*** شحـــذ الهمم ***

[أحمد بن حمد المعمري]

يتكاسلُ البعض منا عندما يُـوكل إليه عمــلٌ مــا ، فتجد الواحــدَ يتثاقل بــل ويتمنى ألا يقوم بــه ، بدعوى أنه مشغول ، غير مؤهل لذلك ، غيري أجدر وأقوى مني ، أعذار واهية لا صلة لها بالواقع ، وإنما نابع من نقص الهمة لديه .

طلب أحد موظفي شركة من الشركات (وكان يعمل في بناء المنازل) من مديره أن يستقيل ، فلم يوافق المدير على طلبه إلا بعد أن يشرف هذا الموظف على بناء آخر منزل قبل استقالته ، فوافــــق الموظف على ذلك وبُنيَ البيتُ ولكن بصورة غير جيدة ، وعند استلامه للاستقالة ، قدم المدير هدية له وهو البيت الذي أشرف على بنائه ، فتحسر الموظف لأنه لم يبنه بالشكل المطلوب .

القصة السابقة تكشفنا على حقيقة صنف من الناس وهو الذي يعمل بدون أي إخلاص لله تعالى ، ولكن إذا قُدِّمَ له الدعم والتحفيز لوجدته يقدم كلَّ ما عنده ، فشحذ الهمم مطلوبٌ ولكن قبلَ كــلِّ شيءٍ ، هو إخلاص المرءِ لربه في القول والفعل ، ومن ثَمَّ يأتي التحفيز والتكريم.

في وقتنا الراهن نجد كثيرًا من التذمر والسخرية للشخص الذي يَهِبُ معظمَ وقته في خدمة مجتمعه وعمله ، وما هذا إلا جهلُ الناسِ في مسألةِ تقديرِ العمل.

أُحيي بعضَ المسؤولين الذين يُقدِّرون الجهد والعمل فتراهم سبّاقين في إعطاء كل موظف حقه بقدر الخدمة التي سعى في إنجازها ، فالموظفون ليسو سواءً ، بل منهم الذي لا يلبث أن يُكلف بمهمة إلا وأدّاها في وقتها ، ومنهم من لا يقدّم خدمة إلا إذا كُرِّم بجائزة( فلا يدري بأن هذا العمل هو مـــــــــن واجباته) ومنهم المتكاسل فتراه يرفض كل ما يناط إليه من عمل. الناس على مستوى الحياة الطبيعية أم على مستوى الحياة الوظيفية هم على أصنافٍ شتى ، فيجب التنبه لهذه الأمور ، ولا ننسى قول الله تعالى : " قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون " .

مسألةُ " تحفيز الهمم " تأتي في جانب مهم وهو أن الشخص الذي تجده يعمل بإخلاص دون أن يبالي بالتكريم أو غيره ، هنا يُشدُّ بيده ويُقدَّم له الدعم وتُحفز همته ، لأنه يستحق ذلك ، وبهذا تزيد دافعيته بتقديم الكثير والكثير ، ويكفي الواحد شرفا بأن يقال أن فلانا برع في العمل الفلاني ، وأن فلانا هو من المجتهدين المثابرين ، كل هذا يبعث في نفسه الفرحة والسرور والرضا بالنفس ، وهمته تعلو يوما بعد يوم ، وفـــي النهاية ستنهلُّ عليه الجوائـــز والشهادات مـــــن دون أن يحتسب لـــذلك (إكرامــا لإخلاصه المهني).

مقال| بقلم أحمد بن حمد المعمري