(( سارقو السعادة ))
بالرغم من سنها الذي لم يتجاوز التاسعة إلا أنها كانت مثالا للطفولة الصالحة التي تحب الخير والسعادة للآخرين إنها خلود تلك الطفلة التي كانت تعيش في أسرة صغيرة وبسيطة ذات الأفراد الأربعة المكونة من أمها فاطمة وأبوها سعيد وأخوها الأصغر ناصر ولكن لا يدري الإنسان ما تخفي له الأيام فأبوها المسكين يقع ضحية الحسد الذي دس له في مقر عمله وأتهم زوراً باختلاس مبلغاً مالي وحكم عليه بالسجن لمدة ستة أشهر وتمر الأيام على تلك الأسرة البسيطة وكعادتها خلود دائما تتأمل روزنامة التقويم وهي تنتظر بلهفة إلى يوم التاسع من ذي الحجة حيث أن هذا اليوم سيوافق انتهاء فترة سجن والدها وهو يوم يأتي من بعده يوم يحتفل فيه المسلمون بمناسبة عظيمة وسعيدة وهي مناسبة عيد الأضحى المبارك فذهبت خلود مع أخيها ناصر لشراء هدايا العيد لأمهما وأبيهما بينما كانت فاطمة قد أنهت خياطة دشداشة العيد لتقدمها هدية لزوجها سعيد بعد خروجه من السجن ومع شروق شمس يوم التاسع من ذي الحجة خرجت تلك الأسرة تغذ السير بكل لهفة وشوق لاستقبال خروج رب أسرتها حاملة بين يديها هدايا العيد وبعد ساعات من المسير وصل الجميع عند باب السجن وبعد مرور دقائق من الانتظار تعالت زغاريد الفرح من الزوجة الوفية وهي تنظر إلى زوجها وهو يخرج من السجن وعانق الطفلان الصغيران أبيهما عناقاً حاراً وأخذ أبوهما يلفهما ويقبلهما وهو يذرف دموع السعادة ثم قامت خلود وأخوها ناصر بتقديم هدية العيد حيث كتبت خلود على الهدية عبارة كل عام وأنت بخير يا أبي والزوجة الوفية قامت هي أيضا بتقديم دشداشة العيد لزوجها سعيد ثم خرج الجميع للعودة إلى منزلهم المتواضع ليستكملوا فيه الاحتفال بهذه المناسبة الغالية وفي الطريق وبينما كان أفراد الأسرة يحاولوا إيقاف سيارة أجرة تقلهم إلى منزلهم إذ جاء سائق سيارة يسابق الريح بسرعة جنونية فتنحرف سيارته عن خط سيرها فتطير تلك السيارة بجسد الطفلة البريئة خلود فتسقط تلك الطفلة مضرجة بدمائها ويذهب أبوها مسرعاً إليها فيحمل جثمان طفلته الصغيرة ويضمه إلى صدره وهو يبكي بكل حرقة وألم ويردد لا يا خلود لا يا طفلتي العزيزة لا تموتي أنا أبوك وهذه أمك وهذا أخوك وغداً سيكون العيد .
|