ظل يسقط من مرآة.
ركلها، فهرعت هاربة، قال وهو يشيّع جريّها: (القطط السوداء فأل شؤم يا صاحبي، لا تحتاج استلقائها بجانب سيّارتك) ثم نظر أسفل قامته وشتم: "الملعونة، خدشت قدمي".و قبل ركوبي السيّارة لـمّح:" هذا الهندي صاحب المطعم يحشر أنفه في ما لا يخصّه".
في طريقك إلى روّي قبل دوّار وادي عديّ، يشير لي ناحية مجسم لصدفتين، يضحك بصوت عال، ثمّ يعلّق : ألم يجدوا غير هذه الألوان؟! أرأيت في حياتك صدفة زرقاء وخضراء؟! يسألني الوقوف جانبا، يتناول شيئا من تحت المقعد ويعلّق: (أضعت نعلي العام الماضي، لربما أجدها في سيارتك). يقهقه، يُنزل زجاجة الباب ويرمي بقنينة مشروب فارغة باتجاه مجسم الصدفتين!!! ثم يصرخ وهو يخرج رأسه من النافذة : اللعنة على هذا الذوق السيء.
وبين الزرقتين، في مرتفعات سداب، يغرق في صمت عميق، أبتسم حين ألحظه قد أغمض عينيه، أقول في داخلي: "فترة هدوء"، ولكني أتفاجأ بهزّ كتفيّ : (امضي بنا، لا وقت لهذا الكلام الفارغ) يربت على فخذه ويصّفق، ثم يتحدث وهو يحرّك سبابته، وكأنه انتبه لشيء ما قد غفل عنه فجأة : أين كنّا؟ أها... القطط السوداء، كما قلت لك، فأل شؤم، ولا استبعد كارثة ما قد تصيبك، ولكن لا تخشى بأسا، ركلي لها يعني أنني قذفت باللعنة عنك بعيدا !. فجأة يلكز فخذي الأيمن بقوة: كنتاكي.. أفضل أكل "اكس تريم" من الحديث معك.
حين عودتي حيث أقطن، طفل غاضب دائما يقف أمام السيّارة ينظر إليّ ولا ينطق، ولكنه اليوم يبكي، وحين ترجلت، صرخ عليّ: لقد قتلتها!! يحمل حجرا في يديه رمى به اتجاهي، أصاب الزجاجة الأمامية للسيارة، ولم يهرب! بل نظر إلى زاوية ما، وحين نظرت حيث ينظر رأيت قطّا أسودا نافقا. استدرت لأخبره عن صديقي ولكنّي لم أجده، أقبل إليّ الهندي صاحب المطعم في البناية وقال: ليش انته في قتل هذا سنور؟
ابتسمت وتذكرت تلميح صديقي عنه، أجبته وأنا أظهر انشغالي في بهاتفي النقّال: هذا صديقي وليس أنا، الــ....، لكنه قاطعني: ويش في صديق مال انته، أنا كل يوم في شوف انته في شوت هذا سنور، والله هرام هذا ما في زين..
هززت رأسي وأنا أشير له بالنفي بسبباتي : هذا صديقي ولست أنا، أنت لا...
ولكنه قاطعني: والله هذا صديق مال انته، وش اسم مال هو؟ سوي ألو مشان هو .. خلي يجي..
نظرت إليه وكأن دبوسا زرع في جلدي.. أغلقت على نفسي السيارة ورفعت الشمسية، قلبت في سجل أسماء الهاتف.. ولكنّي لم أكن أعرف عن أي إسم أبحث! حاولت تذكر وجهه أو صوته أو شكل أنفه.. تذكرت عبارته وهو يشتم القطة المسكينة : "الملعونة، خدشت قدمي".
على مهل.. وبقليل من القلق.. وكثير من الفزع.. كانت أناملي شيئا فشيئا تتلمس الطريق نحو إحدى قدميّ... وكان....! كان الخدش طريّا..!!!
|