 |
قسم مجموعة متنوعة العروس |
العروس
يوم التاسع من يوليو وقفت أمام بيت والد صديقي، خرجت زوجته بلبسها الجميل، وبالحناء الذي نقش على كفيها فباركت زواجهما. قال لها حمود سيأخذنا للمطار، وبالمناسبة هو كاتب معروف، وشخصية ظريفة، وأعز صديق في حياتي، ودائما ما أذكر شيمه أمامك، مع هذا أنزعج منه في أشياء سنتحدث عنها في الطريق، عسى أن تقنعينه معي في العدول عن بعض أفكاره.
أخذت حقائب سفرهما لسقف السيارة، فتحركنا للمطار. في السيارة ظل الحديث بيننا كما لو أننا من أم واحدة، قلت لها اخترتما تاريخا مميزا لعرسكما. قالت أنا أحب رقم سبعة؛ لذلك أجلنا عرسنا للسابع من يوليو، وصادف عام زواجنا ألفين وسبعة للميلاد، قلت عسى أن يأتي ولي العهد- حاكم عمان القادم- في العام المقبل يوم السابع من يوليو، قالت يا رب.. محظوظان أنتما معا. هو بماله، وأنت بجمالك. قالت شكرا على الإطراء، لكن لماذا لا تفكر بالزواج؟
قلت لها ليس الآن، ثم إنه الخيار الأخير في الحياة، علما أن العظماء لا يتزوجون، وأنا أقتدي بصاحب الجلالة، ما يشغلني الآن في الدنيا هو أن أجد موطئ قدم لوجودي، قالت ماذا تقصد؟ قلت لها لا أتمنى أن يأت يوم وأرحل فيه عن الدنيا دون أن أترك شيئا أذكر به، قالت ستذكر بالأولاد الصالحين، قلت وما يدريني إن جاءوا صالحين أم طالحين؟ شعرت أن الحديث ظل بيننا. صديقي صامت، يسمع ما نأتي على ذكره، فخشيت أن يأخذ على خاطره من حديثنا الطويل معا، ثم إنه أول عماني يتجرأ ويعرفني على زوجته، وبهذا هو يختلف عن الآخرين، لذلك قررت إشراكه في الحديث قائلا لها زوجك يقول إني لست صالحا للعيش في هذا الزمان، هو يرى أنه زمن للمال فقط، وأنا سيد الأغبياء. قال صديقي يا غبي تستطيع أن تصبح غنيا..
اسمعي زوجك ينعتني بالغباء دائما،أنا أمقت فيه أنه يرى الدنيا فلوس فقط، فهو يقول لي إن بلدنا كعكة كبيرة، وإن لم تأخذ نصيبك ستنام جائعا، وسيأتي زمن تنتهي الكعكة فيه، ولن تجد ملعقة لرفع ما سقط من فتات الكعكة التي انتهت، خاصة وأنك تعمل في مكان تستطيع فيه الوصول إلى ما تريد، اشر واطلب، سيعطونك حبا لإنسانيتك العظيمة وخوفا من قلمك...
نحن نقترب من المطار قلت، ردت الحمد لله، ثم أردفت: هل تصدق أني أول مرة أركب الطائرة؟ وأنا فرحة بالسفر، الحياة متعة لذيذة، رددت عليها خاصة في الليل، ضحكا على ما قصدته في تلك الجملة.
غاب صديقي و زوجته أسبوعين... عندما جئت لأخذهما من المطار تفاجأت بالهدايا الثمينة التي آخذاها لي، سأحتفظ بالميدالية الخضراء التي على صورة علبة الهينيكن. قبل أن نصل للبلد قال لها ممازحا سأكمل إجازتي مع صديقي، ولك أن تسافري للعمرة مع أهلك، قالت و أنتما ؟ سنذهب إلى صلالة. على راحتك حبيبي، دام أن أبا نضال معك فلا أخشى عليك، ثم قالت لي : مر بعد غد لأسلمك الأمانة. ما أن شرعت حقائبهما دخول المنزل ناديت عليهما ليستلما كيس مكسرات كانا قد نسياه داخل السيارة، أتت هي، بينما هو يقبل رأس أمه، مثل ما تتمنى زوجته تقبيل الحجر الأسود. ظهر آخر يوم من شهر يوليو كنا في سهل أتين، ما أن فتحت الكول بوكس؛ لإخراج العلب الباردة وصلني خبر وفاة العروس بحادث سير في الشارع الحدودي بين السعودية والإمارات.
|
|
|
| | |