رجل ليس يحلم
تجلس الفتاة ، ذات الوجه اليانع ، والبشرة الخمرية الى جانب الشرفة التي تطل على منتصف الزقاق والذي بدا هادئا في هذه الساعة التي تتجمع فيها اشعة الشمس عبر واجهات البيوت العالية ، بينما تنحسر ضلالا باهتة ضئيلة في بعض الزوايا وعند عتبات بعض الابواب الخشبية السميكة .
قال الشاب مع نفسه وهو يمر من تحت الشرفة : - تبدو حزينة ..!؟
.. لكن الشاب عدل من خطواته يعد ان كانت بطيئة ، وانعطف عند زقاق اخر واختفى وهو يحمل في مخيلته وجه الفتاة يتوجس ملامحه بشعور خاص وهو لايعرف سره ..! في الصباح نهض الشاب من سريره ، وتوقف امام النافذة الصغيرة الوحيدة في غرفته ،، ازاح الستارة ، فاتكشفت امامه زرقة الفجر الندية ، احس انه استحم بهذه الزرقة الدافقة ، وابحرت عيناه عبر الافق البعيد .. هو يذكر ا قال لها مرة ، وهو يداعب مشاعرها بطريقة بريئة:
- انت مشاكسة ..؟! قالت : - انني واقعية .. احب الصدق في كل شي ..! .. تراجع بعض الخطوات ، وتوقف امام صورته ، رفع يده ، مسح بعض خطوط الغبار التي تجمعت اسفل اطارها باصبعه ، وانفرجت عيناه بايتسامة خفيفة ، احس بشيء مبهم يجتاحه في هذه اللحظات ، وهو اشبه مايكون بنشوة فرح طفولية ، اذ بدأت خيوط الشمس الذهبية تطرز الافق الازرق ، التفت الى الخلف فجأة ، واحتوى قوامها الرشيق ، نظراته لاتصدق واختلجت اعماقه .. هل انه في حلم ؟ .. ارادت كلماته ان تنفلت من بين شفتيه المتيبستين ، لكن الكلمات ماتت في شفتيه ، وقتها كانت حزم الشمس الصباحية تنسل الى النافذة اكثر فتشيع فيها الدفء .. رفع يده الى ناصية رأسها ، تلمست اصابعه ولاول مرة خصلة من شعرها اللين ، احس بان شعورا خاصا يريد ان يفترسه ،، تحررت خصلة الشعر من بين اصابعه ، سحب يده ببطء ، اغمض عينيه ودفن وجهه بين كفيه .. اذ احس تماما بانه ليس يحلم .
|