*تناولت بعض الأقلام مؤخراً العباءة السوداء في تحقيقات ومقالات عديدة, وأفرد لموضوعها حلقة خاصة في البرنامج الإذاعي المميز "لا تقلب الصفحة", والذي أظهر مدى تحيز أغلبية الرجال لهذا الزي بدعوى أنه يرمز للفضيلة, والحق أنني كنت أتمنى ومنذ زمن طويل أن يتم تناول هذا الموضوع على وجه التحديد, في ظل وجود وجهتي نظر متعارضتين حيث الفئة العظمى تعلي من شأن العباءة وتعتبرها الواجهة الأخلاقية رفيعة المستوى لنساء البلد , وتصنفها -وفق هذه النظرة- على أنها الزي الرسمي للنساء الذي لا يصح التخلي عنه في أي زمان أو مكان أو مناسبة, بالصيف والشتاء على حدٍ سواء, بينما أقصيت بقية الأزياء والألوان حتى توارت ليظهر اللون الأسود متجسداً بالعباءة و يتسيد الساحة بلا منافس!
* الفئة الأخرى المقابلة, هي التي ترى في العباءة عبئ حقيقي لا مبرر له على الإطلاق في حال وجد البديل له من أزياء ملونة تتماشى وتعاليم الدين الحنيف بحيث لا تصف ولا تشف ولا تكشف, خاصة ونحن نعاني بشدة من درجات الحرارة المرتفعة والتي تمتصها عباءاتنا السود وتعكسها إلى أجسادنا.. (هذه معاناة صيفية متكررة بالنسبة للواتي يدرسن أو يعملن خارج المنزل)
*هناك ملاحظات كثيرة تدور في ذهني حول العباءة, وبرغم أني كثيراً ما التزم بها كزي عوّدت عليه, إلا أني أفكر بأننا نعيش في تناقض صارخ وازدواجية واضحة حين يتعلق الأمر بالفئة الأولى المنادية بالتزام العباءة – طوعاً أو كرهاً- لأنها هي نفسها تتغاضى عن مدى التزام نساءها بالعباءة في حال السفر إلى الدول الأخرى أو زيارة القرية والسبب في ذلك أن أغلب العادات والتقاليد خارج السلطنة أو داخل السلطنة -متمثله في القرى- لا تهتم إن لبست النساء العباءة أو أهملت لبسها, هي تهتم فقط أن تلبس النساء – أي زي- محتشم ووقور, والسؤال المطروح هنا, لم هذا الإزدواج, أوليس ذلك من باب التقليد ومسايرة الآخرين فقط؟!
*الملاحظة الأكثر إزعاجاً, هي أن العباءة – في الأغلب– تفرض إلزامياً على الفتاة بحجة مسايرة الأعراف والعادات دون المبالاة بمعرفة مدى قناعتها الشخصية بذلك, فمنذ بدء مرحلة المراهقة وحتى الممات تلزم بارتدائها سواءً أكان عن قناعة أو رفض منها, بسبب الخوف من مواجهة نظرة استهجان من قبل المحيط الاجتماعي!
*أنا لست مع أو ضد العباءة, لكني أدعو أن تجعل العائلات قرار ارتداءها أو عدم ارتداءها بيد الفتيات – بصفتهن المعنيات بالأمر – فما المشكلة إن قررن ارتداءها أو تطلعن لأزياء أخرى وألوان أزهى لا تتعارض أو تخرج عن مبدأ الاحتشام؟.
