Deprecated: Function ereg_replace() is deprecated in /home/alsultanah/public_html/story/init.inc.php on line 55

Deprecated: Function ereg_replace() is deprecated in /home/alsultanah/public_html/story/init.inc.php on line 56

Deprecated: Function split() is deprecated in /home/alsultanah/public_html/story/functions.inc.php on line 268

Deprecated: Function split() is deprecated in /home/alsultanah/public_html/story/functions.inc.php on line 271

Deprecated: Function split() is deprecated in /home/alsultanah/public_html/story/functions.inc.php on line 271

Deprecated: Function ereg_replace() is deprecated in /home/alsultanah/public_html/story/members.php on line 227

Deprecated: Function ereg_replace() is deprecated in /home/alsultanah/public_html/story/functions.inc.php on line 29

Deprecated: Function ereg_replace() is deprecated in /home/alsultanah/public_html/story/functions.inc.php on line 29

Deprecated: Function ereg_replace() is deprecated in /home/alsultanah/public_html/story/functions.inc.php on line 29

Deprecated: Function ereg_replace() is deprecated in /home/alsultanah/public_html/story/functions.inc.php on line 29

Deprecated: Function ereg_replace() is deprecated in /home/alsultanah/public_html/story/functions.inc.php on line 29
المجموعات القصصية للسلطنة الأدبية
  
 

قسم قصص
البؤرة
تاريخ الإضافة: 30/06/2011 رشح | إهداء

                                        البؤرة

يتطاول عليها الاستغراب، ويسد حلق الذاكرة، تنبّهت كيف إنها اغتصّت سابقاً في النصف ساعة التي انفردت معه، والآن تغتصّ تماما كما تلك المرة، ولكن قبالة صديقتها التي لم تهدأ ولو لبرهة مذ جاءت لزيارتها.. قبل شهر؛ لم تكن تتوقع بالمصير المباغت الذي قادها إليه ولا النتائج اللاحقة عن الاجتماع معه، ولم تتصور يوما بأنها قد تُحتجز هناك بذكرياتها لما تبقى لها من الأماني الممتدة على ضفاف الترقب.. يفر منها زمام التركيز ويبدد إنصاتها لكل ترهات قاسية تصدر عن صديقتها الزائرة. تسترق النظر في المرآة المصلوبة أمامها، ثم تختبئ من نفسها قبل أن تضبطها أحاسيسها مرة أخرى وهي تحاول مواراتها بشال من التغاضي..
تسمع رجْع صوتٍ ما، كانت قد انسلخت عنه بعيدا بفكرها، ولكنه يرتد إليها معاندا ومتقنا فن البقاء: مشاعرك معاقة وأحاسيسك عاجزة... كلمات تفوهت بها صديقتها، فخدشت حياء القلب.
ولكن أيعقل هذا؟؟؟ أصحيحٌ خبر إعاقتها؟! سؤال لا ينفك أن يمرق عليها فيؤويها، ثم يقيم بها مستضيفا الحيرة والعجب..
الكثير من المسائل والأمور التي أصبحت عُقد هرمة شائخة استعصى عليها السير بها، فجمدتها كليا وأقعدتها في بقعة خاملة من العمر، خالية من العكاز. تدرك جيدا مدى عبثية العثور عن إجابات مقنعه لحكم القضاء والقدر..
استحضرت ما مضى منها، كانت طفلة تبكي بها فجائع الحياة ويتمثل لها الشقاء بشتى نواياه، اكتظت عليها المحن وأودعتها مع الكبت في زنزانة من الخوف، ليتكفل بلجم وتكميم حاسة النطق لديها، فصمتت دونما شعور بفارق كبير حينها، سواء تكلمت أم صمتت فلا قيمة لكل ما كانت ستتفوه به حينها، ولكن مؤخرا لماذا أصبحت كلماتها ثورة، وشهادة قد تدينها في الحق؟!..
ذاكرتها مثقوبة بظل والدها، الذي لم يكن يحمل من الأبوة إلا الشحيح؛ بل انه معدم من العاطفة تماما، فلم يكن ظله يدفئ شتاء الحياة في صقيعه، ولم يُهدئ حر الصيف في لهيبه، إذ انه خلا من كل معنى، فقط حمل المسمى وكفى. وعندما شارفت في الثامنة من العمر غادر دون عذر ولم يعد بعدها، لم تفهم رحيله كما لم تترقب عودته، ولم يفعل أحد ذلك، فوجوده كان كغيابه، لم يترك خلفه فراغا حائرا، ولكنه خلق مسؤولية ممتعضة لم يفي بها قط، بينما دفن في جوفها هالة من الغاز ملتهبة، فارت بها، إلى أن غلت من التفكير ثم انفلتت مع الهواء متطايرة، ومع ذلك لم تكترث بل فرحت لتبخرها وفقدانها..
لم تكن والدتها بأفضل منه حالا، كانت تملك ذلك الظل البؤري بغموضه والذي ابتلع لسانها وأخفى صوتها في عتمته، فمع زجرها المتكرر والتوبيخ الدائم لها، نشئ السكون معجونا بصمتها، فمعها لم تقع مكتشفة، بأنها مزودة بحاسة النطق المطلقة وقدرة الكلام بحرية كسائر البشر. إذ اكتفت بتدوين كل ما اندفع من غزارة مشاعرها وأفكارها عوضا عن الثرثرة لمن هم في سنها، ولم تأبه لذلك أيضا وقتها..
فلماذا تشعر الآن إن هناك صوتا يتفتح مزغردا في حنجرتها، وثمة دفق لشريان من ضجيجٍ ما يتفجر في أوردته. ياللهول!! هذه مَلكة لم تختبرها مسبقا ولم تنل شرف تجربتها، وان كانت موجعة ومؤلمة بعض الشيء ولكنها تجربة فريدة لم تتوقع سريانها، بدأت الدهشة تمد لها يدا للمصافحة، ولكنها تعمد التملص من قبضتها، فتباغتها بعناق بدل الاكتفاء بضم راحتيها..
هزتّها يد الواقع، فأرجعت بالسمع لصديقتها، كانت ما زالت تثرثر. أطفأت النظر إلى نفسها تحت شمعة الماضي وأشعلت حاضرها، يا ترى ما الذي تبدل بها؟ قلبها أم عقلها؟ أو ربما كلاهما معا؟
قبل شهر، عندما قابلته لمرة يتيمة لن تتكرر في مكتبه، تهيأت له تشحذ شجاعة وتعبئ جراءة وتتزود بلسان ادخرته سنين طوال، لتصرف كامل حديثها بوفرة وسخاء لمرة واحدة ومعه فقط، لكنه لم يتحرك هذا اللسان المتقاعس، خذلها وتحجّر. تخلى عنها وتبرئ منها.
لم تجد نفسها إلا متكئة على دموعها، لم تدر لماذا ذرفتها مجزية كسيل! ولم تستوعب أيضا متى تقافزت باذخة من محجرها!! تتذكر فقط حين كانت تشهق بكاءً مع جمل متقطعة بنحيب وهي تقول: لست ضعيفة بالرغم.. من بكائي.. لن أغير رأيي.. ولن أبدل شهادتي مهما حدث.. أعلم باني لست مهمة في الحياة.. ولن تحدث معجزة تنقذني ولا اعلم ما سيحدث لي، ولكن مصرة على رأيي..
كان هو من يضغط عليها، محاولا إثناءها عن رأيها وتحوير أقوالها بنقيض ما أدلت به في المحضر..
كانت تشيح بوجهها عنه لئلا يكشف دموعها الفاضحة لها مسبقا، كانت تخاف أن يتجاوز بنظره إلى قلبها، فيسترق النظر على ضعف قصي، يئن في حنايا الروح..
احتارت، كيف لشخصا ما أن ينهرك، فينهمر على قلبك ليغسل ما علق به من رواسب سنين!! رأت قلبه مشفقا، مختلطا، ذائبا في قنينة ماء ناولها لتشرب، تناولت القنينة ولكن لم تدر ماذا تفعل بها وان كانت في أمسّ الحاجة إليها!! وقتها أرادت أن تنثرها على حمى مشاعرها لتنطفئ، وترتشف قطراتها لتهدئ ثورة من حروف متقطعة تفوهت بها وجعا وعنادا..
لم تتنازل عن موقفها، ولكنه كان مصرا على التجلد أيضا، محاولا إيقاظ قسوة غفت عنه، أشار عليها أن تغير أقوالها، صمدت بكبرياء ونفسها تتداعى داخلها وتتشظى منشطرة.. تبرأت من دموعها متصنعه الصلابة والقوة، وتنصلت من عيناها، فأخفتهما وراء نظارة كبيره معتمة عساها تواري زلة عبراتها الجارفة. بعد الاجتماع فرّت من مكتبه، أحست كمن طُرد وسِيق إلى الخارج ملفقا بأغلال من التورط والفشل.
لم تترقب السائق الذي يقلها إلى البيت في قاعة الانتظار، بل هرعت متخاذلة، تسيح منفردة خارجا؛ أمام المدخل الرئيسي لمكتبه الخانق، لتبث فشلها في رحابة الفضاء؛ عله يخف من ضغط وقمع مارسه عليها عنوة. بدت الحياة ساعتها عميقة ساحقة، أرادت فقط حضنا ضيقا لترتمي في حدوده الدافئة، فيقلص الثقب الرحب الذي تهاوت فيه منزلقة، وعندما تطلعت إلى السماء ظهرت بؤرة شبيهة بتلك المقترنة بظل والدتها، ولكن هذه ابتلعتها كاملة ولم تكتفي بصوتها فقط. شعرت بالفزع يمد لها ذراعيه مطوقا دونما حضن؛ ذاك الذي تمنته يحوطها ولو للحظة.. قلبت في هاتفها تبحث عن مفر يربت على انهيارها، لم تجد من تصرف له شعورها بوحاً، فكبتت إحساسها ونقّدت نفسها مبلغ خيبتها دفعة واحدة دون تقسيط، حاولت مغالبة غواية خداها لذرف المزيد من الدمع، ذاقت إهانة ساخنة في محاولة إثبات طغيان، شربت علقما من حنظل صدقها.. سمعت جلبة تقترب من الخلف، هو ذاته مر عابرا من أمامها إلى سيارته مصحوبا بحراسة ، وكان هناك شخصا ما يستجدي عطفه، حمدت ربها وغبطت نفسها إنها لم تكن في موقفه، بدا الرجل محتاجا إلى مساعدة، يمسك بيده ويهزها برجاء طالبا شيئا ما لم تدرك طبيعته. اعتذر من الرجل المسكين مبتسما بكل لطف ورحل، غادر بعد نظرة قذفت بها إلى الجحيم. حينها رفرف حزنها طائرا، تعالى وتعاظم دونما مبرر ، تمنت لو أنها رحلت قبله، لكنه خلف لها حزنا ناميا وغاب عنها.. عادت إلى البيت، حاولت النوم، تعقبها القلق إلى المخدع، افترش قريبا بجانبها وغطى منها كل جزء، شهر كامل لم تفكر بسواه. مارس طغيان البقاء والخلود معا، معربدا بها، مستوليا عليها.
بعد شهر من الصبر والترقب المريرين؛ صدر الحكم في القضية التي كان يحقق بها، الإنصاف لصالح من شهدتْ لهم في الحادثة. كان العدل قد طبق بحذافيره، لم تُهتك البراهين قيد أنمله، استهلتها السعادة مجددا وارتسخ بها الرضا بعد الحكم المنصف لأقوالها. لكن وبالمقابل نسج لها غما من حرير يغطيها وشاحا ساهدا، مؤرقا كل ليله من لياليها، كانت أحلامه تباغتها كأفلام هندية تتندر عليها عند استفاقتها صباحا، فمرة أتاها في رؤى، وكأنهما يجريان معا إلى أن جرفتهما موجه أتت من المجهول وتفاءلت حينها برؤية الماء خيرا... كانت تنفلت من نفسها إليه حتى غدا لها بطلا خياليا. داعب وحدتها وتسلل ناحيتها منتهكا سياج قلبها المحاك بعناية، ارتكب وجدها وشوقها له نوائب آلمتها، حاولت أن تنفذ من بؤرته الشرهة هو الآخر، ولكنها التهمتها بشهية أيضا، وأضاعت لسانها المخبوء في صمته، فابتكرت له لغة صامته متماشية مع بُكمها، وكان حريا بها أن تختلق له عالما آخرا يفيض منه في هذيانها، وحدها ترى وجهه المشع والمقتضب بحدقتين تنمان عن ذكاء وعناد، وعينان محاطتان بهالتان من لون وردي لم يلمحه سواها، وبتلك الطريقة الآسرة لها، وذلك ما أثار غرابتها وهي تتداول ذبولها اليومي في ذاك الورد المتفتح منه، وعندما وشوش قلبها بخلجاته لصديقه مقربة صرحت لها تنقب عن حقيقة مدفونة في باطنها قائلة: أنتي معاقة، مشاعرك عاجزة منذ طفولتك. تحبيه وتعاندينه معا في القلب ذاته..
صعقت من تعرية نفسية كهذه. وهي من شمّعت قلبها بحظر الدخول إليه، نكاية في رحيل رجل كان هو والدها. الذي ظهر انعكاسه في أطياف بقية الرجال من بعده. ولكن كيف تجرأ هو بحرق الشمع وخرق الحظر؟ ومتى فعل ذلك؟! هذا الغريب الذي لم تقابله إلا مرة واحدة مستبدة، حاول فيها الدفاع عن ظلم واقع في حضرته.. بكبرياء وغرور لم يصدق نفسه! وكأنه بطل مخول بالنصر الدائم، اخطأ هدفا كان له حق إحرازه، هو المتمايز عن البقية بالكمال، لم يتصور قط بأنه لم يتنبأ مسبقا بظلم سيقع لاحقا في منطقه تعهد بحمايتها؟ مغرور بمركزه ونفوذه، وكأنه احد الآلهة التي تصيب العدل المطلق دوما، ودون مجال للمجادلة أو للاستنكار..
غريبٌ هو أمره معها!!! بل والأغرب هو أمرها مع ذكرياته!
استنكرت انه قد يتذكرها واجزمت بُداً بأنه ولعله قد نسيها تماما الآن، حزمت صمتها موضّبة الكتمان في طيات قلبها، وأفردت المجال للبؤرة بأن تهضمها نهائيا مع عجزها من نسيانه. وكلت أمرها للتخاذل والإخفاق واستسلمت لحديث صديقتها ليضرم نار الولع بها.
بينما كان الحديث ما زال دائرا من صديقتها؛ رن الجرس، فذهبت لتفتح وكان شخصا يسلمها إشعارا من جهة ما، تعلن عن صرف مكافأة لها عن شهادتها المساندة للعدل والإدلاء بالحق..

إشراق النهدية




قصص

البؤرة
لغز المقبرة
تمرد
الرجال قوامون
تساقط

تساقط
قطومة
لغز المقبرة
الرجال قوامون
الأحمر

الشعراء الدواوين القصائد

Powered by: kahf diwan Version 2.1.0 Copyright ©1999-2025 www.alkahf.net