• ×
الثلاثاء 14 أكتوبر 2025 | 03-01-2013

خيبتنا في نخبتنا!!

خيبتنا في نخبتنا!!
0
0
180
 خيبتنا في نخبتنا!!

بقلم : محمد أبو بطه


يشعر المصريون جميعا بلا استثناء بمرارة شديدة لأقوال وأفعال النخبة المصرية التي تدعي الفهم والإدراك السليم !! فمن المفروض أن تكون تلك النخبة في مقدمة الجماهير كفصيل تنويري للمجتمع كعادة النخب في كل مكان وزمان !!

يشعر المصريون بالمرارة الشديدة لما آلت إليه الأمور أخيرا في مصر من تنافس في الحشود والأحاديث الإعلامية دون النزول إلي أرض الواقع فبدلاً من أن تجد النخبة الحلول العملية والواقعية لكل أزمة بالحوار والتفاوض مع السلطة وهي الطرف الثاني في الأزمة نجد أنها تجلس في نفس المكان قبل الثورة تعارض وتندد وتناشد ولا تقدم حلا جوهريا لأتباعهم خاصة وللشعب المصري عامة! .

خيبت هذه النخبة آمال المصريين أكثر مما يظن المشاهد المصري الذي جلس أسيراً لقنوات أنشأها رجال الأعمال منذ قيام الثورة وحتي الآن بإنفاق تجاوز 6.5 مليار دولار ليقنعوا المصريين أن النخبة المتحدثة أفضل ألف مرة من السلطة القائمة والمنتخبة بطريقة حرة ونزيهة لأول مرة في تاريخ الانتخابات المصرية !!.

تحدثت النخبة كثيرا ولم تفلح في تغيير أي شيء !! كانت تثير الزوابع وتنشر الإشاعات التي تثير حفيظة الشعب المصري عامة والشباب خاصة علي السلطة القائمة فتهاجم المنشآت الحكومية والخاصة في غوغائية غبية!!.


النخبة المصرية خلطت الأمور كثيرا في غش وتدليس متعمد لنشر الغموض الفكري وفرضه علي عامة الشعب المصري الذي ظنوا أنه شعب يساق بالقنوات الفضائية!! .

النخبة المصرية لم تدلي بأي تصريح تدين فيه الهجوم علي مقرات حزب الحرية والعدالة والإخوان المسلمين ومنشآت الدولة والمنشآت الخاصة في شوارع محمد محمود ومجلس الوزراء وميدان سيمون بوليفار وكأن حرق المقرات والمنشآت الخاصة والعامة يتم بتوجيه تلك النخبة!! فلماذا لا تدين تلك النخبة هذه الانتهاكات المتعمدة والعنف المقصود وإتلاف المنشآت العامة والخاصة ؟! .


هل تم توزيع الأدوار علي بلطجية المدن والمحافظات ففي القاهرة يجب الهجوم المستمر وبإصرار غريب علي المنشآت بدءا بوزارة الداخلية وانتهاءا بمحاولة الهجوم علي السفارة الأمريكية ؟ ومجموعة أخري من البلطجية تهاجم مقرات الحرية والعدالة والإخوان المسلمين في محافظات مختلفة لتصور الأمر وكأنها تكرار لثورة يناير المجيدة!! رغم أن رجال الحزب الوطني أنفسهم هم من حرق مقرات الحزب الوطني لإخفاء المستندات والكشوف الخاصة بالصرف والمجاملات المختلفة لرجال الحزب الوطني المنحل علي الأعضاء المقربين ورجال الدولة في كل مكان بدءاً من المحافظين وانتهاءا بموظفي الوحدات المحلية في القري والمدن للإشراف علي تزوير الانتخابات وللترويج لحلم التوريث لنجل مبارك !! نسي هؤلاء كل ذلك كرها في التيار الديني كله وكل ما يأتي منه !!.

فشلت النخبة في قيادة التيار العلماني صراحة فأطلقت علي نفسها التيار المدني في غش وتدليس مقصود !! فإذا صرحت أنها تتقدم التيار العلماني فسينصرف عنها الشباب قبل الرجال والنساء!! فالعلمانية عاشتها مصر علي مدار 60 عاما من الحكم الفاسد الديكتاتوري الذي كانت في أوجها في عهد عبدالناصر الذي يتغنون بديموقراطيته الآن في أكبر عملية تزوير وتغييب مقصودة للتاريخ !! لا لشيء سوي أن عبدالناصر هو من حكم علي قيادات الإخوان المسلمين بالإعدام بدون محاكمات !! قضاة كانوا أم اساتذة جامعات أم طلبة جامعات !! وعاشت مصر عصرا من الفساد أطاح بكل القيم والمباديء في عصر مبارك الذي يصورونه الآن أبو الديموقراطية لنفس السبب الذي صنعوا به من عبدالناصر إلهاً ! ألا وهو سجن وحبس قيادات التيار الديني بدون محاكمات أيضا وتشريد أسرهم بلا هوادة طيلة سنوات حكمه الفاسد!! .

لقد فضحت النخبة نفسها فهي تقود التيار العلماني وليس المدني كما تدعي- فالعلمانية في أبسط مفاهيمها فصل الدين عن الدولة وهذ ما يريدونه بكل صراحة ولكنهم لا يستطيعون التصريح به خشية أن يفتك الشعب المصري بهم!! تارة يقولون أن التيار الديني في مصر يريد أن يجعل مصر مثل أفغانستان!! وأخري يقولون مثل إيران!! ولكنهم لم يقولوا أبدا أن التيار الديني يريد أن يجعل مصر مثل تركيا أو ماليزيا وهو المثال الأقرب للحقيقة والواقع!!.

هل هناك تدليس أو غش أكثر من نخبة تدعي المروءة والحرية والديموقراطية ؟!
يجب عليهم أن يعلنوها بكل صراحة أنهم يمثلون أنفسهم ولا يمثلون الشعب !! يجب أن يعلنوا أنهم دعاة العلمانية وليسوا دعاة المدنية !! فالإسلام الذين يحاولون التملص منه لا يدعو أبدا إلي قيام الدولة الدينية بل يدعو إلي الدولة المدنية منذ هجرة النبي إلي المدينة المنورة وحتي سقوط دولة الخلافة علي يد العلماني الأكبر ومثلهم الأعلي علي كمال ( أتاتورك) في تركيا علم 1924 !!

إن أزمة النخبة أنهم يفترضون أوهاما ثم يعيشون فيها ويحاولون إقناع العامة بوجودها علي أرض الواقع فيتبعهم الدهماء من الناس مهما قالوا عن أنفسهم من ألقاب أو مهن !! فالدهماء صفة من يتبع بلا تفكير أو تعقل وليست صفة الجهلاء من العامة كما كان يعرفهم العلماء في القرون الماضية!!

أزمة النخبة الحالية أنهم يمثلون خيبتنا الكبيرة بحجم كلامهم وأوهامهم وستظل تلك النخبة العلمانية تشكل أكبر خيبة للشعب المصري الذي سيذهب للتصويت علي الدستور يوم 15- 12- 2012 وسيوافق الشعب المصري علي الدستور لتسقط جميع الإعلانات الدستورية وتتقلص سلطات الرئيس لتبدأ مصر طريق التقدم والنهضة الحقيقية بعيدا عن الشعارات الانتخابية أو الأحلام الوردية ! سيذهب الشعب المصري ولن يلتفت لتلك النخبة العلمانية ! سيذهب الشعب المصري ليوافق علي الدستور فإذا احتاج إلي تعديل إحدي مواده يوما ما سيفعل لمصلحة الوطن ، فالدستور ليس كتابا من الله حتي لا يطاله التعديل كلما لزم الأمر ! بل هو من صنع البشر! فليذهب الشعب لتبدأ مرحلة الإعداد لإنتخابات برلمانية جديدة يجب علي الجميع أن يستعد لها من الآن فلا يوجد مبرر لتقول أي كتلة أن الانتخابات جاءت فجأة لتبرير الفشل المتوقع في الانتخابات !!.

أتمني أن تأتي الانتخابات القادمة بأعضاء علي قدر المسئولية لتقوم بثورة تشريعية حقيقية لصالح المواطن المصري فلا تكون الأكثرية لأحد أو الغلبة لأحد مهما كان إتجاهه الأيدلوجي !! أتمني برلمانا قويا نري فيه المرأة والرجل !! نري فيه الشباب والكبار!! نري فيه جميع أطياف الشعب المصري !! .

أتمني أن تتوحد تلك النخبة في حزب أو حزبين علي الأكثر لتتمكن من مواجهة التيار الديني في المعركة الانتخابية القادمة لنري برلمانا قويا قادرا علي قيادة سفينة التشريع والمحاسبة لكل من تسول له نفسه من التلاعب بمصير مصر حتي لو كان رئيس الجمهورية !!.