مضى إذاً ذلك اليوم الذي إزدحمت فيه محلات بيع الورود بالناس الذين توافدوا لشراء باقات أنيقة تليق بأمهاتهم الغاليات, يال عطاء الرب! .. كم كان منظرهم جميلاً بجمال باقات الورود التي خرجوا بها وهم يحثون الخطا لملاقات الحبيبة التي لا يشبهها أحد!..
"كم جميل أننا أصدقاء" لطالما دندنت بهذا المقطع –الذي حرفته- على مسامع أمي ليتوافق ومشاعري اتجاهها .. , أحياناً كثيرة أشعر أن الله من شدة ما أحبني جعلها أماً لي! .. وأحياناً تشعر هي بأن الله من شدة ما أحبها خلقني من أجلها! .. أفكر الآن بكل أولئك المحظوظين بأنفسهم وأهلهم, هل يتقاسمون معي ذات الشعور؟ أكلهم يشعر بعظمة أن تكون له أماً باقية على قيد الحياة .. تلك التي عاشت معه أدق تفاصيله مذ صرخته الأولى .. وهي تتقاسم معه في لحظاته الآنية تفاصيله الكثيرة .. الصغيرة منها والكبيرة .. كيفما أمتد بهما العمر معاً ؟ ..
لا أشك أبداً أن أجمل الأحاسيس هي أحاسيس الأمومة .. هذه المشاعر الدافقة بالمحبة يغرسها الرب في حنايا الأمهات الجميلات ..
كانت في عمر الزهور لكنها ظلت زهرة ذابلة, سألتها ذات حزن عمّا بها؟ فشكت باكية بأن أمها أينما حلّت أو أرتحلت تزرع الأشواك والألم!! .. قرأت الصدق في عينيّ الصغيرة وأرتعاشة شفاهها غير أني لم أصدقها, وأعتبرتها جاحدة بالنعمة, في ذلك الوقت من ربيع العمر الطري, حسبت أن كل الأمهات نعمة!! لكني وقت أن قابلت أمها , ثم تعرفت عليها عن قرب, شاهدتها بعينيّ وهي تزرع الشوك والألم وتتفنن في تعذيب من يفترض بهم أن يكونوا فلذات أكبادها .. للأسف .. كانت أمٌ فاسدة .. وزوجة خائنة .. وكانت أبنتها الصغيرة على حق!
لا عزاء لطفل يخطئ والده إنتقاء والدته .. لا عزاء لأم تخطئ أنتقاء والد أبناءها .. لا عزاء لمجتمع تندر فيها الأمهات الجميلات!! فهنيئاً لك يا وطني أنك تنضح بجمال الأمهات الجميلات.
تحية مفعمة بالمحبة لكل امرأة كانت أو ستكون يوماً والده .. تحية لكل والده أنجبت أم لم تنجب أبناءها.