الحذاء
12-31-2008 03:39 مساءً
1
0
1691
الحذاء .... إلى منتظر الزيدي منذ أن سقط رأسي على صخرة الحياة وأنا في مشاكل دائمة ، لا أعرف من أين تأتي المشاكل ، لدرجة أنني لست متزوجاً ومع ذلك لدي مشاكل زوجية ، مشاكل لا أدري كيف تنبت وكيف تنمو ، العمل الأهل السيارة الأصدقاء دائما أنا في مشاكل وبكل صراحة لا ناقة لي ولا حمار في هذه المشاكل ، أحياناً أخاف أن أفتح دولاب الملابس لأجد مشكلة فيه ، وإن لم تكن فيه ففي الملابس نفسها وإن لم تكن في الملابس ففي من سوف يلبسها . لا أدري كيف تأتي المشاكل ، أتذكر مرة أنني ذاكرت جيدا أثناء دراستي الإعدادية وحصلت على المركز الأول وتخيلوا ماذا كانت هدية حصولي على المركز الأول ، خمس ضربات من خيزرانة أبي حيث أنني رسبت في مادة التربية الفنية ، الأول على الصف يقدم دور ثاني ولأول مرة في تاريخ منطقتنا التعليمية يرسب طالب في مادة التربية الفنية ، حيث أن السؤال : أرسم شيئا تحبه في الحياة ؟ وأنا أحب الحياة بيضاء دون مشاكل ، فتركت ورقة الرسم بيضاء مثلما أحب أن تكون الحياة بيضاء دون مشاكل فرسبت ؟ . وإذا ما عددت مشاكلي فلربما أستطيع ملْ هذه الجريدة التي أنشر بها هذا النص وجميع ملاحقها لأشهرٍ عديدة ، تصوروا أنه مع هذه الجريدة صارت لي مشكلة ؟ لو كانت المشاكل تباع لأصبحت أغنى رجل ,ولأنتهت مشاكلي المالية لتبدء رحلة البحث عن مشاكل إستثمار هذا المال في ظل مشكلة الأزمة المالية . ليس هنا مربط الفرس أو الحمار أو النعجة ، بل هناك في مشكلة أخرى حيث أن المشاكل تنتهي وتبدء مشكلة أخرى ، ولكن ثمة مشكلة نبتت من مشكلة ومتواصلة معي منذ الطفولة ، فأنا وأعوذ بالله من كلمة أنا ومشكلاتها ، عندما كنت صغيرا ومشاكلي صغيرة كنت ألعب مع أطفال القرية وفجأة تسلقت جداراً وفجأة أنهار الجدار عليّ وعلى مشاكلي ، جلست في المستشفيات أربعة أشهر وعشرة أيام ! أتعرفون ماذا يعني أربعة أشهر وعشرة أيام ؟ أنها مدة العدة التي تقضيها المرأة عند وفاة زوجها ! أليست هذه مشكلة ؟ لا بالنسبة لي شيء عادي ضمن مشواري المشكلاتي. قرر الأطباء أن تقطع أصابع قدمي اليسرى وأنه ليس من علاج إلا ببتر هذه الأصابع ، وإلا لأصبت بالغرغرينا ، وهذه ليست المشكلة وليست المشكلة التي تلقاها أبي وأنا في غرفة العمليات من صاحب الجدار طالباً غرامة على جداره الذي سقط عليّ ، بل في مشكلة أخرى تسوف تستمر طوال العمر . بتر الأطباء أصابعي ، وأصبحت يتيماً من الأصابع ، ونبتت بدل الأصابع المبتورة مشاكل عديدة أهمها كيفية الحصول على حذاء يناسب قدميّ ، حيث أن قياس القدمين مختلف بين قدم وأخرى ، اليمنى أطول من اليسرى ، أدخل محلاً وأسأل صاحبة عندك حذاء فردته اليمنى أربعين واليسرى ستة وثلاثين ، ليطردني فور سؤالي . ستقولون لي طيب أشتري حذائين واحد مقاس أربعين وواحد مقاس ستة وثلاثين ؟ ليست المشكلة في النقود الشحيحة التي لديّ ، بل المشكلة الحقيقية أنه ليس كل الأحذية مريحة لقدمي مبتورة الأصابع ، في إحدى المرات وجدت حذاءً مناسباً لقدمي فبكيت فرحاً وذهبت للمسجد كي أسجد لله شكراً فسرق الحذاء من باب المسجد ، لتبدء المشكلة من جديد . يشرح لنا أستاذ اللغة العربية عن الأمثال وقصصها وكتب على السبورة ( وعاد بخفي حنين ) وشرح قصته وسألنا إن كان لدى الطلاب سؤالا فرفعت أصابعي وسألته أين يمكنني أن أجد خفيّ حنين ، لأنني توقعت أنهما يصلحان لقدميّ ، فضربني الأستاذ ، لتبدء معه مشكلة ، وجاء بعده أستاذ التاريخ وشرح قصة حذاء الرئيس خروتشوف في الأمم المتحدة ، فسألته أين الحذاء الآن فلربما يناسب مقاس قدميّ ليضربني من جديد . لـأتخلص من مشاكل الضرب في المدرسة وأحذيتها ذاكرت جيد ودخلت الجامعة متخصصاً في الصحافة والإعلام ، وشرح لنا المحاضر عن الصحافة قائلاً : إنها مهنة البحث عن المتاعب ، هل أنا بحاجة إلى متاعب إضافةً لمتاعبي ومشاكلي ؟ لا أدري متى تنتهي مشاكلي . مشكلة عويصة وملازمة لي هي هذا الحذاء لا أحسد أصدقائي على زوجاتهم الجميلات ولا على سياراتهم الفارهة ولا أموالهم بل على أحذيتهم ، وبكل صراحة وجدت أحذية مناسبة لقدمي بعدما أستشرت الأطباء ، ولكن المشكلة ليست فقط أن الأحذية المناسبة لي نسائية بل بكعبٍ عالٍ ، سأقطع قدمي ولا أفعل هذا . يوم الأحد كنت نائما وجاءني في المنام رجلاً يشع النور من وجهه ، راكباً حصاناً وسط جنات خضراء قائلا لي : يا بني العزيز .. يا أنت يا صاحب المشاكل الحذائية ، سوف تنتهي مشاكلك جميعها وستجد حذائك المناسب ، أستيقظ وأفتح التلفزيون ليس لترى ما يحدث لأمة قال عنها الشاعر : شعب اذا ضرب الحذاء برأسه صاح الحذاء بأي ذنب أضرب ، بل ستجد عندما تفتح التلفزيون حذاءً جيدا يناسبك وهو مخصص لك وسوف لن تجد طوال حياتك مثل هذا الحذاء ، وسوف تنتهي مشاكلك ليس مع الأحذية جميعها بل جميع مشاكلك في الحياة ، فور أن تنتعل ذلك الحذاء سوف تنهي رحلة المشاكل لتبدء رحلة السعادة . أستيقظت فرحا فتحت التلفزيون ووجدت الحذاء طائراً في وجه رئيس أقوى دولة على وجه الأرض حاولت أن ألتقطه وكأنني بينهم ، وبكيتُ بحرقة حذائي ، حذاء السعادة ، حذاء المجد ، فقط أنا أرى السعادة طائرةً ولا أعيشها ، حذائي أرجوكم حذائي ، الحذاء الذي سينهي مشاكلي جميعها أرجعوه لي . . هل هذه مشكلة . | ||