روابط مفيدة : استرجاع كلمة المرور| طلب كود تفعيل العضوية | تفعيل العضوية

.::||[ آخر المشاركات ]||::.
نـوبـة حنين [ آخر الردود : نبيل محمد - ]       »     في محراب الحنين [ آخر الردود : ذكرى - ]       »     لحظه غيابك [ آخر الردود : ياسر الكثيري - ]       »     انتفاضة [ آخر الردود : ذكرى - ]       »     هموم مضت في فضاء الواقع [ آخر الردود : زياد الحمداني (( جناح الأسير)) - ]       »     كفيف [ آخر الردود : زياد الحمداني (( جناح الأسير)) - ]       »     ذكرى شاعرة في ربيع العمر [ آخر الردود : زياد الحمداني (( جناح الأسير)) - ]       »     شوقان [ آخر الردود : زياد الحمداني (( جناح الأسير)) - ]       »     جناح الخير [ آخر الردود : زياد الحمداني (( جناح الأسير)) - ]       »     عودة حميدة نتمناها للجميع [ آخر الردود : وهج الروح - ]       »    


الجمعية العُمانية للكتاب والأدباء
عدد الضغطات : 3,475ضع إعلانك هنا - ثلاث شهور فقط 25 ريال عماني
عدد الضغطات : 2,733ضع إعلانك هنا - ثلاث شهور فقط 25 ريال عماني
عدد الضغطات : 7,994
دروازة للتصميم
عدد الضغطات : 52,440عدد الضغطات : 52,214عدد الضغطات : 52,320

العودة   منتديات السلطنة الأدبية > منتديات السلطنة الأدبية > القصة القصيرة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 24-05-2009, 10:27 PM
أم المؤثر أم المؤثر غير متواجد حالياً
كاتب جديد
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 5
افتراضي صاحب اللحية البيضاء ( قصة )

صاحب اللحية البيضاء
( قصة )


رائحة عبقة تداعب أنفي وأنا امر بهذا البستان , شذى جميل طيب النفحات , إنك إن تستظل بشجرة واحدة فستحس بأنك في الجنة , تجد فيه ما لم تجده في أي بستان غيره .
أحيط هذا البستان بسياج قوي , ولكنه سهل الدخول والخروج , ليس هذا لغزا فالباب دائما مفتوح لمن أراد ان يدخل فيتزود بزادٍ لطريقه الطويل .
صاحب البستان رجل ذو وجه حسن جميل المحيا , لا تتضح عليه عوامل السن كثيرا برغم لحيته البيضاء الوقور , والتي تغطي صدره على شكل مثلث مقطوع الرأس .
سمح المحيا هو وأيضا جميل اللسان فقد وهبه الله بيان الكلمة وسحر الحرف , وبلاغة المنطق , كنت أتساءل , لم يقيم هنا أكثر المارين على هذا البستان !!!
ألأنهم وجدوا ما يحتاجون إليه من زاد وماء !!
أم لشذاه الإيماني الرائع !!!
يقال أن صاحب اللحية البيضاء ليس هو صاحب البستان الحقيقي فقد تركه أصحابه للمارة ولمن أراد الإقامة والعمل فيه ولمن أراد التزود منه وحسب , حيث كل البستان الكبير والحقول الصغيرة التي فيه , ويقال أن الشيخ وبعض أقاربه ورثوه عن أجدادهم والجميع تركه فيما عدا الشيخ حيث خصص لنفسه منه أجمل وأطيب وأفضل حقل واتخذ أيضا تلك الغرفة للدروس فأصبح يخص نفسه بهما وترك الباقي لمن أراد أن يتخذ حقلا أو شجرة كبيرة يستظل بها أو بعض الثمار , المهم أن بستان الشيخ الخاص وغرفة دروسه لا يدخلها إلا الخاصة والمقربون منه .
أحس أن هذا البستان ليس كأي بستان , يذكرني كثيرا بالأحزاب السياسية التي قرأت عنها يوما , فهو كحزب له أفكاره ومبادؤه , أهدافه وقوانينه التي لا يجب أن يتجاوزها المنضمون إليه .
أو هو أشبه ما يكون بكنيسة , فهم يلقنون مريديهم و محبيهم أفكارهم ومبادئهم التي آمنوا بها , وأتخيل دائما أن صاحب اللحية البيضاء ليس إلا الكاهن أو البابا , اسمه عبد الرازق , وكثيرا ما يحرفونها جهلا أو تعمدا فيقولون : الرازق , لكثرة ما يقدسونه , وهناك من يلقبه صاحب اللحية البيضاء , ولكني أرى ان أقرب لقب له هو البابا عبد الرازق .
فلا يكاد الليل يسدل ظلامه ويؤدون صلاة المغرب حتى يذهبون إلى كنيستهم ( أقصد الغرفة المخصصة لإعطاء الدروس الدينية ) يجتمعون بعد الصلاة مباشرة , في أماكن خصصت لكل واحد منهم حسب رتبته , الأرقى للأقرب من الشيخ صاحب اللحية البيضاء فالأبعد فالأبعد وهكذا يجلسون في أنصاف حلقات أقواس متتالية كأنصاف دوائر متجهين بوجوهمم إلى الشيخ , أو لنقل إلى مكان الشيخ لحين قدومه يجلس متربعا على أريكة صغيرة قد فرشت بأجمل فرش وأنعمه , يسلم عليهم ويبدأ في إلقاء التعليمات والملاحظات اولا .
ثم يدخلون في الدروس التي كانت محددة سابقا , وهذه الدروس للدعوة فهم يوزعونها كما يوزعون فواكه وثمار بستانهم .

يقف الكاهن أقصد صاحب اللحية البيضاء , يحي من استجد في المجلس ويرحب به خير ترحيب وهذه طريقة كنائسية لجذب الرواد إلى البستان , حيث هو يعلم ما للترحيب والحفاوة من تأثير على النفوس , هو ليس كاهنا فهو مسلم والكل هنا مسلمون وأنا مسلمة ولكن ما نقوم به هنا يشبه إلى حد ما الكنيسة بل يمثل الكنيسة بكل ما فيها , لا تنقصنا إلا النذور والقرابين , وثالث ثلاثة .
الكل يقدس صاحب اللحية البيضاء كما يقدس الكاهن أو البابا , فكل كلامه أوامر وكأنه قرآن منزل لا يمكن الحياد عنه ولا قيد أنملة , وانسقت معهم لفترة من الزمن حتى خفت أن أسمعهم يقولون باسم صاحب اللحية البيضاء والعياذ بالله .
وكل يوم أرى التقديس يزداد لتلك اللحية البيضاء وأتساءل ترى هل مشطوها يوما ؟ ولا مجال للإجابة ولا مسوغ لها .
ورغم ما تنم عنه تلك اللحية البيضاء من وقار وإيمان وخشوع وإخلاص وبعد عن الذاتية والأنانية إلا أنني في أحيان كثيرة أحس بعكس كل ذلك , تولد لدي هذا الشعور نتيجة مواقف رأيتها من صاحب اللحية البيضاء , ولكني أجدني الوحيدة من تفكر فيما تخفيه تلك اللحية البيضاء فهم لا يفكرون في منظرها ومتى تكون مرجلة ومتى تكون منكوشة وربما لا ينظرون إليها تقديسا وإجلالا فكيف لهم أن يفكروا بما خلفها أو بين شعيراتها الناصعة البياض , كل ما يهمهم هو التنعم بهذا الظل الوارف والراحة المثلى لديهم .
ورغم كل أحاسيسي إلا أنني وجدتني انساق لهم ولشيخهم واغتررت بلحيته البيضاء مدة طويلة .
فمكثت بينهم ما شاء الله لي أن أمكث مرتادة تلك الكنيسة أقصد غرفة الدروس الليلية المقدسة .
ينتقل المتفكهون من تقديس إلى تقديس لصاحب اللحية البيضاء ومن ثناء إلى ثناء على البستان الرائع حتى أكاد أجزم أنهم لو كانوا مؤلفين لألفوا فيه الكتب والمجلدات ولعزفوا على حبه أروع الألحان وأعذبها ولكتبوا كل أنواع الشعر عموده وحره , نبطه وفصيحه حتى قصيدة النثر سيكتبونها له .
يخفي صاحب اللحية البيضاء خلف تلك اللحية وذلك الوقار نفسا كبيرة بها من العزة والأنفة ما بها ولن نغالي إن قلنا أن الأنفة والكبر من أهم صفاته المختفية أو التي يحاول مرارا إخفاءها تحت ثوب الوقار والتواضع الذي يوحي بها شكله وتعامله , ولكن رحم الله زهير بن أبي سلمى حين قال :
ومهما تكن عند امرئ من خليقة = وإن خالها تخفى على الناس تُعلمِ
حيث تظهر لي تلك الصفة واضحة جلية إذا تجرأ أحد وخالفه في رأي , أو تصرف تصرفا لا يروق له .
إنه يوفر لهم كل شيء ويبذل لهم ما شاء الله أن يبذل مخلصا نيته لله تعالى -على حد زعمه - ولكنه مستعد لسحب كل ذلك لنرى كل حسناته تذوب وتنصهر أمام وهج تلك الصفة القبيحة عندما تظهر , عندها تأخذك الأفكار فتحتار :
أين العطاء ؟ أين الإخلاص ؟ أين الوقار الذي يلفه التواضع ؟ بل اين مسوغات تلك اللحية البيضاء ؟؟
ذات يوم ونحن جلوس لدى الشيخ صاحب اللحية البيضاء حيث تكرم علينا وجاء إلى مجلسنا الصغير في البستان , رأى صبي لا يزال حديث عهد بالبستان وربما لم تصل مشاعره بعد لدرجة تقديس الشيخ رأى هذا الصبي قملة في لحية الشيخ , كانت القملة واضحة للعيان بلونها الأسود وسط شعيرات اللحية البيضاء , الجميع يرونها ولكن لا يجرؤ أحد على قول ذلك , كل ما يستطيعون قوله هو تمجيد تلك اللحية والثناء عليها , وبسرعة خاطفة وبدون تفكير قام الصبي ونزع تلك القملة مع شعرة من لحية الشيخ البيضاء كانت القملة لاصقة بها .
صرخ الشيخ بوجهه : كيف تجرؤ على نتف لحيتي أيها الصبي ؟!!!!!!!
وليد : إنها قملة يا سيدي .
ويحك أتقول أن في لحيتي قملة !!!!
وليد : أقسم لك يا سيدي إنها قملة .
الشيخ : لا تقسم أيها الأحمق , وما كان من الشيخ إلا أن ركله برجله ركلة أودت به بعيدا , وقام الشيخ وتابع ركلاته لوليد , ووليد يصرخ ويستنجد : إنها قملة يا سيدي قملة .
ثم ركله ركلة لم يصرخ الصبي بعدها لأن الشيخ كمم فمه ومنعه من الصراخ , الغريب في الأمر أن يرى القاطنون هنا هذا المشهد ولا زالوا يقدسون تلك اللحية البيضاء .

أخذتني الأفكار بعيدا ودارت بي الدنيا كثيرا في أكثر من موقف مثل هذا للشيخ , قد تكون قليلة ونادرة الحدوث هذه المواقف التي كثيرا ما تثير غضبي أمام مواقفه النبيلة الكثيرة مع الجميع , نعم هي قليلة ولكنها مؤثرة جدا .
سيطر علي شعور قاسٍ بالذنب وتأنيب الضمير فملك علي تفكيري , وما زادني تأثرا هو تجاهل الجميع لما فعله صاحب اللحية البيضاء مع وليد ولم ينكر عليه احد ذلك .
صاحب اللحية البيضاء أيضا صاحب يد بيضاء فهو لا يبخل علينا بشيء ويتركنا نتفكه في البستان كما نشاء بل يعطينا كثيرا من فواكهه النادرة في بستانه الخاص , قد يقول قائل : ألا تكفي خدمة البستان وصاحبه ثمنا لما نأخذه منه وما يقدمه لنا صاحب اللحية البيضاء ؟؟!! أقول : نحن هنا لا نحسبها كذلك و لا ندري إن كان صاحب اللحية البيضاء يحسبها كذلك ام لا ؟
ضقت ذرعا بهذا التفكير المنغلق مع الذات ففارقت شجرتي الوارفة الظلال ومضيت أتتبع نسيمات الأصيل الهادئة المنعشة حتى انتهيت إلى صويحباتي لدى جدول ماء يمرحن ويلعبن , دعونني للجلوس معهن فملت إلى صخرة قريبة من الجدول وجلست أشاركهن الحديث وكل ما يشغل تفكيري الآن هو أمر الصبي سألت عنه :
كيف هو الآن ؟ أما زال يتألم ؟ هل رآه طبيب ؟
نعم لقد رآه الطبيب وعالج وجبر كسوره ولكنه لازال يئن ويتألم شفاه الله وعافاه .
أضافت أخرى : كانت ضربات الشيخ قاسية وقوية .
تحررت بداخلي مشاعر امتزجت بتأنيب الضمير والتحسر والألم على ما حل بوليد :
لماذا لم ننصره !! لماذا لم نقف بجانبه !! لماذا لم نقل للشيخ إنها فعلا كانت قملة !!!
فدعتني نفسي لطرح الموضوع للنقاش هنا لما رأيت من تعاطفهن مع الموقف .
سألتهن : ما رأيكن بموقف كل من الصبي والشيخ ؟
سكتن لبرهة لم ينبسن ببنت شفة واكتفين بتبادل نظرات الاستغراب وكان السؤال جاء مفاجأة لهن , كأنه لطمة على وجوههن , فهن لم يتوقعن أن يصدر سؤال كهذا في مكان كهذا , فالشيخ أعلى من أن تناقش تصرفاته وتكون محل سؤال وجواب !!
أعدت السؤال بصيغة أخرى :
هل ترين ان الحق مع الصبي أم مع الشيخ ؟
تشجعت فاطمة للحديث هذه المرة برغم غرابة السؤال أيضا قالت :
الحق يقال أن الصبي لديه الحق فقد كانت قملة فعلا .
ولكن لا نستطيع أن نقول أن الشيخ صاحب اللحية البيضاء مخطئ .
كيف تناقضين كلامك يا فاطمة !!
كيف يكون الحق لدى الصبي وأيضا الشيخ ليس مخطئا إذن هو الآخر لديه الحق !!
أي منطق هذا !!!
قالت : الصبي لديه الحق في أنها قملة فعلا , ولكن الشيخ آلمه أن يأت صبي كهذا فيهين كبرياءه ويذله , لقد أحس الشيخ و كأنه أهين ممن هو أقل منه , كيف يتجرأ صبي ويقول للشيخ : في لحيتك قملة !!!
ولكنها الحقيقة يا فاطمة !!
نعم ولكنه الشيخ يا أمل .
قلت لها : يا فاطمة ولكن هذا الفعل كبر وغرور من الشيخ , أولا هو لم يعترف بوجود القملة مع يقينه بوجودها بعد أن أراه الصبي إياها !! ثانيا : ضرب الصبي بشدة وقسوة وكلمه بكل غرور بدل أن يشكره !!!
هل الشيخ صاحب اللحية البيضاء أفضل من عمر بن الخطاب عندما أراد عمر بن الخطاب رضي الله عنه تحديد المهور في الزواج عندما بالغ به الناس في عهده ، وكان هدفه تيسير الزواج لشباب المسلمين خطب بالناس ، وأفتى بتحديد المهور .
وكان الموجودون علماء وكبار الصحابة وغالبيتهم ، ولم ينكر ذلك أحد منهم . فقامت امرأة عجوز وقالت : يا عمر لم تحدد ما لم يحدده الله ورسوله ؟ ألم تسمع قوله تعالى ( وإن أوتيت إحداهن قنطارا) ؟
فقال عمر : أخطأ عمر وأصابت امرأة .
لقد خطّأ عمر نفسه أمام كبار الصحابة , ولم يزدر تلك المرأة ولم يهنها , ولا يدل ذلك إلا على تواضعه الجم رضي الله عنه , فأين هذا الشيخ من عمر رضي الله عنه وهو يدعي أنه يتبع سنة الرسول صلى الله عليه وسلم ويقضي عمره لخدمتها وخدمة القرآن الكريم !!!!
سكتت فاطمة بعد سماعها لهذا الكلام .
التفتُ إلى أميرة وسألتها :
وأنت يا أميرة ما رأيك ؟
قالت : الصبي لديه الحق لولا أنه الشيخ .


>>> يتبع <<<
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 24-05-2009, 10:29 PM
أم المؤثر أم المؤثر غير متواجد حالياً
كاتب جديد
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 5
افتراضي

نعم هذه الخلاصة التي خرجت بها من ذلك النقاش العقيم : الصبي على حق لولا انه الشيخ صاحب اللحية البيضاء واليد البيضاء .
أوحى لي نقاشهن أن الشيخ لديهن كائن مقدس لا يجب المساس به وكأنه ملك لا يخطئ أو نبي معصوم من الخطأ , إن تجرأ أحد وخطأه فتلك جريمة لا تغتفر .
تركتهن ومضيت إلى وليد لأعتذر له عما لم أفعله , بلى فعلت وفعلت الكثير الكثير فسكوتي حينها قد زاده ركلة أخرى إلى ركلات الشيخ , ركلة في قلبه قد كسرت أضلاعه وحطمت قلبه .
بادرني وليد بمجرد وصولي إليه : إنها قملة يا أمل قملة , أقسم بالله العظيم إنها قملة , رأيتها بعيني وأمسكتها بيدي .
قلت له : نعم إنها قملة يا وليد .
انفرجت أساريره وقال : إذن انت رأيتها ؟؟
نعم يا وليد رأيتها كما رآها الجميع .
وليد : إذن أنا على حق ؟
نعم أنت على حق في رؤيتك للقملة , ولكن الخطأ بتصريحك بذلك ونزعك للقملة من لحية الشيخ أمام الجميع فتلك جريمة لن يغفرها لك الشيخ ولن يغفرها لك احد هنا أبدا .
قال بأسى : هل ترين ان أترك ذلك المجلس الذي تعودنا الجلوس فيه ؟؟
قلت : لا يا وليد , أولا هذا يعتبر هروبا من المواجهة , ثانيا : تعلم أن الشيخ له مجلسه الكبير الخاص ومجالس أخرى يرتادها وهو لا يأتي إلى مجلسنا البسيط إلا نادرا وقد لا يأتي بعد حادثتك هذه .
لماذا ؟؟
لأنه تعود في تلك المجالس حيث الشجر العالي والثمر الغالي , تعود أن يصفق له الجميع ويمدحونه بأعذب الألفاظ ويمجدون لحيته البيضاء التي يهتم بها وببياضها ويفتخر بهيبتها ووقارها التي تضفي لشخصيته كل هيبة ووقار وتزرع حبه في قلوب الناس حتى يقدسونه ولحيته , لذلك هو هناك أكثر .
وعندما جاء لمجلسنا كان يتوقع أن يجد تحت تلك الشجرة الصغيرة نفخا أكثر ومديحا عميقا بل ربما تاق لتغزل بديع بلحيته البيضاء والتي حتما ستكون نادرة هنا بين اليافعين أمثالنا فربما لم تكن بتلك الندرة هناك لدى الأشجار العالية بما تظله من شخصيات كبيرة ذات لحى كبيرة هي الأخرى تمجد في كل محفل ونادٍ .
لذلك هو لم يخمن ولا تخمينا صغيرا أنه قد يجد هنا بين سوادنا بياضا قد يفوق بياض لحيته وقد يرى بلحيته ما لم يره احد , فكانت صدمة للشيخ وأي صدمة وخاصة أنه يرانا بحجم النملة لا أكبر , ولكنه ارتاد مجلسنا من باب التفضل والتكرم , كتفضل الراعي على رعيته والرئيس على مرؤوسيه .
هل فهمت يا وليد ؟
نعم فهمت يا أمل فهمت , ولكن ...
ولكن ماذا ؟
أنا لم اقصد إهانته , بالعكس قصدت خدمته بإزالة القملة من لحيته , قصدت تنبيهه لما لا يعرف , لما لم ير , فقد كنت أنا في مواجهة لحيته ورأيت القملة بوضوح بينما هو لا يمكنه أن يرى القملة بلحيته دون مرآة , فكرت أن أكون أنا تلك المرآة , إلا أنه كسر تلك المرآة وحطمها بقسوة .
أعلم حسن نيتك يا وليد ولكن هذا في عرف غابتنا أقصد في عرف هذا البستان جريمة وأنت مجرم في نظر الجميع .
صمت وليد ولم ينبس ببنت شفة .
جلست برهة صامتة أنا أيضا ثم غادرته وسرت أتجول بين الأشجار الوارفة الظلال فقابلت الشيخ خارجا من كنيسته أقصد , غرفة الدروس الليلية , كان خارجا يتجول هو أيضا , سألني :
أين كنتِ ؟
لدى وليد أطمئن على صحته .
فزمجر وأرغى وأزبد وقال : أرأيت يا أمل ما فعله وليد ؟؟ لقد نتف لحيتي
تمتمت بيني وبين نفسي : بل نتف غرورك وكبرياءك .
سألني : ماذا بك لا تردين ؟
قلت لا شيء يا سيدي , ولكن وليد لم يقصد نتف لحيتك , أراد فقط نزع القملة منها , فرمقني بنظرة حادة وقال صارخا بوجهي : أو تقولين أنت أيضا أن بلحيتي قملة .
قلت : لا يا سيدي لم أقل هذا ولكن وليد برؤيته الضيقة المحدودة رآها كذلك .
فسكن غضبه واستراحت نفسه لهذا القول الذي دائما تطرب له فانبتسم ابتسامة مخفية قائلا : نعم هو كذلك كما قلتِ , فوليد هذا لا يرى أبعد من قدميه .
يزعم بوجود قملة بلحيتي ولا يرى وجود القمل برأسه , فرأسه مليء بالقمل وهو يجد بين شعره الكثيف المجعد مأوى خصبا له , ووليد لا يرى كل هذا ولا يحس به .
فسكتُ ولم اعلق واستأذنت بالانصراف .

تمت
رد مع اقتباس
  #3  
قديم 10-06-2009, 01:16 PM
الصورة الرمزية إبراهيم الرواحي
إبراهيم الرواحي إبراهيم الرواحي غير متواجد حالياً
شخصية مهمة
 
تاريخ التسجيل: Jan 2008
المشاركات: 2,196

اوسمتي

افتراضي

شكرا أم المؤثر على هذه القصة الجميلة


تحياتي
__________________
رد مع اقتباس
  #4  
قديم 14-06-2009, 12:29 PM
الصورة الرمزية محمد الراسبي
محمد الراسبي محمد الراسبي غير متواجد حالياً
مدير الموقع
 
تاريخ التسجيل: Dec 2007
المشاركات: 1,754

اوسمتي

إرسال رسالة عبر MSN إلى محمد الراسبي إرسال رسالة عبر Yahoo إلى محمد الراسبي
افتراضي

جميل هذا الإبداع يا ام المؤثر

ونحن في انتظار كل جديد
__________________
ديواني المقروء
رد مع اقتباس
  #5  
قديم 14-06-2009, 08:09 PM
الصورة الرمزية هيثم العيسائي
هيثم العيسائي هيثم العيسائي غير متواجد حالياً
مدير تحرير مجلة السلطنة الأدبية
 
تاريخ التسجيل: Jan 2008
المشاركات: 4,461

اوسمتي

إرسال رسالة عبر MSN إلى هيثم العيسائي
افتراضي

شكرااااااااااااا لك أم المؤثر


شكراااااااااااااا
__________________
[IMG][/IMG]
رد مع اقتباس
  #6  
قديم 07-08-2009, 08:36 AM
الصورة الرمزية إيلاف وطن
إيلاف وطن إيلاف وطن غير متواجد حالياً
كاتب مميز
 
تاريخ التسجيل: Aug 2009
الدولة: شبه الجزيره
المشاركات: 1,033

اوسمتي

افتراضي

شكرا لك اختي الكريمه

وفقك الله

دمت بخير
رد مع اقتباس
  #7  
قديم 15-11-2009, 09:59 AM
عبدالله العمري عبدالله العمري غير متواجد حالياً
عضو هيئة الشرف
 
تاريخ التسجيل: Feb 2009
المشاركات: 1,517
افتراضي


بلا مجـــاملة

إبداااع
__________________



أساير ..الناس كلٍ ...حسب منطوقة
واخالف اللي يخالف للعرب منطق
واعف عن اللي تهادت قبل مطروقة
بخاطرٍ لا حكى خلى ..الصخر ينطق
عبدالله العمري

رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
ما عاد لي صاحب أمل عبدالرحمن النثر والخواطر 4 15-06-2009 08:46 PM
أبيات كتبتها في الأمسية الدينية بليلة القدر في منزل صاحب السمو برغش بن سعيد آل سعيد ب جاسم القرطوبي الشعر الفصيح 1 12-10-2008 08:20 PM


الساعة الآن 06:09 PM.


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
Ads Management Version 3.0.1 by Saeed Al-Atwi
جميع الحقوق محفوظة لدى الكاتب ومنتديات السلطنة الادبية