• ×
الجمعة 10 أكتوبر 2025 |

عوامل نجاح القصيدة الشعرية

0
0
1243
 


عوامل نجاح القصيدة الشعرية
للكاتب : أسعد المحرزي


القصيدة في نظري عبارة عن رحلة، يكون الشاعر فيها مرشدا، بينما يكون القارئ هو الراكب. وعليه ينبغي لهذا المرشد أن يكون ملما بتفاصيل الرحلة .. حيث يسلك الطريق الممهد غير المزدحم ويراعي خلال الرحلة المرور بجانب أجمل المعالم التي تترسخ في ذهن ووجدان الراكب بينما يبتعد عن مواضع الإزعاج وبواعث الإشمئزاز التي تقوم بدور عكسي.


ومن هذا التعريف المتواضع للقصيدة، قمت بإستنتاج مجموعة من العوامل التي تقوم بإنجاح هذه الرحلة ويشرفني في هذا المقال أن أشاطرها مع أخواني الشعراء لتعميم الفائدة.


الموضوع :

ينبغي على الشاعر أن يبين للقارئ الهدف أو الفكرة أو الغاية من القصيدة. فالشعر رسالة يبعثها الشاعر إلى القراء وإذا كانت هذه الرسالة مبهمة بلا غاية أو هدف فمن البديهي أن يضيع القارئ بين السطور وقد يفسر النقاد ذلك بالفراغ الفكري للشاعر وبالتي لا تكون القصيدة ذات قيمة فكرية. ويوصى بأن يكون موضوع القصيدة قريبا لقلوب وضمائر الناس ويتناول حياتهم اليومية لتسهيل تقبل الجمهور للفكرة.


العنوان.

وهو عبارة عن عنوان الرسالة التي تمكن القارئ من فهم موضوع القصيدة ويمكن أن يكون خير تمهيد للقصيدة شريطة أن يختاره الشاعر بكل عناية وأن يكون من روح القصيدة ودالا عليها وهنا يجب التنويه بضرورة ربط العنوان بالقصيدة حيث يعمد كبار الشعراء إلى أن يكون العنوان إما الشطر الأول (مثال: قصيدة لا تكذبي للراحل كامل الشناوي) أو الأخير (مثال: قصيدة في عينيكِ عنواني للأستاذ فاروق جويدة) أو الشطر الذي يتم تكراره من القصيدة (مثال: قصيدة إغضب للراحل نزار قباني) أو بكل بساطة موضوع القصيدة (مثال: قارئة الفنجان للراحل نزار قباني حيث تدور القصيدة عن قارئة فنجان إلا أنها لم تذكر نصا في القصيدة).


وفي حال إخفاق الشاعر في الربط بين العنوان والقصيدة يزرع إحساسا سلبيا في نفس القارئ الذي يحس بأنه قد تعرض للغش حيث قرأ عنوانا يوحي بفكرة أو إحساس معين ولم يجده حقيقة في النص.


اللغة المستخدمة.

على الشاعر إدراك حقيقة التنوع الثقافي والفكري للقراء، وبالتالي ينصح بإستخدام جمل وعبارات ومصطلحات متداولة وبسيطة الفهم على القراء وعدم المبالغة في تعقيد التشبيهات أو تغليف المضمون بحيث لا يفهمه أحد سوى الشاعر! وقد يختلف معي الكثير بأن تعقيد أو طلسمة القصيدة بحيث يكون فهمها صعبا للغاية هو إبراز لمهارات وثقافة الشاعر أي أنها عمل نخبوي يستهدف فئة نخبوية من القراء، إلا أنني أجد في ذلك حكر القصيدة في فئة دون فئات مما يجعل إنتشارها محدودا.


مقدمة القصيدة.

وهو إستكمال لجزئية (عنوان القصيدة) حيث ينصح الشاعر بإيجاد عامل جذب للقارئ في البيت الأول من القصيدة حتى يحرص على شد إنتباهه وتشجيعه على إكمال قراءة النص.


وسط القصيدة.

ومن أهم الأمور التي يجب مراعاتها أيضا لضمان إستمرار شد إنتباه القارئ هي تسلسل طرح الأفكار أو السرد المنظم والتدرج في إستخدام العاطفة بحيث يتعايش القارئ مع وضع الشاعر وينتقل معه من شعور إلى آخر بكل سلاسة وإنسجام. ولا يمكن إغفال دور تناسق الكلمات وتأثير موسيقى القافية الموزونة على تركيز القارئ في متابعة هذا التسلسل.


نهاية القصيدة.

وهي الخاتمة التي يختم بها الشاعر هذا التسلسل في الطرح وهي أيضا عبارة عن المحصلة أو المصير الذي تؤول إليه القصيدة حسب موضوعها وهدفها. إلا أنها لا تقل أهمية عن مقدمة القصيدة حيث يميل بعض القراء إلى الشرود أو الغفلة في وسط القصيدة خصوصا في القصائد الطويلة فتأتي نهاية القصيدة للتذكير بموضوع القصيدة للعودة بالقارئ إلى الوراء. ويقوم العديد من الشعراء بإنهاء القصيدة بذات البيت المستخدم في بدايتها أو أن يبدأ بالنهاية فتكون طريقة الطرح عكسية لإثارة القارئ وإرغامه على تفقد النص مرة أخرى إلى أن يصل إلى المغزى منها. بينما يميل آخرون إلى الطريقة التصاعدية في الطرح الفكري والعاطفي بحيث يكون البيت الأخير من القصيدة هو مكمن القوة وقمة الجمالية فيها.


ولكن أجد بأن الأهم في النهاية، أن يزرع الشاعر في القارئ شعورا بأن هذا البيت هو فعلا البيت الأخير من القصيدة وأنها قد إنتهت بالفعل حيث لا يشير البيت الأخير بالضرورة إلى النهاية الفعلية أو الخاتمة للقصيدة ويحس القارئ بأن القصيدة مبتورة أو منقوصة وبالتالي لا يصل إلى هدفها.