يلجأ كثير من الأهالي وخاصة في فترة الصيف إلى التلفزيون كوسيلة للحد من نشاط الطفل بغية التخلص من الأزعاج الذي يسببه داخل المنزل, وذلك عبر تسميره لساعات طويلة أمام شاشة التلفزيون سواءً كمشاهد للبرامج المنوعة وأشرطة الفيديو أو كممارس للألعاب المختلفة. ولا يخفى على أحد أن التلفزيون قد أصبح من وسائل التنشئة الحديثة للأطفال ودوره في ذلك لا يقل أهمية عن دور الأسرة ودور المدرسة بل أن دوره في كثير من الأحيان يفوق أدوار وسائل التنشئة الأخرى لأن الطفل يتعامل معه منذ بدايات نشئته الأولى وينجذب إليه عن طريق ما يقدمه من وسائل ترفيه بصرية مدعومة بصور جذابة وملونة. ومن هذا المنطلق وما للتلفزيون من أهمية بالغة كمؤثر قوي على مشاهديه خاصةً الأطفال الذين يكونون في مرحلة تشكل الوعي والبناء واستقاء القيم والعادات والتقاليد فإن رقابة الأهالي على البرامج التي يشاهدها أطفالهم هي من الضرورات القصوى والتي ينبغي التأكيد عليها, إذ أنه ليس كل ما يبثه التلفزيون يناسب الأطفال وطبيعة مجتمعهم وثقافتهم والأخلاقيات التي يسعى الأهالي إلى تأصيلها في نفوسهم, حتى أن أفلام الكرتون المستوردة والتي يحرص الأطفال على مشاهدتها تؤثر سلباً عليهم حيث أنها – في معظمها- تحمل ثقافة مجتمعاتها التي تختلف كثيراً عن ثقافة مجتمعاتنا الإسلامية وتؤصل قيم لا تناسبنا ولا تناسب البيئة التي نعيش فيها. وتكمن الخطورة هنا في أنه خلافاً لوسائل التربية الأخرى فإن التلفزيون لا يلقن الطفل الأفكار والرؤى والقيم بأسلوب الأهالي الصريح والمباشر بل أنه يعمد إلى تسريب الأفكار التي يود أصحابها إيصالها إلى لا وعي الطفل, وهنا ينبغي أن تعي الأسرة أهمية عدم إغفال دورها في إنتقاء ومراقبة البرامج التي ينجذب إليها الطفل ويتفاعل معها ويتأثر حتماً بها. كما أن هناك جانب سلبي آخر يجدر طرحه وهو أن المشاهدة ولساعات طويلة تقلل من فرص الطفل في اكتساب المهارات العملية وخوض التجارب الشخصية, وقد يساهم انكفاء الطفل على برامج التلفزيون في خلق جيل انطوائي غير متفاعل مع محيطه, وكما أن للتلفزيون جوانب سلبية عديدة فإن لها حسنات كثيرة فيما لو أحسن الأهل أختيار البرامج التي يشاهدها أطفالهم, فلا يخفى على أحد الدور الكبير الذي يقدمه الإعلام الهادف في تأصيل القيم والمثل العليا وتدعيم روح الوطنية والأعتزاز بالقيم الإسلامية في نفوس الناشئة الذين سيحملون غداً على أكتافهم وفي قلوبهم أمانة رفعة هذا الوطن.