الهوم شوك
12-30-2009 11:44 مساءً
0
0
871
الهوم شوك
للكاتب : عبدالرزاق الربيعي
قبل أسبوع عاد أخي الأصغر الى العراق بعد عامين أمضاهما في الصين لإكمال دراسته العليا ,ورغم إنه كان قد غادر بغداد في عز الحرب الأهلية والإقتتال الطائفي وظننا أن عودته جاءت بعد ذيوع صيت (التحسن الأمني)عبر وسائل الإعلام ,الا أنه أصيب بخيبة أمل وغمرته موجة إكتئاب حاد ,ويأس!!
نقلت الحالة المؤلمة التي أصابت أخي الأصغر الى أخي الأكبر المقيم حاليا في الصين , فقال : هذه حالة طبيعية تسمى (صدمة الوطن) أو (الهوم شوك) , وراح يحدثني عن دورات تأهليلية دخلها حين كان يستعد للعودة لبغداد خلال منتصف الثمانينيات قادما من نيوزيلنده بعد غياب دام أربع سنوات , حيث تلقى خلال تلك الدورات محاضرات في التأقلم مع الوطن لتلافي آثار تلك الصدمة!!
أدهشتني تلك المعلومة التي أسمعها منه للمرة الأولى , فلم أكن أعرف أن الإنسان ما أن يحمل حقيبته ويضع جواز سفره بجيبه حتى يعد نفسه للعديد من الصدمات : صدمة مفارقة الدار والجار وملاعب الصبا , والاحباب والأصحاب ,والهواء والماء وخيبات الحب الأول و أرشيف الصور وشهادات الطفولة والتفاصيل الصغيرة , وووووو
ثم تواجهه صدمة جديدة هي صدمة المكان الجديد والتأقلم معه والبحث عن أصدقاء جدد لتعويض ما قد سلف من جلسات ولقاءات وضحكات صارت جزءا من ماض سحيق !!
ثم تتوالى الصدمات , فكل إنتقال من مكان الى آخر هو صدمة جديدة موجعة, كل كلمة تجعلك تتحسس جواز سفرك صدمة , يقول الجاحظ \"إذا نويت التغرب فلا تنس نصيبك من الذل \" !!
كل نظرة تشعرك بأنك لست على أرضك صدمة
حتى التغيرات المناخية الطبيعية للمكان الجديد الذي يأوي غربتك صدمة
أن تسمع لغة لا تفهمها صدمة
أن تحدث مناسبة في المكان الأول بينما تمر بمكانك الجديد مرور الكرام صدمة
أن تبعث رسالة وتعود اليك لتغير العنوان صدمة
أن ترى امرأة لا تراك صدمة
وتراك امرأة دون أن تقدر أن تراها صدمة
وهكذا يتلقى ذلك الذي ركب المسافة عدة صدمات , لكن ما يخفف عنه الأزمة أنه سيعود بعد أن ينتفي سبب السفر ليوقف سيل الصدمات , لكن أن تكون هناك صدمة تنتظره في المكان الأول , فتلك هي الصدمة الكبرى , ولربما يحتاج شخص مثلي طعن في التغرب (تجاوز ال15 عاما) الى دخول (مصحة ) وليس دورة تأهيلية لتخفف هول تلك الصدمة خصوصا إذا عاد لبلد جريح مثل العراق !!
لكن ما يخفف هول تلك الصدمة المنتظرة أنني عشت معظم سنوات تغربي في عواصم عربية , أسمع لغة أفهمها وتفهمني, أتعامل مع أناس من طينة تكويني , حيث العادات والتقاليد واحدة ومتشابهة , فكانت تلك الصدمات أخف وطأة, من صدمات حدثني عنها أصدقائي الذين أقاموا في بلدان غربية , لذا ف(الهوم شوك) ستكون أخف وطأة أيضا .
هكذاصرت أمني نفسي !!
للكاتب : عبدالرزاق الربيعي
قبل أسبوع عاد أخي الأصغر الى العراق بعد عامين أمضاهما في الصين لإكمال دراسته العليا ,ورغم إنه كان قد غادر بغداد في عز الحرب الأهلية والإقتتال الطائفي وظننا أن عودته جاءت بعد ذيوع صيت (التحسن الأمني)عبر وسائل الإعلام ,الا أنه أصيب بخيبة أمل وغمرته موجة إكتئاب حاد ,ويأس!!
نقلت الحالة المؤلمة التي أصابت أخي الأصغر الى أخي الأكبر المقيم حاليا في الصين , فقال : هذه حالة طبيعية تسمى (صدمة الوطن) أو (الهوم شوك) , وراح يحدثني عن دورات تأهليلية دخلها حين كان يستعد للعودة لبغداد خلال منتصف الثمانينيات قادما من نيوزيلنده بعد غياب دام أربع سنوات , حيث تلقى خلال تلك الدورات محاضرات في التأقلم مع الوطن لتلافي آثار تلك الصدمة!!
أدهشتني تلك المعلومة التي أسمعها منه للمرة الأولى , فلم أكن أعرف أن الإنسان ما أن يحمل حقيبته ويضع جواز سفره بجيبه حتى يعد نفسه للعديد من الصدمات : صدمة مفارقة الدار والجار وملاعب الصبا , والاحباب والأصحاب ,والهواء والماء وخيبات الحب الأول و أرشيف الصور وشهادات الطفولة والتفاصيل الصغيرة , وووووو
ثم تواجهه صدمة جديدة هي صدمة المكان الجديد والتأقلم معه والبحث عن أصدقاء جدد لتعويض ما قد سلف من جلسات ولقاءات وضحكات صارت جزءا من ماض سحيق !!
ثم تتوالى الصدمات , فكل إنتقال من مكان الى آخر هو صدمة جديدة موجعة, كل كلمة تجعلك تتحسس جواز سفرك صدمة , يقول الجاحظ \"إذا نويت التغرب فلا تنس نصيبك من الذل \" !!
كل نظرة تشعرك بأنك لست على أرضك صدمة
حتى التغيرات المناخية الطبيعية للمكان الجديد الذي يأوي غربتك صدمة
أن تسمع لغة لا تفهمها صدمة
أن تحدث مناسبة في المكان الأول بينما تمر بمكانك الجديد مرور الكرام صدمة
أن تبعث رسالة وتعود اليك لتغير العنوان صدمة
أن ترى امرأة لا تراك صدمة
وتراك امرأة دون أن تقدر أن تراها صدمة
وهكذا يتلقى ذلك الذي ركب المسافة عدة صدمات , لكن ما يخفف عنه الأزمة أنه سيعود بعد أن ينتفي سبب السفر ليوقف سيل الصدمات , لكن أن تكون هناك صدمة تنتظره في المكان الأول , فتلك هي الصدمة الكبرى , ولربما يحتاج شخص مثلي طعن في التغرب (تجاوز ال15 عاما) الى دخول (مصحة ) وليس دورة تأهيلية لتخفف هول تلك الصدمة خصوصا إذا عاد لبلد جريح مثل العراق !!
لكن ما يخفف هول تلك الصدمة المنتظرة أنني عشت معظم سنوات تغربي في عواصم عربية , أسمع لغة أفهمها وتفهمني, أتعامل مع أناس من طينة تكويني , حيث العادات والتقاليد واحدة ومتشابهة , فكانت تلك الصدمات أخف وطأة, من صدمات حدثني عنها أصدقائي الذين أقاموا في بلدان غربية , لذا ف(الهوم شوك) ستكون أخف وطأة أيضا .
هكذاصرت أمني نفسي !!