روابط مفيدة :
استرجاع كلمة المرور|
طلب كود تفعيل العضوية | تفعيل العضوية |
.::||[ آخر المشاركات ]||::. |
|
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
عدّى النهار
إسراء المازمي
ذلك المقهى . . كان الأفضل والأقرب إلى قلبي . . أملك فيه زاوية خاصة . . أرخي بجسدي على ذلك الكرسي . . أضيع في عوالم نجيب محفوظ، ويوسف إدريس . . أسمع همسات النداهة . . أتخطأ الثلاثية حتى أولاد حارتنا . . أتأمل المارة وأرتشف الحب مع القهوة . . كعادتي الأسبوعية . . أستمع إلى صوتها يداعب المغيب وهي تردد أغنية لعبد الحليم: “عدّى النهار . . والمغربية جاية . . تتخبى ورا . . ظهر الشجر . . وعشان نتوه في السكة . . شالت من ليالينا القمر” . كنت أراها شقية . . مراوغة . . تضحك بصوت عالٍ . . عفوية إلى حد السذاجة . . تنقُر بأصابعها على الطاولة . . تتمايل . . وترقص على أي أغنية تمر سهواً بالمكان . . يستفزني ذلك النوع . . أكره أن تكون الفتاة ثمرة رخيصة تُعرض في الشوارع والأزقة المظلمة . . حتى ذلك المساء الممطر . . كنت عائداً إلى منزلي . . وجدتها تخبئ جسدها تحت صحيفتها القديمة . . وعلامات الخوف تحوم حولها . . وبعد محاولة طويلة وإلحاح . . قبلت بعرض إيصالها إلى المنزل . . كانت تمسك بطرف معطفي . . تخجل أن تطوق ذراعيها حولي . . وشعرها الأسود الطويل يتطاير على طول الطريق . . تتمايل معي في الطرقات . . أتنفس عطرُها المختلط بأكسجين المكان . . أطبقَتْ على جسدي بقوة خشية الظلام . . أطبقَتْ على قلبي . . أوصلتها إلى تجمع صناديق تسميه هي منزلها . . شكرتني كثيراً ومضت إلى الظلام . . دون أن تجيب عن أسئلة لم أتجرأ أن ألفظها . . واكتفت هي بعدم التبرير . . هكذا . . أصبحت الزبون الدائم . . أنتظرها كل ليلة . . حتى انتهائها من العمل . . نُدخل الكراسي والطاولات . . نغلق الشبابيك . . ونمضي في الشوارع التي أدمناها في هدوء الليل . . مرت الأيام . . غادرت منزل الصناديق لتنتقل للعيش برفقتي . . كل ليلة تدون في مذكرتها الزرقاء ما يجول في قلبها من أمور . . وكنت أحاول اختلاس النظر إليها . . مع الوقت أكتفي بالنظر في عينيها . . فأعلم الكلمات المطبوعة في جوف الورق . . وفور أن تنتهي . . تمسح بيدها الحانية على صدري . . تضع رأسها على قلبي . . تطلق أحلامها . . وتنام . . ذات مساء . . كانت السماء تمطر بشكل غريب . . دخلت المنزل . . نفضت سترتي . . لمحتها عبر الباب . . تضع قميصي على وجهها وتبكي . . لم تنم جيداً تلك الليلة . . كانت تتقلب على الفراش . . ترتجف وتبكي . . كان أسبوعاً صعباً . . بدت شاحبة . . قوية حتى في أقسى حالاتها . . لم أسالها على ما يدور في خاطرها . . أردت أن تكشف أوراقها على المنضدة . . دون ضغط يذكر . . حتى انسابت ذات ليلة من بين يدي . . واستيقظتُ على كابوس رحيلها . . ورقة صغيرة تركت مهملة على الطاولة قرب عقدها الذهبي الذي اشتريتهُ لها في عيد الحب . جريدة الخليج |
|
|