روابط مفيدة :
استرجاع كلمة المرور|
طلب كود تفعيل العضوية | تفعيل العضوية |
.::||[ آخر المشاركات ]||::. |
|
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
اللغة وإرادة النهضة
محمد إسماعيل زاهر
للنهضة خطوات وآليات عدة، يأتي في مقدمتها الاهتمام باللغة والعناية بها والبحث في السبل المثلى لتخليصها مما علق بها في المراحل السابقة على النهضة، وتطويعها لمواكبة العصر، وكل من تحدث عن النهضة من جانب التنظير أو التأريخ أو الاجتهاد في حقل إبداعي ما يدخل ضمن دائرة تلك العملية المركبة والمعقدة والطويلة المسماة نهضة وضع اللغة على رأس أولوياته، وكل من أشرع أدواته البحثية والمنهجية للنظر في أوضاع اللغة عدّه المتابعون يدشن لنهضة جديدة على الأبواب، ترتبط اللغة بإرادة النهضة سواء من خلال الجهد الفردي المبشر بالتقدم والحالم به أو من خلال الوعي المجتمعي المدشن لمدارات النهضة وتجلياتها . عندما كتب المفكر الراحل زكي نجيب محمود “تجديد الفكر العربي” في بداية حقبة السبعينات من القرن الماضي قال: “لست أتصور لأمة من الأمم ثورة فكرية كاسحة للرواسب، إلا أن تكون بدايتها نظرة عميقة عريضة تراجع بها اللغة وطرائق استخدامها” . إن كل ما هو مطروح على ساحتنا الثقافية من حوار بخصوص اللغة العربية ينظر إليها ليس من باب النهضة، وحيث ذلك الأفق المراجع للغة وطرائق استخدامها كما أشار محمود، ولكن لوقف وتيرة تراجع اللغة وانكفائها، وهنا تكمن الإشكالية . منذ بداية النهضة العربية الحديثة والتفكير في اللغة لم ينقطع، تفكير أسهمت فيه كل القوى المنوط بها النهضة: اللغويون والأدباء والصحفيون وحتى حلم البعض بتعريب العلوم التطبيقية، برغم خضوع أقطارنا العربية للاستعمار خلال جزء كبير من تلك المرحلة بسياساته المختلفة تجاه ثقافة بلادنا ولغتها . إن رصد ضعف استخدام اللغة الفصحى في وسائل الإعلام أو في الحياة اليومية بتعاملاتها المتعددة وانصراف الشباب عنها أو اكتساب العامية لمساحات جديدة في الأجناس الأدبية وغيرها من ظواهر نتتبعها في أي حديث عن اللغة ينتمي إلى ما يمكن أن يصفه أي مؤرخ في المستقبل ب”حوليات التراجع”، وبعيداً عن هذه الظواهر التي تبدو ثانوية في مسألة التفكير في اللغة، سنلاحظ غياب أي جهد تنظيري فردي أو جماعي للنهوض باللغة فضلاً عن صمت مطبق لأي معركة أدبية تناوش اللغة من بعيد، وهما الحقلان المنوط بهما أساساً إحداث “ثورة” ليس في اللغة وحسب ولكن في الثقافة بصفة عامة . لنأخذ مثلاً الكلام المكرر لنقادنا عندما يعبرون عن جمالية لغة إحدى الروايات حيث يصفونها بالشعرية، وعلى الجانب الآخر يتحدث البعض الآن عن “تسريد” الشعر، وفي الحالتين يريد القارئ رواية ذات بناء متكامل وأحداث محبوكة ولغة جميلة، وقصيدة تكون اللغة لحمها ودمها قبل أي شيء آخر، وفي الحالتين يتم التسويغ وفق موضة تداخل الأجناس الأدبية واستفادتها من تقنيات بعضها بعضاً، وفي الحالتين لا تجديد في السرد ولا مغامرة في لغة الشعر، وفي الحالتين لا معركة ولا قدرة على بناء نظرة جديدة تبصر إشكاليات اللغة، وفارق كبير بين رؤى تعمل بجد وعزم على النهوض وأخرى تدّون التراجع وهي تعتقد التجديد . جريدة الخليج |
|
|