ترنيمة من خشب
ها قد رحلوا ثانية
والشجر يزمجر
أغنية الموت على صدري
وأنا مذ صادفت الرؤيا
آمنت بعينيك وحبي
لن أتراجع
عن عمري الآتي يا سوسنتي
لن أتلفت في عقبي
إني بحر يهذي
يمطر شطآن الحزن حياة
ويعيد العشاق إلى الراكب
يحزنني أكثر ما يحزنني
الصمت الموحش في عينيك
وتزوير الشحاذين لباقة كتبي
لكن لن أبحث عن دفء الغرفة
في ليلة برد في عمّانَ
لن أعبر في صف بقايا اللجب
ها قد رحلوا.. لا تتأسي
هذي الليلة نسجت أمساً
هذا القلب حزين
والصارخ في وجه الظلم قتيل
لا يفهم من وجع الحب سوى النسب
وهو إذا صادفه عسس الليل
حشروه بزاوية
وامتصوا دمه
من أجداد الأجداد
إلى العصب
***
ها قد رحلوا
ومطار القلب تأشيرة سفر أخرى
نحو الحجب
يسعدني أنك مازالت هنا
تلهث قامتك الصحراء
وعند الظهر
تزورك شمس من شهب
لا أحتمل
سيوف المجد معلقة
والليلك في عقبي
يلسعني بدماء الأطفال الرضع
(بلختيارة) أعادت شجوى أندلس
ضاعت من بين رجال العرب!!
***
ها قد رحلوا ثانية
والشجر يزمجر
أغنية الموت على قلبي
وحدي أقتطع الغرفة في المستشفى
وأدخن، فيما أذكر، من عقب
يستنهضني الحال فأصرخ:
يا رب! ما كان حرياً بي ذنبي
لن أتراجع
لن أتراجع...
حشيشة قات في حلقي
في قلبي يولد غزل بدوي
يحرق صيفاً مكسواً بالعنب
لن ينظم إلى الركب شهيد آخر
ما دمنا نتغنى بالخطب
بمآثر هذا الشرق وقد رحلتْ
في زمن الردة والتعبِ
***
ها قد رحلوا ثانية
من ينصفنا؟
أنفسنا لم ننصفها
وأنا تقتلني كأساً أخرى
كي أنسى
عشر قنان قد فرغت
هذي الليلة
والمستشفى جن جنوناً
حتى أركبني في غضبي
***
ها قد رحلوا ثانية
والشجر يزمجر
أغنية الموت على قلبي
وأنا مذ صادفت الرؤيا
آمنت بعينيك وحبي
لا.. لن أتعجب
ما دام الحال من العجب
لكن عن عينيك أُحدَّثُ
أتلمس فيما تتلمس هذي الأكوام
من الخطب
***
عيناك
بريق يهديني
وطناً بالعزة كالسحب
كنا في عينيك نجوماً
فقعي الذئب من السغب
طاردنا حتى أقصانا
من مجد السُحب إلى الشُعبِ
أردانا
أمة جهل قد ضحكت
من فرط يتامتها
من بعد حضارتها
ترنيمة عز من خشب عمّان 6/2/1990
|