• ×
الثلاثاء 14 أكتوبر 2025 | 03-01-2013

اللهجات.. بين التأثير والتأثر

0
0
362
 
اللهجات.. بين التأثير والتأثر
للكاتب: مصطفى المعمري


\"الهوية والتطلعات\" كان عنوان ندوة الشعر الشعبي العُماني التي اختتمت في 11 يناير من هذا العام، وكان لتوصياتها أثارً إيجابية تصب في مصلحة الشعر الشعبي بجميع فروعه وأقسامه، مما بث في قلوب الشعراء الذين يتبعون نمطه السعادة والفرح، ليعطيهم ذلك دفعاً معنوياً للمثابرة والتميز بالمستقبل.

أن المحاور التي نوقشت بالندوة كانت شاملة لكل ما من شأنه تطوير الشعر الشعبي لكنها لم تتطرق للهجات إلا بصورة سطحيه فقط، على الرغم من أن اختلاف اللهجات من أكثر العوائق التي تقف بوجه الترابط اللفظي بين الشعراء الشعبين، ومن جهة أخرى تشكل اختلافً في الأوزان وضعف في فهم الصور الشعرية للقصائد، فكل شاعر من هؤلاء يكتب الشعر بلهجته العامية والتي تتمثل في مفردات البيئة التي يعيش فيها، متأثرً بالكلمات السائدة والمحكية، فمع اختلاف لهجات أبناء السهل والجبل وأحياناً أبناء البيئة الواحدة يتولد شيء من عدم الثقة بين الشعراء، مما يؤثر على الشفافية وتقبل الأخر.
يوجد بالسلطنة عدت تيارات تتنافس على قيادة الشعر الشعبي، كل تيار يدعي أحقيته باللهجة الأصلية، وكان تيار المنطقة الداخلية والأجزاء المحاذية له من منطقة الباطنة من أقوى التيارات التي تقود الساحة بسبب كتابة الأشعار بلهجة قريبة من اللغة العربية الفصحى، أما الآن فقد ظهر تيار المنطقة الشرقية والذي بدورة بداء بخطف الأضواء والتميز، حيث جمع بين شعراء الجبل والسهل والصحراء في لحمة وترابط منقطع النظير، مما جعل لهجة الشعر لهذا التيار متميزة عن البقية، وكان لانصهار وإطلاع الشعراء على ثقافة بعضهم البعض دور أساسي في هذا التميز، والشيء اللافت للأنظار في هذا التيار وجود النقاد الذين لم يتوانوا في إظهار جماليات قصائد العديد من شعراء المنطقة، وبذلك فأن هذا التيار يستحق قيادة الساحة الشعرية الشعبية، لأن تيار المنطقة الداخلية أنصرف للشعر الفصيح فقط.

أن تيار منطقة الباطنة منقسم على نفسه، فالأجزاء الشمالية منه تكتب على لهجة قريبة من لهجة دولة الإمارات العربية، أما الأجزاء الجنوبية فأنها تتأثر بتيارات المنطقة الداخلية ومسقط، كما ويتأثر تيار منطقة الظاهرة بما تتأثر به الأجزاء الشمالية من الباطنة لكن بشكل أعمق وأوسع، أما بالنسبة لتياري مسقط والوسطى فأنهما ضعيفين ولا يؤثران بالساحة الشعرية الشعبية إلا بالقليل، ويحاول تياري مسندم وظفار أيجاد موطئ قدم لهم، وذلك رغم براعة الشعراء هناك، لكن اللهجات الممتزجة بالعربية والموجودة هناك تقف حجر عثرة لمحاولات التغيير، مما يجعل شعراء مسندم يتجهون للشعر الفصيح، بينما يتجه شعراء ظفار للشعر \"المتطور\" والذي يرتكز على مفردات جديدة من اللغة الفصحى والأدوات المعاصرة ويترك الأفلاج والسواقي وأدوات البيئة القديمة، فمن حيث الكتابية لا تروق تلك المفردات للشعراء والمهتمين رغم أنها تكون سلسة وتعجب الأذواق عندما تكون مغناه، وهذا النوع من الشعر لا يوجد له مهتمين إذ يعتبره الشعراء \"دخيل\".

أتمنى أن يؤخذ موضوع اللهجات وتأثيرها السلبي على تطور الساحة الشعرية الشعبية بعين الاعتبار، وأن تتخذ إجراءات مستقبلية في هذا الشأن حتى يكون هناك تكأفو بين التيارات الشعرية، بحيث تتزن الساحة ولا تسقط نتيجة تصادم تياراتها.