الرجال قوامون

ها هو مرةً أخرى لا يدع لها مجالاً في شيء، إذا حدث سهوا وسبقته بخطوة واحدة فقط  وعن دون قصد، تضطر إلى سماع هذه الأسطوانة المعنّفة لمدة نصف ساعة تالية: أرجعي يا امرأة للخلف، آلا تعلمين بأن الرجال قوامون على النساء؟!....

 تكلم مهرولا، قاذفاً لها بعتاب؛ تلك الجملة المألوفة لديها، محاولا ً مجاراة خطواتها السريعة من أجل اللحاق بها والتباهي بالمشي أمامها, وكأن الرجولة مفاخرة، لا يمكن إثباتها إلا في سباق ولا تأكيدها إلا في عراك......

ابتسمت من حماسته المفرطة التي هي في غير موضعها، ولكنها تعلم بان زوجها رجلٌ طيبٌ وساذجٌ نوعا ما، قابلته في أحدى ورش عمل المدرسين. كان موجّه تربية إسلامية وهي معلمة لغة عربية، تبادلا الإعجاب و تزوجا من فورهما..... ولكن أصحيحٌ ما يتناقلهُ المصريون بأن (الحلو ما يكملش) ؟!..... سؤالٌ بات حائرٌ بها، ويقودها في مجادلات عقيمة، يجبرها على الإخفاق، والتخاذل من إحراز أي نصر  في حضرة زوجها القوام، حيث لديه اعتزاز خارق بالرجولة زيادة عن اللزوم، وروح تنافس شديدة بالرغم من غياب المنافس أو الند الجدير به.....

فمثلا؛ إذا التحقتْ بدورة تدريبية أو تعليمية فانه ينضم بعدها إلى دورتين أو ثلاث حتى لا تتفوق عليه في شيء, وإذا أبدتْ ميلا إلى هوايةٍ ما؛ فإنه يخترع واحدة ويحاول ممارستها, وإذا قرأتْ كتابا جديدا فانه يسارع إلى أكبر مكتبة في الجوار ويقتني عدة كتب مدّعيا قرأتها......

في العام الماضي؛ حين نجحت في تعلم قيادة السيارة واستخرجتْ الرخصة, قال لها مازحا: أتمنى لو أستطيع قيادة الطائرة.... هي تعلم بأنه جادٌ في ذلك ويعني ما يقول، وإن بدا وكأنه يمزح معها، لكنه زوجها وتعرفه جيدا، ولا شيء لديه يعلو على شعار: القوامة للرجل....

حتى جاء الوقت المناسب بعد سنة ونصف، وسنحت لها الظروف بفرصة مجزية، بعد أن رُزقا بطفل, حيث قررا أن يفتحا حسابا خاصا له في البنك، ويتشاركا في جمع مبلغ مالي إلى حين يكبر ويستنفع به، وفي أول موعد لإيداع مبلغ مالي، قالت له:سأشارك شهريا بعشرين، و أنت بأربعين ريالا.....

احتج غاضبا، وأبدى اعتراضا بقوله: لماذا أضع أنا الضعف؟ وأنتي النصف؟؟؟
هههه..... تذكرت مفاخراته الدائبة في نخر عزيمتها، اليوم ستصيب هدفا بكُرته...... هذه لحظة تاريخية لرفع الشعار، وإثبات وجهة نظره في موقف يستحق فعلا, نظرت له بخبث وقالت: عزيزي، هل نسيت الآن بأن الرجال قوامون على النساء؟.......

إشــــــراق