نصيحة أم لإبنها في أول يوم دراسي

[محمد الطويل]

إعلم يا بني أن الدرب شاق وطويل فهو ليس اجتماع صحبة ولا نزهة مؤقتة ولا ضياع وقت ، وأعلم أن الخطوة الأولى التي تبدأها بعد حين هي بداية لخطوة الألف ميل وستجد يا بني الكثير من الأشواك والكثير من العقبات واعلم بأنني لا أملك في هذه الدنيا سواك ولقد عولت على تعليمك الكثير ، مع إدراكي بأنك ستلهو ببراءتك وتعاكس بنفس البراءة وسوف تطلب وتطلب لكن ذلك يهون رغم أنني أعلم بأنني سوف أعاني كثيراً في ظل هذه الدراسة التي صار على ولي الأمر توفير كافة المتطلبات دون مراعاةً للظروف .

بني والأيام تسير نحو الأمام كعادتها ، والدينا لا تستقر على حال واحد ستجد في الطريق من الصحبة الكثير لكنك اختر أحسنها ، واحمل شعار التحدي الشريف ولا تركن نفسك للأيام فإن الأيام لا ترحم أبداً .

آآه يا بني لو تعلم كم بكيت ليل البارحة ولا أدري هل هي دموع الفرح أم دموع التمني .. هل هو الشوق إلى اليوم ولهفة انتظاره أم أنه الحنين إلى والدك الذي غادر دنيانا وهو في طريقه للعمل بعد أن كان ضحية العربيد الأسود .. آآآه كم كنت أتمنى لو كان معنا اليوم لكنها مشيئة الله .


تسألني " ماذا لو كان أبي معنا ككل الأطفال السائرون في هذا اليوم ؟! .
سؤال تعثرت من هوله خطاي وكدت أسقط مع حقيبتك على الأرض .. سؤال اهتزت له مشاعري ، لكنك تعلم يا ولدي أن أباك مسافر وسيعود وسوف يأتي ليحمل معك حقيبتك كما تحمله أنت في ذاتك وبين إسمك ، ألا يكفي يا ولدي أن اسمه يكتب على سبورات الفصل لأنه معك ، ألا يكفي بأن يكتب اسمه على باب الفصل لأنه مرتبط باسمك .. بل يكفيه فخراً أن ينادى على اسمك مقروناً بإسمه في طابور الصباح .. هكذا أرد على السؤال وألف دمعة تقف على المآقي . آآآه يا دهر .

غداً سيعود أباك يا بني وسوف تقدم له شهادتك الدراسية مقرونة بالتفوق والنجاح ، وغداً ستعلم ما معنى المسافر للأبد في رحلة لا يمكن العودة منها .. غداً ستعرف أن الذي غادرنا وطبع قبلته كانت هي الأخيرة وكانت تسمى قبلة الوداع وأنت في مخدعك نائم ذات فجر شتوي بارد .. بارد يا ولدي .

آآه يا ولدي لما فتحت هذا الجرح الآن .. ألا تكفي الجراح النازفة منذ وفاة والدك .. يكفي واتركني أتجرع ولو مرة طعم الفرح وطعم السعادة .. أتركني في هذا اليوم أنسى أحزاني ودعني ألتقيك بوجهي الباسم دون بؤس أو ألم .. دعني لهذا اليوم فقط لأنني أنتظره أن يأتي منذ زمن ليس بقصير .





جزء من النص مفقود.