المجموعات القصصية للسلطنة الأدبية

بقع ملونه باللون الأحمر القاني

مجرد حلم
مجرد كابوس مزعج
مجرد أفكار جنونية تعصف في داخل هذا اللب الضيق ..؟؟
ومجرد أستفهامات تزقزق فوق رأس مغفل ..؟؟
هذا المساء ورجلي التي تعبث في الطريق سالكه كل الدروب المأديه إلى علب الكبريت الصغيرة المتناثرة في كل مكان .. أنوار " البر يمي " الغارقة خلف الضمير المبهم .. تتثأئب ثم تلفظ أقدام ووجوه كثيرة لاتبرح حتى تغيب في المجهول .. هناك علب معدنية أخرى جعلت من السكون ليله زفاف غير متوقعه .. لم يكن خلفها غير تلك العلبة التي دهست ورميت على قارعت الطريق .. الأجساد تملأ المكان .. الأفواه تتهامس والعيون تراقب حال أبن آدم الضعيف .. بقع ملونه باللون الأحمر القاني وبقايا أشلاء مبعثره ..!!
- مجرد ضعيف أنا هنا .. مجرد ضعيف..؟؟
صرت أرددها وأنا أقرع الشارع بسرعة .. رجلي اليمنى تحاول أن تسابق الأخرى رأسي يتألم ومنظر وجه صديقي الراحل عن العالم هناك يبتسم.. ماجدوى أن نعيش ونحن نفتقد كل لحظه عشناها بالفرح .. نبدد الظلام ونقشع ضباب الحزن الذي يكبل قلوبنا.. نترامى هنا في همنا بدون أدنى اهتمام..؟؟
مازلت أجري .. تاركا خلفي تلك الوجوه والعلب.. تاركا طبول الحزن نقرع في صدري .. سوى نظرات وجه صديقي الذي أراه في كل ركن من أركان هذا الظلام الموحش .. آه منك يا صديقي .. تركت الدمع ينحدر من عيني حرقه على فراقك .. كنت الأخ .. كنت الأب الحنون الذي يضمنا تحت جناحه .. كنت القصة الطويلة .. الجميلة التي أراها كل يوم في حياتي.. آه ما قساك ..؟!
ذكرى " وادي الجري " عيون ذابلو وفاه فاغر.. حطام أحلام متكسرة بين جنبات تلك الجبال العاتية و الطريق الملتوي كالتواء الصمت بلساني .. ما اشد الألم حينما يباغتك القدر بحزن لاتهواه .. وجوه الأسرة على تلك المائدة المستديرة .. الضحكات.. النظرات والدقائق المنحوسة التي بددت المكان ؟؟
علبة صفيح كبيرة في وجه علبة مشروب غازي صغيره.. تتحطم خلفها الآمال.. اللقمة في الأفواه وبقايا في اليد الأخرى .. صمت .. صمت .. استفهامات ودموع بدون كلام ..؟؟
مازالت أهرول في الشارع من ضفة إلى أخرى.. ومن ابتسامه كانت مرسومه في وجهي لحزن أخر يراودني.. وجه صديقي هنا يبتسم .. لم أنسى تلك الأيام وذلك الركن البعيد من الشارع الذي كنا فيه نلتقي.. ضحكاتنا التي كانت تملا المكان بعد عناء اليوم الطويل .. آه ما أقسى الغربة التي كتبت على قلوبنا بان نودع الأهل في الأسبوع مره ثم نفترق..!!
- يجب علينا بأن نكدح على أهلنا بدل السؤال ..؟؟
كان يرددها علي كل صباح .. خصوصا إذا كنت متأخرا عن العمل.. نعم ياصديقي غربه .. صعبه وأجساد تكتنز في غرفه ضيقه.. كل ذلك من اجل لقمة العيش الهنيه والكدح الجميل .. أربع مائه كيلومتر نقطعها في الأسبوع جيئة وذهاب من اجل أن نطعم أفواه أبنائنا الجياع.. وجه القرية في ارض تلك السمراء " السويق " لاترضى لأحد بأن يمد يده للغير .. ساعدك وإلا فلا ..؟؟
آه ياصديقي .. انك الآن بجانبي .. أحس بدفء أنفاسك وابتسامتك تملأ المكان .. انك في شمال صدري تداري صمتي وتزرع في قلبي ذكراك .. كلامك مازال يذوي في أذني .. لاتفارقني وأنت المل الغائب عن هذا الجسد الذي أمامك ..؟!
مازلت اقطع الدروب كلها حيث "صعراء " الهادئة .. الوادعة كانت هناك تشدني .. قبر صديق حيث ينام بوقار ..
السلام عليكم يامن في القبور ..!!
الأجساد تنام هنا كان لها مشوار طويل.. قصير وهذا هو المشوار الأخير انظر للقبور كلها لعل صديقي يراني أو يحس بوجودي.. يفاجئني الليل بضحكته الخبيثة فلا أرى بعد ذلك سوى صمت القبور يطبق على المكان .. أين أنت صديقي بين هذه الزحمة الدنيوية .. هل سوف نلتقي اجعل لي مكان هناك بقربك حتى يأتي موعدي..؟؟
اترك المقبرة خلفي .. أزيز الحشرات يثقل فكري .. مترامي أنا بين جنبات هذا الشارع .. أترنح وأنا مسجى بالدموع وفراق أغلى الأصدقاء ..؟!
- وداعا صديقي.. صورتك بقلبي لن يمحيها الزمان ؟؟
مررت بنفس المكان بعد أن رحلت الأجساد وأخذت معها تلك العلب المعدنية ولم يبقى سوى بقع ملونه باللون الأحمر القاني وبقايا أشلاء مبعثره.