روابط مفيدة : استرجاع كلمة المرور| طلب كود تفعيل العضوية | تفعيل العضوية

.::||[ آخر المشاركات ]||::.
الشـوق المثار [ آخر الردود : نبيل محمد - ]       »     في محراب الحنين [ آخر الردود : ذكرى - ]       »     نبسـط لـك الهوى [ آخر الردود : نبيل محمد - ]       »     ذاكــرة أمـواجُ الشـوقِ‏ [ آخر الردود : نبيل محمد - ]       »     متى تَلتَئِم الجراح [ آخر الردود : نبيل محمد - ]       »     وجوه تهوي بها الأيام فترميها ب... [ آخر الردود : نبيل محمد - ]       »     نـوبـة حنين [ آخر الردود : نبيل محمد - ]       »     لحظه غيابك [ آخر الردود : ياسر الكثيري - ]       »     انتفاضة [ آخر الردود : ذكرى - ]       »     هموم مضت في فضاء الواقع [ آخر الردود : زياد الحمداني (( جناح الأسير)) - ]       »    


الجمعية العُمانية للكتاب والأدباء
عدد الضغطات : 3,539ضع إعلانك هنا - ثلاث شهور فقط 25 ريال عماني
عدد الضغطات : 2,803ضع إعلانك هنا - ثلاث شهور فقط 25 ريال عماني
عدد الضغطات : 8,344
دروازة للتصميم
عدد الضغطات : 52,505عدد الضغطات : 52,284عدد الضغطات : 52,387

العودة   منتديات السلطنة الأدبية > منتديات السلطنة الأدبية > القصة القصيرة

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #11  
قديم 02-04-2013, 01:23 AM
الصورة الرمزية مختار أحمد سعيدي
مختار أحمد سعيدي مختار أحمد سعيدي غير متواجد حالياً
كاتب مميز
 
تاريخ التسجيل: Dec 2009
الدولة: الجزائر
المشاركات: 583

اوسمتي

إرسال رسالة عبر MSN إلى مختار أحمد سعيدي
افتراضي

دخلت إلى البيت متأخرة جدا، وجدت جدتها أمام الباب، لم تحيي أحدا، ودخلت إلى غرفتها، أغلقت الباب وألقت بنفسها على السرير، تبعتها جدتها، حضنتها في صمت، تنتظرها أن تقول شيئا، سألتها فلم تجب، كانت تنظر إليها بعينين همعتين، تحاول، وتحاول، ولكن الصدمة كانت أشد.
أما هو كان الجرح أعمق، والمصاب جلل، والهزيمة نكراء، وعذاب الضمير لا يرحمه... أراد أن يقول لها كلاما كثيرا، اكتظ في صدره، يبوح لها بأسرار صمته، يروي لها أحاديث الشجون، فاغتالت فرصته، وتركت الكلمات تتآكل في عمقه، والحروف تحترق، يبتلع اختناقه، هو لا يريد أن يستعيد الماضي الذي يجبره على إعادة قراءته إلا بحضورها حتى لا تحاكمه هذه الأشياء على افراد، حتى الأماكن التي كان يمر بها، قرعت طبول الحضور بقوة، صدى خطواته، ونقرات كعبها، بسمتها الدامعة، ووهيج عطرها الذي كان يسكره، كانت الوجوه كلها وجهها، وصمته أمسى صمتها، سكنته هواجسها، وتصعد الصرخة تلوى الصرخة فيكظمها، كم هو بحاجة إلى من يحدثه، إلى من يسمعه بدون قيود وبدون حدود، كم هو مؤلم مخاض الإعتراف، كم هو مؤلم مخاض البوح باغتيال الحقائق... يخشى أن تولد همومه في الفراغ، في الصمت الذي كان يمارسه عليها، في الأشياء الجميلة التي كان يدّعي أنه أهملها... ويأتي السؤال اللغز.. هل ستسمعه؟.. هل ستصدقه؟ .. هل ستسامحه؟.. برد شرابه المفضل ولم يشرب منه جرعة واحدة، والنادل ينظر إليه بعين الشفقة، ولا يكاد يصدق، المطفأة قد امتلأت ببقايا السجائر، ولا يزال يبحث لكلماته عن أذن صاغية، وضع قطعة نقود على المائدة وخرج، إلى الحانة المقابلة وقف أمام الحاسب، القدح تلوى القدح... أحدث فوضى كبيرة، فأفرعوه، وعاد إلى بيته، يرده الحائط إلى الحائط، بصعوبة فتح، دخل، وانصفق الباب وراءه، أجلسه الدوران في الرواق حتى الصباح، وجد نفسه نائما والدنيا نهار، كان في حالة يرثى لها.. أخرج هاتفه، نقر، لا أحد يرد... الرقم الذي تطلبه لا يرد.. قام كأنه هيكل تزعزعت دسره، يحاول أن يشتد، جاء بفنجان من القهوة وجلس في الصالون، لا يزال رأسه يرن، يتفقد جسده، كأنه رجم بالحجارة، إنه هيكل مفكك ملفوف في بطانته، فدخل إلى الحمام، في المغطس بدأ كل شيء فيه يعود إلى مكانه...
ترى ماذا هي فاعلة؟.. ليته يعرف ما يدور في نفسها، ولماذا هربت منه البارحة.
حتى الآن لم تصدق، هل هي الحقيقة أم هو الحلم والسراب؟ هو ذا يعود بعد أن كادت تفقد الأمل وأشرفت على الموت، يعود ليحتويها من جديد، ويعود وهو إنسان آخر غير الذي كانت تعرفه، ما الذي جرّده من غطرسته وجبروته؟ من الذي أنزله من تكبره وخيلائه؟.. إنها الحقيقة التي تضاهي الخيال، نعم عاد وتبنى الحمل رغم أنه لا يعلم عن حقيقته شيئا، ولا أنا، هل أصارحه وأعود إلى الدوامة أم أسكت وأتركها لسير المقادير؟... ودخلت الجدة كعادتها بكل هدوء..
قولي يا بنيتي، ماذا جرى؟ مزقت كبدي، أرجوك، تكلمي..
- لقد عاد يا جدتي، لقد عاد وتبنى، عاد وكأن شيئا لم يكن...
- قرأتها البارحة في طالعك، عقدة وانحلت، كنت على علم بذلك
- هناك مشكل آخر يا جدتي، بدأ يؤرقني منذ رأيته بالأمس وهربت.
- ما هو؟ مهما كان فهو ولا شك أهون يا حبيبتي مما كنت فيه
- أنا حتى الآن لا أعرف إن كان من في بطني إبنه أم إبن القاضي
- مجنونة أنت !! هيا كفى ! لا تحاولي ! إذا لم يكن إبنه فقد ورد منه، ما هذه السخافة، ملاك أنت أم نبي؟ !!
- أخفي جريمة بجريمة أخرى؟ سأتعذب، أدعوه لغير أبيه؟
- أهون مما أنت فيه، يا بنيتي سكوتك عن هذا هو خلاصك الوحيد والأخير، لا تعقدي الأمر أرجوك.. هذا كلام ألغيه نهائيا.. متى نزغرد لك؟
- أمهليني، لابد وراء الرجل أشياء، وبعد أن أعرفها نقرر، لا تستعجلي... لقد جاء متغيرا تماما، وهذا أمر حيرني كثيرا.. غريب أمر هذا الرجل..
- المهم أنك الآن في قارب النجاة، تصرفي بروية للوصول إلى البر بسلام
- سأفعل.. سأفعل.. في كل الأحوال مادامه قد عاد، لن أدفع الثمن وحدي أبدا.. دعيني أفكر... لن أغفرها لهما...
- هكذا أريدك، كوني حذرة فقط... ماذا ستفعل لبؤتي الآن؟
- سأتصرف لا تخشي علي، الآن اتضح الطريق، إني أرى الأفق صافيا..
إنبسط وجه الجدة، وأحست براحة بال فقدتها منذ مدة، تنظر إلى حفيدتها بعين الرغبة وهي تتحول من قطة وديعة إلى لبؤة شرسة كشّرت عن أنيابها، وأظهرت مخالبها، تستعد لدخول المعركة بكل قوة، رجوع الخصم بهذه التكتيكية جعلها تأخذ الحيطة والحذر في كل تحركاتها، وهي كذلك حتى رن الهاتف... إنه هو..
- مرحبا.. بخير.. أحسن بكثير.. الآن؟ غير ممكن، اتركها ليوم الغد، عندي فيه متسع من الوقت، نستطيع أن نتحدث وبالتفصيل.. إلى الغد في النادي
لقد بدأت المعركة، هي التي حسمت الزمن والمكان... والإستعدادات متواصلة... وبدأت تصلني و أنا في بطنها لأول مرة موجات جديدة تزرع في ذاتي الصغيرة بذور الأمل ، وتنفخ فيها الحياة، تطارد اليأس وتصنع الطموح. في تلك الليلة نامت أمي نوما عميقا، فأزهر حولي كل شيء، كأني يرقة فراشة بدأت تخرج إلى الوجود، أشياء جميلة كانت تمر من هنا تصنع البسمة في كل فسحة تتجدد، أشياء كالأحلام تضاهي الحقيقة، إنها أول تنفس الصعداء ، أتقلب فرحا وهي نائمة، نظرت إلى نفسي فوجدتني نسخة طبق الأصل لها، حتى الشامة التي في ساقها كانت في ساقي، فقط فمي لا يشبه فمها، فمي أوسع وبشفاه أخصب، هذا الشعور جعلني أتأكد من تراجعها عن تصفيتي، فقط لأنها أمنت على نفسها، وأصبح همها الوحيد ذلك الرجل الذي أرادت له أن يكون أبي، كان علي أن أستعد لأقاوم وحدي تجاوزاتها في كل شيء ، وتهاونها حد التهور في بعض الأحيان، لأنني سأكون الورقة التي تلعب بها، ولا يهمها بعد ذلك في أي يد أكون، حتى لو أكون في يد الشيطان...
قامت باكرا، جهزت الحمام، كانت تدندن، تخرج النغمات من أنفها كأنها لمسات على آلة موسيقية لألين وأعذب الألحان، وجلست أمام المرآة، تستظهر بكل جرأة مفاتنها، تتابع مياسم الجمال على وجهها، رسام أفرغ كل عبقريته وإبداعه في استلهام وجه ملائكي من نور يتحدى الرغبة في كل العيون، لبست أجمل فستان تجانس مع لون وتسريحة شعرها، تعطرت، رتبت أشياءها في سفطها وخرجت، كان الجو جميلا، والشارع جميلا، ونسمة الصباح منعشة، تنفست في الكون كل الأشياء الجميلة، واختفى ذلك السواد الذي كان يرخي سدوله على الدنيا كل صباح، فضلت أن تقطع المسافة راجلة، فكانت محط أنظار الجميع، وهي تتصنع الغنج، رائحة عطرها الباريسي تغمر كل الشارع، ونقرات كعبها توقظ القلوب النائمة... كان واقفا أمام النادي، إستقبلها يبتسم، أخذها من يدها ينظر إليها كأنه في أول لقاء، تنهد وقال:
- كم أنت جميلة، بالأمس خشيت أن أكون قد ضيعت فيك جمالك، فإذا بك اليوم أجمل.. هيا لقد حجزت مكانا رومانسيا ولا أروع، تفضلي...
لا يزال يبهرها بلياقته ولباقته، وجمال حركاته، جنتلمن بجدارة، كالأريستوقراطي، دخل هو الأول وتبعته، كان المكان ركنا ساحرا، النادي حولوه محطة سياحية ست نجوم، بست أجنحة وحديقة. حتى الآن لا يزال يبهرها، كأنه يمهد في نفسها مكانا لحقيقة مؤلمة تتطلب استعدادات أسطورية، فزاد ذلك في قلقها حد التوتر والإرتباك، وأحست بالضعف أمام استكانته وتلطفه وليونته، يكلمها بأرقى العبارات وأطيب الكلمات، وغالب ذوقه ميزاجها فغلبه، وبدأت حساباتها تنهار كجدران من رمل أمام خطاب العيون، وتمنت أن يتواصل السكوت حتى لا يفسد عليها متعة كانت تحلم بها منذ زمن بعيد، فتحت وتركته يبحر بأمان في ذاتها ويبلسم الجراح التي صنعت بؤسها، وشقاءها، وجراح أيام الجحود... ما كانت تظن أن هذا الطود يتحول يوما إلى كومة، فيها من الدفء ولين الطرف ما يغمر كل المواطن التي كانت تعاني من قحط المودة وغربة الذات... تنظر إلى الإيحات تتزاحم في عينيه، وترسم أحاسيسها على ثغره، تظهر حتى تكاد تنطقه ثم تختفي وتترك للتردد فراغاتها... وتبقى البداية دائما فرسا شموسا، يصعب ترويضها وامتطاء صهوتها، والكلمة الأولى هي المفتاح السحري الذي يفتح مكامن المقاصد أو يغلقها، والصمت باب لا يعلم أحد ما وراءه، وفي أغلب الأحيان يصنع القدر خلفه أكبر المواجع، وهو لا يريد أن يضيع هذه الفرصة، التي كان يراها فرصة العمر، وتلقت الأجساد حقن المشاعر التي طفت تغازل وجدانا عانى كثيرا من قحط الحنو،

...يتبع...
رد مع اقتباس
 


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 12:45 AM.


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
Ads Management Version 3.0.1 by Saeed Al-Atwi
جميع الحقوق محفوظة لدى الكاتب ومنتديات السلطنة الادبية