* عقب صلاة الجمعة قبل الماضية في مسجد مدينتي, جلست لأستمع إلى أدعية الإمام واستعاذاته التي أعقبت الصلاة, هي ذاتها الأدعية التي تعود الأئمة تكرارها عقب كل الصلوات, لكن الاستعاذة الجديدة التي طرقت أذني بشدة يومها وحسبتها ستتوالى عقب كل صلاة جماعة بعدها هي الاستعاذة من غلاء الأسعار الذي تفشى ليحرق بناره جيوب الطبقتين الفقيرة والمتوسطة وأحسب أن جانباً من لفحاته قد طال ذوي الدخل المرتفع!
* لا أخفيكم تأثري بسماع استغاثت الإمام من غلاء الأسعار, فحين يكثر الأنين وتعم الشكوى وتصم آذان المستفيدين يصبح هناك ألف داعٍ وداع يدعونا للدعاء والشكوى, لكن هل الشكوى وحدها ستجدينا عزيزي القارئ المستهلك دون أن نبدي ردة فعل وبعض الحلول بأيدينا؟ ربما ستقول بأنني متفائلة أو لست واقعية لكن الحقيقة التي أعلمها بأننا كمستهلكين ساهمنا في تردي هذا الوضع حين قبِلنا أن نستمر في الشراء برغم الزيادات المتصاعدة التي يضعها التجار بين فترة وأخرى على بضائعهم متحججين بأن ظاهرة ارتفاع الأسعار هي ظاهرة عالمية (وهي كذلك) لكن حين تتضح حقيقة أن البلد المصنع يضع تسعيرة ثابتة لمنتجه لا يغيرها إلا لظروف استثنائية ونادرة تثبت عند حد معين لاحقا, في حين أن التاجر داخل البلد هو من يستمر برفع السعر باضطراد, في هذه الحالة لا يسعنا سوى أن نلوم من يستغل هذه الذريعة ليبتز بها جيوب المستهلكين من قبل بعض تجار الوطن!
* البحث في السوق عن البدائل لكثير من السلع التي ارتفع سعرها بدون وجه حق قد يكون هو الحل الرادع الذي سيعيد هؤلاء التجار لجادة صوابهم وسيعيد الأسعار لما كانت عليه من قبل, ومن خلال تجارب بعض المستهلكين الذين بحثوا بجدية عن منافذ تقيهم ويلات الغلاء, استطاعوا أن يثبتوا لنا أن الحل في أحيان كثيرة يكون بأيديهم وذلك بعدما نجحوا في إيجاد بدائل من منتجات مماثلة ذات أسعار مناسبة وجودة عالية في السوق. نعم قد لا تكون مشهورة وذات صيت, لكنها موجودة وقد لا يكون بينها وبين المنتج الشهير أي فرق سوى عدم الترويج لها في الصحف وإعلانات التلفزيون. لذا فالمفترض هنا –بالمستهلك- أن يتحمل مسؤوليته الكاملة بالمساهمة في الحد من هذا التفاقم الذي استحال بلاء حل وأستشرى دون ضابط بمقاطعة سلع الغلاء والبدء بجدية في البحث عن البدائل للسلع الإستهلاكية مرتفعة الثمن.
*هناك تساؤل يفرض نفسه هنا, وهو لم لا تقوم المؤسسات الحكومية المعنية بهذا الأمر بشراء السلع الإستهلاكية الأساسية وإغراق السوق بها وبيعها بأسعار أقل من الأسعار المبالغ فيها والتي يفرضها التجار أو التدخل الصارم والحازم لمخالفة ومعاقبة كل من يتجاوز سقف الأسعار المتعارف عليها خصوصاً أن كل التشريعات والقوانين التي سُنت قد مهدت لذلك وحثت عليه واعتبرته من واجبات هذه المؤسسات؟
* قد تكون الآية التي سأذكرها لكم الآن هي أصلح ما يمكن أن يوجه كخطاب مفتوح لمن القى السمع وهو شهيد, حيث يقول الله عزوجل في محكم كتابه الكريم (واتقوا فتنةُ لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة وأعلموا أن الله شديد العقاب) صدق الله العظيم