• ×
الثلاثاء 14 أكتوبر 2025 | 03-01-2013

لا أبالي العاصفة

0
0
293
 

لا أبالي العاصفة
للكاتبة : مدرين المكتومية
madreen@alroya.info



يقال ما حياتنا إلا حصاد لنتاج أفكارنا، فإذا فكرنا في المرض سنمرض وإذا فكرنا في الحزن سنحزن وإن فكرنا في السعادة سنكون سعداء بالتأكيد. فماذا نريد أن نجني من ثمار أفكارنا لنستطيع الاستمرار في مواجهة الواقع؟

الفكر هو مساحة من الحرية وإن أستطعنا أن نعطي هذه المساحة دافع من الأفكار الإيجابية لاستطعنا أن نعيش سعداء بكل ما تحمله الكلمة من معنى، فالسعيد هو ذلك الشخص القادر على أن يصنع من الحلم واقع، وأن يجعل من العثرات طريق نحو التقدم، وأن يرى الحياة من جانبها المشرق البهيج. كثيرا ما نحجّم الصغير من الأمور وننسى أن أمامنا الكثير لنعيشه والكثير لنواجهه ولكن ندركه بعد فوات الأوان وبعد أن نصل الى مرحلة من اليأس الجامح التي من شأنها أن تؤدي بحياتنا الى مفترق طريق مظلم لا نستطيع تجاوزه.

فلو فكرنا في السعادة وتظاهرنا بها سنجدها ملك أيدينا، وهذه السعادة لا تصلنا إلا عبر تلك البرمجة العقلية لأفكارنا نحو كل ما هو جميل، فيجب أن تمضي حياتنا وفق قواعد نحن من نفرضها على أنفسنا لنتذوق راحة البال، فالسعادة تمنحك القدرة على مواجهة شؤون الحياة المختلفة، فكم من مسافر فتك به الشوق! وكم من مريض قهره المرض! وعاش تحت ضغط نفسي كان السبب في انتزاع السعادة من حياته. وخير مثال على ذلك البطل \"روبرت فالكورسكوت\" ورفاقة وهم أول مجموعة من البريطانيين قصدوا القطب الجنوبي وقد كانت الرحلة أقسى وأصعب رحلة قام بها إنسان، فهؤلاء القوم نفذ منهم الطعام والوقود والمؤن ولم يستطيعوا الاستمرار في رحلتهم، بعد أن حاصرتهم إحدى العواصف الثلجية العنيفة وقد ظلت تضرب أرجاء القطب الجنوبي طيلة أحد عشر يوما، وأدرك سكوت ورفاقة أنهم يسرعون نحو الهاوية وأن الموت بات أمرا محسوما عليهم. كان سكوت قد أحضر معه أقراصا مخدرة لمواجهة الموت ولكنهم تجاهلوا هذا المخدر رافضين الميتة الحقيرة بعد أن فضلوا الموت وهم ينشدون أروع الأغنيات. وقد عرف الناس قصتهم عن طريق الخطاب الذي وجدته الوحدات الكشفية بجوار جثة سكوت المتجمدة بعد ثمانية أشهر والحاصل أن تلك المجموعة أرادت أن تتمتع بكل لحظة من لحظات حياتهم حتى وهم من الموت قاب قوسين أو أدنى.

والشاعر ملتون على الرغم أنه كان كفيفا فقد اكتشف هذه الحقيقة منذ ثلاثة قرون مضت إذ قال:\"بمقدور العقل أن يصنع لنفسه وهو قابع في مكانه جحيما من الجنه أو نعيما من النار\" وهذا خير دليل أن حياتنا هي ناتج لحصاد أفكارنا، فالعقل بمقدوره أن يقدم ما لا يستطيع الشخص توقعه، وهو في الوقت نفسه قادر على أن ينتشلنا من عالم الحزن الى عالم السعادة ومن ذكريات الماضي الى واقع الحاضر، وبالتالي نضمن أن يكون مستقبلنا الممتد أجمل بكثير. فالإيجابية في الحياة هي قارب النجاة من هفواتها وهو السبيل الوحيد للوصول الى بر الأمان. فكن جبلا لا يبالي العاصفة بدلا أن يجعلها تزمجر في الهواء يجعلها تتغنى من بين صخوره.