• ×
الجمعة 10 أكتوبر 2025 |

إشارات نقدية في تجربة الشاعر عبدالله الكعبي

0
0
1738
 
إشارات نقدية في تجربة الشاعر عبدالله الكعبي

قراءة في ديوان: (إذا مسّهُ الحُبُّ)



للشاعر / محمود حمد
أيمشي ابنتي كاشتعال الشّموع ؟

أجل : ضاحكا يتخطّى الثُّغور ويحزن مثل انتهاء الحديث


ليس فنّيّة الصّورة في تجربة الشاعر ما يحبس أنْفاس اللغة هنا فقط، وليس الايقاع وحده ما يبز الموسيقى الشعريّة ممتلئة بامتداد الاتّساق الشعريّ المتدفّق، بل عمق الصورة الذي يظهر في تضادّ يُربك القارئ منذ الوهلة الاولى ثم يبدأ في الاتّضاح شيئا فشيئا في انحراف لغويّ يضفي كثيرا من التساؤل عن التركيب الذي يُحْضِرُ أزْمنة كثيرة متناقضة في أغْلبها، ومتّفقة في بعضها.

رأينا معا كيف لم يرّ طير الأبابيل طفل الوعود

وقد أرضعته الهموم حليبا ونجما

أفاض على سِكّة الروح ليلا


مع أننا نرى الكشْف واضحا رغم بعد الصّورة التي تبدو في واقعيّة الشاعر، والتي لا ندركها بالتأويل أو بالواقعيّة ذاتها. فهي تأخذ مسارا زمنيا خاصّا يعبّر عن لحظات ربما تطول لتصبح أو تمسيَ أعواما.ولا شك ان الحوار المسيطر على نصوص التجربة يقودنا إلى عالم آخر من الإنسانيّة التي تتّخذ أشْكالا مختلفة للتكوين من الذّات إلى الآخر. فالحقل الدّلالي يشير إلى هذا التكوين الذي يؤسس وجودا واسعا للشّاعر.

وفي نصّ ( تفتّحي عُشْبة عمري)، يتحوّل الحوار مع الزمن في معجم الأنثى، وكم رأينا سيطرتها على صرخات الاستغاثة الزمنية عند كثير من الشعراء الذين تضمحلُّ انفاسهم في إدراك علّوّها حقيقة أو خيالا. وهي تأخذ الجناح الآخر للرحيل الطويل، بينما يأخذ الوطن الجناح الأول.

كأني انا

عندما كنت فيك اصير كما سأكون

فيا ايّها الزمن الكائن فينا

أتاخذني صوب قلب الحنون

...

وإن لم تَرد جسدي دعك في صدر حبي جناح يمام

نصفّق شوقا

إلى بلدي


يمارس الشاعر ادراج المتناقضات وجمعها بالصورة الشعرية ، فتصدمنا ببروز غرابة الزمان والمكان التي تصحب أشياء متجرّدة كلّ التّجرّد من الاتفاق المجتمعي للغة. ولكنها طاقة تفجّرها مسيرة الألم والامل عند الشاعر ليعود متفائلا حتى في بكائه.

عصف الصورة يحفر التاريخ، ويعود بالقديم ويمارس الحاضر ويعيش الطبيعة بكل أشكالها ومكوناتها. ونتفاجأ من حيث لا نحتسب بمراوغات لغويّة يسوقها ذلك الانحراف الغنيّ الرائع الذي يتوّج القصيدة الحديثة الانتصار على غيرها من التوجهات الشعرية.. ويأخذ النص نَفَسا عميقا في كثير من مواضعه، لكنه غالبا ما يكون قصيرا في نفس الوقت.

فقد تطمح الروح في بيت شرنقة

بينما

يكتفي الوَعْلُ نحت الحصى بمراوغة الدمعات

التي شردت من وريدي


وقد أدْهشنا تحوّل الجهة الحواريّة في نصوصه أو في بعضها. فالانطلاقة الاولى تحثّنا للوصول إلى نهاية النص بنَفَسٍ واحد، لكنّ الشاعر يكسر هذا الجمود الجسْري من البداية إلى النهاية بانتقال وضعيّة الخطاب وسيطرته من الذات إلى الآخر، في تحوّلٍ لطيف لا يتركُ أيّ أثرٍ لتخلّص مملٍّ كثيرا ما يضع الصورة في انقطاعٍ عميق أو أقل ما يقال عنه أنّه يشرّد جماليّتها.

كما أنّ الشّاعر هنا يؤسّس انتقاله بصورة متجرّدة من الاستعمال السابق لها، وقد ياخذ شيئا من التوهّج الحِكَميّ يُقْلقُ اللغة الحميميّة

تهشّني وحدي عصا جّدّي القديمة

يقرأ السور القصار ينثُّ بي

وبها على وزن القصيدة مرهما

لا يعتلي جِهة الرياح سوى خُطَى الغرباء يا ولدي



إشارات تمازج في تجربة عبدالله الكعبي

(إذا مسّهُ الحُبُّ)





أيمشي ابنتي كاشتعال الشّموع ؟

أجل : ضاحكا يتخطّى الثُّغور ويحزن مثل انتهاء الحديث


ليس فنّيّة الصّورة في تجربة الشاعر ما يحبس أنْفاس اللغة هنا فقط، وليس الايقاع وحده ما يبز الموسيقى الشعريّة ممتلئة بامتداد الاتّساق الشعريّ المتدفّق، بل عمق الصورة الذي يظهر في تضادّ يُربك القارئ منذ الوهلة الاولى ثم يبدأ في الاتّضاح شيئا فشيئا في انحراف لغويّ يضفي كثيرا من التساؤل عن التركيب الذي يُحْضِرُ أزْمنة كثيرة متناقضة في أغْلبها، ومتّفقة في بعضها.

رأينا معا كيف لم يرّ طير الأبابيل طفل الوعود

وقد أرضعته الهموم حليبا ونجما

أفاض على سِكّة الروح ليلا


مع أننا نرى الكشْف واضحا رغم بعد الصّورة التي تبدو في واقعيّة الشاعر، والتي لا ندركها بالتأويل أو بالوافعيّة ذاتها. فهي تأخذ مسارا زمنيا خاصّا يعبّر عن لحظات ربما تطول لتصبح أو تمسيَ أعواما.ولا شك ان الحوار المسيطر على نصوص التجربة يقودنا إلى عالم آخر من الإنسانيّة التي تتّخذ أشْكالا مختلفة للتكوين من الذّات إلى الآخر. فالحقل الدّلالي يشير إلى هذا التكوين الذي يؤسس وجودا واسعا للشّاعر.

وفي نصّ ( تفتّحي عُشْبة عمري)، يتحوّل الحوار مع الزمن في معجم الأنثى، وكم رأينا سيطرتها على صرخات الاستغاثة الزمنية عند كثير من الشعراء الذين تضمحلُّ انفاسهم في إدراك علّوّها حقيقة أو خيالا. وهي تأخذ الجناح الآخر للرحيل الطويل، بينما يأخذ الوطن الجناح الأول.

كأني انا

عندما كنت فيك اصير كما سأكون

فيا ايّها الزمن الكائن فينا

أتاخذني صوب قلب الحنون

...

وإن لم تَرد جسدي دعك في صدر حبي جناح يمام

نصفّق شوقا

إلى بلدي


يمارس الشاعر ادراج المتناقضات وجمعها بالصورة الشعرية ، فتصدمنا ببروز غرابة الزمان والمكان التي تصحب أشياء متجرّدة كلّ التّجرّد من الاتفاق المجتمعي للغة. ولكنها طاقة تفجّرها مسيرة الألم والامل عند الشاعر ليعود متفائلا حتى في بكائه.

عصف الصورة يحفر التاريخ، ويعود بالقديم ويمارس الحاضر ويعيش الطبيعة بكل أشكالها ومكوناتها. ونتفاجأ من حيث لا نحتسب بمراوغات لغويّة يسوقها ذلك الانحراف الغنيّ الرائع الذي يتوّج القصيدة الحديثة الانتصار على غيرها من التوجهات الشعرية.. ويأخذ النص نَفَسا عميقا في كثير من مواضعه، لكنه غالبا ما يكون قصيرا في نفس الوقت.

فقد تطمح الروح في بيت شرنقة

بينما

يكتفي الوَعْلُ نحت الحصى بمراوغة الدمعات

التي شردت من وريدي


وقد أدْهشنا تحوّل الجهة الحواريّة في نصوصه أو في بعضها. فالانطلاقة الاولى تحثّنا للوصول إلى نهاية النص بنَفَسٍ واحد، لكنّ الشاعر يكسر هذا الجمود الجسْري من البداية إلى النهاية بانتقال وضعيّة الخطاب وسيطرته من الذات إلى الآخر، في تحوّلٍ لطيف لا يتركُ أيّ أثرٍ لتخلّص مملٍّ كثيرا ما يضع الصورة في انقطاعٍ عميق أو أقل ما يقال عنه أنّه يشرّد جماليّتها.

كما أنّ الشّاعر هنا يؤسّس انتقاله بصورة متجرّدة من الاستعمال السابق لها، وقد ياخذ شيئا من التوهّج الحِكَميّ يُقْلقُ اللغة الحميميّة

تهشّني وحدي عصا جّدّي القديمة

يقرأ السور القصار ينثُّ بي

وبها على وزن القصيدة مرهما

لا يعتلي جِهة الرياح سوى خُطَى الغرباء يا ولدي

وما غجريّة إلا الطريق

وأنت خاطف ظلّها


وهذه الاشارات قليل مما تحْفل به التجربة، والذي قدم بها الشاعر عوالم واسعة جعلها مسارح تكْشف كينونة الوجود، فكان ذلك حقّا أثرا جميلا إذا مسّه الحُبُّ.



image
عبدالله الكعبي