• ×
الجمعة 10 أكتوبر 2025 |

زاوية \" إعدام قصيدة \"

0
0
1571
 
زاوية \" إعدام قصيدة \"


في التسعينيات, صدرت مجلة حياة الناس الإماراتية تحت إشراف الشاعر المبدع فهد عافت و من ثم انقطعت هذه المجلة الراقية والتي تحمل سمات الإبداع الشئ الكثير.

لا زلت اذكر تلك الزاوية من ضمن الملحق الشعري في المجلة وكان عنوانها,

\" إعدام قصيدة \" كنت اعشق هذه الزاوية كثيرا وهي أول صفحة اقرأها على صفحات المجلة. لم تكن هذه الزاوية عادية بل استثنائية غير عادية, ففي هذه الزاوية تم نشر أجمل القصائد لشعراء مبدعين. وقد يشعر البعض بان هذا العنوان يأخذ طابع الغرائبية من منطلق التسمية وهي إعدام قصيدة و ربط المضمون بالإبداع.

من وجهة نظر شخصية, أرى بان عنوان الزاوية هو في حد ذاته يحمل الشئ الكثير فهو تحفيزا للبداية وليست النهاية. معنى أن أقوم بكتابة قصيدة وأتلهف لنشرها مترقبا بقلق, الآراء من قبل نقاد أو شعراء أو قراء هو تحفيزا لكتابه ومعنى أن انشرها وأنا واثق تمام الثقة بأنها تحت سيطرة المتلقي لإصدار الحكم عليها, هو تحفيزا لكتابه, ومعنى أن أعدمها أو بمعنى أصح أنشرها, و ألا تكون حبيسة الأدراج, هو تحفيزا لاكتشاف ارض خصبة لكتابه جديدة فالمسألة لا تعدو من كونها تواصل دائم مع الحبر والورق بما أن المعرفة لا حدود لها مهما وصلنا إلى ما وصلنا إليه. اذكر عبارة للشاعر فولتير قالها وهو يحتضر \" أنا حزين جدا لأنني لم استطع الوصول إلى القصيدة الكاملة \" رغم إن الشاعر كان آنذاك في ذروة شهرته وعطائه الشعري. اعتقد بان معنى عنوان الزاوية كان معنى تأملي يرمي إليه الشاعر المبدع فهد عافت ومن منظور فلسفي أعمق من خلال حث كل شاعر نشر قصيدته في تلك الزاوية على مواصلة الإبداع وعندما نقول بأن الشاعر الفلاني ليس لديه ما يكتبه لأنه قال كل ما لديه, فذلك هو الإعدام الحقيقي لشاعرية الشاعر نفسه, والاهم هو أن عطاء الشاعر للقصيدة ليس عطاء ينبجس من فكرة المعنى الواحد و إنما هو عطاء حركة متواصلة بين معان يبحث عنها محاولة منه لتيسير الصعب.