 |
قسم مجموعة قصصية 1 براءة الفجر |
براءة الفجر
وقفَ فهد مُندهشاً ثم قال لمديره : - أشكرك أستاذ علي .. حقيقة لا اعرف كيف لي أن أجازي صنيعك هذا ! كانت عيناه تبرقان سعادة وأملاً ..ابتسم لهُ المدير من خلف مكتبه الضخم ثم قال لهُ: - اعلم بأنك الرجل المناسب لهذه الوظيفة ، ولهذا المنصب الذي سيفتح لك مستقبلاً بآفاق رائعة ! سيتم تعيين فهد في بداية الشهر المقبل كمسئول لدائرة الموظفين في قسمه ، أسعدهُ ذلك كثيراً خصوصاً أن الراتب الضئيل الذي يتقاضاه تمتصّه الديون وأقساط السيارة والبنك بلا رحمة .. وكم عانى من ضيق الحال خصوصاً أن راتبه بالكاد يُغطّي احتياجاته واحتياجات ابنته المُعوّقة ذات التسع سنوات .. المُقعدة في كرسي خاص بالمُعاقين مُذ كانت طفلة صغيرة ..وتكاليف علاجها مرتفعة المبالغ ..فوقف لسنوات عاجزاً عن مساعدتها واكتفى بالأمل والصلاة ..علّ همومه ستنبلج فجأة كالغيمة السوداء ! عاد إلى مكتبه الصغير ..تراءت لهُ صورة ابنته شروق التي اسماها بهذا الاسم ليستبشر بها يوماً .. وربما ليُثبت لعقله الباطني بأن الشمس ستشرق يوماً على طفلته شروق ..بالتأكيد لن يخذلها القدر .. وستقف معها الصلوات التي قضاها خاشعاً باكياً راجياً الله سبحانه أن يسامحه على فداحة الغلطة التي ارتكبها في حق زوجته وطفلته التي رُزق بها بعد سنين طويلة من العلاج !! يُقال دائماً بأن الإنسان لا يُقدّر قيمة الشيء إلا بعد فقدانه .. وهكذا كان الحال مع فهد الذي لم يدّخر طريقة ليعصي بها ربه في مطلع شبابه وحتى بعد أن تخطى الثلاثين من عمره .. لم يحسب لسنّه الوقار الذي يتصف به هذا السّن عادة .. بل انغمس أكثر وأكثر في المعاصي وارتكاب الأخطاء الواحدة تلو الأخرى . تراءت لهُ صورتها مجدداً تمشي تارة .. وتركض تارة أخرى صارخة بحماس وحبور : - أبي .. أنا امشي يا أبي .. هل رأيتَ يا أبي .. أصبحتُ استطيع أن اركض .. والعب ككل أطفال الحارة .. ككل الأطفال في عمري !!! ترقرقت عينيه بدموع متفائلة ممزوجة ببعض القلق والألم .. وتجسّد الأمل في عينيه جلياً .. كم سينتظر هذه اللحظة بفارغ الصبر !... سابقت نبضات قلبه ساعة الحائط المُعلّقة بزهو .. حسبَ الدقائق بل حتى الثواني كي تُعلن الساعة انتهاء الدوام .. في هذه اللحظات تمنّى لو كانت الساعة امرأة لتودد إليها وخدمها بكل الطرق كي تُسرع وتُنهي نفسها بسرعة ! كان لا يزال منهمكاً في الأحلام والمنى حينما دقّت الساعة الثانية معلنة انتهاء الدوام الرسمي ..سُرّ كما لم يُسرّ يوماً .. وطار بالسيارة كي يزف لزوجته مروى الخبر الرائع ..خصوصاً أن الراتب الجديد يعد بالكثير ..وسيختصر على شروق سنوات طويلة من العذاب والإحساس بالعجز والقهر والألم الذي لا يبارح عينيّ صغيرته ، أدار الراديو ليشغل نفسه في ما تبقى من الطريق ..فإذا به يجد قرآن يُرتّل بطريقة رائعة مُبكية ومستنهضة للهمم في سبيل الله ، للمرة الأولى في حياته لم يُغيّر تردد القناة الإذاعية وشعر كأن شيئاً ما يقول له بأن يصغي هذه المرة ..لم يستطع أن يقاوم الشعور العظيم بحب الله الذي سرى في روحه بسرعة وشعر بأنه أخيراً قد اهتدى !! ...اخذ يصغي إلى القرآن خاشعاً باكياً مُترجّياً من ربه بصمت أن تشرق الشمس على دنيا شروق ولو لمرة ، كي تتخلص من عذاباتها وكي ترتاح تلك الزوجة التي أهملها دائماً وأشعرها بكل الطرق الممكنة بأنها لم تعد تستهويه كما في السابق ! مسح دموعه فور انتهاء الفقرة القرآنية .. أطفئ الراديو لئلا يسمع شيئاً آخر يُنجّس ما سرى في روحه قبل دقائق .. وتوقف بسيارته الصغيرة أمام محل للهدايا في إحدى المحلات البسيطة التي تنتشر على شارع مسقط الرئيسي ..ظلّ محتاراً ماذا يشتري لهما كهدية .. واستقرّ أخيراً على أن يشتري لعبة كبيرة لشروق تحتوي على عروس صغيرة مع كافة احتياجاتها .. ومصحف صغير غلّفه بطريقة جميلة مع حقيبة صغيرة اشتراها على عجل لزوجته .. تخيّل نظرات زوجته العسلية تتساءل عن سر الهديّة .. ابتسم ابتسامة عريضة .. كل ما ينويه أن يفاجئها حقاً وأن يطلب منها السماح ليبدآ حياة مشتركة بالفعل ... في طريق العودة إلى المنزل مرّ عليه شريط الذكريات المُرّة سريعاً .. استعرض فيها معظم أخطائه وليس كلها .. لأنه يخشى من تذكر حقيقة واحدة في حياته ..لأنه يخجل من نفسه كلما تذكر بشكل عابر ماذا فعل !! تضايق لطيشه في تلك السنوات .. وصمّم على أن يقلب كل تلك الصفحات السوداء ليفتح صفحة ناصعة البياض كما تخيلها ..صفحة مليئة بحب الله وبحب الخير والتقرب من زوجته .. تخيّل بعض الأحداث التي سترافقه في حياته المستقبلية أن شاء الله ،كما تخيّل كيف سيدخل المنزل بشوشاً وابتسامة مشرقة على شفتيه وكيف سيُردّد لها بيت شعر مغازلاً إياها بأبيات شعرية قديمة كان قد كتبها منذ زمن بعيد "أنا اللّي على هواك مجبور وأقاسى..ولقسوتك راضي،وأدري إني أحبك..وهذا ماهو بعيبي ..عيبي إني عشقتك وحطيتك بوسط عيني ..يا قلب..وشو ذنبي ؟!؟! دام الهوى قاتلني!! مالي بالدنيا غير هم ذابحني !!" أخيراً ..وصل إلى الحارة ،شعر بتوجّس حينما رأى تجمّع الناس أمام منزله بالذات ، كاد قلبه يتوقّف خصوصاً أنه شعر بأن شيء ما يحدث ! ...اقترب من المنزل ورأى معظم رجال الحارة واقفون أمام بيته ..ركن سيارته بعيداً ثم أسرع إليهم يسبقه قلبه الخائف .. كان الضجيج والصراخ الهستيري يملأ بيته ..كاد يصرخ خوفاً وصدمة .. لا بدّ بأن شيئاً ما حدث !! لم يستطع أن يقول لنفسه ما فكّر به عقله ..توقّف أمام الرجال مضطرباً غير قادر على التنفس ، اقترب منه أخوه فسأله بصرامة : - ماذا حدث؟؟ كانت عينا أخوه مليئة بالدموع والشفقة .. حين تهرّب الجميع من الإجابة على سؤاله أسرع ليشق طريقه بين الجموع إلى باب منزله ليجد نصف نساء الحارة يصرخن فعرف على الفور ماذا حدث .. فرطت الدموع من عينيه بخوف وتقدّم منهن سائلاً بقوّة وغضب : - ماذا حدث .. لماذا تبكين ؟؟ أين زوجتي ؟! لا بدّ بأن شيئاً ما حدث لزوجته .. لكن لماذا ؟؟ لقد كانت بخير حينما خرج هذا الصباح ، بعد فترة صمت أجابته إحدى العجائز وهي تصرخ بأعلى صوتها وتقول : - لا حول ولا قوة إلا بالله .. إنا لله وإنا إليه راجعون ! تسمّر فهد مكانه للحظات غير قادر على الاستيعاب .. بعد أن بدأ عقله بالفهم صرخ بفزع : - مروى ! حينما أطلق فهد تلك الصرخة المجلجلة انهارت العجوز بالبكاء أكثر وهي تُردّد بحسرة وألم عميق : - إنا لله وإنا إليه راجعون ! هرولَ إلى الصالون حيث تتجمع نساء أخريات يبكين والأخريات يصرخن بكل ما أوتين من قوة وبعض النساء الصابرات يقرأن بعض القرآن .. أسرع إلى غرفته لا بدّ بأن مروى هناك .. فتح الباب بقوة .. وشعر بقلبه يموت .. وبروحه تذوب وتنصهر ..تهاوى أرضاً بالقرب من جسد شروق المُغطّى باستثناء رأسها المصفر .. على الجانب الآخر كانت زوجته مروى تبكي وتحضن بعضاً من ملابس صغيرتها وتصرخ بجنون : - لقد رحلت .. رحلت شروق يا فهد ! ظلّ فهد ينظر إلى جسد ابنته ..زحف حتى وصل إليها .لمس رأسها ثم جسدها وقال بصوت منخفض : - شروق !! .. انهضي يا شروق ..شروق أنا أبوك ! - لن تنهض يا فهد ..لن تنهض ..يا ويلي ! أخذت مروى تُردّد كلمتها الأخيرة وتصرخ بهستيريا ..صرخ بها فهد : - اخرسي ..لم تموت شروق .. لم تموت ...شروق حبيبتي ! أخذها بين ذراعيه بينما زاد صراخ والدتها واحتضنت والدتها لتُخفّف عنها ..رفع فهد الخصلات المُتدلّية على جبين شروق ثم ابتسم قائلاً : - شروق ..انهضي ..ستتحسن أحوالنا خلال شهور بسيطة ..سأدخلك إلى مشفى خاص ابتداء من بداية الشهر المقبل ! لكن شروق لم ترد .. لم يكن فهد قادر على التصديق بأن شُعلة حياته ذهبتْ إلى الأبد ..فحاول مُجدّداً هزّها برفق ثم قبّلها منادياً إياها .. ولكن أيضاً بلا جدوى .. حين لم تتحرّك شروق ..شبّت نار مستعرة في صدر فهد فهزّها بعنف كالمجنون : - انهضي شروق ..أنا والدك وآمرك بأن تنهضي ! - لقد رحلت شروق ..ذهبت ..فهد ..فهد ! ضمّ فهد شروق إلى صدره أكثر وأكثر ثم نظر إلى زوجته ..اقتربت منه زوجته مبتعدة عن حضن والدتها ثم قالت له وهي تُمسك بيده : - شروق ..ذهبت .. وأصبحت دنيانا غروب فقط ! بصرخة من أعماق روحه زأر فهد غاضباً : - شروق ..شروق ..شروق ..لا تتركي والدك .. لا تفطري قلب والدتك ! - لقد ذهبت يا فهد ...لا حول ولا قوة إلا بالله ! نظر فهد إلى والدة زوجته فرآها تُغطّي وجهها بغطاء رأسها وتبكي بصمت ،عاود النظر إلى زوجته ثم سألها بعد أن تملّكه اليأس وصدّق بأنها قد رحلت فعلاً : - ماذا حدث ؟؟ كيف توارت شمسنا ؟ تجمّدت مروى قليلاً ثم عاودت الصراخ والبكاء حينما تذكّرت كيف أنها حاولت إيقاظ شروق من نومها الذي كان طويلاً على غير العادة ... نادتها ..قبّلتها ..دغدغتها ..قرصتها ..هزّتها ..ثم أخيراً هدّدتها بحرمانها من الحلوى والمُكسّرات ولكن شروق لم ترد أبداً ولم تُبدي أي ردّة فعل !! .. مما اجبر والدتها أن تضع أذنها على صدر ابنتها بحذر وخوف ..وصدق إحساسها حينما رأتها فعلاً جُثّة هامدة لا تتحرّك ولا تتنفّس ..أطلقت مروى صرخة كتلك التي أطلقتها حين تبيّن لها أن شروق قد غادرت الدنيا بأمر من المولى عزّ وجل .. ذهبت شروق رحلت شروق التي تُذكّره ببراءة الفجر قبل أن يشوبها نور الصباح ، كم تأخرت الفرصة ..حقد على الدنيا فهي دائماً ما تمنحنا الفرص في الوقت الخاطئ أو في نهاية المطاف حيث لا ينفع شيء !! بدأ فهد يهذي باسم طفلته ومُردّداً إنا لله وإنا إليه راجعون !! سامحني يا ربي ..ليتك أخذتَ روحي قبل روحها .. شيء ما خفيّ في أعماقه قتلهُ في الصميم قائلاً " يوم لك ويوم عليك يا فهد ..هذا عقاب من الله على ما فعلته بتلك الفتاة " ..زاد بكائه وأصيب بحالة من الهستيريا المطلقة وبدا كالمجنون تماماً ..عاد به ضميره سنوات إلى الوراء ..حينما غرر بتلك الفتاة ..واستهان بمشاعرها وجعلها علكة في ألسن الناس بعد ما أشاع عنها الكثير من التفاهات والأمور المُخجلة..وهي بريئة مما فعل ..ربما كان طيشهُ السبب أو ربما كانت نفسه السبب ..فقد كان رجلاً مقيتاً لا يتورّع عن فعل أي شيء ليصل إلى مبتغاه ...كان أيضاً خسيساً وقلبهُ مليئاً بالجشع والبغض .. ورجل لم يعرف المبادئ ولا عزّة النفس يوماً . رجل كان همّه الوحيد التسلية والإيقاع بالفتيات وإطلاق لسانه بين أصدقائه متباهياً بوسامته وبإعجاب البنات به ..لم يحفظ يوماً سرّاً من أسرارهن بل كان يُشيعها على الفور وفي كل مرة كان ينجح في التمثيل ببراعة .. ولأنه يُمثّل باقتدار ويلبس قناعاً جديداً كل يوم ,,, وقناع الطيبة في معظم الأخلاق غرر بفتاة واخذ يبادلها الحب ويُسمعها الكلام المعسول حتى أُغرمت الفتاة به وأصبحت لا ترى غيره ..لا تأكل إلا بعد أن تتأكد بأنه قد أكل وشبع !! ..لا تنام إلا بعد أن تُودّعه واعدة إياه بأن تُحدّثه في الصباح الباكر .. ولأنّ هذه الفتاة تُمثّل مكسباً كبيراً له فهي ممرّضة ، ركض خلفها كثيراً مُصمّماً في قرارة نفسه بأنه لن يسمح لها بالإفلات قبل أن ينال مبتغاه !! ... فكّرَ بمُخطّط شرّير ونفّذه بهدوء وبرود أعصاب .. واخذ يقص على الفتاة سوء أحواله المادّية على جرعات حتى انفطر قلب حبيبته ووعدته بأن تساعده لكنه لكي يظهر بمظهر الرجل المُحترم رفض رفضاً قاطعاً .. وتظاهر بأنه قد غضب لأنها أهانت رجولته !! حاولت الفتاة مُجدّداً قالت له في محاولة منها لإقناعه " أنا أنت وأنت أنا ،لن ابخل عليكَ بروحي " .. تظاهر هنا فهد بأن مشاعره مُسّت وبأن كلامها الرقيق ومشاعره النبيلة قد لامست شغاف قلبه فوافق بشرط أن يعتبر المبلغ سلفاً ..فوافقت الفتاة بكل سذاجة .. ويوماً بعد يوم صار يأخذ منها أكثر .. ولشدّة طيبتها وحبّها لهُ لم تلاحظ سوى أن الحاجز الصعب قد زال من بينهما وأصبحا يعيشان حياة مشتركة .. ذات ليلة فاجئها بطلبه أن تستلف له مبلغاً يُقدّر بأربعة أرقام من البنك على شرط أن تعتبر هي المبلغ سلفاً وسيوقّع على ورقة تُثبت لها ذلك ..بعد فترة من التفكير أجابت الفتاة بالإيجاب خصوصاً وأنه قال لها بأنه سيتقدم لخطبتها على الفور .. ما إن توقّع الأوراق ..فوقّعت وهي فرحة وبادلته بسمة متفائلة بالمستقبل فبعد أسبوع على الأكثر ستكون خطيبته ..ومرّ أسبوع .. ومرّ أسبوعان وهاتفه النّقال مُغلق .. أصيبت بالجنون وشكّت في الأمر وحاولت أن تصل إليه بأية طريقة ولكنها لم تفلح .. وبعد ثلاثة أسابيع بالضبط وصلتها إلى المستشفى مقر عملها دعوة زفاف ..فتحت الدعوة وهاجس خطير ينتابها .. فتحتها وكم تمنّت لو أنها أحرقتها قبل أن تفعل ذلك .. أصيبت بصدمة حينما رأت اسمه منقوش مع اسم امرأة أخرى .. امرأة أخرى غيرها !! استبدّ بها إعياء شديد وانهارت أرضاً ..وبقيت في العناية المركّزة لمدّة ليست بالقصيرة .. أمهله القدر فرصة بعد مرور ثلاث سنوات على الحادثة ..فقد أصيبت ابنته شروق في حادث سيارة أمام المنزل وسابقَ الزمن كي يصل إلى المستشفى في الوقت المناسب .. ولأن الله يُمهل ولا يُهمل .. فقد وقعت طفلته بين يدي تلك الفتاة التي احدث شرخاً كبيراً في حياتها ..اخذ يبكي أمامها غارقاً في دموعه : - هدى أرجوكِ ساعديها ..أرجوكِ ..لا تقتليها ! نظرت إليه هدى باشمئزاز ثم قالت بنبرة غاضبة ومكسورة بذات الوقت : - لستُ مجرمة مثلكَ يا فهد .. أنتَ من تعوّد على قتل كل من يُحبك في الصميم .. أنتَ من تعوّد على سلب المحيطين بك ابتسامتهم إلى الأبد ! وعكس ما توقّع بذلت هدى جهداً جبّاراً مع فريق الطاقم الطبي لإنقاذ شروق التي آل بها المطاف لأن تصبح مقعدة .. بعد خروجها من غرفة العمليات كان هو بانتظارها فركض خلفها ذليلاً ،رمقتهُ بنظرة نارية ثم قالت له بحقد حينما ألحّ عليها ليطمئن : - لقد أوشكتً على التسبب في موتها ، لكنني تراجعت في اللحظة الأخيرة ،فانا لستُ مجرمة يا فهد ..وسينتقم منكَ الله على ما فعلته بي ! وعاد القدر وأمهله فرصة أخرى لكن فهد كان أغبى من أن يفهم .. جبروته وطغيانه أعماه عن حقيقة أن من ظلم سيُظلم !! ..الآن سيعيش لبقية حياته يرى نادماً في المرآة .. ورجلاً خسيساً عجز قلبه وصلاته عن صدّه عن الحرام ..وعن ظلم المحيطين به ..خصوصاً ..زوجته مروى .. وابنته شروق ..شروق التي رحلت بلا وداع ..رحلت بدون أن يحضنها للمرة الأخيرة ..قبّلها بجنون قبل أن يخطفوها من بين ذراعيه إلى المقبرة ..لترقد بسلام ..اخذ يُردّد في إعياء تام وبؤس " رحلت ابنتي شروق ..رحلت براءة الفجر" تبخّرت الأحلام وتحطّمت الأماني والخُطط التي كان يرسمها ... ورحلت شروق .
|
|
|
| | |