى فيها مداعبة النسيم الخالد، وانعكاس الشعاع الكوني، ثم يعلو شعوره فيرى فيها تناسل الجمال من أول الخليقة إلى منتهاها.

هذا ما تمتع به يمام الحضرمي ففاض بشدوه، إنه لا يجعلك تغترف من عاطفته، بل يسبقك فيفيض منها عليك، إنه يغسلك بمائها، ويمسحك بزيتها، وأحياناً يجرحك بمُداها، ويسملك بشوكها، هكذا هي العاطفة تفيض بأحاسيس الشاعر؛ تتلون بلون الحالة التي يعيشها، وتذيقك من طعمها، مهما كان؛ حلواً أو مراً.

ففي لحظة: (أحمل شوقي إليكِ، أحس بعطرك يسكرني، وهواكِ يسافر بي في خيال بعيد)( ).

أيها الشاعر، لمْ تحمل شوقك إليها وحدها، بل سكبته علينا عندما شدت به يماماتك، لو كنت تريده لها فقط لنثرته خفية في سحرها، فما بالك تملأ به السهل، ألا ترى أننا أجرام ضئيلة في سهل الكون؟ فهل بعد ذلك تغار وتغضب إن أسكرنا عطر يماماتك، وسافر بنا في خيال بعيد.

(وفي لحظة تسيل القصيدة من عيون

الشاعر،

فتحرق ما تبقى من عشب الوجوه)( ).

أيها السادة ضعوا أكفكم على وجوهكم، استغشوا ثيابكم، كي لا تحرقكم القصيدة التي تسيل من عيون الشاعر، هل ترون في عينيه نار الحزن على فراق (أولئك الذين كانوا يملؤونها [الأطلال] فرحاً)( )، إنها تلتهب بعنف فتصهر القصيدة فتسيل فتحرق ما تسقط عليه، إنها العاطفة المتوهجة ليس في قلب الشاعر، بل امتلأ بها صدره، ثم فاضت، حتى وصلت إلى عينيه فأخذت تسيل.

-تكوين الشعر عند الحضرمي:

إذا أردنا أن نشخّص يمام الحضرمي لقلنا: إن لسانه الوصف، وشكله الشبح، ومنطقه الشك.

هذا هو يمام الحضرمي، وهذا هو الحضرمي.

1. الوصف:

يبدو لنا الوصف في وهلته الأولى ليس أكثر من رسم بقلم جاف، والوصف عند الشعراء الكلاسيكيين هو تصوير بديع للشخوص، وفي أجمل صوره الشعرية هو مثير لشعور النفس، ولكنه يظل شخصاً قائماً بذاته منفصلاً عن ذات الشاعر، أما عند الحضرمي وليس حصراً عليه فإن الشخوص الموصوفة ما هي إلا نفس الشاعر، ويتنوع في كل تداعياته ليعبّر عن تجلياته المختلفة، حيث تغيب كل الخطوط الفاصلة بين الموصوف والواصف، وفي الحقيقة لا يوجد موصوف وواصف، بل هي النفس التي تندفع في قوالب الطبيعة، قوالب ليست من جنس المادة الجامدة، بل ما ينفجر منها فيتبدد عبر طاقات الوجود الإنساني.

فمثلاً في قصيدة (زجاج) تتحول الطبيعة بأسرها إلى زجاج، فلا وجود في الكون إلا للزجاج، بل الكون بأسره ما هو إلا دفقة زجاجية عاتية. فـ(السَّماءُ زجاجية، والبحر يبدو بلون الزجاج، وحوافُّ الصخور زجاج)، (والنجومُ البعيدة) زجاج، (والمزن يمطِرنا وابلاً من زجاج)، (والشمس... تبدو بلون الزجاج).

ولكن أي كون هذا؟ هذا الكون لا وجود له أصلاً، فما هو إلا أنه (يبدو) زجاجياً، إذن هي النفس التي ترى ذاتها بحالة زجاجية، ومع ذلك سنخدع أنفسنا لو تصورنا أن \"الزجاجية\" هذه هي وسيلة النفس التي نرى بها الوجود، فالزجاج ليس أكثر من حالة تجلت بها نفس الشاعر، هنا يصبح الزجاج والوجود مهما تنوعت طبيعته والنفس شيئاً واحداً، لا توزع له، ولا حدود فاصلة بينه، لأنه لا يتركب من أجزاء، بل شيء واحد هو الشاعر لا غيره.

قد نتصور أن الوصف هنا قد جمّد الوجود في جرم واحد، وبعبارة أخرى: جمّع النفس الشاعرة في كتلة واحدة، وأقصى ما يرشح منها من سيلان العاطفة هي الصفة الزجاجية التي لا تحجب ما تحتها، فهي دائماً شفافة، بل الزجاج يزيد الأشعة توهجاً، وهذا حق في الشفافية والتوهج، ولكنه ليس جموداً وتجمعاً، ولا جرماً وكتلة، وإنما تشظي لا نهائي، بل وشظايا جارحة:

(السَّماءُ التي فوقنا

تتشظى حينَ تخترقُ الشهبُ

أبعادها ومداراتِها،

والنجومُ البعيدة تبدو شظايا،

تتناثرُ من حولنا في المتاهات،

والمزن يمطِرنا وابلاً من زجاج)( ).

شعور متبدد في سماء النفس ونجومها البعيدة، وعاطفة حارقة بشظايا شهبها، تمطرنا وابلاً من زجاج قاتل، إنك في صحراء الحضرمي التي لا يوجد ما تختبئ تحته ليقيك بأس هذه الأمطار، أو يحجب عنك الشهب، إنك لست تحت شيء سوى سماء ونجوم ومزن تتشظى زجاجاً، وصف مرعب أينما اتجهت فهو أمامك بشظاياه يجرح كل خلية من جسدك، ويجرح كل خلجة في نفسك، نعم يوجد مخرج واحد، إنه المتاهات، فاهرب إليها إن استطعت أن تنجو من هذا المشهد الممزِّق بدون أدنى رحمة، حينها تتلمس جسدك؛ هل أنا في حلم.

تتململ بعنف، تصرخ بقسوة، أريد أن أصحو، أريد أن أهرب من الوصف؛ الوصف الذي هو الطبيعة الموصوفة، أو النفس الواصفة، إنك في لحظة لا تميّز فيها بين الواصف والموصوف، ولا الطبيعة والنفس، ولا التجمع والتشظي، ولا الحقيقة والخيال، ولا اليقظة والنوم، المهم أن تخرج من هذا الذي وقعت تحت وطأته الساحقة.

فجأة تبصر (نقطة نور):

(والبحرُ أزرقُ

بحرٌ من الحِبر،

بحرٌ من الحُب،

والشمسُ نقطة نور،

تلونُ وجهَ السماءِ

لذلك تبدو بلون الزجاج)( ).

ينشق المشهد عن بحر واسع لا نهائي، أزرق حبري من عمق دلالته، إنه بحر الحب الذي تطل عليه الشمس بنورها، هنا تشعر بانزياح الكابوس، تحس باعتدال المزاج، حيث تخلصت من حرارة الشظايا الحارقة، وزمهرير الأمطار الزجاجية، ومع هذا لا يستطيع الشاعر أن يتخلص من \"المشهد الزجاجي\" المؤلم، فالشمس لا زالت (تبدو بلون الزجاج).

2. الشكل الشبحي:

جاءت أشباح الحضرمي بصور تعبيرية مختلفة اقتضاها تقلب المزاج وتجليات النفس، فمرة:

(يأتي صَوتـُها من بعيد،

بين صحو ويقظة

.....

لتملأ غرفتها أطيافاً)( ).

ما هو الحد الفاصل بين الصحو واليقظة؟ وهل أصلاً يوجد هذا الفاصل؟ لا يهمنا أن يوجد في الواقع المادي طالما أنه منغرز في واقع النفس، إن كان لهذه النفس واقع أيضاً، حيث لا واقع للأطياف والأشباح، لكن ما يثير دهشتنا غياب النوم من الصورة التعبيرية الناطقة ليحضر بكثافة في ردهات النفس، حيث اللاوعي ينطق بما أراد الوعي أن يخفيه، أو يهرب منه، إنها الحركة الدائبة داخل النفس حيث تأبى أن تسكن، فالنوم سكون، ولا سكون للأشباح.

ومرة هي:

(لوحَة المَاء في المَاء،

.....

قصَائد في صَفحةِ المَاء)( ).

ما هذه اللغة التي تختزن كل هذا الشعور الكثيف؟ بماذا أعبّر عن هذه الأشباح التي تخترق كل جهات النفس؟ هنا استدعي اللغة الشبحية نفسها لتعبّر عن نفسها، فهي: (فضَّة سكبتها السَّماء)( ).

ويكفينا في هذه الـ(لوحة المائية) التعبير بالماء، حيث هو سر الحياة ورمز الصفاء وإرواء الغليل وتطهير الأدناس واكتساح الكائنات، وحيث يستقر العرش بأسره.

هذه اللوحة الشبحية المذهلة بجمالها؛ لماذا؟ لا لشيء إلا للشبحية ذاتها؛ المتكورة في الأحلام، حيث (يرسُمون على صَفحة المَاء أحلامَهم)( ).

ومرة: (في المَساء، حيث تتلفعُ الصَّخرة بالظلام، وينطفئ وهجها، تبدو بحَجمها الهائل، كائناً أسطورياً، يطلُّ من شرفاتِ الليل)( ).

إن الليل لا يقضي على الأشباح، فهي مع سيولتها صخرة صلدة تتحول في الظلام إلى كائن أسطوري يطل من شرفاته.

3. الشك:

إن البحث في فسيفساء الشك هو ضرب من الشك المحض، ولكنه بحث ممتع وله لذته الخاصة، فدعونا نأخذ قصيدة (حيرة)( ) التي جاءت بأكملها ناطقة بالشك بلسان مبين.

(1. وحيداً أسير

إلى حيث تسبقني الأمنيات

شبَحي ذاك أم شبَهي؟

لستُ أدري،

غير أني أسيرُ

وأحملُ روحي معِي.

2. الطريقُ طويلٌ

وكل الدروب التي طوحتني

والزوايا الصَّغيرة تبدو

متاهة.

لست أدري إلى أين ظلي يمضي؟

ولا أين يمضي بي الظل؟

غير أني أسير

وأحملُ خوفي معي.

3. أراني خيال المآتة

يزحفُ جنبَ الجدار

أراني فزاعَة مَرَّة،

ترعبها نسمة عابرة،

لست أدري أنا مَن أكونُ؟

ولا أين يأخذني الدربُ؟

أعلم أني أسير الظنون،

وأحمل شكي معي).

القصيدة جاءت في ثلاثة مقاطع، تحت عنوان (حيرة) يلخص الشك، وأقف هنا عند الفكرة واللغة، لأني تحدثت من قبل عن الشعور:

المقطع الأول:

الشاعر يسير في الحياة (وحيداً)، لا يجد هادياً له في الطريق، ومع ذلك تتلاطم في ذهنه كثير من (الأمنيات) بالوصول إلى الحقيقة يقيناً، كل ما يملكه هو أنه وحيد، ولكن من هو هذا الوحيد، هل شبح؛ مجرد شبح، أو شبيه فحسب؟ الشاعر لا يدري فيقول صارخاً: (لستُ أدري)، والشبح والشبيه؛ في عالم الفكرة لا يقدمان ولا يؤخران من الشك شيئاً، فهما سيان، مع هذا فهو يسير، بيد أنه متذرع باليقين أنه سيصل، وهل يوجد ما هو أكثر يقيناً من \"الروح\"، فهو مع عدم وجود الهادي، وشكه في نفسه أن تكون هادية مطمئن بأنه سيصل إلى الحقيقة يقيناً.

هذه هي الفكرة الأولى، شك تسرب إلى الشاعر، فيرميه جانباً، فيلوذ بالروح شعاعاً لا ينكسر ولا يحيد حتى يسلم صاحبه إلى اليقين، وهذا هو منطق العرفاني، حيث يلوذ بالروح عندما تغميه مادة الحياة.

المقطع الثاني:

الشاعر ممتطياً صهوة الروح، ولكنه يفاجأ بأن (الطريق طويلٌ)، وكل الدروب التي يسلكها \"تطوحه\" في (متاهة)، فيبدأ مرة أخرى يسري إليه الشك، ويجد روح اليقين التي ركن إليها ما هي إلا \"ظله\"، ولا يدري أين يتجه به هذا الظل، ولا إلى أين يريد أن يمضي به، فتبدد من بين يديه اليقين، وانسفك من عروق دماغه قبل أن يصله، ومع هذا فهو يسير في طريقه، إلا أنه يسيطر عليه الخوف، والخوف هنا من فقدان اليقين المؤدي إلى بر الحقيقة والأمان، وهو فقدان سيقذفه في غيابات الشك، ولكن ماذا يعمل؟ غير أنه يسير.

علينا أن نلاحظ هنا التدرج المنطقي في الانتقال من الفكرة الأولى إلى الفكرة الثانية، من شك يلوح في فضاء النفس، يُلجم بالاطمئنان الروحي، ثم معاودة الشك بصورة أكبر وأشد إلحاحاً، حتى درجة الخوف.

وهذه هي طبيعة الشك، مهما حاول الإنسان أن يلوذ بالاطمئنان تسوّر إليه الشك بأشد من ذي قبل.

المقطع الثالث:

الشاعر يكتشف نفسه أنه مجرد (خيال المآتة)، ومع ذلك بدلاً من أن يرعب الطيور من أن تأكل حب يقينه، غدا (فزاعة) يرعبه أدنى شيء، ولو كان نسيماً عابراً، فيستبد به الخوف، فيسلمه إلى حالة من الذهول لا يدري من هو ولا أين يأخذه الدرب الذي يسير عليه، وينتهي به الحال إلى أنه محاط بالظنون وواقع في الشك، وهنا مرحلة ينتهي معها القلق والخوف وتتعايش فيها النفس مع الشك، هنا يصبح الشك هو اليقين، وإن شئتم يصبح الإنسان متيقناً أن لا مخرج إلا بالشك.

وبهذا نجد تصاعد الفكرة معقولاً، وفق نسق معرفي يسلكه الإنسان، من الاطمئنان ثم الخوف ثم الشك.

إن كان الشاعر قد وفق إلى تصوير فكرته كما يريدها معبّرة عن نفسه، فهل وفق في استخدام اللغة؟.

وبداية إقرارنا بنجاح الفكرة هو اعتراف بطواعية اللغة للشاعر، على أقل تقدير في تكوير الفكرة.

استخدم الشاعر منذ البداية كلمة \"وحيد\" ليعبّر بها عن أن السالك في هذه الحياة إلى ما ينشده من حقيقة ويقين هو وحيد، فلا أحد يمكنه أن يكون معه، والوحدة مداعاة الخوف والشبحية والشك وتعليل النفس بالاطمئنان، وهي مفردات ترددت في القصيدة، فمجئ كلمة (وحيداً) ألقت بظلالها على كل هذه المفردات بعد ذلك.

ثم استخدم لازمة (أسير)، وهي كما تدل على الانتقال تدل في الوقت نفسه على القيد، فهو يسير ولكنه يراوح مكانه، لأنه مقيد بالشك و(أسير الظنون)، ويبدو الإبداع اللغوي في الابتداء بهذه اللازمة بما يوحي بالسير فعلاً، ثم ينتهي بما يوحي بقيد الظنون في نهاية القصيدة، مروراً باستخدامين لها بتعبير واحد (غير أني أسير)، وهي عبارة موهمة؛ هل الشاعر \"يسير\" أو \"أسير\"؟، وهو إيهام يصب في خانة الشك؛ هيكل القصيدة الفقري.

وناسب هذا استخدام ألفاظ (خيال المآتة) و\"الفزاعة\"، بيد أنه استخدمها بنبض متحرر، فـ\"الرُوع\" بحسب المصطلح العماني وإن كان يظل ساكناً في المزرع، فهو متنقل في مخيال الأطفال في السكك (يزحفُ جنبَ الجدار) كما يصوره لهم الكبار، وهي حالة مدهشة من التصوير البديع، حيث يظن الإنسان في لحظة خوفه الشديد أن هذا \"الروع\" الساكن \"يسير\"، ولذلك استخدم هذه المرة كلمة (يزحف) لتتناسب مع حالة الخوف، فالزحف من شأن الثعابين وهي كائنات مخوفة، ثم انظر لماذا استخدم \"خيال المآتة/ الفزاعة\" ببعدها الحركي؟ ألا يوحي ذلك أن الإنسان في رحلته هذه إلى اليقين لا يزال طفلاً، وأن (الطريق طويل) للوصول، وأن (الدروب) و(الزوايا الصغيرة) هي (متاهة) له. ثم إن الشك يتسرب قليلاً قليلاً إلى الإنسان، وهو ما يناسبه استخدام الألفاظ الآتية: \"الشبح\" و\"الظل\" و\"النسمة العابرة\".

وجاءت كلمة (أحمل) لتعبّر بدقة عن العبء الذي يرزح الشاعر تحت وطأته وهو يعبر هذا (الطريق الطويل) و(الزوايا الصغيرة). وهكذا نرى تعانق الألفاظ مع بعضها البعض داخل إطار القصيدة، بل قل معزوفة موسيقية متناغمة.



-انكسار الشعر باتجاه القصة: شهدت أجنحة يمام الحضرمي عدة انكسارات، في الشعر والعاطفة، والفكرة واللغة، والزمان والمكان، وهي انكسارات تعتري أي عمل، مهما كانت جودته، لأكثر من سبب، من أهمها: حالة الإنسان وطبيعة اللغة، وأكتفي هنا بالحديث عن الانكسار باتجاه القصة فأقول: قام الأدب عند الحضرمي في ديوانه (في السهل يشدو اليمام) على ساق الشعر وحده، والانعطاف نحو أي نوع آخر يعد انكساراً، وهذا ما لاحظناه في قصيدته (بيان)، فهي من أولها إلى آخرها جاءت سرداً قصصياً لفاجعة موت ابنته بيان.

ويبدو لي أن إدراج هذه القصيدة في ديوان \"اليمام\" لم يأتِ بدافع أدبي صرف، بل بحمى وجد فقد المحبوب، أراد أن يؤرخ لعاطفته اتجاه ابنته في هذا الديوان، وهي عاطفة نتفهما، بيد أنها خرجت بالديوان عن نسقه، وانكسرت بسفينة الشعر حتى جنحت جانباً عنه.

نعم؛ نقرّ بأن الدافع الأول الذي سالت بسببه القصيدة هو الشعور، ولكن غلبة الوصف المتلبس بالشاعر استرسلت به إلى درب القصة، وأنسته وادي الشعر، وكان بإمكان الشاعر أن يتمادى في دربه هذا بعاطفته ليخرج لنا لوناً من ملحمة موت إنسان، إلا أن هذا النَفَسَ فيما يبدو لي لا يتمتع به الحضرمي، وإن شئتم لم تدفع به حاسة الأدب إلى فضائه، فجاءت قصيدة غير مكتملة لتشكّل بنفسها فناً آخر عند الحضرمي، ولم تلتزم خط الديوان، فأحدثت انكساراً.

وهو انكسار لا يعدم هنا من فائدة، حيث كشف لنا عن جنين آخر يتقلب في أحشاء يمامة الحضرمي، يحتاج منه إلى العناية به وتطوير تجربته، ليتمخض عن أدب فني رفيع آخر يضاف إلى رصيده الأدبي، نوع يملك في نواته رصيداً من الشاعرية والغنائية والتمثيلية والفجائعية، ما يؤهله لأن يقف على مسرح التراجيديا فيشدو بأوبريت الحزن والفقد والوجد، فيما لو طوره.

-مختلف الحضرمي:

ثلاثة موضوعات حشد بها شعر الحداثة اختفت من ديوان محمد الحضرمي؛ هي: منتجات العصر الحديث، وجسد المرأة، بما أسميه فتنة الجسد، والأسطورة.

1. منتجات العصر الحديث:

أمر طبيعي أن يكون الأدب في بعض جوانبه هو انعكاس للواقع، وربما يبلغ حد المحاكاة عند البعض، لا فرق في ذلك بين الشعر الكلاسيكي والشعر الرومانسي، ولا بين شعر عمودي وشعر حر؛ تفعيله ونثره، ولا بين شعر وقصة، ولا بين رواية وتمثيلية، ولا يحتاج هذا الانعكاس إلى تعليل، ولا وجوده في الأدب لذاته هو من قبيل الإبداع، إلا بمقدار التفنن في إنشائه خلقاً آخر، وإنما ما يضع بين يديك التأمل، ويقلّب التعليل، هو غياب هذه المنتجات من ديوان غارق في زمنها، زمن مرتو حتى الثمالة منها، لا يتنفس إلا هواها، ولا يشرب إلا ماءها.

سبح الحضرمي في قاموس الماضي فأخرج شيئاً ساحراً من داناته، وحام يمامه على السهل العتيق فشنف الآذان وأرهف القلوب بعجيب شدوه، وذكّرنا بشعراء الإحياء حيث جمعوا بين رومانسية المعنى وكلاسيكية المبنى.

فقد يهيم في الطبيعة، فيشير إلى الحياة بأصبعه، فيرهبك بالشك من شروق الشمس، وقد يطفئ قناديل الحارة ليسكر روحك بعطر الأيام الخوالي، ويستخدم تارة سفينة ومجدافاً، فتطرب للعشق، وتسيل عاطفتك وَجَداً، وتارة أخرى يجبرك على تلمظ مرارة فنجان القهوة باشتهاء آسر، ويقرئك روايته الطويلة وأنت تحت شفوف أثواب (ألف ليلة وليلة)، أما سينما هوليود، وناطحات سحاب نيويورك، والهواتف النقالة، واليخوت الملكية، ونواعم الأم بي سي، وطريق مسقط نزوى المزدوج، فكلها لم تفلح في إغراء يمامات الحضرمي لتشدو بشيء منها.

كل ما وجد من هذه المنتجات شاشة حاسوب وبريد إلكتروني زرقاوان، لا لشيء إلا لأنه يسبح ليل نهار بسبب وظيفته الصحفية في لجتهما الزرقاء، ولو لم يذكرهما لقلت حينها: إنه كائن مدرّع ضد منجزات العصر، أو مصاب برهاب منها.

2. فتنة الجسد:

محمد الحضرمي شاعر عاشق حدَّ السكر، صبٌّ حتى الوله، تغنى بيمامته، وتغنت يماماته بزمن الوصل، يترصد حبيبته في الحارات المهجورة، بيد أنه كان عذري اللسان، يوسفي القلب، لم ينته بصره عند حاجب الجسد، بل الجسد ذاته تحول عند الحضرمي إلى حالة (زجاجية) يشف من تحته الروح، فيغوص في أعماقها، وتشع الروح بأنوارها.

والمرأة عنده كائن روحي ألق، ليست المرأة التي تتغنج يمنة ويسرة فتتشنج الجوارح بها، بل هي الحقيقة الوجودية للحب والإنسانية والأنس واللطف والحسن والجمال، هي التي تنطبع النفوس الباهية عليها، المرأة هي شجرة الوجود التي لا ظل لها يعتم بقاع النفس، شريان القلوب التي لا يمكن سفك دمه، الشمس اللانهائية التي لا تكسف عن أضلع الإنسان، هي أغنية الحياة التي لا يبح صوتها، هذه المرأة التي تغنى بها الشاعر، ربما تكون المرأة التي يرغب بها، وربما نفسه، ربما بعض النفوس من حوله، وربما نفوس يتوق إليها، أو ينطق بنفس المرحلة.

لم نرَ عند الحضرمي كما هو عند كثيرين من شعراء الحداثة تفصيل الجسد البارد الذي لا يوقد الروح، ولم نسمع من يمامه لهاث تقلبات المضجع الذي لا يدفئ غير الجوارح.

لم يلمس كل ذلك، وحتى عندما دفعه روتين الحياة في طريقه إلى العمل أن يصادف بنتاً لم يجذبه شيء من بدنها، ولم يرَ إلا زرقة حقيبتها وتنورتها وسوار ساعتها وكحل عينيها، وهو مع ذلك لم يرَها إلا صدفة، ولم يملأ عينيه إلا زرقة (المَوت الذي يترصّدنا).

هذه هي الظلال الاجتماعية التي أرغمت الحضرمي في موضوعَيْ منتجات العصر الحديث وفتنة الجسد على ذكرهما، ومع ذلك لم يلمسهما إلا على استحياء، أما الظلال الشعرية فقد جاء ذكرها في قصيدة شهدت انكساراً أفقدها طراوة التعبير اللغوي، كما أفقدها أيضاً رهافة الشعور النفسي، لقد أغصب الحضرمي نفسه أمام إلحاح روتين الحياة على ذكر هذين الموضوعين، فجاءت القصيدة هامدة أقرب إلى الموت الأزرق، حيث لا تناسب الزرقة حياة العصر وحركته الفائرة، ولا تناسب حيوية الفتاة التي تتورد ملامحها حمرة، وعندما اقترب من نهاية القصيدة وذكر الموت الذي هو مسكون بجدليته مع الميلاد، قفزت شاعريته من جديد، فلمع بريق الزرقة مكشراً عن قسوة الموت، الذي نادى الشاعر برجمه حتى الموت، في لوحة فنية لها جمالها الآسر.

3. الأسطورة:

كانت الأسطورة هي إحدى أعمدة الشعر الذي أتى بها القرن العشرون في تجديد القصيدة العربية، مع تجاوز عمودية القصيدة، وتجاوز غرضية الشعر، وفتنة الجسد، والرمز المطلسم، وقد تداخلت الأسطورة مع هذا الأخير، إلى الدرجة التي يستحيل الفصل بينهما في أحايين كثيرة، ولذلك زخر شعر الحداثة في عمان بالأسطورة، وتم الاحتفاء بها كثيراً على المستوى الأدبي.

لم توجد الأسطورة في شعر الحضرمي إلا تحت مظلة رهيفة شفافة، ومع هذا عمد إلى عقلنة لامنطقيتها.

-ختم:

هل تبدو لكم قراءتي في ديوان الحضرمي؛ (عالقة في صَفحة الرِّمال، كختم لا تذورهُ الرياح)( )؟.

أقول لكم، والحق أقول: قد تذروه الرياح فتذره قاعاً صفصفاً. .