• ×
الثلاثاء 14 أكتوبر 2025 | 03-01-2013

تقاسيــــــــم

0
0
239
 
تقاسيــــــــم.
إدريس النبهاني
كاتب ومخرج مسرحي


- مبتدأ لما كان ويكون (الشعب يريد مسرح..!)
رائعة رائحة ذلك الركح الأسمر الذي يغذي شفافية أرواحنا جمالا وألقا مسرحيا يمثل قيمة إبداعية لكينونة الرؤى المسرحية للثقافة العمانية المعاصرة
المسرح وذاك الحديث القديم الجديد يقودنا لأبعاد تتنازع فيها طموحات ومثبطات حقيقة وخيال كان ويكون وكل ما للمتضادات اللغوية من صراط .

للمسرح العماني ألق لا يضاهيه ألق، وإبداع لا يماثله إبداع، وتجدد يتغرد بجمالية مبدعيه من فنانين ومخرجين وفنيين ومحبيه بصفة عامة.

والرائي لواقع الحراك المسرحي العماني يتفق بالتأكيد على التطور الملحوظ الذي تشهده هذا الخشبة السمراء من ثقافة قائمة على المعرفة الأكاديمية، والموهبة الفنية اللتان تمتزجان لصياغة لوحة مسرحية ذات سحر خلاق تعكس مدلول الثقافة العمانية المعاصرة.

منذ الزمن الجميل ومسرحنا متألق بفتنته وجماليات طرحه التي تلامس هاجس الواقع المجتمعي وتنقله برؤيا جمالية تفتتن بعناصرها الفنية المتنوعة!

كلنا نؤمن أن للمسرح الدور الأول في صياغة ثقافة المجتمعات الحديثة ومن هنا جاء اهتمام الحضارات الناشئة تجاه المسرح، والمسرح العماني جزء لا يتجزأ من مكونات الحضارة المعاصرة لهذا الوطن منذ ما قبل الأربعين ولا ننسف ما مضى فالكل يعي أن المبتدأ الأول لهذا الفن كان منذ ستينيات القرن الماضي في السلطنة من خلال \"المدارس\" والمحاولات الفردية التي شكلت البذرة الأولى للمشهد المسرحي العماني والنتيجة المنطقية لهذا التاريخ هو الوقوف أمام شاهد من الصنعة المسرحية الحقيقة فهل نحن واقفون على ذلك!!

قبل الشهر والقليل نهاية العام المنصرم اختتمنا الدورة الرابعة لمهرجان المسرح العماني (منذ ما قبل الأربعين وما زلنا في الدورة الرابعة!!!) وفي إحدى الندوات التطبيقية للعروض وقف سعادة وكيل الوزارة رئيس اللجنة الرئيسية للمهرجان ونطق بشهادة: أنه حضر العديد من المهرجانات بالسلطنة ما بين الشعر والنثر والغناء وغيرها ولم يشهد جمهورا بقوة جمهور المسرح الذي يتزاحم بشكل يومي أمام بوابة القاعة لحضور العروض!!

\" المسرح ثقافة المجتمعات سعادتك\"، ومن الطرافة أن تلاه بالحديث بعد ذلك الأستاذ إبراهيم بن نوال مدير مهرجان الجزائر المسرحي (أحد ضيوف المهرجان) ليقف بروحه المرحة ويطلب من الجمهور الحاضر الهتاف بصوت واحد \" الشعب يريد مسرح\"
فعلا الشعب يريد مسرح، الجمهور متعطش إلى المسرح يا مسؤولين، والمسرحيون يريدون أن يتمسرحوا للجمهور ولكن السؤال أين؟!!
أين يتمسرح المسرحيون لكي يروا ظمأ الجمهور المتعطش للمسرح يا مسؤولين؟!!

أين يتمسرح المسرحيون ليقدموا ثقافة تعتبر المرتكز في حضارات الأمم المعاصرة؟!!

ليس منذ الأربعين عاما بل منذ ما قبل ذلك ويزيد ونحن نرقب اليوم الذي نرى فيه مسرحا حقيقيا يقف عليه المسرحيون ليرسموا لنا بتفاصيل أرواحهم المبدعة جمالا مسرحيا وثقافة حضارية، لا ينقصنا الإبداع بل ينقصنا المكان الي نخط عليه إبداعنا سمعنا الكثير وترقبنا الكثير، كنا نقول أنه ما من خطوة ستخطى للرقي بهذا الفن إلا بعد الأوامر، وفعلا جاءت الأوامر وشكلت اللجان، يحضرني الآن ذاك النهار الذي زارنا فيه أعضاء لجنة تطوير المسرح في مقر فرقتنا. يومها تحدثوا عن العديد من الخطط والرؤى وأكدوا بأن ما سيخرجون به سيمثل انفراجة حقيقية للمسرح العماني وقدمت لنا مجموعة من الاستبانات لتحديد \"المطالب\" وما نريد وقمنا بإملائها ونحن نستشرق أمام أنظارنا ما كان وما سيكون من تطوير، وقدمت الدراسات والتوصيات ورفعت للاعتماد وعلى ذمة المطلعين فإنها اعتمدت فماذا بعد ذلك؟!

في العام 2006 ضمن احتفالات مسقط عاصمة الثقافة العربية احتفلنا مستبشرين بوضع حجر الأساس للمجمع الثقافي الذي يعتبر الأول من نوعه بما سيحويه من مكتبات وقاعات مسرح وغيرها من المرافق وفرحنا وقلنا جاء ما تمنينا ولكن!! اليوم نحن في 2012 ماذا جرى؟!!

سوف نعمل ...
سوف نفعل....
سوف نقوم.....
سوف يكون ...... وماذا بعد ذلك؟

ذات نهار جميل وفي لقاء أجمل مع الأستاذ المسرحي الرائع الدكتور عبدالكريم جواد مدير مهرجان المسرح العماني رأيته قد علق على جدار مكتبه صورة لقاعة مسرحية خيالية سألته عنها أجابني بأنها للمسرح الذي سيبنى. طلبت منهم تعليقها لأملأ عيني بالنظر إليها كل صباح للقادم الجميل ولست أدري هل سأدركه أم لا..

أنا أيضا لست أدري هل أدرك مبتدأ تأخر طرحه أم سأكون خبرا لحلم طال انتظاره؟! وأقول للأستاذ إبراهيم بن نوال: ليس الشعب من يريد مسرح بل المسرحيون يريدون مسرح!