روابط مفيدة : استرجاع كلمة المرور| طلب كود تفعيل العضوية | تفعيل العضوية

.::||[ آخر المشاركات ]||::.
نـوبـة حنين [ آخر الردود : نبيل محمد - ]       »     في محراب الحنين [ آخر الردود : ذكرى - ]       »     لحظه غيابك [ آخر الردود : ياسر الكثيري - ]       »     انتفاضة [ آخر الردود : ذكرى - ]       »     هموم مضت في فضاء الواقع [ آخر الردود : زياد الحمداني (( جناح الأسير)) - ]       »     كفيف [ آخر الردود : زياد الحمداني (( جناح الأسير)) - ]       »     ذكرى شاعرة في ربيع العمر [ آخر الردود : زياد الحمداني (( جناح الأسير)) - ]       »     شوقان [ آخر الردود : زياد الحمداني (( جناح الأسير)) - ]       »     جناح الخير [ آخر الردود : زياد الحمداني (( جناح الأسير)) - ]       »     عودة حميدة نتمناها للجميع [ آخر الردود : وهج الروح - ]       »    


الجمعية العُمانية للكتاب والأدباء
عدد الضغطات : 3,475ضع إعلانك هنا - ثلاث شهور فقط 25 ريال عماني
عدد الضغطات : 2,733ضع إعلانك هنا - ثلاث شهور فقط 25 ريال عماني
عدد الضغطات : 7,979
دروازة للتصميم
عدد الضغطات : 52,440عدد الضغطات : 52,213عدد الضغطات : 52,320

العودة   منتديات السلطنة الأدبية > منتديات السلطنة الأدبية > القصة القصيرة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #11  
قديم 30-09-2016, 09:53 PM
الصورة الرمزية ناجى جوهر
ناجى جوهر ناجى جوهر غير متواجد حالياً
إلى جنات الخلد أيها النبيل
 
تاريخ التسجيل: Jan 2013
الدولة: أعيش في سلطنة عمان ـ ظفار ـ مرباط
المشاركات: 3,170

اوسمتي

افتراضي




حفظك الله القدير
الشاعرة القديرة عائشة الفزارية
كم يسعدني هذا الثناء الجميل
شكر الله لك يا أمّ عمر
وتقبّلي تحيّاتي


رد مع اقتباس
  #12  
قديم 30-09-2016, 10:13 PM
الصورة الرمزية ناجى جوهر
ناجى جوهر ناجى جوهر غير متواجد حالياً
إلى جنات الخلد أيها النبيل
 
تاريخ التسجيل: Jan 2013
الدولة: أعيش في سلطنة عمان ـ ظفار ـ مرباط
المشاركات: 3,170

اوسمتي

افتراضي





قصّة طــــــويلة




سبعُ الليلٍ والبئرُ المعطّلةُ



زيارة منى بنت لبخيت وسألتها عن سبب انقطاعها
فشكت إليها رغبة أمّها وابن خالتها مبارك في تزويجها من محمّد بن سِعِدْ إرْ مَغْلِلْ
فقالت ليلى: لقد أحسنا الاختيار، إنّه شاب مهذّب نجيب وصالح. فأشاحت منى بوجهها كارهة
فسألتها الزائرة عن سبب بغضها محمد فقالت غاضبة: انسيتم من انا ومن هو؟
ارضيتم لي زوجا أقلّ منّي حسبا ونسبا؟ إنّ مكانة قبيلتي وتاريخ أجدادي لا يسمحان لي
بالتنازل والزّواج من رجل ليس بكفوء لي، أمّا محمّد هذا فهو من قبيلة ضعيفة ليس لها شأن
ولا تهابها القبائل الأخرى. فقالت ليلى: ما أسعدها من قبيلة تلك التي يأمن الناس شرّها
إنّ ما تقولينه يا منى مخالفا تماما لما يرضي الله سبحانه وتعالى. قالت: اليس من حقّي
أن أفتخر بماضي أجدادي ومكانتهم بين القبائل؟ قالت ليلى: بلى ذلك من حقّك.
لكن بدون تحقير أو استعلاء على خلق الله. ثمّ بماذا تفتخرين؟
بالسيطرة على الأراضي والمراعي والآبار وقهر الضعفاء وحرمانهم من حقوقهم فيها؟
أهذا هو المجد الذي تتشدّقين به؟ وكان مبارك قد دخل مصادفة لزيارة خالته
وعندما سمعا الحوار بين الفتاتين جلسا يستمعان إلى مبرّرات منى التي قالت:
وما ذنبنا نحن إذا كان أولئك الناس ضعاف ولا يستطيعون أخذ حقوقهم بأيديهم؟
قالت ليلى: ذنبكم أنّكم تحدّيتم ربّكم الذي يأمر بالعدل والإحسان وايتاء ذي القربى
وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي.
قالت منى: مهما يكن فإنّ هذا الرجل ليس من مقامي
فتدخّلت أمّها حينئذ قائلة: وما مقامكِ يا منى؟ الست من بني آدم؟
قالت: بلى ولكن ليس هذا الخطيب كفؤا لي.
قالت الأم: إن كنت مسلمة فجميع المسلمين متكافئون، ووجه الكفاءة هو
قول النبي صل الله عليه وسلّم: (... من ترضون دينه وخلقه ...)
ولم يذكر صلّى الله عليه وسلّم نسبا ولا لونا ولا جاها ولا غيرها
وتدخّل مبارك قائلا: هداك الله يا أخيّة، ما هذا التفكير المتخلّف؟
ثمّ ما دخلك أنتِ بما أنجزه أجدادك؟ هل شاركتهم؟ وما دخل أجدادك بزواجك
على سنّة الله ورسوله؟ الا تعلمين أن نساء من قريش قد تزوّجن من موال
ورجال سود كانوا عبيدا ولم يعب عليهن ولا على ذويهن أحد من الناس ذلك الزواج؟
فقالت منى مستنكرة: لا أظنّهنّ إلاّ من أراذل قريش، فقال مبارك: بل إنّهنّ من أعز
قبائل قريش فمنهن المخزوميّة والزهريّة الأسدية ومنهن الفهرية والخولانية
وغيرهن كثير. فقالت منى: ومن هنّ هؤلاء النسوة إن كنت صادقا؟
قال مبارك: حسنا خذي إليكِ: زينب بنت جحش وهــي قرشيه وأمها هاشمية
تزوجّها زيد بن حارثه وهو عتيق، فاطمة بنت قيس قرشيّة فهرية تزوجّها أسامة
بن زيد، وزوج ‏أبو حذيفة وهو قرشي مولاه سالماً ابنة أخيــه الوليد بن عتبة
وقد تعلمين من هو الوليد بن عُتبة، ولم يبال لكون سالما مولىً عتيقاً.
وزوج عبد الرحمن بن عوف عنه بلال وهو حبشي وعتيق لأبي بكر الصدّيق
زوّجه أخته هالة بنت عوف الزهريّة، رضي الله عنهم جميعا والقائمة طويلة.
فقالت منى: وماذا أقول للناس إن تزوجّت رجلا أقلّ منّي نسبا؟
قال مبارك: لا تقولي شيئا. لأن الله سبحانه وتعالى قد قال: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم
مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا ۚ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ۚ
إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ } سورة الحجرات الآية 13
وقال النبي صلى الله عليه وسلّم: (إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فأنكحوه)
رواه الترمذي وحسنه
فلا حجّة لك يا منى، وكلّ ما تحتجّين به بعد هذا هو من الغلوّ والكبر المقيت.
وفي منزل زايد الفقعي اقترحت جم عت أن يذهب الرجال لزيارة محمّد بن سِعِدْ إرْ مَغْلِلْ
للإطمئنان على صحّته، وشعر الشاب بالحرج يغتال حزنه ولم يجد عذرا يمنعه من التعاون
مع أصدقائه النجباء، وقبل خروج المجموعة من دار بيت مغلِلْ سمعوا استغاثة تتردد من بعيد
فخرجوا يهرولون صوب مصدر الصوت، ولمح عبدالله بن النعمان سبع الليل يعدو بخطى ثقيلة
في أحد الأزقّة، فاتّجهوا نحوه، حتى إذا أصبحوا على بعد يسير منه اعترض طريقهم جيش
من الغوغاء وأتباع مبخوت الفقعي وابن فرضة رحى، وحالوا بينهم وبين القبض على الوحش
واشتبكوا معهم بالأيدي حتى سمعوا أطلاق نار فتوقّفوا، ونجى سبع الليل بفعلته فقد حرق عدّة
حظائر وأرعب الناس، وأتّضح أن ابن فرضة رحى هو من أطلق النار لتفريق المتشاجرين

يتبع إن شاء الله



رد مع اقتباس
  #13  
قديم 07-10-2016, 10:21 PM
الصورة الرمزية ناجى جوهر
ناجى جوهر ناجى جوهر غير متواجد حالياً
إلى جنات الخلد أيها النبيل
 
تاريخ التسجيل: Jan 2013
الدولة: أعيش في سلطنة عمان ـ ظفار ـ مرباط
المشاركات: 3,170

اوسمتي

افتراضي سبع الليل والبئر المعطّلة الشريكان المحتالان





قصّة طــــــويلة




سبعُ الليلٍ والبئرُ المعطّلةُ




الشريكان




لم تقتنع منى بحرف واحد مما سمعت، وأصرّت على رفض محمّد بن سَعِد فلم يعاود أحد مفاوضتها بعد ذلك
وفي اجتماعٍ لفريق النجباء اقترحت جَمْ عَتْ بنت الشيخ غانم أن يجمعوا معلومات دقيقة عن أشدّ الناس تعصّبا للوحش
وهم مبخوت الفقعي، ابن فرضة رحى وآخرين، فبمعرفة الجوانب الخفيّة من سيرهم وميولهم واهتماماتهم ستنكشف
أسرار تشبّثهم بالخرافة. وبالبحث والتنقيب اكتشفوا أن ابن فرضة رحى رجل ثري ويمتلك في منزله الكثير
من الأجهزة الحديثة، وعرف فريق النجباء أن مبخوت الفقعي يجيد الكتابة والقراءة بل ويتحدّث اللغة الإنجليزية
كما يفعل بن فرضة رحى، وأنّ الرجلين تعلّما في الخارج، وعملا ردحا من الزمن في شركة خاصة هناك
ثم عادا معا واستقرّا في القرية وهما نسيبان، واتّضح أنّهما شريكان في سلسلة من المحلاّت التجاريّة في المدينة
أمّا الشيخ غانم فلا يعرف شيئا عن نشاط الرجلين وهو ممّن صدّق خرافة سبع الليل منذ نعومة أظفاره
ولم يتطرّق الشك إلى قلبه مطلقا حتى ظهر مبارك بن مبخوت القلعي
وعرف النجباء أن بعض الشيوخ مديونون بمبالغ ضخمة لابن فرضة رحى وشريكه، وهما يتحكّمان بالسنتهم
وآراءهم فلا يخرجون عن طوعهما مقدار بنان. أمّا عوض قحمُمْ ومجموعة الغوغاء فكانوا ضحيّة الدعاية الجارفة
التي تعوّدوا على سماعها بخصوص وحش البئر.
وبتشديد الرقابة على الرجلين أكتشف الفريق أن ابن فرضة رحى يعقد جلسات أنس وسمر
في داره يحضرها لفيف من شيوخ القرية وشبابها، ويتناولون ما يسمّى بالقات المخدّرة
بل اتضح أن تاجر القرية يعاقر الخمرة مع بعض أتباعه، وقد أدلى بكل هذه المعلومات أحد أقارب رشيد
بعد أن شعر بدنو أجله، ولم يتمكّن الفريق من الحصول على المزيد من المعلومات لوفاة الرجل.
ولم يقدم على اتّخاذ ايّ موقف قبل التأكد من صدق المعلومات، واقترحت ليلى بنت خميسان
أن يقوموا بخطوة تصعيدية تخرج سبع الليل المحتجب عن طوره فيهاجم القرية كما كان يفعل
على أن يحاصره ويلقوا عليه القبض، ويشكفون شخصيته الحقيقيّة.
وفوجئ عوض قحمُم بزيارة عويشة الدبّاغة وابنتها منى عصرا ولم يجد بدّا من الجلوس والاستماع إليها
فهي عمّته شقيقة والده، ثمّ إنّها عمياء فمن المروّة أن يلبّي طلبها وأن يقضي حاجتها، غير أن المرأة
لم تكن لها مطالب خاصة، وإنّما جاءت لتعظ ابن أخيها وتلفت نظره إلى خطائه في إتباع بن فرضة رحى
دون وعي، وقالت معاتبة: ايرضيك أن يحرق اللصوص داري وأن يسرقوا مالي ولا تحرّك ساكنا وانا عمّتك؟
الا تخجل من ترويع أهلك وأرحامك؟ فشعر الرجل بالمهانة لسكوته على ظلم عمّته وغيرها من أهل قريته
وعندما لاحظت أخته زكيّة بنت عاشور ما اعتراه من خجل وندم قالت له:
لا اعرف كيف انخدعت بكذبة الوحش وأنت أخي الذكي النجيب انسيت ما فعله الغوغاء بأبي؟
الم تصدّقه عندما قال إن الأصوات الصاعدة من البئر صادرة عن جهاز تسجيل؟
فإن احببت أن ترى ذلك الجهاز فاذهب مع ابن الفقعي إلى المدينة وستراه بعينيك وستسمع صوته
إنّهم يسمّونه استيرو، وحينما سمعت عويشة الدباغة كلمة استيريو كادت أن يغمى عليها من فرط الهلع
فنهض عوض قحمُمْ متأثرا وأسندها، وعندما حكت له منى عن فزعها من كلمة استيريو ضحك حتى بكى.
كان مبارك الفقعي في حالة يرثى له من الخجل والأسف على ما عرف عن والده من ظلم ومجون وفجر
إلاّ أنّه لا يملك أن يعاتب اباه أو يفاتحه في سيرة حياته على ضوء معلومات غير مؤكّدة، وبقى متشبثا بأمل
أن تكون المعلومات الخاصة بأبيه خاطئة أمّا زايد الفقعي فقد انتابته سورة غضب على أخيه واقسم على
عدم زيارته أو مخاطبته قبل أن يتوب عن الإجرام، إلاّ أن ابنته نزه طالبته بالتريّث حتى تتضح الحقيقة.
وعندما لاحظ عبد الله بن النعمان عي جَمورشيد ما يعانيه مبارك الفقعي من صراع نفسي
عرضا عليه السفر إلى المدينة وقضاء عدّة أيّام هناك، فلقي ذلك الاقتراح القبول والرضى.
ولم تخفى أنشطة الفريق على الزعامات طويلا ، غير أنّ ثقتهم المطلقة في ولاء الاتباع وجهل الرعاع
حال بينهم وبين الحزم واستباق الأحداث بتغييرات استراتيجية تضمن استمرار تلاعبهم بالقرويين
أو على الأقلّ الخروج بسلامة من القضيّة قبل أن تفضح الاعيبهم وتكشف تدابيرهم،
فظلّوا على ولائهم لسيّد البئر، وواصل الرجلان بن فرضة رحى ومبخوت الفقعي
وشركاءهم النصب والاحتيال والخداع، غير أنّهم منعوا سبع الليل من الظهور آملين
أن يهدأ مبارك الفقعي وفريقه وأن يقبلوا بالواقع التعيس الذ تعيشه القرية
فكان التدبيران متناقضان، الزعماء راكدون والنجباء نشطون.
وفعلا رافق عوض قحمُمْ مباركا ورفاقه في سفرهم إلى المدينة، وكم كانت دهشته عظيمة
حينما سمع هدير الاستيريو! وكاد أن يتلف من الرعب حينما سمع المتحدّث ولم يرى وجهه.
وقرّر مبارك أن يشتري الجهاز ليستخدمه كدليل مرئي مسموع وملموس
وكان قبل أن يسافر قد عهد إلى رشيد ابن الشيخ غانم وعبد الله بن النعمان والفريق الأنثوي
بالاستمرار في جمع المعلومات ومراقبة المشكوك فيهم.
كان حراس البئر لا يستطيعون البقاء هناك بعد المغيب، وهو الآمر الذي منح فريق النجباء فرصا
للتّسلل ليلا ومراقبة المكان وما حوله.
وإنتشر خبر سفر مبارك الفقعي في القرية مثل إنتشار النار في الحطيم وأمسى القرويون في رعب
إذ غاب عنهم قاهر الوحش فأوقدوا مصابيح كثيرة، وتجمعوا في منازل آمنة
وأدخلوا صبيانهم قبل حلول الظلام، ثم جلسوا يترقبّون في خوف ورعب، إلاّ أنّ الوحش لم يظهر
وطال سفر مبارك هذه المرّة الأمر الذي شجّع المجرمين، فأخرجوا سبع الليل ليمارس إرهابه القديم
فبعد مغيب شمس ذلك اليوم شاهد الناس المصابيح التي أوقدوها في الازقّة المظلمة تنطفئ بيد مجهولة
فأيقنوا أن الوحش هو الفاعل، فأرجفوا وزلزلوا زلزالا شديدا، وخافوا إنتقامه الرهيب بعد أن فارقهم الذي يردعه.
وما أن خرج المصلون العشاء الآخرة من المساجد حتى فوجئوا بصيحات الاستغاثة الهلعة، فهرعوا إلى منازلهم
يسبقهم الرعب، وخرج بعض الشبان مع رشيد وعبد الله بن النعمان وانضم إليهم بن فرضة رحى
مظهرا الرغبة في معاونتهم، وطاردوا الوحش وهم حاملين الفوانيس والهراوات الغليظة وقد إكتسبوا بعض الجرأة
فلمّا رآهم القرويون تشجعوا، وتبعوهم من حي إلى حي يبحثون عن سبع الليل ، وفجأة صاح كبير التجار مذعورا:
ها هو الوحش القاتل ها هو خاطف الأرواح إهربوا إنه قادم إلينا سيهاجمنا ويلتهمنا، أنجوا بأنفسكم يا ويلي، ثم هرب.
فلمّا سمع القرويون كلامه وشاهدوه يجري، لم يجري الدم في عروقهم، بل تجمدت قلوبهم، وهلعت أفئدتهم
وأرتعشت أطرافهم وزاغت أبصارهم، ففروا زرافات ووحدانا، ولم يصمد غير الشابّين رشيد وعبد الله
يحدوهما الأمل في ظهور من يساندهما ويدعمهما قبل أن يفزع أحدهما فيُعدي الآخَر، ولم يخب رجاءهم
فما أسرع ما سمعما من يناديهما: تعاليا تعاليا ... انا هنا!
فلمّا التفتا رأيا أحدهم يلاحق سبع الليل ويطارده
فأسرعا إليه وانضمّت إليهم ليلى بن خميسان وبعض البنات فتشجعا أكثر واكثر
وأخذ الفريق يطارد الوحش الذي كانت سرعته تخف تدريجيا

يتبع إن شاء الله





رد مع اقتباس
  #14  
قديم 15-10-2016, 09:17 PM
الصورة الرمزية ناجى جوهر
ناجى جوهر ناجى جوهر غير متواجد حالياً
إلى جنات الخلد أيها النبيل
 
تاريخ التسجيل: Jan 2013
الدولة: أعيش في سلطنة عمان ـ ظفار ـ مرباط
المشاركات: 3,170

اوسمتي

افتراضي




قصّة طــــــويلة




سبعُ الليلٍ والبئرُ المعطّلةُ




الرحــــــيل





إنّه مبارك الفقعي، لقد وصل إلى الديار منذ ساعة فقط
وحينما وصل سبع الليل أخيرا إلى ملاذه الآمن قفز غير متوقع أن يقفز
أحد بعده، ولكن الشّاب المتعلّم لم يتوقف بل قفز خلفه في شجاعة نادرة وإصرار وعزيمة
بينما تردد رفاقه وأخذوا يتشاورون فيما بينهم، وقبل أن يصلوا إلى قرار حاسم سمعوه يناديهم
من البئر: اقفزوا لا تخافوا، إنه ليس وحشا، إنه ليس جنيا، إنَّه إنسان مثلنا فقفز إثنان منهم
وأمتنع الثالث، لكنه أسرع مع البنات إلى القرويين وبلّغوهم بما يجري، وطلبوا منهم فوانيسا
وحبالا وسلالم، أمّا مبارك فإنّه حينما قفز فقد كان متوقعا وجود دعامة او حاجز يمنع اللص
من السقوط إلى القاع، وفعلا كان الخبيث قد ثبّت شبكة متينة جدا على عمق يسير من الفوهة
وغطّاها بفراش اسفنجي، وكان عندما يقفز تستقبله وتحميه تلك الشبكة المتينة
وبعد أن يطمئن ينزع الساقين الخشبيتين، ثم يصعد متسلقا بمعاونة أعوانه ثمّ يخفون ادواتهم
ويقتسمون الغنائم بعد ذلك في طمأنينة وسلام، وفي هذه المرّة لم يقترب بقيّة اللصوص من البئر
إذ أقبل القرويون بالفوانيس والحبال والسلالم، ففروا كالأرانب، وتركوا زميلهم يواجه مصيره
وعندما قفز مبارك خلفه وجده يعالج ساقيه الخشبيتين، فتصارعا حتى تمكّن من إخضاعه
وأثناء احتكاكه به أصيب الشاب المتعلم بالذهول، فنادى رفاقه ليعاونوه في رفع سبع الليل
وعندما قفزا ووقعا على الشبكة اهتزت ومادت، ثم سمعوا صوت تمزّق من بعض أطرافها بسبب
الثقل، وما لبثوا أن هووا جميعا إلى القاع ولأنَّ الظلام كان دامسا فلم يتمكن الشبان الثلاثة
من العثور على الدرج وأخذوا يلتمسونه بأيديهم ويبحثون عنه، وفجأة سمعوا رشيد ابن الشيخ
يغرغر وقد شرب كمية هائلة من الماء وأوشك على الغرق، فاسرع زميلاه اليه ورفعا رأسه
وأخذا يسعفانه ونسيا أمر الأسير فأستغلّ سبع الليل انشغالهم وأختفى.
وفيما هم كذلك أنزل إليهم القرويون سلّما طويلا مربوط به فانوس منير فاصعدا رشيدا ابن الشيخ
ثم ارادا أن يرفعا الوحش فوجداه قد اختفى، فاندهشا وندما على الغفلة والتفريط
وفور خروجهما من البئر استقبلهما الأهالي المرعوبون غير مصدّقين أنهما نجيا من قبضة سبع الليل
وقبل أن يلتقط الفتيان أنفاسهما هاجمها ابن فرضة رحى متسائلا في خبث وتهكُّم:
وأين هو الوحش الذي قبضتم عليه؟ ثمّ ضحك هازئا ساخرا، فنكّس الشبّان رؤوسهم
لكن الشاب المتعلم قال:ربّما يكون قد صعد الدرج أثناء انشغالنا بإنقاذ رفيقنا
فقال بعض القرويين: إنّ هذه البئر لا درج لها فأصيب مبارك بالدهشة والحيرة. فقال التاجر:
أريتم؟ إنّه عفريت شرير، اختفى من بين أيديهم في غمضة عين وهم ينظرون إليه، يا لك من ولد
أحمق يا ابن الفقعي يا لك من مشاكس ومشاغب كنا نعيش في أمان قبل مجيئك التعيس
فلسوف يصب علينا الوحش سوط عذابه، ويهلك الحرث والنسل، ولا نجاة لنا إلاّ بطردك من قريتنا
أيها المنحوس.
فصاح القرويون السُّذّج: أطردوا هذا المشئوم من قريتنا، إنّه نذير شؤم، ثم افترقوا.
فتصدّى لهم زايد الفقعي وعوض قحمُمْ وبعض المتعاطفين مع مبارك وحدث بينهم احتكاك وتلاسن.
وفي صبيحة اليوم التالي اجتمع الشيخ غانم بن محمود شيخ القرية مع مبخوت الفقعي وولده مبارك وقال:
إنّك يا بني قد أثرت حفيظة سبع الليل، وهيّجته علينا وأصبحنا نخاف أن يهاجمنا نهارا جهارا
فاتكا بمن يجد أمامه، ونخشى أن يحرمنا الماء إلى الأبد وقد أجمع قومك على طردك من قريتهم
ولا حيلة لي في دفعهم، وقال مبخوت الفقعي: لا يمكنني أن أعصي قومي وأطيعك أيّها الولد
ولكنني سأطلب منهم أن يعفو عنك إذا وعدت بعدم التعرض لسبع الليل أو الانتقاص من قدره أو ..
فقال الشاب المتعلم: فإنّ نجوم السماء أقرب إليكم مما تدعوني إليه، ولست بمكذِّب عيني اللتين
رأتاه، ولا يدي اللتين لمستاه، ولست بجاهل يتلاعب به اللصوص الماكرون،
وأؤكد لكما أنني سأقبض على تلك العصابة الدنيئة وأضع أفرادها بين أيديكم.
فغضب والده مبخوت وأراد أن يوبخه، ولكن الشيخ غانم قال: انا أميل إلى تصديق كلامك يا مبارك،
فلقد أكد لي ابني رشيد أنه كان يمسك بناصية ذلك الوحش، وأنها مجرّد امرأة إنسية فهل هي كذلك؟
فضحك مبخوت الفقعي مستهجنا كلام الشيخ، وقال ساخرا: امرأة قال يا لها من امرأة!
فقال مبارك الفقعي: نعم إنها امرأة قوية البنية فارعة الطول، وقد كان الظلام حالكا فلم نتمكّن
من رؤية وجهها ومعرفتها، فقال مبخوت: بل هي جنية أو وحشا يتنكّر في جسد امرأة
وإلا فكيف اختفت من بين أيديكم فجأة؟
قال الشاب: ربما يوجد في البئر منفذا تخرج منه تلك المرأة ولا نعرفه نحن
ثم إن كانت جنيّة حقا فلماذا تستخدم ساقين خشبيتين يا أبي؟
ولماذا لم تنفث النار وتحرقني أثناء صراعي معها؟
وما الذي منعها من أكلي وقد هددتني سابقا؟
فقال الشيخ غانم: صرت أثق بأنك ستنقذنا من هذه المحنة العصيبة.
وعندما أشرقت شمس ذلك اليوم على القرية لم يجرؤ أحد على الدنو من البئر خوفا من انتقام
سبع الليل وخشية عقابه، بعد أن أهانه وهاجمه ابن الفقعي، وقد علم الجميع باختفاءه المريب
وفشل مبارك في القبض عليه، وكان ابن فرضة رحى ومعاونوه قد نشروا الرعب في القرية
بتخويف الناس من انتقام سبع الليل القادم الرهيب، ولا يعلم أحد كيف أو متى سينتقم منهم؟
فأنتشر الهلع، تغذّيه عصابة كبير التجّار بالدعايات الكاذبة، وألقى الجميع باللائمة على مبارك الفقعي
وأضمروا في نفوسهم طرده من القرية عندما تنجلي هذه الكربة ويسكن الوحش
وعندما صار الوقت ضحى ولم يحدث شيء شعروا ببعض الأمان، وخرج نفر منهم
وانضموا إلى شيخ القرية ومبخوت الفقعي، فوجدوهما يصرخان على الشاب ويعنِّفانه
فقال النعمان بن خميس عي جَم وكان عاقلا أريبا: دعونا يا جماعة الخير نلقي نظرة على البئر
لعلنا نرى ما يثبت صحة ادّعاء هؤلاء الفتية، فإنّ ولدي عبدالله يقول أن ذلك المخلوق ليس بوحش
وليس بجني، وتعرفون رجاحة عقله وأدبه. فخرج الشيخ غانم والرجال مصطحبين الشبان الأربعة
فلمّا صاروا في بعض الطرقات تعرّض لهم كبير التجّار ومعه جموع غفيرة من القرويين الغاضبين
يحملون السواطير والهراوات والفؤوس، وانضمّ إليهم مبخوتا الفقعي دون حياء
وعندما شاهدوا مباركا هاجوا وماجوا وبلغ سيل غبائهم الزُبى، يتقدّمهم التاجر قائلا:
أخرج من قريتنا أيها المفسد، أما كفاك عبثا وإفسادا؟
فصاح القرويون: أطردوا المشئوم، أطردوا الكذاب الأفّاك
فأستوقفهم شيخ القرية ثم قال: إنَّ البيّنة على من أدعى، واليمين على من أنكر
وسوف نمنح هذا الشاب فرصة يثبت فيها أنّ سبع الليل ليس بوحشٍ ولا جني ولا عفريتا
فإن فشل في ذلك طردناه شر طردة، فماذا تقولون؟ فسكتوا جميعا وكأنّ على رؤوسهم الطير
لأنّهم رعاع لا يملكون قرارا، بل هم تابعو أيِّ كذاب أفاك، وانتظروا سماع إشاعة يرددونها
أوتلفيقا يتشدّقون به.فقال مبخوت الفقعي: لقد سئمنا من سفاهة هذا الأفّاك الأشر، ولن
نمنحه مزيدا من الوقت ليختلق الأكاذيب، ويفتعل المشاكل فليفارقنا حالا ...
فصاح الغوغاء: فليفارقنا حالا، حالا ... حالا ... أخرج .. أخرج
فغضب مبارك، وتقدّم إلى والده واتباعه الغوغاء وقال غاضبا:
فإنّي تارك قريتكم المرعوبة إلى الأبد، وليهنأكم الجهل والجُبن، ثمّ أقبل
على الشباب وسألهم: من منكم سيرحل معي يا شباب؟
فخرج الشبان الثلاثة وقالوا: نحن معك وانصرفوا إلى منازلهم
وأخذ كل واحد منهم ما يحتاج إليه ثم رحلوا ...



رد مع اقتباس
  #15  
قديم 17-11-2016, 09:06 PM
الصورة الرمزية ناجى جوهر
ناجى جوهر ناجى جوهر غير متواجد حالياً
إلى جنات الخلد أيها النبيل
 
تاريخ التسجيل: Jan 2013
الدولة: أعيش في سلطنة عمان ـ ظفار ـ مرباط
المشاركات: 3,170

اوسمتي

افتراضي





حكاية شعبية




سبع الليل والبئر المعطلّة



في الكهف


قال الراوي:

شيّع العساكر الجبناء الشباب، وسايروهم قليلا وهم خائفين
وعندما غابت القرية عن انظارهم اقنع عوض قحمّمْ بالعودة إلى القرية وترك المطرودين
فسيتكفّل سبع الليل بالقضاء عليهم. كانت منى بنت لبخيت على علمٍ بخطّة مبارك ورفاقه
فقد كانوا يتوقّعون الطرد في أية لحظة، لذلك فإنّها وفور خروجهم أسرعت إلى نزه بنت زايد الفقعي
ثمّ خرجتا معا ومرّتا على ليلى بنت خميسان وزكيّة بنت عاشور وتوجّهن إلى منزل الشيخ غانم بن محمود
فوجدن ابنته جم عت في حالة حزن شديدٍ، وما إن اجتمع شملهن حتّى كشفت لهن منى الخطّة
فشعرن بكثير من الارتياح وبدأن في عمل المطلوب منهن.
أمّا الشبان الأربعة فما إن غاب عنهم المشيعون حتى عادوا إلى كهف قريب
لا يبعد سوى مسافة قصيرة جدا عن القرية، إذ كانوا يسمعون الأذان والاصوات العالية
فهيئوه ليكون مقرا ينطلقون منه. وعندما ذهب بعض القرويين يستقون سمعوا أصواتا مرعبة
تصدر من أعماق البئر، فهربوا لا يلوون على شيء، وانتشر الخبر وأيقن الجميع أنّ الوحش
سيهاجمهم لا محالة، فتحصنوا في المنازل، وأمست الطرقات خالية من المارة.
وعندما علم الشيخ غانم بن محمود بالأمر خرج مع بعض الشيوخ والعساكر يتفقدون البئر
فوجودها قليلة الماء مشرفة على الجفاف، فشعر بحزن عميق، وندم ثقيل على تصديق الشاب المتعلِّم
وحين همّ بالانصراف سمع صوتا غليظا يناديه باسمه من مجاهل البئر، فوقف شعر رأسه
وخذلته قدماه وخرّ على ركبتيه مذعورا، فقال الهاتف ساخطا:
الويل لكم أيها الأشقياء، أهكذا تعاندونني وتسطلّون علي سفهاءكم؟
لقد كنت بكم وبهم رحيما، وقد كان بإمكاني التهامهم في البئر كلقمة صائغة
فقال الشيخ الهلع: سامحنا أرجوك يا سبع الليل يا ابا الفرس والخيل، لقد غرّنا ابن الفقعي
بمعسول الكلام، واغرامنا بالأحلام، وباع علينا فائض الأوهام، وصدّقه أؤلئك البغام
وقد طردنا المارقين من قريتنا، فالحق بهم وخلّص نفسك وخلّصنا من سفاهتهم إن شئت
فسمع قهقهة عالية، فوقف مرتجفا، والتفتَ إلى رفاقه فلم يرى غير آثار أقدامهم، وبنادقهم وسيوفهم
وعصيِّهم وأحذيتهم ملقاة على الأرض، فازداد ذعرا، وخاف خوفا شديدا حتّى كادت روحه تتلف
وسمع الهاتف يقول متلطِّفا: حسنا يا شيخ غانم بن محمود قد عفوت عنكم إكراما للعشرة الطويلة
ولكن لي شرطان. فقال الشيخ غانم: بل أنت تأمر أيها الوحش اللطيف، قال: أولا، لا يخرجّن أحد من
بعد صلاة العشاء، قال الشيخ: أمرك سيدي سبع الليل قال: ثانيا: تذبح كل يوم خروفا سمينا
وتطبخه مع الرز ثم ترسل القدور بما فيها إلى جوف البئر برفق، عقب الغروب مباشرة
فقال الشيخ: حسنا حسنا، أمرك أيها السبع الكريم، فصرخ به الهاتف: اذهب الآن ونفّذ ما أمرتك به
فأخذ يعدو، وتلقّاه الشيوخ والعساكر الخائنون فوبّخهم على فرارهم وتركهم إيّاه وحيدا.
قال الراوي: ما إن انتهى الشبّان من اعداد الكهف حتّى عقدوا اجتماعا طارئا
فسأل رشيد متعجّبا: كيف أفلتت الخبيثة من أيدينا ونحن جميعا نحيط بها؟
قال عبدالله: ربما القى إليه أعوانها حبلا فتسلّقته دون أن نشعر
قال مبارك: لكنّا رأيناها صاعدة، أو لمس أحدنا الحبل
قال محمد: ربما توارت تحت الماء، وعندما انصرفنا صعدت
قال مبارك: أحسنت يا محمد، نعم لقد غطست تحت الماء واتّجهت إلى منفذ تعرفه موجود في البئر
قال رشيد بن الشيخ: وكيف سنعثر على ذلك المنفذ؟
قال عبدالله: يجب أن يغوص بعضنا ويبحث عنه ولكنني لست بغواص ماهر
وأنت أيضا يا محمد لا تجيد الغوص، فماذا عنك يا مبارك؟
قال مبارك: أنا أيضا لا أغوص جيدا، فأصيبوا باليأس والإحباط
غير إنَّ رشيد بن الشيخ غانم فاجأهم بقوله: دعوا الغوص لي
فسأله عبدالله مندهشا: أبعد أن كدت تغرق في البئر؟
قال رشيد: إنِّي غواص ماهر، وفي تلك الليلة وعندما وقعنا في البئر كنت قابضا على ناصية تلك المرأة الشريرة
وفجأة سقطت الشبكة على رأسي والتف جزء منها حول رقبتي، فتركت المرأة وحاولت التخلّص
من الشبكة، لكن الملعونة جذبتني إلى الأسفل معها فلولا رحمة الله وعنايته لكنت من المغرقين.
ومن قبل الغروب كان القرويون قد أحكموا إغلاق ابواب ونوافذ بيوتهم وتجمّع بعضهم في منازل
أكثر أمنا بناء على توجيهات الشيخ غانم بن محمود، فامست الطرقات خالية، وكان الحرّاس
وغيرهم من العساكر أكثر الناس هلعا، فلم تغرب الشمس إلا وقد آووا إلى منازلهم
حينئذ خرج زايد الفقعي وعوض قحمُمْ متخفّين ومن خلفهم البنات الخمس إلى أن وصلوا الكهف
فسرّ الشبّان سرورا عظيما. وعندما التقت عينا منى بنت لبخيت بعيني محمّد بن سِعِدْ إرْ مَغْلِلْ
شعرت بخفقات قلبها تتراقص فرحا، وأحسّت بلطائف الحب تطفئ لهيب الكبر والغرور
وأدركت مدى تفاهة أفكارِها العنصريّة، وخواطرها الجاهليّة وشرعت انسانيتها بالاستيقاظ
وأخذتها أحلام الصبا والجمال في نُزهة رومانسيّة إلى عشّ الزوجيّة البهيج، فسرحت ومرحت
وغرّدت على رياض الحب والجمال، ولم يقطع حبل حلمها الوردي غير صوت عوض قحمُم الأجشّ
وهو يقول: غدا يأتي دوري في حراسة البئر، وسوف أفعل ما يمكن لتسهيل مهمّتكم.
وعندما دخلوا القرية وقبل أن يفترقوا قرر زايد الفقعي وعوض قحمُم والبنات أن يمرّوا بالبئر
فشاهدوا إضاءة متوهّجة، وسمعوا كؤوسا تقرع وموسيقى تعزف، وشمّوا رائحة قبولي طازج
تنبعث منها، فتملّكهم العجب، وقبل أن تصل ليلى بنت خميسان إلى منزلها شاهدت النار تشتعل
في الحي، وشعرت بانقباض في قلبها، وفي احد الأزقّة تقابلت وجها لوجه مع ثلاثة
من فتيان القرية المعروفين بالطيش والرعونة، وقد كانوا ملثّمين
وعندما رأوها وحيدة هاجموها وضربها أحدهم بهراوة على أمِّ رأسها ضربة
افقدتها الوعي، ولم تفق إلاّ على صراخٍ رهيب


يتبع إن شاء الله



رد مع اقتباس
  #16  
قديم 25-11-2016, 08:04 PM
الصورة الرمزية ناجى جوهر
ناجى جوهر ناجى جوهر غير متواجد حالياً
إلى جنات الخلد أيها النبيل
 
تاريخ التسجيل: Jan 2013
الدولة: أعيش في سلطنة عمان ـ ظفار ـ مرباط
المشاركات: 3,170

اوسمتي

افتراضي





حكاية شعبية




سبع الليل والبئر المعطلّة



المشاريع التنمويّة



قال الراوي:

كان ذلك صراخ أحد المعتوهين المذعور، فلقد قبض عليه زائد الفقعي
والبنات الاخريات، لآنهم عندما شاهدوا النار اسرعوا لنجدة ليلى، وكانوا يوهمونهم بأنهم سيأخذونه
وسيلقون بهم في البئر ما لم يكشف عمّن حرّضهم على إشعال تلك الحرائق، وقبل أن ينهار المعتوه
اقبل الشيخ غانم بن محمود بمعيّة نجدة من رجال القرية، وتدخّل مبخوت الفقعي وبعض الشيوخ وافلتوه
إذ لم يحترق شيئ غير اكوام القشٍّ. وفي الصباح خرجت ليلى ومنى إلى منزل ذلك الفتى، وشكتاه
إلى والديه، فاستقبحا فعله واستدعياه، فلمّا اقبل وشاهد ليلى أمامه أحرِج وقال معتذرا: لست والله من ضربك
فانتهره ابوه قائلا: لا بورك فيك، أهكذا ادبّناك؟ الا تخاف الله؟ الم انهك عن صحبة الأشرار؟
قال الفتى وهو يجهش بالبكاء: لقد هدّدوني بحرق حظيرتنا، وتسليط سبع الليل علينا، قال الشيخ: منهم هم؟ تكلّم ...
لم يحن وقت صلاة ظهر ذلك اليوم حتّى كانت البنات قد ضمنت ولاء الفتيان الثلاثة وأسرهم في معركتهنّ ضد سبع الليل
بينما كان الشبّان الأربعة قد عزموا على اكتشاف مدخل البئر. فلمّا كان الليل تسللوا ودخلوا القرية، وتوجهوا حالا إلى هناك
وأخذوا يبحثون عن المخرج الذي يستخدمه اللصوص، فطافوا بها من كل النواحي ولكنهم لم يعثروا على شيء، فأرادوا أن يقفزوا
لكن الظلام كان دامسا وليس لديهم مصابيحا ولا حِبالا، فأصيبوا بالخيبة، و قرروا العودة، وتأخر عبدالله بن النعمان ليقضي
حاجته، وبينما كان جالسا لاحظ شبح إنسانٍ قادما، ثم رآه يدخل عريشا يبعد أمتارا عن البئر فنبّه زملاءه، فأرادوا أن يتبعوه
ثم آثروا التروّي، ولم يطل انتظارهم، فلقد أقبل ثلاثة رجال آخرين من نفس الاتجاه ودخلوا العريش أيضا
فتوقّع الشبان أن يكون أولئك الرجال هم بعض أفراد العصابة، وأنّهم يستعدون للخروج وترويع الناس وسرقتهم
فأرادوا أن يتبعوهم، ولكنهم سمعوا وقع أقدام وثرثرة بلهاء، وإذا بعساكر مقبلين من الناحية الأخرى وهم يحملون قدرا كبيرا
كبيرا تفوح منه رائحة المندي المطبوخ بماء لحم الضأن، فخافوا أن يراهم أولئك الحمقى ويبلّغوا عنهم
فتسللوا إلى داخل العريش ثُمَّ أخذوا يتفحصون جدرانه وأرضيته، فما أعظم فرحتهم عندما وجدوا بابا سرّيا !
فدخلوه بكل جرأة واقتدار، وإذا بنفق واسع مشوا فيه على حذر وبعد عدة خطوات شاهدوا ضوء يزداد تألقا كلما تقدّموا
فتأكدت شكوكهم وواصلوا تحرُّكهم، وكان النفق يتّسع كلما توغلوا فيه، وبعد برهة قصيرة من المشي أشرفوا على مغارة
وشاهدوا في جانبٍ منها فتحة يتدفق منها الماء ثم يتجمّع في قعر البئر، ففهموا كيف يتحكم أولئك الأشرار بالماء
ثم شاهدوا اللصوص في أسفل المغارة وهم يستقبلون القدر الكبير الهابطمن الأعلى وقد ربط بحبالٍ متينة
فظنوا أن العساكر متعاونون معهم، فخرجوا من النفق عاجلا قبل أنْ يدخلوا عليهم واختفوا في الخلف
فسمعوا عسكريا يقول: بالهناء والشفاء يا سبع الليل يا أبا الفرس والخيل ثم انصرف إلى القرية
مع زملاءه، فعلموا أنّهم شرفاء ولكنهم سذّج جهلة.

قال الراوي :

وصل الأربعة شبان إلى كهفهم عند منتصف الليل مجهدين ومنهكين، وقد عرفوا الكثير من أسرار اللصوص
وأطلعوا على خدعهم فناموا ليلتهم تلك، وفي الصباح تدارسوا خطّتهم الجديدة، واتّفقوا على تنفيذ هجوم شامل
خاصة بعد أن عرفوا من البنات تأييد مجموعة من الناس لهم، لكّن بقت أمامهم عقبة كأدا لا بد من تذليلها.
إذ لابد من تعاون شيخ القرية، فاقترحت عليهم جَم عَت بنت الشيخ تأجيل الهجوم يومين أو ثلاث
حتّى تتمكّن من اقناع والدها، وكان الرجل قد تضايق من الذبائح التي يذبحها يوميا، ومن الرعب المستشري
في قريته، وفي تلك الليلة وقبل أن يأوي إلى فراشه سمعته جَم عت يحوقل بمرارة، فوجدت مدخلا
لفتح حوارا معه. وفعلا وجدت أذانا صاغية وتمكّنت من اقناعه بالوقوف على الحياد
وكلّف مبارك الفقعي عمّه زايد بشرح خطّته الهجومية للشيخ غانم لكي لا يتفاجأ بالتطوّرات
وتقضي الخطّة أن يدخل المغارة كل من مبارك وعوض قحْمُمْ ورشيد وعبدالله وليلى ومنى
وينتظروا قدوم اللصوص، وكلّما دخل واحد منهم باغتوه وكمّموا فاه وربطوه، على أن يبقى محمّد
وزايد الفعقي وزكيّة وجم عت ونزه في الخارج للمراقبة والتدخّل حين الحاجة إليهم
أمّا الشيخ غانم فعليه البقاء خارج اللعبة حتى لا ينكشف دوره إذا ما فشلوا في القبض على العصابة
وفي اليوم التالي وعلى حِين غرّةٍ قدِم إلى القرية وفد حكومي، يرافقه عدد من الجنود في سيارات
بيد فورد ولاندروفر، وكانت المرة الأولى التي يشاهد فيها القرويون السيارة، وعند مرورهم بالكهف
استوقفهم الشبّان، وسألهم مبارك عن سبب الزيارة، فأخبره رئيس الوفد بالمشاريع التي جاءوا لتنفيذه
فطلب منه الشاب المتعلّم أن يرافقهم مع زملائه، وفي الطريق حدّثه عن سبع الليل ومأساة القرية فوعده خيرا
كان الكثيرون من السُذَجِ يفرون من أمام السيّارات الفارهة في هلع، بينما كان الصبية يركضون خلفها
في فرحة غامرة، والنساء يزغردن بجنون ...

يتبع إن شاء الله





رد مع اقتباس
  #17  
قديم 01-12-2016, 09:17 PM
الصورة الرمزية ناجى جوهر
ناجى جوهر ناجى جوهر غير متواجد حالياً
إلى جنات الخلد أيها النبيل
 
تاريخ التسجيل: Jan 2013
الدولة: أعيش في سلطنة عمان ـ ظفار ـ مرباط
المشاركات: 3,170

اوسمتي

افتراضي




حكاية شعبيّة





سبع الليل والبئر المعطّلة


على أبواب النهاية


ذبح الشيخ غانم عجلا على شرف الضيوف
وعلم القرويون أن ذلك الوفد أتى بأمر من الحاكم لإقامة مشاريع تنموية في القرية
منها مدرسة ومركز صحي وجامعا ومخفر شرطة ومحطّة توليد كهرباء وغيرها، ولم يجرؤ أحد
على طرد الشبّان الأربعة إذ ظنّوهم من ضمن الوفد.
وفي الصباح عقد اجتماع عام حضره معظم الناس, فعرض عليهم رئيس الوفد الخطط الحكومية التنموية
غير أن القرويين كانوا لا يفهمون شيئا من كلامه ولا يعرفون عم يتحدّث؛ فقط كانوا يصفِّقون عندما يسكت
ويلتقط انفاسه. فقام رجل آخر من الوافدين وأخذ يشرح لهم معنى كلمة مدرسة وأهميّة مخفر الشرطة
ومحطة الكهرباء، ففرحوا كثيرا. غير أنّ مبخوت الفقعي، اعترض على إقامة محطّة الكهرباء، وقال:
هذه المحطّة خطِرة، ستنفث من دخانٍ مسموم، وسيصدر عنها هدير مزعج سيفزع حيواناتنا
ونخشى أن تقتل عيالنا إذا لامسوا أسلاكها المكشوفة؛ فلا نريد كهرباء في قريتنا!
فصاح الرعاع: لا نريد كهرباء ... لا نريد كهرباء ... وانفضّ الاجتماع.
فأسرع مبارك إلى دعوة فريق النجباء والأعضاء الجدد وطلب منهم الحضور حالا إلى منزل زايد
الفقعي خلسة، فلمّا حضروا جميعا، قام فيهم خطيبا وقال: إنّ هذه المشاريع التي يعرضها الوفد
مفيدة جدا للجميع، ثم شرح لهم أهمية كل مشروع، وطلب منهم إقناع ذويهم بالموافقة عليها لمنفعتها
وفي الاجتماع الثاني بعد الغداء فوجئ المعارضون بموافقة القرويين قاطبة، بما فيهم الشيخ غانم بن محمود
الذي اقنعه ابنه رشيد وابنته جَمْ عَت، ووافق على بناء محطة الكهرباء والمشاريع الأخرى. فخرج ابن فرضة
رحى حاقدا على الجميع، وبخاصة على الشيخ غانم و في اليوم الثالث صباحا غادر الوفد القرية
وقد شق طريقا للسيارات.

قال الراوي :

كان تاجر القرية ومبخوت الفقعي قد سافرا في شبابهما إلى دولا كثيرة، وكانا يزوران المدينة بين فترة وأخرى
ويبقيان فيها أياما عديدة، وكانا يجلبان المقتنيات الحديثة مثل الراديوهات ومكبِّرات الصوت والمصابيح
التي تعمل بالبطارية الجافة، وأخيرا احضرا ماتورا كهربائي وضعاه في البئر، وقد سيطرا على الكثير
من القرويين ذهنيا وماديا بفضل القروض والحرب النفسية والإيهام والإرهاب؛ فلا يعصون لهما أمرا.
وعندما رأى المجرمون اصرار الحكومة على تطوير القرية قرّروا استغلال الفرصة قبل الإنارة
وتكثِّيف عملياتهم الإجرامية، وعزموا على مباشرة هجماتهم منذ الليلة، وقد اطمأنوا إلى شعور
مبارك الفقعي والشُّبّان الآخرين بالانكسار والإحباط عقب طردهم، وظنّوا أنّهم لن يقووا على فعل شيءٍ
بعد أن رحل عنهم الوفد، وبعد أن جوبهوا بالاستهجان والاستهزاء والتحقير
وقد عنّف مبخوت الفقعي ابنه ووبّخه أمام القرويين، ولم يردّ عليه.
فلمّا كان الليل؛ ما راع القرية إلا هجوما وحشيا شرسا من قبل سبع الليل الذي أخذ يحرِّق ويُحطّم
ويكسر ويبثّ الرعب والهلع بصراخه المتواصل، بينما كان رفاقه يسرقون وينهبون فخرج رشيد
ابن الشيخ غانم وعبد الله بن النعمان، وتوجّها إلى منزل مبخوت الفقعي وعندما طرقا الباب
برز لهما بدر شقيق مبارك واغلظ لهما القول، لم يسمح لهما بالدخول، ثم أغلق الباب في وجهيهما
في تصرفٍ نذلٍ وحقير، وعندما حاول مبارك أن يخرج إلى زميليه هجم عليه بدر وإخوته الآخرون
وكتّفوه بعد أن قيّدوا يديه ورجليه، وحينما سألهم عن سبب ذلك أخبروه بأنّ والده هو من أمرهم بتقييده
وحبسه ومنعه من الخروج، فقال مبارك: وأين هو أبي، أريد أن أتحدّث إليه؟ فقالوا: لا نعلم
لقد خرج لصلاة المغرب ولم يعد بعد، فشعر بالاستياء الشديد، وحاول أن يفكّ قيوده فلم يتمكن
فقعد مقهور، وفيما هو على تلك الحالة سمع صوت عمّه زايد يخاطب بدر وإخوته قائلا:
خذوا النساء والأطفال وأصعدوا بهم إلى الطابق العلوي، ودعوا مبارك الملطوم هنا لوحده
لعلّ الوحش يقضي عليه. وعندما غادروا المكان تسللت إليه أخت له وفكّت قيوده وخرجت معه
فوجدا عمّهما زايد ينتظرهما في الخارج فتوجّهوا جميعا إلى منزل الشيخ غانم والتقوا
بعبد الله والآخرين وكان زايد قد قابلهم وهم عائدين محبطين من منزل أخيه فطمأنهم
وطلب منهم انتظاره ومبارك وشقيقته التي انضمَّت إليهم مؤخرا ولا يعلم بها إخوتها الحمقى.
وعندما اجتمعوا قال رشيد: هذه فرصتنا المناسبة للقبض على اللصوص المجرمين
قال مبارك: فماذا تقترحون أن نفعل؟
قالت منى: يجب أن نطارد سبع الليل ونمسك به ونحبسه
قال محمد: فإنّ رفاقه سيهربون, وربما إلى خارج القرية
فقال أحد الشبان الجدد: في هذه الحالة نعود إلى نقطة الصفر
قالت نزه: وما العمل؟
قالت ليلى: أرى أن نسبقهم إلى البئر وننتظرهم هناك
قال مبارك: قد لا يأتون
فقال عوض قحمُم: بل سيأتون, لأنّ المغارة هي مقرَّهم الآمن الوحيد.
فأخذ الشبان والفتيات حبالهم وأدواتهم وخرجوا يتسللونعبر الأزقة حتى وصلوا إلى العريش
فدخلوا جميعا يتقدّمهم عوض قحمُم، وفي أثناء هجوم سبع الليل على القرية افتقدت أم عبدالله ولدها
فخافت أن يكون قد خرج وأصابه مكروه؛ فأخذت تصرخ بشدة، وسمعها اللصوص الذي دخلوا منزلها تقول:
أخرج يا أبا عبدالله وأبحث عن ولدك لا بُد أنه قد ذهب إلى مبارك الملطوم الذي غرر به ولا يأتي
منه خير أبدا, حسبي الله عليك يا ابن الفقعي.
فخاف اللصوص وارتبكوا, وعلموا أنّ مبارك وأصحابه لم يتوبوا عن مطاردتهم، وأخذوا يصفِّر بعضهم لبعض
في إشارة على الانسحاب، ثمّ أرسلوا إلى سبع الليل من يحذِّره, فخاف خوفا شديد وأخذ يسابق عصابته في الفرار
ووصل أول لصين من المجموعة إلى المغارة وهما يلهثان ويقولان:

يتبع إن شاء الله






رد مع اقتباس
  #18  
قديم 08-12-2016, 08:42 PM
الصورة الرمزية ناجى جوهر
ناجى جوهر ناجى جوهر غير متواجد حالياً
إلى جنات الخلد أيها النبيل
 
تاريخ التسجيل: Jan 2013
الدولة: أعيش في سلطنة عمان ـ ظفار ـ مرباط
المشاركات: 3,170

اوسمتي

افتراضي قصّة طـويلة سبعُ الليلٍ والبئرُ المعطّلةُ الأسرى




حكاية شعبيّة





سبع الليل والبئر المعطّلة




الأسرى



فوصل أول لصين من إلى المغارة وهما يلهثان، وقال أحدهما:
كفى هذه آخر مرة نخرج فيها، ابن الفقعي وعصابته لن يدعونا نعيش بسلام. فهجم عليهما الشبان وكتّفوهما
وقامت الفتيات بتقييدهما وتكميم فاهيهما ثم أخفوهما، واختبأوا منتظرين القادم التالي. وجعلوا يفعلون ذلك مع
من يدخل المغارة من اللصوص حتى قبضوا على معظمهم، وفجأة سمعوا سبع الليل ينادي ويستغيث من على الشبكة:
أسرعوا وارفعوني قبل أن يصل الملاعين. فخرج إليه محمد وعبدالله وشابان آخران، فلمّا سمع خطواتهم توهّم أنَّهم
رفاقه فقال هامسا: اسرعوا وارفعوني، إنّهم قادمون، هيّا اسرعوا فأنزلوا إليه حبلا وسحبوه حتى أخرجوه من البئر
فما أشدّ هلعه عندما أكتشف أنّ الذين رفعوه هم مطاردوه!
وما أشد ذهول الشباب عندما اكتشفوا أنّ سبع الليل امرأة!
فأدخلوها المغارة وقيدت البنات يديها ورجليها وكمّمن فاها ثم كمنوا في تلك المغارة وقد نال منهم التعب والإرهاقّ
وبقي ثلاثة منهم على الحراسة، بينما أسرع زايد الفقعي إلى الشيخ غانم بن محمود وطلب منه إرسال بعض الرجال لمعاونة
الشباب، لكّن العساكر الجبناء رفضوا تنفيذ الأمر خوفا وفرقا. وعند منتصف الليل سمع الحراس وقع خطوات ثقيلة كثيرة
تقترب منهم، فاستعدّوا لاستقبال الضيوف؛ فدخل أحدهم وهو يقول وقد وجد رائحة الطعام الذي أعّده الشيخ غانم كالمعتاد:
آمل أن يكون القبولي قليل الملح، فإنا كثرتها تضرّني، فضحك زميله الذي شرع بالاعتذار قبل أن يصل، وقال:
آسفين يا جماعة لقد تأخرنا قليلا، ولكنّ الحذر واجب؛ فإنّ أولئك الملاعين لا يؤمن جانِ ...
وقبل أن يكمل جملته الأخيرة قفز عليه عوض قحمُمْ وطرحه أرضا، بينما ثبّت رشيد ومحمّد الرجل الثاني
الذي كان يصرخ مرعوبا وكاد أن يفقد روحه هلعا وخزيا، فأستيقظ الغافون، ورأوا المعمعة؛ فتدخّل مبارك
الفقعي وضرب قفى الرجل الأوّل بهراوة افقدته وعيه، فصمت الرجل الثاني مذهولا فاغرا فاه وعيناه تكادان
تلتهمان الشاب المتعلّم.
قال الراوي :
بعد رحيل الوحش افتقد بعض القرويين أبناءهم وبناتهم الذين انضموا إلى فريق النجباء وهم لا يعلمون
فلم يجرؤا على الخروج ليلا للبحث عنهم، وباتوا يفترسهم القلق والخوف والخشية، وما إن اشرقت شمس
الصباح حتّى خرجوا يبحثون ويسألون عند جيرانهم وذويهم، وقد غلب عليهم القلق،وإذ لم يعثروا عليهم
ولم يسمعوا خبرا عنهم؛ خرجوا إلى النواحي القريبة وأخذوا ينادون بأسمائهم، فقال قائل منهم:
ربّما فتك بهم سبع الليل. فازداد هلع الناس وخوفهم وخشيتهم على المفقودين، وناحت الأمّهات
ثمّ توجّهوا إلى منزل الشيخ غانم حائرين، فخرج عليهم وطمأنهم قائلا:
فإنّ ولدي رشيد قد خرج مع مجموعة من خيرة ابناء وبنات هذه القرية، وانا واثق من أنّهم
قد قبضوا على سبع الليل وعِصابته، ولن يفلتوا من أيديهم هذه المرّة بإذن الله...
فصعق الأهالي عندما سمعوا كلامه، وأصيبوا بالذعر والرُّعب، وكادوا ييأسوا من نجاة أبنائهم
وبناتهم؛ فارتفعت أصواتهم المنددة بالشيخ غانم ومبارك وأعوانهما، غير انّ الشيخ قال في حزم
وثقة عجيبة: من يرغب منكم في الاحتفال بالانتصار على عصابة سبع الليل المجرمة فليتبعني
فتردد القرويون المساكين، وتسمّروا في أماكنهم انتظارا لقائدٍ يقودهم، وعندما تحرّك الشيخ
تبعه بعض الرجال ثم تزايدت أعدادهم وانضمّت إليهم بعض النساء والأطفال وفي الطريق
سأل الشيخ غانم: هل رأى أحد منك ابن فرضة رحى أو مبخوتا الفقعي؟ فلم يجبه أحد
فقال: هكذا أفضل، لو كانا موجودين لأفسدا أمرنا
وعندما اقتربوا من البئر تراجع معظم الناس، ووقفوا بعيدا في حيرة وقلقٍ ورعب، وتقدّم الباقون
على خوف إلى أن وصلوا إلى الحوض، وفجأة سمعوا سبع الليل يقول بصوتٍ جهوري منكر:
يا شيخ غانم، مر رجالك بذبح ثلاث بقرات سمان من أبقار مبخوت الفقعي ومثلهنّ من ابقار
بن فرضة رحىوليُعدّ عساكرك مأدبة فخمة للقرويين جميعا، فإني أودِّعكم إلى الأبد
ثم أذهبوا إلى ذلك العريش وانتظروني هناك.كانت بعض القرويات قد فقدن وعيهن، بينما بُللت الكثير
من السراويل الرجالية، واصيب بعض العساكر بالخرف وكاد الشيخ أن يفقد رشده من الحيرة
وأرتبك ارتباكا فظيعا، ثمّ تماسك وأرسل بعض العساكر وأمرهم بتنفيذ أوامر سبع الليل
وقبل أن يذهب إلى العريش، سمع الهاتف مرة أخرى يقول له: انتظر يا شيخ غانم
فوقف الشيخ مرتجفا
فسأله سبع الليل :
أما عرفتني يا شيخ؟
فقال الشيخ بعد أن بلع ريقه مرّاتٍ كثيرة:
بلى أنت سبع الليل أبو الفرس والخيل
فسمع الناس ضحكاتٍ مدوّية، واستمرّ الهاتف يعبث بالقرويين ويضحك ضحكا هيستيريا بلغ بقلوبهم الحناجر هلعا وذعرا.
عندما استيقظ نزلاء البئر شدّوا وثاق الأسرى، وانتظروا الإشارة للخروج والظهور أمام القرويين.
كانت مشاعر الفرح والسرور طاغية على فريق النجباء، إلى درجة جعلت محمّد إرْ سعّد إر مَغلِل يصيح منتشيا
وهو المتأتئ: وي يُه وي يُه ويييي يُه الله أكبر الحمد لله الحمد لله
فردّت عليه البنات بزغاريد متتالية، غير أنّ منى بنت لبخيت لم تتوقّف عن الزغردة، فقام محمّد
بأداء رقصة الرقيد مبتهجا، ففهم مبارك الرسالة، ووجدها فرصة للتعبير عن مشاعره تجاه من يحب
فقام بدوره يباري محمّد في الرقيد، ففهمت المحبوبة رسالته وقامت تزغرد وتعلق بلغتها الشحرية:
حآي ذك شّوف حظذر ني حّود هئ فِدّاكم هئ فِدّاكم
فدخل الحرّاس تدفعهم النشوة والحماسة، بينما كان عوض قحمّم يضحك في سعادة وهو المعروف بتجهّمه
وفجأة أخذ أحد الأسرى يرفس ويركض برجليه ركضا عنيفا، فأسرع زايد الفقعي وفتح الكيس وفك الكمامة
عن فمه؛ فأخذ الرجل يتنفس وعيناه زائغتان، فقام الشباب بتحرير افواه الأسرى جميع، فما أشد دهشة
مبارك وزايد الفقعي عندما وقعت عيناهما على الأسير الأخير ...

يتبع إن شاء الله




رد مع اقتباس
  #19  
قديم 15-12-2016, 09:38 PM
الصورة الرمزية ناجى جوهر
ناجى جوهر ناجى جوهر غير متواجد حالياً
إلى جنات الخلد أيها النبيل
 
تاريخ التسجيل: Jan 2013
الدولة: أعيش في سلطنة عمان ـ ظفار ـ مرباط
المشاركات: 3,170

اوسمتي

افتراضي سبع الليل والبئر المعطلّة الجزء الأخير







حكاية شعبيّة




سبع الليل والبئر المعطلّة




الجزء الأخير



العُرس الجماعي



إنّه فايل الصغير بن مبخوت القعي, وهو أكبر عياله، وإنّما اسموه صغيرا لضآلة جسمه

فشعر الرجلان بالإحراج الشديد، وانصرفا عنه، وسمع القرويون المرعوبون الهاتف يقول:

أبي أنا ابنك رشيد، لا تخافوا يا جماعة، فإنا قد قبضنا على العصابة فانتظرونا عند ذلك العريش

فشعر الناس ببعض الطمأنينة، وتسابق الصبيان إلى المكان ولم يطل انتظارهم

فلقد خرجت الفتيات وعندما شاهدهن ذووهن كبّروا

وسارعوا لاستقبالهن، وارتفعت صيحات الفرح والسرور وزغاريد النساء. وبعد قليل خرج

اللصوص تباعا وهم مقيّدين وملثّمين، ثم خرج ابن فرضة رحى ولم يكونوا غطّوا رأسه

وقد اصفرّ لونه وانتقع وجهه، تعلوه المهانة ويكتنفه الذل؛ فركله الشيخ غانم ركلة أوجعته

وطلب من الحراس شد وثاقه، وخرج الشباب تباعا، ولم يبقى أحد في المغارة.

فسأل الشيخ غانم: وأين مبارك الفقعي؟

قال رشيد: لست أدري ألم يخرج قبلي؟

فقالوا جميعا: لا. لم يخرج بعد

فقال عبدالله: ربما أكله سبع الليل

فخاف الناس مجددا وشعروا بالرعب، وفجأة سمعوا من يصرخ: ها هو الوحش يخرج

فتوجّهت الأنظار كلها إلى البئر، فشاهدوا سبع الليل نهارا جهارا وهو يصعد من البئر

فأصيبوا بالذعر والهلع، وكادوا يموتون من الخوف عندما رأوه يرسل نارا من شدقيه

عندئذٍ كشف مبارك القلعي عن وجهه، واظهر الساقين الخشبيتين وسط ذهول ودهشة

القرويين، ثمّ أخرج مكبّر الصوت الذي كان اللصوص يستخدمونه، وتحدّث من خلاله

فتعجّب الناس، وعندما لمح خالته عويشه الدبّاغة واقفة بين النساء، ركض مسرعا

نحو العريش، وما لبث أن عاد يحمل جسما ثقيلا يخفيه في جونية فارغة، ثمّ وقف أمام

الخالة وقال لها: ها هو الاستيريو يا خالة وكشف عنه فكادت تموت هلعا، ولم تعد إليها

نفسها إلا بعد أسمعها تلاوة عطرة، فأخذت تضحك ويضحك معها الجميع.

وأمر الشيخ غانم بحرق تلك السيقان وردم النفق، ودعا الناس جميعا للضيافة في الحصن.

غير أن حال مبارك تغيّر وغدا مشغول القلب، حائرا قلقا، فهو لم يرى والده حاضرا مع الناس

فسأل عمّه زايد الذي سأل الشيخ غانم فنادى الشيخ في جموع القرويين:

هل رأى أحد منكم مبخوت القلعي؟ أحب أن ينظر بنفسه إلى سبع الليل وقد قبضنا عليه

فصاح تاجر القرية فرِحا: يا ناس إنّ مبخوت الفقعي هو كبيرنا، وهو الذي يأمرنا وينهانا

فاكشفوا عن وجوه اللصوص تجدوه بينهم، فأسرع العساكر يكشفون وجوه المجرمين

فإذا بمبخوت يكاد يموت مختنقا، وهو يترنّح ويتمايل بشكل غير طبيعي. لاحظت نزه بنت زايد

الفقعي أنّ عمّها مبخوت في حالة من الذهول والشرود، فادركت أنّه ليس على طبيعته

فنبّهت والدها والذي بدوره نبّه مباركا؛ فطلب من الشيخ غانم ومن جميع القرويين أن يلاحظوا

حالة والده الغير طبيعية، فتعجبوا من ذلك، وقال بعضهم: إن الرجل مسحور بلا ريب

فأسرع مبارك إلى البئر وملأ دلوا ماءا سكبه على رأس والده؛ فانتبه مبخوت الفقعي

وأنتفض وثاب إلى رشده، ثُمَّ قال: أشهد أنْ لا إله إلاّ اللهُ وأشهَدُ أنَ مُحمَّدا رسولُ اللهِ

وأخذ يجول ببصره في وجوه الناس مستغربا مندهشا، فلمّا رآهم مجتمعين قال: ماذا حدث؟

لم أنتم مجتمعون هاهنا؟ وأين ولدي مبارك؟ وأخذ يتصفح الوجوه مجددا، وحينما رأى تاجر

القرية مغلولا تذكَّر ما حدث له وأراد أن يهاجمه فمنعه الحراس، وسأله الشيخ غانم عن أمره

فقال: كنت قد اقتنعت بكلام ابني مبارك، وقرّرت التوقّف عن ذلك الإرهاب، ونويت أن أتوب

إلى الله وأن أعيد للناس حقوقهم، وعندما صارحت شريكي ابن فرضة رحى بذلك أظهر الفرحة

والموافقة، وطلب منّي أن أمرّ عليه بعد صلاة المغرب لننسق بيننا. عندما خرجت من المسجد

وأتيته وجدته واقفا مع رجلين لم اعرفهما، وسمعته يقول: ستكون هذه آخر عملية نقوم بها

فقلت له: لن أسمح لك بترويع الناس أكثر مما قد فعلنا. فطلب مني الذهاب معه إلى منزله

وهناك بدأ يكلّمني كلاما لا أفهمه ويؤمي إليَّ بإشارات غامضة، شعرت بعدها بفقدان عقلي

وبضعف شديد في بدني، أرى وأسمع ولا أعي، ومن ثم حضر أولئك الرجال الذين لا أعرفهم

وأدخلوني معهم في النفق وانا لا أقوى على شيء ولست أدري ما الذي يحدث.

فأشرق وجه مبارك وقال: أيها الناس إنّ ابن فرضة رحى قد سحر والدي، وأوقع به

وأراد أن يورِّطه معه في جريمته، ولكن الحق ظهر فكبّر الشيخ غانم وكبّر القرويون لتكبيره

ثم اطلقوا صراح مبخوت الذي شرع يعتذر إلى ابنه ورفاقه وإلى الناس جميعا واعدا بالانصاف

منه شخصيا، وأقتاد العساكر المجرمين إلى الحبس. وفي الليل ذهب مبارك الفقعي وزملاؤه

ومعهم مجموعة كبيرة من القرويين رجال ونساء إلى البئر، فأستقوا دون خوف

وفي الصباح إستدعى الشيخ غانم أعيان القرية ووجهاءها لمحاكمة اللصوص، فلمّا حضروا

أمر عساكره بجلب تاجر القرية، فلمّا حضر سأله الشيخ: لماذا فعلت هذه الافاعيل بأهلك وناسك؟

فقال في كبر وغرور: إنّ هذه القرية وما فيها من خير هي ملك لأجدادي وقد جئتم أنتم فنافستونا

ونازعتونا على الأخضر واليابس. فتعجب الناس من عنصريته وأنانيته وحقده الدفين ولؤمه.

ثم استدعى الشيخ تلك المرأة الجريئة وسألها فقالت: لقد وعدني ابن فرضة رحى بالزواج من ابنه

عندما نجمع مبلغا ضخما من المال، ثم نهجر القرية إلى المدينة.

وفيما هم كذلك أقبلت سيارات الوفد الحكومي، ومن خلفها مجموعة من شباب القرية البُلهاء

ذكورا وإناثا وهم يركضون دون تعب، فتضاعفت بهم فرحة القرويون، وأشار مبارك على شيخ

القرية بترحيل اللصوص مع الجنود العائدين إلى المدينة ليسجنوا ويحاكموا هناك، وأبدى استعداده

وزملائه لمرافقتهم وشرح القضية أمام القضاء في المدينة، فوافق الشيخ غانم

ثم وقف الشاب المتعلّم أمام القرويين خطيبا وقال: آمل أن تكونوا قد تعلّمتم درسا

وأنْ لا تصدِّقوا الشائعات بدون دليل لقد وهبكم مولاكم عقولا، فيجب أن تستخدموها.

غير انّ القرويين لم يفهموا شيئا من كلامه، بل كانونا يصفّقون له كلّما توقف عن الكلام.

وبعد أسبوعا أقيم حفل زفاف جماعي، فقد تزوّج محمّد بن سِعِدْ إرْ مَغْلِلْ على منى بنت لبخيت

بعد أن اقتنعت أنّ الناس جميعا لآدم وأن آدم من تراب، وأن المسلمين عدل لبعض.

و تزوّج مبارك الفقعي ليلى بنت خميسان، ورشيد بن الشيخ غانم تزوّج زكيّة بنت عاشور بن

جمعان بيت لَبْزْ، وعوض قحمُمْ تزوّج نزه بنت زايد الفقعي وبدر بن مبخوت تزوّج جم عت

بنت الشيخ غانم بن محمود، أمّا عبد الله بن النعمان عي جَم

فقد تزوّج طُفُلْ بنت مبخوت الفقعي.

إنتهت




رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 02:52 AM.


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
Ads Management Version 3.0.1 by Saeed Al-Atwi
جميع الحقوق محفوظة لدى الكاتب ومنتديات السلطنة الادبية