يشتكي كثير من الأزواج من أن زوجاتهم ممن لا يعملن خارج المنزل يصبحن بعد فترة من الزواج كثيرات الشكوى والتذمر من إهمال الأزواج لهن, برغم أن الزوج في الغالب يعطي الكثير من وقته لزوجته وأطفاله, لكنه يرى أن زوجته تقلل من هذا العطاء لأنها تظن أنها تبذل كل وقتها وتصرف كل جهدها في سبيل إرضاء الزوج وتلبية كافة متطلباته ولو كان ذلك على حساب إهمالها لجميع ما كانت تحبه من هوايات وجميع ما كانت تمارسه من أعمال قبل الزوج, لذا فهي تتوقع من الزوج أن يبادلها العطاء بالعطاء وأن يجعلها همه الأول والأساسي مثلما فعلت هي. وبالتأكيد حين لا تتحقق لها رغبتها أحياناً بسبب انشغال الزوج في أعماله أو تواجده مع أصدقاءه أو رغبته في الخلو إلى نفسه والبقاء وحيداً لبعض الوقت فإن الزوجة تبدأ في التبرم والشكوى وإبداء الانزعاج والشعور بالإهمال وبالتالي تصبح الحياة بينهما صعبة نتيجة لتطور الخلافات مما يهدد الحياة الزوجية بالفشل.
الحقيقة التي قد لا تتداركها الزوجة ولا تلتفت إليها في كثير من الأحيان وتكون هي السبب الرئيسي لبدء الخلافات الزوجية, أنها تكون قد ارتكبت خطأ فادح في علاقتها الزوجية الحميمة وذلك بتخليها عن هواياتها وإهمالها لما كانت تقوم به من أنشطة قبل الزواج بحجة رغبتها في منح ذاتها كلياً لزوجها والأطفال الذين سيكونون ثمرةً لهذه العلاقة, وبالتالي يصبح لديها فائض كبير من وقت الفراغ تقضيه بين جدران البيت الأربعة, حين يكون الزوج والأطفال منصرفين عنها في شؤونهم الأخرى, وعليه فإن الملل والفراغ يدفعانها دون أن تشعر في الركض وراء الزوج ومحاولة مراقبته وجعله الهاجس الأكبر الذي تدور حوله كل حياتها, لذا فهي غالباً ما تتحول إلى مُحاصرة وغيورة وكثيرة التذمر والشكوى وسوء الفهم. مما ينعكس سلباً على علاقتها بزوجها فيحاول هو الهروب منها وتحاول هي ملاحقته وتطويقه! وهذا ما يجعل الحياة بينهما تصبح أكثر تأزماً وصعوبة, لذا فالذي يتوجب على الزوجة القيام به من أجل المحافظة على نفسيتها واستمرار سعادتها بأن تمنح لنفسها وقتاً تقضيه بالانشغال في مزاولة ما تحب أو في زيارة صديقاتها ومشاركتهن الأعمال الجماعية كالتسوق مثلاً, أو أنها تنتسب مثلاً لإحدى الجمعيات النسائية أو الخيرية لتتمكن من المساهمة في خدمة مجتمعها, هنا حتماً ستشعر الزوجة بذاتيتها وقيمة عطاءها أكثر بكثير عن ذي قبل فلا تعود مهمومة بهاجس مراقبة الزوج وتصرفاته, لأن القيمة التي ستتحصل عليها من جراء انشغالها بحياة شخصية تصنعها لنفسها سيصرفها عن صغائر الأمور وسيمنحها السعادة والابتسامة التي ستعُم حتماً كل ركن في البيت.