• ×
الجمعة 10 أكتوبر 2025 |

أمير الشعراء : البحث عن المفقود

0
0
983
 
أمير الشعراء : البحث عن المفقود
للكاتب : أسعد المحرزي


إنبهرت في أول جولة من جولات مسابقة أمير الشعراء بهذا الزخم الإعلامي الهائل الذي يغطي العالم العربي من الخليج إلى المحيط ، وذهبت بهذا الذهول إلى أحد الزملاء أسأله: هل رأيت الجولة الأولى من مسابقة أمير الشعراء؟ كان رده البارد ذا وقع شديد على نفسي حيث قال: ومتى سحبت الإمارة من أحمد شوقي ؟؟

فعلا، هل نملك الحق الآن أن نسحب الإمارة من أحمد شوقي ؟

ومن تلك اللحظة أمعنت الفكر في هذه المسابقة التي إستحوذت على عقول وعواطف الكثير من الشعراء والمتابعين لها. هل أشارك فيها حالي من حال الجميع.. ربما أنجح وربما أفشل .. ولكن لا بأس .. فلا حياة مع اليأس .. ثم وقفت عند نقطة أخرى وهي غياب شعراء الساحة كالراحل محمود درويش (الذي شهد الجولات الأولى قبل وفاته) أو أحمد مطر أو أدونيس أوفاروق جويدة وغيرهم من شعراء الساحة ؟ أين هم عنها؟

ثم إسترعى إهتمامي تعليق أحد الشعراء الذين لم يتأهلوا للأدوار النهائية واصفا لجنة التحكيم بأنها لجنة تقليدية .. كلاسيكية .. فكرت في كلامه ووضعت نفسي محكما معهم فأنا لست نثريا .. أو كلاسيكيا .. وربما لو طلب مني تقييم شاعر من إحدى هاتين المدرستين فلن يكون نصيبه مني سوى الخروج من المسابقة وسأقوم بترشيح أبناء المدرسة الرومانسية التي أعشقها.. فالأذن يا سادة )تسمع ما تعشق(.. فهل سيكون ذلك عدلا في حق الشعر أو الشعراء ؟؟

أم هل من العدل تقييم الإلقاء كجزء من مهارات الشاعر وغض النظر عن جمال القصيدة وموضوعها؟ وبعد ذلك تقييم لغة القصيدة الذي يعني بكل صراحة خروج غير الشعراء الكلاسيكين (كالحداثيين) من باب عدم الإلتزام بالرصانة اللغوية وإستخدام ألفاظ دارجة!

وحينما سئل أخونا .. ما معنى الكلاسيكية؟ قال: أن أكون من مدرسة المتنبي وبس! وعدا ذلك غير مجاز...!! فهل يجوز حصر الشعر الفصيح في مدرسة واحدة فقط؟

بعد نصف ساعة من متابعتي للجولة الثانية أصبحت لا أسمع سوى إسطوانة مكررة من القصائد (عن قضايا الساحة المعروفة) .. وأسطوانات تتكرر من التعليقات ( أعجبني .. أذهلني .. سحرني.. لم توفق.. أنا أجيز .. أنا لا أجيز..) ثم إبتسامة لطيفة وخروج من الباب وكأنه نسخة طبق الأصل من برنامج American Idol الأمريكي في إكتشاف المواهب الجديدة.


لكننا قد نتميز بعاطفة عقائد تغلب وبكر .. وعبس وذبيان التي تتجلى في رسائل التصويت المبايلي ... (الفزعة يا أولاد العم رشحوا ولد بلادكم!) .. دون أدنى مراعاة لجمال النصوص الأخرى بغض النظر عن جنسيات المرشحين.. وهنا سألت نفسي: هل هذه منافسة شعرية أم منافسة في التشجيع على الهوية..؟؟

أهداف مشروع المسابقة كما وردت هي: النهوض بشعر العربية الفصحى، والارتقاء به وبشعرائه، وتثبيته على واجهة الأدب العربي، والترويج له في الأوساط العربية ... اكتشاف المواهب العربية التي لم تتح لها فرصة الظهور الإعلامي مسبقاً .. تغيير خارطة الأدب العربي بعد مشاكلات الإعلام الحديث، وإعادة ترتيب أوراق الساحة الشعرية الفصحى بما يضمن لها رجالاً قادرين على حمل راية الفكر العربي الأصيل!

وهنا أضع علامة التعجب متسائلا عن كيفية مساواة الموهبة المكتشفة بلقب الأمير جملة واحدة، لأن أمير الشعراء (شوقي) قد رحل ورحل معه زمانه بكافة أوضاعه وخصوصياته السياسية والإجتماعية والإقتصادية..ونحن أبناء جيل جديد له زمنه ومعطياته فلماذا لا نتعامل معه بواقعية ونترك له حرية الألقاب بما يتناسب مع ما هو موجود في الساحة؟

خصوصا وأنه في حياة شوقي ومن بعد رحيله ظهر فيلق من الشعراء الكبار كالجواهري وجبران وأبوماضي والسياب ونزار ودرويش ... والكثير الكثير الذين أثروا الأدب العربي ولم يكن لهؤلاء نصيب في ولاية الإمارة أو التنافس عليه على الرغم من مكانتهم العظيمة... ربما تقديرا وإجلالا لشوقي.. أو إنشغالهم بالرسالة الشعرية عن الألقاب.. أو البحث عن لقب آخر.. أو..الخ

أيضا ما هي الآليات والطرق المتبعة في المسابقة التي من شأنها ((تغيير)) خارطة الأدب العربي؟؟ ... أقصد هل كنا في نكسة أدبية حتى نحتاج إلى ترتيب ((أوراق الساحة الشعرية))... ولو كنا في نكسة من الذي سيقوم بهذا الترتيب؟؟

وهل يتم حل مشكلات الإعلام الحديث بإعطاء رسائل الموبايل الدور في تغيير هذه الخارطة بدءا من تجريد أحمد شوقي من لقب الإمارة؟ ثم تولي أمير ثاني .. وثالث.. و.. و..

هذه مجرد علامات إستفهام أو حروف في حاجة ماسة إلى نقط ... وإلى ذلك الحين سأحذو حذو من إبتعد عن اللقب.. لأنني لا أملك القدرة على تغيير الواقع .. فأنا سأبقى من أنا .. وشوقي سيبقى هو الأمير.