افتتاح معرض مصر وعمان – الحضارة والتاريخ

[سالم الوشاحي]

لوحات فنية جسدت جمال الحياة الريفية واحتفت بتفاصيلها -
كتب: - ماجد الندابي:--

افتتح مساء أمس معرض الفنون التشكيلية «مصر وعمان ـ الحضارة والتاريخ» بمشاركة فنانين مصريين وعمانيين تحت رعاية سعادة السيد إبراهيم بن سعيد البوسعيدي محافظ البريمي، وذلك بقاعة الجمعية العمانية للفنون التشكيلية بالصاروج، ويأتي افتتاح هذا المعرض ضمن فعاليات "الأسبوع الثقافي المصري" في السلطنة، والذي ينظمه المكتب الثقافي بسفارة جمهورية مصر العربية في السلطنة بالتعاون مع السفارة المصرية والمكتب الإعلامي المصري.
اختلفت اللوحات والمجسمات الفنية في هذا المعرض إلا أنها اشتركت في تقديم أفكار نابضة بالتاريخ الحضاري القديم الذي يتجسد في مختلف مناحي الحياة اليومية بشتى تفاصيلها، فأنت عندما تدخل إلى المعرض تجد الحياة الريفية المصرية ماثلة أمامك في لوحة فنية واقعية، رسمت عملية البيع والشراء التي يقوم بها الفلاح المصري بالقرب من الحقول، ويبرز الطابع الريفي في الملابس التقليدية التي يرتديها الفلاح المصري والنساء الريفيات، وطبيعة البضاعة التي يتم بيعها من حيوانات المنزلية. تعبر عبر تلك اللوحة الريفية لتدخل في زقاق يحمل ذاكرتك مباشرة إلى زقاق المدق لنجيب محفوظ ومن ثم يرجعك إلى الواقع لتلامس دفئ تلك الأزقة وما تحمله بين جنباتها من حياة حافلة بأحداث الحياة اليومية.
ومن ثم تصدمك الأشكال الهندسية التي أبدعتها رؤية الفنانين التشكيليين المصريين، لتتلمس بروزها وزواياها ونوعيات الأخشاب التي استطاع أن يجمعها الفنان ويلصقها في لوحة فنية تجسيمية، ولا تكاد تبتعد عن برادة الخشب التي تلتصق بيديك وأنت تتلمس تلك اللوحات الخشبية حتى تقف أمام المعدن النحاسي بلمعانه وقسوته وأشكاله التعبيرية، فترى أمامك ثلاثة شخوص قد وضعوا في ثلاث لوحات على شكل طولي تلك اللوحات تحمل رؤوسا نحاسية تمثل الأسرة، فالرأس الأول هو رأس الأب الذي نحته الفنان بطريقة وكأنه أحد رؤوس الأساطير القديمة، وتتبين تفاصيل ملامح وجهه التي تجسد الجانب الرجولي فيه، ومن ثم تنزل ببصرك قليلا لترى رأسا مائلا يحمل بين جنبين الأيمن والأيسر اسلاكا متموجة تمثل شعر المرأة ولكن تبقى حائرا ومتسائلا في الوقت نفسه، لماذا هذا الميلان في الرأس على خلاف رأس الرجل، ومن ثم تقف طويلا لتتأمل الرأس الثالث الذي يجسد رأس الطفلة وذلك يظهر جليا من خلال العقيصتين المتموجتين والابتسامة التي تظهر على شفتيها ووهي تحمل بالونتين.
كما ضم المعرض لوحات تشكيلية من النحاس برزت فيها الزوايا الحادة لأشكال المثلث والمعين والتي تشبه إلى حد كبير عملية التكسر في الزجاج والتي تتناثر إثرها القطع الحادة الناتجة من هذا التكسر، وهي لوحة تعبيرية تعكس جانبا نفسيا لا يشعر به إلا من يقف أمام تلك اللوحة النحاسية. ولكن من خلال رؤية أخرى ترى تلك اللوحة عبارة عن الطبيعة التي قام البشر باستعمارها وبناء المنازل والبنايات الكبيرة فيها مما جعلها متكسرة ومحترقة، وقام الفنان باختيار رمز النقاط ليعبر عن البشر الذين ينتشرون بين تلك الأشكال الهندسية.
وفي لوحة نحاسية أخرى تظهر الجماجم البشرية المتكسرة والتي يظهر فيها الدماغ البشري وتنتشر أيضا بين ثناياها المثلثات التي تعبر عن الأفكار التي تفتح العقول البشرية وتستثيرها.
وعند الحديث عن الحضارة والتاريخ لا بد أن يكون للفن الإسلامي نصيب من لوحات المعرض ففي لوحتين الأولى تكتسي باللون البرتقالي وتدرجاته واللوحة الطولية الثانية بلونها الأزرق ويظهر فيهما طابع الفن المعماري الإسلامي فتجد القباب والأقواس والنقوش الشجرية والأشكال الهندسية الإسلامية في لوحتين اختزلتا بجمالهما وتناسقهما العمارة الإسلامية القديمة.
المعرض كان حاشدا باللوحات الفنية والمجسمات التعبيرية التي نترك للزائر متعة التأمل فيها، أثناء زيارته لهذا المعرض الذي يستمر حتى الأحد 10 فبراير

جريدة عمان