 |
قسم روائح الفقراء رغبــه |
رغبــه قالت الأشياء في تمحورها : إنها المادة! تشكيل البدء.. تخولق الموجودات، وكان الرسام يعيد فك اشتباكات تلاوين خطوطه.. - ايه! ايه! - قلتُ لكِ: إنّ أسمه ( مُطَيّن ) مطين الباكستاني!- ولكنه أبله لا يكاد يذكر أسمه! اللعنة على هذا الأخرق! سجّتْ برد الشتاء في شهقة إلى رئتيها، ونفثتْ تصاعد الزفير مسترخية على أقرب كنبة. كأنما الغرفة تدوووور.. كأنما عينان فقدتا مركز عصبيهما تسبحان في تجلٍ ما، وآهٍ أيتها الأشياء العصية الفهم، وكانت الأشياء تموشم أبجدياتها الأولى: المادة! الأصل! الكون! الخليقة!، والأخيلة اشتعلت في توهجها فيما نزت الأشياء تمدرس المبرمج: الخوف! الضمير! العقاب! الحساب!.. جديرٌ بنا ألاّ نلتفت إلى مساقط الخطيئة الأولى فالإنسان سموحٌ بطبعه ( كان يقول لها ذلك في الأماسي القليلة التي تسمق فيها أشياء الإنسان الأولى في تماديها وغيها لديه)، أو حين تستيقظ بقايا أحاسيسه ليبدأ في فك اشتباهات واشتباكات الخطوط والتداخلات في لوحته. التقاطعات الكثيرة في خطٍ يتوهمه ضابطا لأشياء اللوحة حينها فقط يعيد جدارته الذكورية للحظة ثم ينكفئ وينخرطُ في بكاءٍ مُرٍّ.. تُهدهدهُ: - لا بأس. لا بأس ربما في مرة تالية!! يبكي. يبكي كثيرا، وكأنما الأشياء تختلط في تماسها، وتباعدها مشكلة الكثير من الخطوط، والتلاوين في التقاطعات والاشتباكات بدون ضبط محدد .. في إحدى تلك الأماسي، وكانت التلاوين تبعث في سموقها رغبات حقول الشتاء المُبْيَضّة طامحة إلى الدفء، وما استطاعت صبرًا انخرطت في بكاء مُر، وبنشيج أقرب إلى التوسل قالتْ: - سامحني! وكان يعاود فك اشتباكات تلاوين خطوط الصورة التي حاول إنهاء أبجدياتها الأولى فلم يسمعها. دار رأسها إلى الأعلى المكتنز بالجدار، وحسبته عدوانيا يطبق عليها. تحاول الصراخ، ولا تفعل. النهوض، ولا تستطيع! عطشٌ. تحس بالعطش .. حلقها مطبق في اليبوس. تزم شفتيها إلى بعضهما: - لو رمقٌ من لقاح الريق الأول! عطشى تحس بالعطش، وكأنها الأشياء قالت: أقلعي، ولا تسفحي ماءك الآن.. في البدءِ كنتِ في تخولق المادة/ الطبيعة. وكانت تسترخي على الكنبة بعد أن زفرت باسترخاء، وهي ترمق مُطين الأبله يولي....
|
|
|
| | |